مشروعات نقابـة المهندسين «بريستيجية» ولم تلب الطموحات ..عدم وضوح الرؤية أبقت 6 مليارات ليرة خـارج العملية الاستثمارية

مشروعات نقابـة المهندسين «بريستيجية» ولم تلب الطموحات ..عدم وضوح الرؤية أبقت 6 مليارات ليرة خـارج العملية الاستثمارية

أخبار سورية

السبت، ٢٨ يناير ٢٠١٧

    ميليا اسبر

استثمارات نقابة المهندسين وعائداتها المالية لم تلب طموحات أعضائها خلال فترة السلم، فكيف بأيام الحرب حسبما أكده بعض المهندسين لـ «تشرين» فقد أخذت طابع (البريستيج)، ولم تكن مشاريع استراتيجية ترقى إلى مستوى طموحاتهم و مصالحهم، حيث تحولوا من أصحاب الدخل الجيد إلى باحثين عن فرص عمل.
معظم المهندسين عبّروا عن عدم رضا واستياء من أداء نقابتهم تجاه أعضائها وخاصة بعد أن بقي منهم الآلاف بلا مورد للرزق بسبب الظروف الراهنة .
في حين تقول الجهات المسؤولة عن النقابة أنها كانت تعمل قبل الحرب بكل إمكاناتها بشكل جيد وفعال وبما يصب في مصلحة المهندسين، لكن نتيجة الأوضاع الجارية خرجت الكثير من المشاريع الاستثمارية من الخدمة ، وانخفضت واردات الخزانة العامة من شعبة المكاتب من 900 مليون ليرة سنوياً إلى دون 300 مليون ليرة، كذلك انخفضت وارداتها من التعهدات من 800 مليون ليرة إلى دون 200 مليون، لتصل بذلك قيمة العجز لدى خزانة التقاعد إلى 400 مليون ليرة خلال عام 2016، علماً أن مجمل عدد المهندسين في سورية بلغ 143 ألف مهندس.

