المنتـج والمستهلك هما الخاسران! تجار يـورّدون الحليب بلا رقابة ويبيعونه بأضعاف سعره

المنتـج والمستهلك هما الخاسران! تجار يـورّدون الحليب بلا رقابة ويبيعونه بأضعاف سعره

أخبار سورية

الأحد، ١٨ ديسمبر ٢٠١٦

هني الحمدان
رغم ظروف الحرب الإرهابية, هناك قطاعات لا تزال تعمل وتنتج وتقدم مواد أساسية تحتاجها الأسواق والمستهلكون وتسد احتياجات مهمة, وهذا محل رعاية واهتمام من جانب هذه الجهات سواء أكانت عامة أم خاصة بتأدية رسالتها الإنتاجية والغذائية.
رسمياً يبقى القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية وبمساهمة 21 % من الناتج المحلي الإجمالي وبمختلف إنتاجياته الزراعية والحيوانية … وما يهمنا هنا مادة الحليب هذا المنتج المهم والرئيس الذي لم ينل بعد كل الاهتمام الكافي من قبل الجهات المعنية تحديداً الإشراف الصحي والمراقبة على عمليات توريده وتسويقه ونقله وحتى بيعه … وحسب إحصاءات وزارة الزراعة يسهم منتج الحليب ومشتقاته بنسبة 42% من قيمة الإنتاج  الزراعي, وحسب المعطيات فان أعداد الأبقار في سورية بلغ 1.1 مليون رأس (قبل اندلاع الحرب) يشكل القطيع الحلوب منها حوالي 54% تقريباً وتنتج ما مقداره 1.7 مليون طن من الحليب, ونصيب الفرد من الحليب خلال أعوام ما قبل الحرب 138 كغ في السنة مقدر على أساس حليب ومشتقاته منها 88 % كغ من الأبقار, ويستهلك إجمالي الحليب المنتج بأشكال مختلفة.. حليب طازج 52% ولبن رائب 21% وجبن 17 % وزبدة وسمن 10%.

لعبة تجار
ما يجري بالفعل سمسرة وتجارة نشطة يدفع فاتورتها المستهلك المحتاج للمادة ويخسر المنتج أيضاً بعدم أخذ السعر المناسب, وهامش الربح الكبير يذهب لجيوب التجار الذين يقومون بتوريد كميات من الحليب من محافظة القنيطرة المنتجة وبكميات كبيرة والمغذية لأسواق دمشق وريفها وبتواتر ملحوظ حسب المعلومات المتأتية من جانب المعنيين في المحافظة وحسب المؤشرات الرقمية يتجاوز توريد الكميات يومياً الـ 9 أطنان, قسم من المادة يذهب لأسواق ومراكز البيع المباشر لبيع المادة بشكل طازج وقسم آخر يلقى طريقه إلى معامل تصنيع اللبن والمشتقات الأخرى وكلها قنوات تصب بالقطاع الخاص.

صورة من الواقع
منذ خروج المادة من المنتج أو لنقل الفلاح يتم تجميعه عبر أوان غير صحية ونقله من خلال سيارات «بيك أب» غير مرخصة وغير مؤهلة لنقل أهم وأسرع مادة شديدة العطب من أسواق محافظة القنيطرة إلى أسواق المبيع دمشق وريفها ولمسافة ليست بالقصيرة, بعيداً عن أي مراقبة صحية ولا أحد يكترث بالجانب الصحي ومدى سلامة هذه المادة .. وحسب معلومات من بعض الجهات المعنية في القنيطرة: فإن هناك تجاراً قاموا بالغش وصنعوا مادة اللبن والجبن المخالفة وتم إغلاق بعض المنشآت لمخالفتها الصريحة لمعايير الإنتاج واتباع الغش في التصنيع ..
منشآت وورش صغيرة  في ريف دمشق تقوم بشراء المادة سريعة التأثر بالعوامل الجوية وتقلباتها كما تم الذكر  من التجار بعيدة كل البعد عن أي رقابة ولا يتم  التأكد حتى من موثوقية الحليب, همها التصنيع وبيع المادة بعبوات تزينها من خلال ورقات وصور جميلة .. 09-55370d9a899b5

