تباشير السماء والعام الجديد المنخفضات الجوية تُنبئ بمواسم خير عامرة .. والناس ينتصرون على التحديات بالأمل

تباشير السماء والعام الجديد المنخفضات الجوية تُنبئ بمواسم خير عامرة .. والناس ينتصرون على التحديات بالأمل

أخبار سورية

الجمعة، ٣٠ ديسمبر ٢٠١٦

توقعات برأس عام أبيض في مدينة دمشق، يجدد الأمل في نفوس السوريين بعام تنفرج فيه الأمور، وتنجلي غمامة الأزمة التي أتعبت نفوسهم على مدار ست سنوات، توقعات تبشر السوريين هذا العام بموسم خير، أنبأت عنه المنخفضات المتتالية التي زارت مدنهم وقراهم في الأشهر الأخيرة الماضية بعد أن تأخر قدوم الأمطار، لتبعث في أرضهم حياة، وفي قلوبهم أملاً ودفئاً، يخالف برودة الطقس وأحواله الجوية المتقلبة، ودائماً مع كل موجة منخفضات تشتعل صفحات الطقس، وتنشط لدى السوريين ثقافة التنبؤ الجوي لما ستحمله الغيوم، ويعد به الطقس، لنجد الكثيرين يحدثونك عن العواصف المرتقبة، ومواعيد قدومها، لا بل ويضعونك في تفاصيل كميات الثلوج، والأمطار المتوقعة لديهم، مقابل من يستغل أي خبر عن تلك الأحداث الجوية لتضخيمه، وتحويله إلى باب رزق وانتفاع، والملاحظ أيضاً أن صفحات الكترونية كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، نشطت، وحظيت باهتمام، ومتابعة، وأسئلة كثيرين عن أحوال الطقس الجوية، ومواعيد العواصف القادمة بكل ما فيها من مكنونات خير أو غضب!!.
تفاعل الكتروني
أسئلة كثيرة تظهر على منشورات التوقع بأحوال الطقس، بعضها يسأل بفضول عن أخبار المنخفضات القادمة، وكيف سيكون تأثيرها على المناطق التي يسكنون فيها، وأخرى يتحول فيها زائر تلك الصفحات لمراسل ميداني يوثق ما يحدث في منطقته، فينشر مثلاً رامز صورة عن الثلوج التي زارت مدينته في حمص، في حين يتحدث محمد عن أمطار كثيرة ممزوجة بالثلج في منطقة التل بريف دمشق، وتترك ماسة فتاة من سكان العاصمة دمشق سؤالها معلّقاً على صفحة تتوقع أخبار الطقس في سورية، منتظرة رداً يشفي فضولها، أو لهفتها للزائر الأبيض مجدداً، كذلك يكتب علي إبراهيم سؤاله، مستفسراً عن وضع المرتفعات الساحلية التي يزيد ارتفاعها عن 700 م في محافظة طرطوس، آملاً بحصة تنالها محافظته من الثلوج، وتكثر الأسئلة من محافظات سورية مختلفة في دمشق وحلب وحمص وحماة والسويداء والمنطقة الساحلية وغيرها. تُترك مُعلّقة بانتظار رد المختصين في صفحات الطقس عليها، فالكلّ يريد معرفة وضع منطقته، وكميات الثلوج، أو الأمطار المحتمل أن تأتيها في الأيام المقبلة بعد ما راج عن عواصف جديدة، أخذت أخبارها تتوالى تباعاً بتأثيرها على البلاد. أخبار العواصف التي يشرحها، ويوضح تفاصليها منشورات تفصيلية مدعمة بالصور، وخرائط ملتقطة من الأقمار الصناعية على أكثر من صفحة في مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد قدوم العاصفة، وتعد بكميات وافرة من الثلوج والأمطار في غيومها، منشورات كلها في إطار الرصد والتحليل، ولا تُستثنى في نهاياتها جملة “والله أعلم”.

مزاج عام
يؤكد الراصد الجوي أحمد سليمان المعد لصفحة طقس سورية أهمية علم الطقس، ويعتبره من العلوم المؤثرة المتعلقة بحياتنا بشكل يومي، فالسفر والعمل وأي نشاط نقوم به يتعلق بالطقس وبتغيراته المنتظرة، ويوضح: لا أبالغ إن قلت أن الطقس يؤثر على المزاج العام، فبعض الأشخاص تجدهم سعداء عند هطول المطر أو تساقط الثلج، والبعض الآخر على العكس تماماً، ويثني الراصد الجوي فكرة وجود صفحات علمية يشرف عليها مختصون يشرحون الحالة الطقسية، مؤكداً أهمية تفاعل الناس مع المنشورات التفصيلية التي يقدمها عن حالة الطقس قائلاً: أشعر بسرور وغبطة لا يوصفان حين أرى أنني قد وفقت في إخبار الناس عن حدث طقسي معين، ومن ناحية أخرى فمتابعاتهم معي من مناطقهم مفيدة جداً بالنسبة إلي وتمنحني معرفة أوسع حول توزع الفعالية الجوية وطريقة حركتها من منطقة لأخرى، وهذا أمر مهم لمعرفة حالة المناطق التي قد لا تشملها بعض الفعاليات الجوية، فلدينا قاعدة تؤكد أن أي توضع لحالة جوية سوف يؤثر على مناطق دون أخرى، وأي تغيير بسيط بالتموضع قد يعيد التأثير على هذه المناطق جميعها.