تذمر
حالة تذمر واضحة بدت على أعضاء فرع نقابة المهندسين في ريف دمشق بسبب عدم استفادتهم من المنشآت والاستثمارات التابعة لهم ولاسيما في فترة الأزمة، فهناك نادي المهندسين الواقع في منطقة الديماس التابع لنقابة ريف دمشق مغلق منذ بداية الحرب وحتى الوقت الحالي، علماً أنّ قيمة هذا الاستثمار تقدر بالمليارات على حد قولهم، لافتين إلى وجود عدد كبير من المهندسين المهجرين بلا سكن، لذلك رأوا أنّ تكون الأولوية لهؤلاء أن يسكنوا في هذا النادي مع العلم أنّ المنتجع يحتوي على 20 جناحاً مفروشاً، إضافة إلى مطعم وكذلك صالات رياضية ومسبح، وأيضاً يحتوي على جلسات شعبية وملاعب مكشوفة للأطفال وغيرها من النشاطات الأخرى، مؤكدين أن إغلاقه من دون مبررات أو أسباب مقنعة هو هدر لمال المهندسين، وعدم استثمارها بالشكل الأمثل.
شاليهات مغلقة
وأضافوا أنّ فرع نقابة مهندسي ريف دمشق يمتلك 11 شاليهاً مفروشاً وجاهزاً  للإيجار والاستثمار من قبل المهندسين وعائلاتهم ، إلا أنه ومنذ بداية الحرب تمّ إغلاقها كلياً في حين بقية فروع المحافظات فتحت شاليهاتها وقدمتها للمهندسين الأعضاء فيها برسم إيجار رمزي وخاصة المهندسين المهجرين من حلب وإدلب، مشيرين إلى أنّ إغلاق الشاليهات يؤدي إلى تفاقم رطوبة عالية مع ملوحة ما يؤدي إلى تخريب أجهزة التكييف وكذلك الأجهزة المنزلية والمفروشات، مؤكدين أنه رغم المطالبة المتكررة بضرورة فتح الشاليهات إلا أن الرد دائماً كان يأتي بعدم إمكانية فتح الشاليهات، وأن الظروف لا تسمح بذلك في الوقت الراهن.
المهندسون الأعضاء في نقابة ريف دمشق أوضحوا أن استثمارات النقابة قبل الأزمة لم تستثمر أو توظف بالشكل الصحيح نتيجة عدم توافر لجنة تمتلك الخبرة الكافية في الدراسات الاقتصادية والاستثمارات وقد كان من الأجدى فيها تحويل الأموال إلى استثمارات وعقارات تحتفظ بقيمتها نوعاً ما أو استثمارات أخرى تساهم في عدم تدني قيمتها الشرائية.
رد نقابة ريف دمشق
رئيس فرع نقابة المهندسين في ريف دمشق المهندس عاطف الجبر يرد على اتهامات الأعضاء حيث يقول إنّ دور نقابة الريف تنظيمي ومع ذلك منحت قروض للمكاتب الهندسية الخاصة بقيمة 120 مليون ليرة وذلك خلال فترة عام 2012 ، إضافة إلى منح المهندسين المهجرين مبلغاً بحدود 40 مليون ليرة على شكل قروض من دون فوائد ، وإلى الآن لم تتم مطالبتهم بالتسديد، باستثناء من وصل إلى سن التقاعد أو المتوفى، في عام 2014 كان يمنح المهندس المهجر مبلغ يتراوح بين 5 – 10 آلاف ليرة شهرياً، لكن توقف العمل بهذا الموضوع بعد سنة بسبب ضعف الإمكانات، لافتاً إلى أنّ هذا أقصى ما يمكن أن تقدمه نقابة الريف ضمن الظروف الحالية، لأنّ العمل في ريف دمشق شبه متوقف.
الجبر أكد أنه تمت مطالبة مجلس الوزراء بتقديم قروض من الدولة إلى أصحاب المكاتب الهندسية، أو تعيينهم بجهات عامة كنوع من الحل لمشكلاتهم، إلاّ أنّ رئاسة الحكومة لم توافق على ذلك.
أما فيما يتعلق بنادي المهندسين في الديماس فقد بيّن الجبر أنه تم إغلاقه لأسباب تتعلق بالأزمة، متوقعاً أن يعاد فتح النادي قريباً، وبخصوص شاليهات نقابة ريف دمشق المغلقة في طرطوس يقول إنه لا يمكن تأجيرها حيث رأى مجلس الفرع أنه أفضل طريقة للحفاظ على سلامة الشاليهات هي إبقاؤها مغلقة خوفاً من تعرضها للاعتداء أو العصيان إذا ما تم تأجيرها، إضافة إلى أنّ المكان يحتاج إلى توافر الخدمات حيث تتراكم فيه القمامة، والشط شبه مغلق.
معوقات
وختم رئيس فرع نقابة المهندسين في ريف دمشق بالقول : إنّ المعوقات الأساسية التي تعترض عمل نقابة المهندسين في ريف دمشق قلة الاستثمارات والرخص وتالياً انخفاض المردود المادي للمهندسين في الريف، حيث كان فرع ريف دمشق يحتل المركز الأول بين فروع نقابة المهندسين في سورية من حيث عدد الاستثمارات، أما حالياً فهو في المرتبة الأخيرة، سابقاً كان المهندس يتقاضى راتباً جيداً، بينما الآن فأولوية النقابة تأمين فرص عمل للمهندسين من خلال إعادة الإعمار وتفعيل الريف بعد أن تتحسن فيه الأمور ويعود الاستثمار والإعمار إلى سابق عهده، لافتاً أنّ عودة العمل مرهونة بالوضع الحالي، مثلاً داريا كانت توجد فيها مكاتب هندسية ما يعادل عدد مكاتب القنيطرة – ودرعا والسويداء، وأيضاً كان هناك 1200مكتب هندسي في دوما، لكنها حاليا خارج الخدمة.
أموال بلا استثمار!!
المحطة الثانية كانت في نقابة مهندسي سورية حيث تشير المعلومات التي حصلنا عليها إلى أن هناك أموالاً بقيمة 6 مليارات ليرة أودعت في البنوك بداية الأزمة في سورية وهو ما أكده المهندسون، حيث لم يستفيدوا من تلك الأموال التي فقدت قيمتها الشرائية لأنها لم توظف بالشكل الصحيح، لذلك كان الأجدى لنقابة المهندسين أن تتوجه إلى تحويل هذه الأموال إلى استثمارات أو عقارات على الأقل لكي تحتفظ بقيمتها نوعاً ما، ويتساءل المهندسون: أين النقابة من كل ذلك؟
هذا التساؤل وضعناه أمام نقيب المهندسين في سورية المهندس غياث القطيني فقال موضحاً: صحيح أن نقابة المهندسين تمتلك أموالاً في البنوك، وقد حاولت النقابة بذلك التاريخ أي منذ بداية الأزمة في البلاد أن تستثمرها بمشاريع واستثمارات… و كانت هناك مشاريع قيد الدراسة ترغب النقابة الدخول فيها، إلا أنه لم يتم ذلك بسبب الظروف التي كانت تعيشها البلاد حينها، مشيراً إلى أن نقابة المهندسين كأي قطاع عام حيث لم يكن في إمكانها آنذاك سحب أموالها من البنوك، كاشفاً أن إبقاء الأموال في البنك باسم خزانة التقاعد كان نوعاً من الدعم لليرة في ذاك الوقت، هذا من جهة، بينما السبب الآخر لعدم استثمار تلك الأموال حسب القطيني أنه عندما بدأت الأزمة في سورية لم تكن هناك رؤية واضحة أمام النقابة لكي توجه رأسمالها باتجاه معين تحقق منه وارداً لنقابة المهندسين، أو أن تدرك أنه إذا سلكت هذا الطريق واستثمرت الأموال النقدية بمشاريع هل ستنجح أم لا، ولاسيما أن هناك الكثير من مشاريع النقابة استولت عليها المجموعات الإرهابية، انطلاقاً من ذلك ارتأت النقابة أن الأفضل والأنسب هو ترك الأموال نقدية في البنوك.