سعر بخس مقابل فحش!
ما يحصل أنه يتم شراء الحليب من الفلاح أو المربي بسعر قرابة 160 ليرة فقط وهو ليس بذاك السعر الذي يغطي تكاليف عمليته الإنتاجية نظراً لارتفاع أسعار العلف الذي يضطر المربون إلى شرائها بأسعار مرتفعة ولا مجال أمام المنتج سوى البيع بأي سعر يفرضه التاجر الذي يستجره فيرضخ المربي ويبيع, التاجر همه أن يقوم بتجميع أكبر كمية ممكنة ويقوم ببيعها إلى حلقة أخرى لمراكز توزيع أو ورش تصنيع لتقوم بطرحه معقماً أو بشكل حليب خام بسعر مضاعف, يصل للمستهلك بسعر 450 ليرة لكل علبة معقمة وزنه لا يتعدى الكيلو غرام الواحد والحليب الخام يباع الكيلو منه  بـ350 -375 ليرة.

حديث ممزوج بالمرارة 
مربون يشكون قلة الأعلاف وغلاء سعرها وتكاليف العملية الإنتاجية لمادة الحليب شأنها شأن أي عملية إنتاجية لأي مادة زراعية أخرى تحتاج مستلزمات وأموالاً, فتربية الأبقار كما يقول المربي  «أبو حسن الفاعوري» لم تعد بالعملية السهلة كما كانت بالسابق حيث المرعى المتوفر وبقايا الحصاد الوفيرة, كل ذلك لم يعد موجوداً حتى غلاء الأعلاف له حديث آخر ممزوج بالمرارة, ولكن لا خيار أمامنا سوى المثابرة على التربية ورعاية مواشينا فعن طريقها نعتاش ونبيع حليبها بأسعار قريبة من أسعار التكلفة مضطرين لكي نؤمن لقمة عيشنا. لقد طالبنا نحن بعض المربين الجهات المعنية بتخفيض أسعار مبيع الأعلاف أو تقسيطها إلينا لعل ذلك يساعدنا بالمضي باستمرار تربيتنا للأبقار  والمواشي الأخرى.
ماذا عن السلامة..؟!
يلعب نقل المنتج وخاصة الغذائي دوراً مهماً في الدورة التسويقية, ونظراً لبعد المسافة فمن البديهي تخفيض تكاليف النقل بشكل رئيسي, فالمنتجات الزراعية بمعظمها سلع طازجة وتالياً هي هشة وقابلة للتلف ولا بد من إيصالها إلى المستهلك في أقصر وقت لئلا تفسد نوعيتها, إضافة إلى ذلك فالنقل لمسافات طويلة يتسبب في التأخر في تسليم المنتجات للأسواق والتعرض للحرارة والتقلبات في وسائط النقل, الأمر الذي قد يعرض المادة للتلف ووقوع خسائر, مثلاً إنتاج الحليب في محافظة صغيرة كالقنيطرة و بكميات كبيرة يتم من خلال مربين ومنتجين ليست في حوزتهم تلك الأساليب وأجهزة التعبئة المناسبة ويعملون بعيداً عن أي إشراف ومتابعة صحية ويتم نقل المنتج بوسائط نقل قد تكون عابرة لا علاقة لها بأي معايير صحية, فالمنتج ليست له أي تسهيلات تخزيينية أو حتى تمويلية, ما يعرضه لعمليات ابتزاز وسمسرة من قبل تجار يشترون المادة وينقلونها غير آبهين بأي شي ولا تتم مراعاة الاشتراطات المطلوبة ولا حتى أي جهة تلزمهم بذلك .. ! فلا وجود للرقابة أبداً ولا أحد يكترث لخطورة مادة الحليب في حال تم عطبها …!