نماذج متعددة
ويبدو أن صفحات الطقس والمهتمين في هذا المجال يعتمدون في تقديم تحليلاتهم على نماذج طقسية مختلفة تتطلب قراءتها الخبرة والدراية والبحث المستمر في متابعة التحديثات، إذ يؤكد الراصد الجوي سمير عزيزية متابعته واعتماده خرائط ونماذج طقس متنوعة في تحليله لمعطيات الطقس منها الأوروبي، وجفس الأمريكي، إضافة إلى النموذج الكندي ويقدمها على شكل نشرات جوية في صفحة أعدها خصصياً لهذا الغرض تناقش أحوال طقس دمشق وغيره من المدن السورية ويقول: اعتمادي على تلك الخرائط يعطيني معلومات شبه دقيقة بشأن التطورات الجوية وخصوصاً برودة الضغط الجوي وتركز المناطق التي تتساقط فيها الأمطار والحرارة السطحية وتحديد ارتفاعات الثلوج عن طريق حرارة النماذج وكلها، بعد علم الله، شبه دقيقة ولكن بفترة قريبة من حدوث المنخفض، وهنا يبدو السؤال ملحاً عن غياب دور المرصد السوري الذي كان قد قطع شوطاً مهماً في مجال الرصد والتنبؤ الجوي، فبحسب الراصد محمد كلش يعتمد في دراسته وتحليلاته المرصد السوري فقط حين يبحث عن كميات الأمطار الهاطلة على مختلف المحافظات، أما الراصد الجوي أحمد سليمان فينوه بضرورة قراءة النماذج الطقسية بعناية وحذر، فأي شخص يستطيع الدخول إلى هذه المواقع ليعرف حال الطقس، ولكن التعمق بالتوقعات يحتاج إلى خبرة ووعي ودراية، خاصة توقعات الأيام القادمة فهي تتغير باستمرار.

تغيير طقسي
بدوره يتحدث الباحث والراصد الجوي محمد كلش الذي يفضل اعتماد النموذج الياباني في قراءته لأحوال الطقس مع عدم إغفاله لأهمية النماذج الطقسية الأخرى، ويتحدث عن التغير المناخي الكبير الذي شهده الطقس في سورية على مدار السنوات الماضية، ويعزو هذا التغيير الواضح الذي شهده المناخ، ولمسناه جميعاً في السنوات الأخيرة، سواء بالهطولات، أو بمستوى البرودة، والفروقات الكبيرة التي حدثت في المعدلات، لأسباب عديدة أهمها: البراكين، والاحتباس الحراري، والغازات المنبعثة، والكثير الكثير من التغييرات والفروق ستثبتها السنوات القليلة القادمة، ويكمل كلش: الكثير من الراصدين الجويين أصبحوا يتحدثون اليوم عن فترة قادمة نستطيع تسميتها بالعصر الجليدي المصغر، ستبدأ نتائجه قريباً، وعن الأشهر القادمة في سورية يقول كلش: إن شهر كانون الثاني سيكون شبيهاً بشهر كانون الأول، ولكن ببرودة مضاعفة، وهطولات مضاعفة أكثر، والله أعلم!.

موسم استغلال
الملفت أن التنبؤ الجوي وما يأتي معه من ثلوج وأمطار غالباً ما يكون عرضة استغلال بعض التجار وجشعهم ممن أصبحت تتوفر لديهم خبرة كافية بكيفية استثمار أي حدث، وتسخيره لمصلحتهم بعد تضخيمه عشرات المرات، وتهويله، ونشر الشائعات المتزامنة مع قدومه لرفع أسعار بعض السلع، واحتكار بعضها الآخر في الفترات التي تسبق ترقب العاصفة، أو تلي الإعلان عنها، فتخلق حالة تسابق للتخزين والشراء، تتحدث أم زياد مثلاً، وهي ربة منزل تسكن إحدى الضواحي السكنية، عن افتقاد الكثير من الخضروات في منطقتها، وارتفاع أسعار الكثير من المواد تحت ذريعة (العاصفة القادمة والثلوج)، ومثلها أبو عمران الذي يشكو من افتقاد المحروقات، وارتفاع سعرها في السوق السوداء من قبل المستثمرين لهذه العاصفة والمستغلين لقدومها، أما أحمد عبود، طالب هندسة مدنية، فيتهم من يقوم بالترويج لهذه العواصف وتضخيمها بأنه المسؤول عن حالة ارتفاع الأسعار التي تتزامن مع الحالات الجوية التي يصفها بالاعتيادية، فيقول مستاء: “نحن مبدعون فقط بالتطبيل والتزمير وتضخيم الأحداث”!.

علم متقدم
كيف سيكون طقس الغد؟! لم تعد الإجابة عن سؤال كهذا رهناً بنشرة جوية ننتظرها، فعلم الرصد يتقدم، والتفاعل معه يزداد، وهو من العلوم المهمة الواجب أن تحظى بالدعم والرعاية، فإلى جانب المستوى الاجتماعي المتعلق بانتظار الناس، ولهفتهم لقدوم الأمطار أو الثلوج في كل عام، يبدو تطوير مركز رصد وأبحاث يعنى بأحوال الطقس بطريقة متقدمة ومتطورة أمراً لا يقل أهمية، خاصة حين نسمع بما وصلت إليه دول كثيرة ومنها صديقة كإيران في هذا المجال، حيث تقاس كميات الأمطار وما فيها من حمولات حتى قبل أن تصل غيومها من خلال طائرات أو أجهزة رصد، وفي حالات أخرى تحدث عمليات استمطار فوق بعض المناطق، علم الأرصاد يمكن أن يتنبأ بكارثة، ويحول دونها قبل أن تقع، ويمكن أن يحمل أخبار الخير لأرض عطشى، أو فرحة لمترقب زائراً أبيض يليق بدمشق ويزينها مع كل عاصفة.

محمد محمود