فوضى الأسعار تدخل متوالية صاعدة.. التسعير المركزي وصفة شافية بانتظار إعادة تجريبها بجدية على نطاق واسع..

فوضى الأسعار تدخل متوالية صاعدة.. التسعير المركزي وصفة شافية بانتظار إعادة تجريبها بجدية على نطاق واسع..

أخبار سورية

الخميس، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٦

ما زالت حكومتنا تبحث عن طرق واقعية لحل معادلة القوة الشرائية للمواطن ومواءمتها مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية، ويمكننا القول إن بعض الإجراءات التي تم اتخاذها لم تقدّم الحلول المطلوبة، بل زادت الطين بلة في كثير من المطارح، لكن لن ننكر أن بعضها الآخر من استطاع أن يفي بالغرض ولو بنسبة قليلة، وقد تكون إجراءات التجارة الداخلية وحماية المستهلك مصيبة أحياناً ومخيّبة أحياناً أخرى، مثل قرارات تحرير الأسعار التي أدّت إلى حالة من الفوضى السعرية، أو قرار التسعير المركزي الذي ساهم في ضبط نسبي للأسعار. فالوضع الاقتصادي الحالي لا يتصف بالاستقرار ما يؤثر بشكل كبير في نتائج القرارات المتخذة، وهنا لابد من التأكيد أن عملية التسعير ترتبط بجهات عديدة ومختلفة لكل منها وجهة نظر في عملية التسعير، وأن الغاية الأساسية في النهاية هي وصول المواد الأساسية إلى المواطن بسعر يتناسب مع قدرته الشرائية.

صك سعري
وفي هذا الاتجاه سعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى اعتماد آلية التسعير المركزي والمكاني للسلع والمواد الأساسية الضرورية المطلوبة بشكل يومي لحياة المواطن، وفي هذا السياق يبيّن مدير الأسعار في الوزارة نضال مقصود أن القرار 814 الخاص بالتسعير المركزي والمكاني، يوجب على مستوردي ومنتجي القطاع الخاص للمواد الغذائية كـ(السكر والرز والزيوت والسمون والشاي والمتة والدقيق ومعلبات الطون والسردين والأعلاف من ذرة صفراء علفية وشعير علفي وكسبة فول الصويا والمتمّمات العلفية، بالإضافة إلى زيت الزيتون والحليب المجفف والسائل ومشتقاته)، التقدّم إلى مديرية الأسعار بوثائق تكاليف استيرادهم أو إنتاجهم لتتم دراسة التكلفة وفق قرارات الوزارة من أجل تحديد السعر المركزي من مديرية الأسعار وإصدار الصك السعري الناظم لكل حلقات الوساطة التجارية، وذلك قبل طرحها في الأسواق، على أن تتم عملية التسعير خلال أسبوع عمل ابتداءً من تاريخ تسجيل الوثائق المطلوبة في ديوان مديرية الأسعار.
ويضيف مقصود: إن هذا القرار يتضمن التسعير المكاني ومن خلاله تفوّض مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات بدراسة تكاليف مواد زيت الزيتون المنتج محلياً والحليب السائل ومشتقاته بأنواعه المنتجة محلياً والمعكرونة والشعيرية المنتجة محلياً، والبن بكل أنواعه الأخضر والمحمّص والمطحون والسمسم والحلاوة المستوردة والمنتجة محلياً من أجل تسعيرها.

