أزالت «5000 »إشغال في 4 أيام فقط ما أضر بالفقراء.. المحافظة بصدد إنشاء 5 مناطق مجانية للبسطات

أزالت «5000 »إشغال في 4 أيام فقط ما أضر بالفقراء.. المحافظة بصدد إنشاء 5 مناطق مجانية للبسطات

أخبار سورية

السبت، ٣ ديسمبر ٢٠١٦

    دانية الدوس

أطرق برأسه واضعاً يده على خده، وعيناه تسرحان بعيداً في بلاط الغرفة، بدا كأنه يستجمع شتات أفكاره الضائعة يضرب أخماساً بأسداس يفكر بمكان ما يفرد فيه بسطة الخضراوات التي يعتاش منها بعيداً عن أعين محافظة دمشق التي أنذرته بإزالتها عدة مرات وصادرت جزءاً منها آخر مرة.
ها هو الأسبوع الثاني الذي يمر على «أبو أمجد» وهو قابع في تلك الغرفة التي تحولت بالنسبة لأسرته إلى كامل الشقة باستثناء الحمام، وبداية الشهر قد أوشك على القدوم وهو عاطل  عن العمل لا يحمل في جيبه ما يقيم بدنه، بدا كالمجنون يتكلم مع نفسه «أين سنذهب إن لم أستطع دفع الإيجار؟».
على بضعة أمتار في القبو، خلدت أم أحمد للنوم باكراً، هذه المرة لم تكن معكرة المزاج،  فلا نداء الباعة على بسطاتهم المنتشرة على طول الحارة ولا ضجيج المارة سيزعجها بعد حملة إزالة البسطات من قبل المحافظة، فهي كانت قبل ذلك تعد للألف قبل أن تخرج من منزلها فعيون الباعة تصوب نحوها تراقب ذهابها وإيابها، ناهيك  بأكوام الأوساخ والقاذورات التي تراها بعد رحيلهم في المساء أمام بهو البناء.
تباين في الآراء، اختلف باختلاف المصالح، بشأن الحملة التي شنتها المحافظة على البسطات، ففي حين عدها البعض قطعا للأرزاق، وجاءت في توقيت خاطئ «الناس فيه عايفة حالها» عدها آخرون إجراءً لا بد منه للحد من فوضى انتشار البسطات وإشغالها الأرصفة والشوارع بعد تجاهل سنوات أعاق حركة السير و ساهم في التلوث.
وهو ما لم تنكره  المحافظة عندما نفى عضو مكتبها التنفيذي فيصل سرور وجود قرار كامل بالمطلق بقوله: بالتأكيد سيكون هنالك متضررون لكن المصلحة العامة تبقى دائماً فوق الخاصة.
ويبقى السؤال: هل ستكون هذه الحملة مجرد «فورة» مرهونة بتوقيت لتعود بعدها شوارع دمشق كما كانت «تيتي تيتي متل مارحتي متل ما اجيتي» أم أنها ستبقى مستمرة؟
الهدف إزالة التجاوزات
منذ حوالي الشهرين اجتمعت المحافظة وطالبت بإزالة كل التعديات والتجاوزات على الأملاك العامة مهما كانت (شبك، شمسية، طاولة) وفي 22/10/2016 بالضبط بدأت حملتها الواسعة التي طالت كل أحياء مدينة دمشق من دون استثناء، حصدت خلالها خمسة آلاف إشغال في عدة مناطق في ظرف 4 أيام فقط، وقتئذ لم تتم مصادرة بضائع، لكن بعد أن تم الإعلان عن ذلك تم حجز بضاعة من لم يتعظ من المرة الأولى ولم يستطع استردادها إلا في حال دفع رسم، يقول سرور: ليس الهدف من الحملة الحجز والمصادرة وتعبئة خزينة المحافظة فلسنا هواة مصادرة،  كما يروج البعض، ما يهمنا هو إزالة جميع التجاوزات وعدم التعدي على الأملاك العامة.
تجار البسطات
الواقع المعيشي السيئ للمواطن أكبر دليل على تردي أوضاعه، وفرد بسطته طوال النهار في الشوارع ليس سوى تأكيد على مرارة فقره وشدة حاجته.. فما الذي دعا المحافظة لاختيار هذا الوقت بالذات؟! يتساءل مواطنون.
يقول سرور: لم تكن البسطات في دمشق تتجاوز 2000 بسطة قبل الحرب، لتصل إلى 22ألف بسطة خلال سنوات الحرب، طبعاً بعلم المحافظة  التي تغاضت عن تجاوزاتهم وتركتهم يبسطون بهدف مساعدة المهجرين والفقراء منهم، لكن ما لبثت أن  تحولت إلى تجارة كما أي تجارة، يقوم عبرها صاحب البسطة بتشغيل «صانع» لقاء أجر يومي، مشيراً إلى أنه خلال جولة للمحافظة في إحدى المناطق عند كراج السيدة زينب لاحظت وجود بسطة تحتوي على بضاعة تتجاوز قيمتها 23 مليون ليرة من مواد غذائية وأدوات كهربائية، واللافت بالأمر وجود كاميرات مراقبة للبسطة أيضاً! ويضيف: لسنا ضد البسطة الصغيرة فهناك 600 بسطة لم تقترب المحافظة منها أبداً جانب شارع الثورة فهذه المنطقة لا تسيء للحركة ولا المشاة، لكن مشكلتنا مع البسطات التي تعرقل السير وتسيء للجوار.
مناطق مجانية للبسطات
كثيرون لن يؤيدوا اختفاء البسطات بشكل نهائي من الأسواق فهذه البسطات كثيراً ما لبت مطالبهم وكانت مصدراً وحيداً لتأمين لقمة عيش لغيرهم ولكن في حال كانت المحافظة مصممة فعلاً على عدم السماح للمخالفات بالعودة مرة ثانية لتسطو على الرصيف فهل هناك من بديل للعاطلين عن العمل؟
يقول سرور: الفقراء الذين تضرروا من إزالة البسطات لا يتجاوزون 20% فقط، والمحافظة بصدد إنشاء 5 مناطق مجانية للبسطات بعد دراسة مستفيضة  للمناطق من حيث حركة السير وعدم الإساءة للجوار، وستجهز ويتم الإعلان عنها قبل نهاية العام الحالي، ومبدئياً حددت في منطقة برزة والزاهرة لتكون سوقاً مخصصاً ومنظماً لباعة البسطات، مؤكداً أنه لن تكون هنالك بسطات وسط مدينة دمشق أبداً، موضحاً أن فوضى انتشار البسطات على قارعة الطريق والأرصفة جاء ليرسم مظهراً بعيداً عن أي جمالية مكانية، فغالباً ما يترتب عليه مخرجات سلبية وأزمة مرورية، وهنا ترتفع الدعوات للتخلص منها رغم الحاجة إليها أحياناً، فمثلاً أهالي حي صلاح الدين  تقدموا بعدة شكاوى للمحافظة لإزالة البسطات المنتشرة بشكل غير مقبول أمام أماكن سكنهم والحد منها ومن تجاوزاتهم لاسيما تلك المتعلقة ببيع مواد منتهية الصلاحية.