بعد تقاعس المفاصل التسويقية عجلة تسويق محصول الحمضيات.. تتعثر بعصي السماسرة والحلقات الوسيطة وتجارالسوق السوداء

بعد تقاعس المفاصل التسويقية عجلة تسويق محصول الحمضيات.. تتعثر بعصي السماسرة والحلقات الوسيطة وتجارالسوق السوداء

أخبار سورية

الخميس، ٢٦ يناير ٢٠١٧

برغم المسعى الحكومي الرامي إلى طي صفحات التردي التسويقي الحاد، الذي يلازم محصول الحمضيات منذ أكثر من عشر سنوات، تكبّد خلالها مزارعو هذا المحصول خسائر فادحة وأضراراً مريرة، إلّا أن تدوير العجلة التسويقية لم يرق للسماسرة، وتجار “السوق السوداء”، ولم يسلم من إرباكات وثغرات عكّرت صفو العملية التسويقية في إقلاعها هذا الموسم، ما أثار مخاوف وهواجس كثيرة لدى المزارعين المنتجين لهذا المحصول الذي تخطى إنتاجهم منه هذا الموسم على مستوى القطر عتبة المليون طن، بل إن بعض المزارعين يعتبرون الحراك التسويقي الحاصل انتقائياً وعشوائياً ومحدوداً، لأنه لايزال بعيداً عن أسس ومعايير التسويق المنظّم، كما لم يقارب الكمية المستهدفة المبتغاة للتخلص من كساد الفائض الذي يبلغ أضعافاً مضاعفة من الكمية المستجرة من حقول المزارعين، حتى إن عدداً من المزارعين اضطرهم تأخر القطار التسويقي، بعد طول انتظار، إلى إبقاء الثمار على أشجارها، حيث تساقط بعضها، فيما أخذ بعضها الآخر طريقه إلى السواقي والأنهار، بحسب ما كشف عنه ممثلو التنظيم الفلاحي، جراء حصول حالات تعثر في العملية التسويقية، أما الجهات المعنية، فتؤكد أن إجراءاتها صارمة وواضحة، ولا تهاون في تطبيقها تنفيذ لتوجيه الحكومة الذي يشدد على تسويق أكبر كمية من المحصول.
أصابع السماسرة
يؤكد عدد من المزارعين المنتجين أن المعاناة التسويقية، لاتزال قائمة لأن الحلقات الوسيطة والسماسرة وضعاف النفوس من التجار، يستغلون نقاط الضعف الحاصلة في العملية التسويقية من حيث الإمكانيات المتاحة لاستجرار المحصول، سواء وسائط الشحن والنقل ومراكز الفرز والتوضيب وأسعار العبوات، ويعوّل السماسرة بشكل كبير على عامل الزمن، وفترة نضوج الثمار، ومدة صلاحيتها في ظل عدم كفاية القدرات التسويقية للمؤسسات من حيث اللجان والشاحنات الضرورية لنقل المحصول من مناطق المحافظة المختلفة، وهنا تكمن الثغرة التي كشف عنها بعض المزارعين، وهي الانتقائية والمحسوبية في الاستجرار، فتمّ استجرار المحصول من مناطق وقرى دون غيرها، وقد دفع هذا الوضع أحد المزارعين إلى مكاشفة المعنيين في مديرية الزراعة في موقع تسيير قافلة حمضيات من مركز الفرز والتوضيب التابع لمؤسسة الخزن موجهاً لهم سؤالاً باسم عدد كبير من المزارعين : أين شاحناتكم من بساتيننا، ومتى ستصل إليها وما هي معاييركم ؟ وأضاف : أنا كمزارع لم أسمع بالتسويق المعلن عنه إلّا في الإعلام ..!! أما مشكلات التسويق وشجونه، فلايزال طرحها مستمراً في أوساط الفلاحين، وفي كل الاجتماعات واللقاءات التي تخص الواقع الزراعي والتسويقي، حيث يجزم الكثيرون أن الحل الأنجع والأشمل لتصريف فائض المحصول يكمن في التصدير والتصنيع، ومن دونهما ستبقى اختناقات التسويق قائمة ومستمرة، لأن الفائض أكبر بكثير من احتياجات السوق المحلية، وهذه حقيقة معروفة للمعنيين والمختصين وللمزارعين المنتجين أنفسهم.

الثغرة التسويقية قائمة
يؤكد رئيس اتحاد فلاحي المحافظة هيثم أحمد أن الموسم الحالي للحمضيات لايزال يواجه، كما المواسم السابقة، معاناة تسويقية تنعكس على الإخوة الفلاحين، لأنّ الطموح أكبر بكثير من الكميات المستجرّة، سواء من خلال مؤسسة الخزن والتسويق، أو من المصدّرين، ومحدودة  قياساً على إنتاج المحافظة الذي يبلغ 855 ألف طن، وأن الثغرة التسويقية، لاتزال قائمة على حالها، وستبقى قائمة ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة أكثر فعالية، وأهمها الإسراع بإنشاء معمل العصائر، وفتح خط تصدير، واعتبار الحمضيات محصولاً استراتيجياً، وهذه الإجراءات طالبنا بها، ولانزال مراراً وتكراراً، إلّا أننا كمنظمة فلاحية لم نلق أذناً صاغية من الجهات المعنية، كما أن المصدّرين حصلوا على قروض تسويقية لأجل مساهمتهم في تصدير جزء كبير من محصول الحمضيات، إلّا أن ما صدّروه كان شكلياً وقليلاً جداً، ويكاد لا يُذكر، وقد طالبناهم مراراً في الاجتماعات بتصدير الكميات التي تعالج المشكلة التسويقية طبقاً لما تعهدوا به، إلّا أن الحصيلة التصديرية جاءت شحيحة ومحدودة جداً، وأكد أحمد أن مزارع الحمضيات مايزال خاسراً لأنه يتحمّل أعباء وتكاليف إنتاجية كبيرة تتجاوز قيمة السعر الوسطي الذي تمّ احتسابه، فهناك  سعر العبوة وأجور النقل والخدمة الرديفة، ما يجعل المزارع خاسراً بكل المقاييس. ويعوّل رئيس اتحاد فلاحي المحافظة على ضرورة تصنيف محصول الحمضيات كمحصول استراتيجي كغيره من المحاصيل الأخرى المصنفة استراتيجياً لحماية الفلاحين، كونه يشكل مصدر رزقهم الأساسي، والإسراع بإنشاء معمل العصائر الذي تم وضع حجر الأساس له منذ عام ونصف العام.