إنتاج وفير
إنتاج وفير حسب المؤشرات وإذا تم استلامه وتصويب عمليات تصنيعه فإن العملية الإنتاجية والتسويقية للمادة بصورة إيجابية ويؤكد مدير زراعة القنيطرة جمعة شامان  لـ «تشرين»: أن عدد الأبقار في المناطق الآمنة وصل إلى حوالي 2700 رأس وحوالي 20 ألف رأس من الأغنام والماعز, ويعتمد المواطن في المحافظة على استهلاك الحليب البقري حيث إن الأبقار تنتج الحليب على مدار العام بينما حليب الأغنام والماعز موسمي الإنتاج, ووصل متوسط إنتاج البقرة سنوياً إلى حوالي 6 أطنان في السنة أي انه وصل متوسط إنتاج البقرة اليومي إلى حوالي 17 كغ, وتنتج محافظة القنيطرة حوالي 17 طناً يومياً من مادة الحليب وتستهلك قرابة 8 أطنان يومياً ويتم تسويق بقية الإنتاج وهو قرابة 9 أطنان إلى محافظة دمشق وريفها عن طريق تجار يشترون المادة من المربين.
وعن تكلفة كغ / واحد من مادة الحليب وبعد قيامنا بالعديد من الدراسات والحسابات عبر لجان مختصة درست الواقع بأبعاده توصلت  إلى أن التكلفة لكل كيلو غرام هي بحدود 162 ليرة، حيث تتم حساب تكلفة كغ/ واحد حسب تسعيرة العلف لدى القطاع الخاص إذ وصلت تكلفة الكغ الواحد من مادة العلف للأبقار الحلوب إلى حوالي 185 ليرة وحساب التكلفة للكغ الواحد من مادة الحليب حسب المعايير الاقتصادية (تكاليف ثابتة – متغيرة – الفائدة على هذه التكاليف –ونسبة النفوق وحساب المردودات).
أما عن متوسط استهلاك الفرد من مادة الحليب في المحافظة تقريباً فهو بمقدار 300 غ /للفرد في اليوم وهو أعلى من متوسط استهلاك الفرد على مستوى سورية.
ما يشوب العملية التسويقية للمادة هو أن المسلك التسويقي الذي يسلكه الحليب هو من المربي أولاً – تاجر الجملة والحلاب ومنه لتاجر التجزئة ثم البائع ومنه إلى المستهلك, وقد تم تحديد سعر كغ / حليب بـ 180 ل.س لتاجر التجزئة وحوالي 200 ل.س للمواطن  أما مادة اللبن فقد تم تحديدها بـ 225 ليرة.
ولدى دراسة تسويق الحليب في المحافظة وجد أن هناك اختناقاً في تسويق المادة وخاصة في منطقة خان أرنبة ووجود فائض كبير من مادة الحليب في منطقة عين النورية, لذلك تم لفت انتباه المسؤولين في المحافظة لوجود هذه المشكلة وتسويق الحليب الفائض في منطقة عين النورية إلى منطقة خان أرنبه. %d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a8

الأسعار حسب الأعلاف
ولا شك في أن الأسعار المحددة رسمياً وضمن الفترة الحالية تتغير بتغير أسعار الأعلاف والعوامل الأخرى الداخلية في عملية إنتاج الحليب, وتخفيض أسعار الحليب أقل من سعر التكلفة يؤدي إلى إحجام المربي عن التربية وتالياً إلى تدهور الثروة الحيوانية.
ونحن في مديرية الزراعة نحاول تذليل أي صعاب قد تواجه المربي من أجل المحافظة على الإنتاج وتأمينه للمستهلك, وعلى تواصل مستمر مع المربين نسمع ونحل بعض المشكلات التي يطالبون بها , وتبقى مسألة تأمين الأعلاف وغلاء سعرها الهاجس عند المربي, وباستمرار ننادي بضرورة منع أي سمسرة  من جانب التجار حماية للمربين وأن يتم نقل الحليب بوسائط مضمونة.