لجنة مشتركة
فرضت المتغيّرات العديدة الطارئة لواقعنا الاقتصادي واستغلال بعض التجار، رفع أسعار كثير من المواد والسلع الضرورية للمواطن، وترافق ذلك مع ارتفاع ملحوظ في سعر القطع الذي يدخل في تكلفة المستوردات سواء كانت مواد جاهزة للاستهلاك أم مواد أولية؛ لذا قامت الوزارة بإعادة النظر بسياستها التسعيرية، وهذا ما جاء في حديث معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب لـ”البعث”، الذي أكد البدء في دراسة واقع أسعار السلع الضرورية للمواطن وإلغاء تحرير أسعارها، وإعادة إخضاعها لسياسة تحديد السعر إما مركزياً وإما مكانياً أو وفق التكلفة الفعلية وهوامش الربح وذلك وفق ترتيب محدّد، مع التزام المستوردين والمنتجين المحليين بتقديم تعهّد شخصي بتقديم بيان تكلفة لإصدار السعر قبل طرح المادة في الأسواق.
وأضاف شعيب: تم تطوير القرار 814 حسب المعطيات الجديدة لواقع السوق المحلية لوضع أسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن من خلال لجنة تضم العديد من الجهات كمديرية الجمارك ووزارة الاقتصاد والمصرف المركزي والمؤسسة الاستهلاكية بالإضافة إلى مديرية الأسعار في الوزارة وعضو من غرفة التجارة وعضو من غرفة الصناعة، هذه اللجنة تقوم بدراسة الوثائق المقدّمة لها من المستوردين والمنتجين المحليين ووضع الصك السعري بناء على محضر الاجتماع، أما لجنة التسعير المكاني فهي من ضمن الوزارة وتقوم أيضاً بدراسة الوثائق ووضع صك سعري للمواد في جميع المحافظات.

أهداف
تنظيم عمل السوق الداخلي وتحقيق التوازن فيه بما يخدم أكبر شريحة ممكنة من المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود، والاستمرار في تفعيل دور المؤسسات التابعة للوزارات ذات طابع التدخل الإيجابي لطرح أكبر تشكيلة ممكنة من السلع الضرورية للمواطن بأسعار تقل عن أسعار السوق تعدّ من أهم الأهداف التي تسعى وزارة التجارة إلى تحقيقها، وهنا يبيّن شعيب أن الوزارة تتابع دراسة واقع أسعار جميع المواد والسلع المطروحة بالأسواق والتي سبق أن استثنيت من نسب الأرباح لإعادتها إلى سياسة تحديد السعر بشكل تدريجي، كما تهدف الوزارة للوصول إلى السعر الحقيقي للسلع بعد المتابعة ويتم تقييم المواد المسعّرة لمتابعة الأسعار في الأسواق، بعد أن تتم المقارنة الدقيقة بين السعر الاسترشادي، والسعر العالمي وسعر السوق للمواد الأساسية كالسكر والرز وغيرها، ليتم وضع السعر الأقرب إلى الأسواق، بالإضافة إلى ضبط الأسعار بما يتناسب مع فوارق مختلفة ترتبط بالمنشأ وباختلاف تكاليف السلع بين مستورد وآخر من أجل خلق التوازن السعري في السوق.

تضافر الجهات
مراقبة الأسعار وضبط الأسواق والتجار من خلال تداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية وتفعيل عمل مديرية حماية المستهلك ونشر الوعي الاستهلاكي وتفعيل جمعية الحماية، تعدّ من أهم الإجراءات التي اتخذتها الوزارة إلى الآن وحسب شعيب فإن التاجر ليس حراً فيما يتعلق بالاحتكار ووضع الأسعار التي يريد، لذلك فإن ضبط عملية التسعير وحصر عملية التسعير بالوزارة والجهات والقطاعات المعنية تحوّلت إلى ضرورة ملحّة، إلى جانب تعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال تأكيد دور القطاع العام من مؤسسات التدخل الإيجابي وكل جهات القطاع العام الأخرى لتأمين وطرح تشكيلة واسعة تلبّي حاجة المواطنين والقيام بدورها لتكون نقاط ارتكاز لتثبيت الأسعار ما أمكن وللمساهمة في تحقيق التوازن بالسوق.

كلمة أخيرة
لا يعيب جهاتنا الحكومية العودة عن قرارات تم اتخاذها سابقاً وتطويرها أو إلغاؤها في بعض الأحيان بما يتناسب مع الظروف والمتغيّرات الاقتصادية المتعددة التي تطرأ على واقعنا، فالمرحلة التي نمرّ بها تحتاج منا إلى المرونة في بعض المطارح لضمان الدورة الاقتصادية للبلد بين تاجر وصناعي ومستهلك، وبما أن المستهلك هو الهدف الأول لما تقوم به وزاراتنا لابد من إيجاد سبل جديدة ومنطقية لإعانته على تحمّل الأعباء التي تنشا إما من جشع تاجر واحتكاره للسلع الأساسية وإما من حالة الغش التي تمارس عليه في أسواقنا.
ميادة حسن