تراجع الواردات
وعن تراجع الواردات وخاصة واردات خزانة التقاعد؟ وما مدى انعكاس ذلك على المعاشات التقاعدية للمهندسين؟ قال القطيني: تراجع الواردات يعود إلى الظروف الاستثنائية الراهنة للبلاد، وأضاف: سابقاً كانت تأتي واردات المهندسين من المشاريع وأيضاً من عمل المكاتب الهندسية حيث تكون الرسوم لمصلحة الخزانة، وكانت تتراوح ما بين 600- 700 مليون ليرة سنوياً، بينما خلال الأربع سنوات الماضية لم ترفد الخزانة بأي مبلغ منها، علماً أن هناك حوالي 14 ألف مهندس متقاعد يتقاضون رواتبهم من خزانة التقاعد، مبيناً أن قيمة المعاشات التقاعدية تصل إلى أكثر من ملياري ليرة سنوياً ،كذلك فإنّ جزءاً من واردات الخزانة يكون من خلال إبرام العقود بين نقابة المهندسين مع القطاع العام حيث كانت تتراوح بين 500 – 600 مليون ليرة سنوياً، إلا أنه خلال الحرب الإرهابية لم ترفد الخزانة بأي مبلغ من تلك الواردات.
وبالرغم من ذلك كله تسعى النقابة لإعانة المهندسين المتضررين من خلال إنشاء صندوق إعانة المهندسين المتضررين ورفده بمبلغ قيمته 200 مليون ليرة، وقد وزعت على كل فروع نقابة المهندسين في المحافظات وفقاً لحجم الكارثة التي تعرض لها كل فرع، مبيناً أن النقابة تبحث دائماً مع الوزارات والمؤسسات عن أي استثمار أو مشروع يعود بالفائدة على كلا الطرفين.
تراجع نسب الإنجاز
وحول تراجع نسب إنجاز بعض المشاريع والأسباب التي تقف وراء ذلك؟ أجاب القطيني: بخصوص تدني نسب إنجاز بعض المشاريع الاستثمارية العائدة للنقابة ومنها فندق ومنتجع لاواديسا السياحي في اللاذقية، حيث تأسست شركة لاواديسا للسياحة والخدمات مشاركة بين الفرقاء الثلاثة خزانة تقاعد المهندسين ونسبتها 70% ومجلس مدينة اللاذقية وأيضاً فرع النقابة في اللاذقية وتم إشهارها وفقاً لعقد تأسيسها ونظامها الأساس، ففي عام 2014 تعاقدت النقابة مع الشركة العامة للبناء والتعمير على تنفيذ المشروع على الهيكل بقيمة إجمالية مقدارها (1,396) مليار ليرة وبمدة 24 شهراً وقد أعطي أمر المباشرة بالعمل في تاريخ 18/ 8/ 2014 وتم تسليمها الموقع، إلا أنّ المدة العقدية انتهت ونسبة الإنجاز لم تتجاوز 12.22 % و مؤخراً تم الاتفاق مع الشركة العامة للبناء على إنجاز أعمال الشاليهات على الهيكل خلال مدة ثلاثة أشهر، أما بالنسبة لمشروع البناء التجاري في السويداء بالمشاركة بين الخزانة وفرع النقابة في السويداء، فقد بلغت نسبة الإنجاز أكثر من 60% علماً أنّ المساحة الطابقية للبناء 7806 م2، والقيمة العقدية للعقد الأساسي وملحقه بقيمة (143,228) مليون ليرة، وهناك مشروع بناء إحداث شركة المهندسين القابضة.
ولفت أيضاً إلى وجود مشروع بناء مول تجاري على العقار 191 برزة مسبق الصنع بدمشق، والهدف منه تنفيذ مشروع مول ومحلات ومكاتب تجارية ومطعم بانورامي ، حيث يجري العمل حالياً على إعداد الدراسات اللازمة، والإضبارة التنفيذية للمشروع وإضبارة الرخصة، وكذلك مشروع واحة المهندسين في جديدة عرطوز بريف دمشق والذي يتضمن ( 600) شقة سكنية، إضافة إلى أبنية تجارية وخدمية، ومشروع مجمع المهندسين السياحي في منطقة الخرابة بطرطوس ويهدف إلى إقامة مجمع سياحي مؤلف من قسمين الأول شاليهات للمهندسين وعددها 280 شاليهاً والثاني فندق سياحي من درجة أربع نجوم مع ملحقاته.
و مشروع إنشاء معمل سخانات ماء شمسية بالمدينة الصناعية في عدرا، ومشروع إنشاء وحدات سكنية لنقابات المهن العلمية في منطقة معرونة بريف دمشق تتسع إلى 5000 وحدة سكنية، ومؤخراً تم الإعلان في جميع فروع النقابة للاكتتاب على هذه الشقق، إضافة إلى مشروع مقاسم سكنية في ضاحية الفيحاء في منطقة الديماس وتبلغ حصة خزانة التقاعد منها 5 مقاسم تكفي لتشييد ما يزيد على 180 شقة، أما المشروع الأهم للنقابة فهو شراء أسهم بمنطقة المرسوم 66 الكائنة خلف الرازي بدمشق، فقد قام مجلس الإدارة بشراء أسهم لمصلحة الخزانة في تلك المنطقة بلغ مجموعها ملياراً و 240 مليون سهم، تم تخصيص النقابة بـ 497مليون سهم في أحد المقاسم السكنية ، وأخيراً مشروع المشاركة مع المؤسسة العامة للإسكان في استثمار عدد من المقاسم العائدة لها في الجزيرة 26 منطقة مشروع دمر.
مشاريع متوقفة
وبالنسبة للمشاريع المتوقفة أوضح أن هناك مشاريع توقفت عن متابعة العمل بسبب الأوضاع الراهنة منها: الشركة الهندسية للخرسانة المسلحة (مجبل حلب) الذي تعرض للسرقة وتخريب بعض تجهيزاته من قبل المجموعات الإرهابية، لكن حالياً يتم العمل على نقل المجبل وبعض الآليات الأخرى من حلب إلى طرطوس لتنفيذ مشروع الشاليهات، إضافة إلى شركة الرقة للمشاريع الهندسية ومتمماتها (مجبل الرقة) حيث دمرت المجموعات الإرهابية على مباني الشركة وسرقت محتوياتها وتجهيزاتها والآليات الموجودة، مضيفاً أن لدى النقابة مشروع بناء في منطقة السيدة زينب، علماً أنه جاهز على الهيكل بمساحة إجمالية 1010 م2، لكن في الوقت الحالي هناك مفاوضات مع بعض رجال الأعمال على استثماره كفندق أو مشفى وذلك بعد تجهيزه من قبلهم.
أما فيما يتعلق بجامعة قرطبة الخاصة «المأمون سابقاً» وموقعها الرئيس في القامشلي منطقة أبو راسين وفرعها في ريف حلب منطقة «المديونة» فقد قامت المجموعات الإرهابية بتدمير مقرها في حلب وسرقة تجهيزاته ومحتوياته، ما اضطر النقابة إلى استئجار مقر مؤقت للجامعة في حلب وتجهيزه بهدف استمرار العملية التعليمية.