مخاوف حقيقية
بعد تراجع إنتاج المادة في محافظة ريف دمشق بسبب الحرب وخروج العديد من المربين من العملية الإنتاجية ككل أصبح هناك طلب كبير على الحليب من أي مصدر, ومن هنا وجد البعض ضالته عبر استجرار المادة من أماكن بعيدة لتحقيق المنافع ولوجود احتياج لها.. وهنا يقول الدكتور علي سعادات مدير زراعة ريف دمشق لـ «تشرين»: هناك فوائض كبيرة من مادة الحليب المنتجة في محافظة القنيطرة, وهذه الكميات لا تجد لها منفذاً تسويقياً إلا عبر بيعها إلى تجار يشترونها من المربين أو من بعض الباعة ويقومون تالياً بتوريدها لمحافظة دمشق وقسم منها لا شك يدخل إلى ريف دمشق حيث الكثافة السكانية في المحافظتين والاحتياج المتزايد إلى هذه المادة الغذائية الضرورية وقد تصل التقديرات للكميات التي تدخل يومياً إلى أكثر من 8 أطنان يومياً من قبل تجار يوزعونها بطرق مختلفة إلى معامل ومراكز بيع خاصة.
مثل هذه العملية قد ترافقها عمليات بيع بهوامش كبيرة يدفعها في النهاية المستهلك في وقت تريح المربي والمنتج للمادة بأن مادته تم تسويقها, لكن هوامش الربح لدى التجار قد تكون مرتفعة هذا من جانب, ومن جهة أخرى، هناك مسألة على درجة كبيرة من الخطورة, وهي أن مادة الحليب مادة طازجة سريعة التأثر بظروف الحرارة والجو أيام الصيف, بمعنى يجب أن تراعى أثناء نقلها بمتطلبات صحية متكاملة حفاظاً على سلامة المستهلك, لكن هذه الحلقة  شبه معدومة, فلا أحد يكترث أبداً بنوعية المادة وصلاحيتها ولا بأساليب تعبئتها ولا حتى بالشاحنات وبالسيارات الناقلة, فقسم كبير منها يتم نقله بأوان غير مأمونة الجانب وغير مراقبة ..!
نحن نرى ضرورة المراقبة الدقيقة واليومية للمادة ويجب الإشراف على كل حلقات التوريد والتعبئة ضماناً وتجنباً لوقوع أي حوادث, نظراً لأن مادة الحليب سريعة التلف, وهنا لا بد من نقلها عبر سيارات مبردة ومرخصة رسمياً وعليها الإشراف الصحي, فإذا كان الجو في فصل الشتاء يشكل ضمانة صحية للمادة فكيف هو الحال في فصل الصيف …؟!
شيء طبيعي أن تفتح الأسواق سواء بدمشق أو بريفها أمام المنتجات الواردة من بقية المحافظات وضرورة تسهيل الانسيابية, فمثلاً هناك غزارة في إنتاج المادة وفوائض كبيرة من المادة, وهنا على الجهات تسهيل توريد مثل هذه المواد عبر وسائط مضمونة وإشراف متكامل  منعا من أي استغلال سواء أكان للمنتج أم للمستهلك ..   وأضاف الدكتور سعادات: وصل إنتاج محافظة الريف  من الحليب خلال موسم 2015- 2016 من حليب الأبقار إلى 394 ألف  طن  ومن حليب الأغنام 69 ألف طن  ومن حليب الماعز 26 ألف طن.
وهي كميات قليلة  مع ما كانت عليه سابقاً وتراجعت بلا شك نتيجة ظروف الحرب على سورية وخروج أعداد من المربين من عملية التربية والرعاية للثروة الحيوانية وكذلك من جراء حالة الجفاف وانحسار مساحات المراعي وغلاء الأعلاف الفاحش ..
وما أؤكد عليه يقول سعادات ضمن منظومة هذه التجارة ووجود حلقات متعددة حتى يصل الحليب إلى المستهلك هناك مخاوف حقيقية من عدم بقاء المادة بالصلاحية التامة, واحتمالية الغش كبيرة أو تعرض المادة للعطب, فالحاجة تستدعي تنظيم العملية ونقلها بوسائط مبردة نظامية وملزمة للقطاع الخاص الذي يقوم بكامل عمليات النقل مع وجوب الإشراف الدقيق والمباشر على مادة سريعة جداً لأنها تفسد ..

تجاوزات وإغلاقات
الظروف مهيأة لارتكاب مخالفات وتجاوزات في المادة من غش وعدم اتباع الشروط والمعايير الصحية السليمة لنقل آمن وتصنيع جيد ويؤكد المهندس علي زيتون مدير التجارة الداخلية محافظة القنيطرة  لـ «تشرين» أن مادة الحليب ومشتقاتها من المواد الغذائية المهمة ولذلك فإن مراقبة هذه المادة من توفرها وتأمينها للمواطنين في المحافظة من أولويات عمل مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في القنيطرة, والمادة مراقبة صحياً وسعرياً وأن الإحصائية لإنتاج مادة الحليب في المحافظة يقدر بـ أكثر من 17 طناً يومياً منها 8 أطنان حاجة المحافظة والبقية تسوق إلى محافظتي دمشق وريفها ولهذه الغاية فإنه تتم مراقبة أسعار مادة الحليب ومشتقاتها والبيع على أساس وزن المادة وليس على أساس العبوة وتم تنظيم ضبوط تموينية بحق الباعة الذين يبيعون اللبن بعبوات من دون وزن وكذلك يتم أخذ عينات من اللبن والحليب والجبن وفحصها بمخبر المديرية أو المخبر المركزي في الوزارة للتأكد من سلامة الغذاء الذي يتناوله أطفالنا قبل كبارنا وعلى هذا الصعيد وخلال جولة لمدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك على أحد معامل تصنيع اللبن والجبن فقد تم إغلاق المعمل حتى تتوفر فيه الشروط الصحية المناسبة لإنتاج هذه المواد الغذائية وتنظيم الضبط اللازم.
ومؤخراً انخفضت الكميات في السوق المحلية وباتت لا تكفي حاجة المواطنين وذلك لعدة أسباب منها دخول بعض تجار الحليب من ريف دمشق لأخذ كميات كبيرة من الحليب لبيعه بدمشق وريفها نتيجة فرق الأسعار بين هاتين المحافظتين ومحافظة القنيطرة, وقامت المديرية باستدعاء تجار الجملة لمادة الحليب وإعطائهم التوجيهات اللازمة لذلك على أن يتم تأمين احتياجات المحافظة أولاً ومن ثم تسويق الحليب وتأمينه لأسواق دمشق وريفها واعتبار ذلك واجباً أخلاقياً ووطنياً عليهم القيام به والمتابعة مستمرة لضمان سلامة وصحة وتوفر المنتجات الغذائية على أرض المحافظة.