مزاجية تسويقية
رئيس رابطة فلاحي منطقة اللاذقية، عبد الكريم مرتكوش، كشف أثناء سؤاله عن واقع تسويق الحمضيات من خلال مجال عمل الرابطة الفلاحية في منطقة اللاذقية عن واقعة تسويقية ممضّة ومريرة تعكس المزاجية واللامبالاة في تسويق محصول حمضيات الإخوة الفلاحين، حيث تمّ إبلاغ الرابطة عن تكليف سيارة شاحنة من مؤسسة الخزن لشحن كميات كبيرة من الحمضيات، وعلى إثر ذلك، وبالتنسيق مع المؤسسة من خلال الاتحاد والجهات المعنية، سارع المزارعون إلى تحضير إنتاجهم تباعاً من خلال السيارة الشاحنة، إلا أن السيارة الشاحنة الموعودة المنتظرة لم تحضر للقيام بشحن المحصول، وذلك خلافاً لما تمّ إقراره من تعليمات مشددة من محافظ اللاذقية، إبراهيم خضر السالم، في اجتماع لجنة تسويق الحمضيات بشأن اعتماد التسويق المباشر من الفلاح عن طريق الجمعيات الفلاحية دون أية عمولة أو تحمّل تكلفة الشمّاعات وإجراء العملية التسويقية بإشراف ومتابعة مكتب الفلاحين الفرعي واتحاد فلاحي المحافظة،  وقد طال انتظار الفلاحين أياماً عدة دون قدوم الشاحنة التي ثبت أنها تقوم بخدمة خاصة خلال نفس الفترة المحددة وتمت مشاهدتها على الواقع محمّلة ببضائع غير محصول الحمضيات ما تسبب بتلف محصول الحمضيات لأن أجور شحنها لاتغطّي سعرها في السوق، بل تكبّد المزارع خسارة أكبر من سعر تسويقها وفي مخالفة صريحة لخطة التسويق المباشر. وطالب مرتكوش بمحاسبة كل من يستهين ويتهاون بمحصول الحمضيات وإلحاق الضرر بالمزارعين، وأوضح أن الرابطة الفلاحية وثّقت هذه الواقعة خطياً بكتب رسمية إلى الجهات المعنية لمحاسبة المتسببين والمتقاعسين عن تسويق المحصول وعرقلته،  تطبيقاً لتعليمات اللجنة التسويقية الفرعية، ولاسيما بشأن ضرورة اعتماد  برامج عمل مدروسة وناجعة والتنسيق مع اتحاد الفلاحين بما يؤدي إلى تقديم الخدمة الأفضل للمزارعين الذين يشكل هذا المنتج عماد معيشتهم الرئيسي، وضرورة أن تكون المؤسسات المعنية شريكاً فاعلاً بعملية التسويق وتخفيف العبء عن المزارعين وانتهاج العدالة في عملية استجرار المحصول منهم في كل منطقة وقرية وألا تنحصر فقط في منطقة أو في عدد من المستفيدين أو السماسرة الذين يتاجرون بأرزاق الفلاحين، وأوضح مرتكوش أن المنظمة الفلاحية تلقّت وعداً قوياً من المحافظ بالتحقيق المباشر في ملابسات الشكوى التي فوجئ بها عند إبلاغه عنها، لعدم إعلامه من أية جهة تسويقية بها. ووعد باتخاذ أشد العقوبات بالمتسببين بها والمسؤولين عن حدوثها.

ضوابط مطلوبة
وإزاء هذا الوضع التسويقي المتردي، فمن الضروري أن يتجدد طرح السؤال نفسه: هل يخرج محصول الحمضيات من النفق التسويقي كلياً؟ وهل تتمكن الجهات المعنية من دفع وتسريع عجلة تسويق المحاصيل الزراعية، حسب المسار الجديد المبتغى الذي جرى تخصيص عدة اجتماعات له، بحثاً عن الجدوى الاقتصادية والإنتاجية التي يفتقدها المزارع، الذي تحرمه الحلقات الوسيطة، وما أكثرها، من هامش ربح معقول يغطي جهده وكلفة إنتاجه، وهنا تكمن أولويات جد أساسية لتوسيع مساهمة المنافذ التسويقية والتصديرية والتصنيعية في التسويق الزراعي، وإعادة دراسة الإجراءات التي تحتاج التصويب لتحريك عجلة تصريف المنتجات تسويقاً وتصديراً، ووضع ضوابط وتسهيلات لتسويق وتصدير الخضار والفواكه، وتفعيل آلية العمل بما يحقق الجدوى الاقتصادية لتسويق فائض المحاصيل الزراعية.

مروان حويجة