مودعة لأجل
وبغية تأمين جزء من المعاشات التقاعدية للمهندسين وورثتهم كشف القطيني عن وجود مبلغ 7.5مليارات ليرة مودعة لأجل في البنوك بعد الحصول على أعلى فائدة ممكنة وهي 11% ، مبيناً أنه ونتيجة الأوضاع والأحداث الجارية انخفضت واردات الخزانة من شعبة المكاتب من 900 مليون تقريباً إلى دون 300 مليون ليرة سنوياً، كما انخفضت وارداتها من التعهدات من 800 مليون تقريباً إلى دون 200 مليون، تزامناً مع ازدياد أعداد المهندسين المتقاعدين الذين لم يعد لهم مورد رزق وتالياً واستناداً إلى أحكام القانون 23 لعام 2005 وتعديلاته وبعد حسم الاحتياطي القانوني سيكون لدى النقابة عجز قيمته أكثر من 400 مليون ليرة خلال العام 2016.
وختم نقيب المهندسين بالقول: إن النقابة سيكون لها دور مهم في إعادة الإعمار من خلال تهيئة الكوادر علمياً وتقنياً، من أجل أن تكون قادرة على مواكبة التقنيات الحديثة التي سوف تدخل إلى سورية أثناء عملية إعادة الإعمار.