خطط للتطوير
قبل فترة لجأت بعض المعامل المصنعةللالبان والاجبان إلى استخدام حليب البودرة وتعبئته في علب على أساس أنه حليب طازج ومعقم, لكن بعد ارتفاع أسعار حليب البودرة حسب أسعار مبيع الشركات المصنعة للبودرة قل استخدام البودرة كمادة أساسية.
ولم يكن إدراك وزارة الزراعة متأخراً حول أهمية تطوير إنتاج الأبقار المحلية في تأمين وزيادة البروتين الحيواني وذلك عن طريق تحسين التراكيب الوراثية للأبقار المحلية وتحسين مستوى التغذية والرعاية من خلال جملة من إجراءات اتخذتها لتحسين الأبقار وتطوير إنتاجها والاحتفاظ بمناعتها ضد الأمراض وحسنت الوزارة ما قبل الحرب أكثر من 600 ألف رأس محسن وهناك خطوات للمحافظة على القطيع ورفده بعروق جديدة مع توزيع الأدوية للمربين من أجل تشجيعهم والاستمرار في عمليتهم الإنتاجية, وخططها الإنتاجية الحالية تؤكد الارتقاء والاهتمام بالثروة الحيوانية لتعزيز الأمن الغذائي للمواطن وتأمين الأعلاف بأسعار مريحة.

بقي القول
هكذا يتبين أن العمليات التسويقية التي تخضع لها مادة الحليب مثلاً تعد ذات كفاءة منخفضة, ويعد ذلك أحد المعوقات الرئيسة التي تقف في وجه تطوير عملية التسويق للمنتج, ولا تساهم المؤسسات التسويقية الحكومية إلا بنسبة قليلة جداً من إجمالي العمليات التسويقية المقدمة للحليب ومشتقاته بينما يساهم القطاع الخاص بالجزء الأكبر من هذه العمليات التسويقية, وهذا الأمر بمنزلة مجال واسع لوقوع بعض التجاوزات التي من شأنها الإساءة للعملية التسويقية والإنتاجية على حد سواء, لذا كان لابد من دفع  الجهات الرقابية لتكثيف حملاتها على منشآت وورش التصنيع الخاصة من أجل ضمان مادة مهمة تتأثر سريعاً بالأجواء وظروف نقلها, وتطوير أسلوب تسويق الحليب وتقليل نسبة الفاقد, إضافة إلى تبسيط المسالك التسويقية المعقدة للحليب ومشتقاته ونقل الحليب بعد تجميعه ومجانسته إلى وحدات التصنيع ما يؤدي إلى رفع القيمة المضافة لذلك المنتج, وتالياً زيادة فرص الطلب على هذه المادة ومشتقاتها, وإيجاد فرص عمل إضافية تؤدي في النتيجة إلى زيادة دخل المزارع والمربي, وتبقى النقطة المهمة التي يجمع عليها الجميع أن تتم عملية النقل بأشكال وطرائق أكثر أماناً ونظافة من خلال استخدام خزانات معقمة وسيارات خاصة بذلك, وغير ذلك كما هو الحال عليه الآن فالمخاوف كبيرة والتجاوزات قائمة لا محالة ..!