هل تجاوزت التحديات؟ مؤسسة التأمين السورية.. إشارات استفهام تُحاصر الأداء.. وحضور متواضع في مواجهة تداعيات الظروف..

هل تجاوزت التحديات؟ مؤسسة التأمين السورية.. إشارات استفهام تُحاصر الأداء.. وحضور متواضع في مواجهة تداعيات الظروف..

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٢ مارس ٢٠١٧

على مدى العقود الماضية تركزت أعمال التأمين المباشر في الجمهورية العربية السورية بما تقدّمه المؤسسة العامة السورية للتأمين لدورها المنفرد في تقديم الخدمات التأمينية، كونها مؤسسة عامة، تعمل وفق المتطلبات التي تمليها خطة الدولة في الإطار العام للاقتصاد الوطني وبما يلبي احتياجاته، ولاسيما بعد صدور مرسوم الأحداث رقم 226- 1952، والمرسوم 43 /لعام 2005 الناظم لعمل التأمين، والمرسوم 46/ لعام 2007 المعدّل لمرسوم الأحداث، إضافة إلى الأنظمة العامة والقوانين الناظمة لعمل المؤسسات الحكومية.

البعث التقت الدكتور ياسر المشعل مدير عام المؤسسة السورية للتأمين  الذي تحدّث عن واقع المؤسسة والخدمات التي تقدّمها، سواء في مجال  تأمينات الحياة والصحة، أو تأمينات الممتلكات بنوعيه  التأمين الإلزامي أو الاختياري.

هدف التأمين

وأوضح د.مشعل المفهوم العام للتأمين كوسيلة للاحتياط من الأخطار، كما أنه وسيلة للادخار والاستثمار، ولتجميع رؤوس الأموال، ولتعزيز الثقة التجارية والاستثمارية، ويقوم على مبدأ توزيع الخطر – الخسارة المحتملة على أكبر عدد ممكن من المشتركين بنفس الخطر، حيث يمكن القول: إنه مقايضة خسارة صغيرة مؤكدة بخسارة كبيرة محتملة، وحول التعريف القانوني أشار د. مشعل إلى أن العقد  التأميني هو عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي له، أو المستفيد من العقد مبلغاً مالياً تعويض عن تحقق الخطر المؤمن ضده، ووقوع الخسارة المادية، وذلك مقابل مبلغ مالي يؤديه المؤمن له لشركة التأمين يسمى قسط التأمين، أما عقد التأمين الصحي (الفردي والجماعي) هو عقد بين المؤسسة العامة السورية للتأمين وبين الجهة صاحبة العقد، تتعهد المؤسسة بموجبه بتقديم خدمات الاستشفاء والمعالجة الصحية – الفحوصات الخارجية – الأدوية – وزيارة الطبيب  لكافة أفراد العائلة المشتركين بهذا العقد مقابل قسط التأمين المترتب على كل مشترك من خلال شبكة واسعة من الجهات الطبية المعتمدة من قبل المؤسسة – مشافٍ- عيادات- مخابر – صيدليات، وبالتعاون مع شركة متخصصة بإدارة النفقات الطبية.

وأشار إلى أن قانون السير ألزم كافة مالكي السيارات المسجلة لدى مديريات وزارة النقل بإبرام عقود تأمين للمركبة تغطي المسؤولية المدنية الناجمة عن استخدام المركبة على أراضي البلاد بما فيها المركبات الأجنبية العابرة والمقيمة، وذلك بهدف حماية الغير من أخطار المركبات والتي تشمل حوادث السير – حماية مستخدم المركبة من المسؤولية الناجمة عن وقوع حادث، وقد أجاز القانون أيضاً إبرام عقود تكميلية شاملة تغطي أضرار المركبة وركابها ومالكها وسائقها جسدياً ومادياً.

الوعي التأميني لدى المواطن

يبقى الوعي التأميني ضعيفاً إذا ما قيس بمستوى الخدمات، وإمكانيات الشركات العاملة في سوق التأمين السوري الخدمية، ولذلك أسباب كثيرة عزاها الدكتور مشعل، وهي: تدني مستوى المعيشة والقدرة الشرائية- ضعف الاستثمار والدورة الاقتصادية– ضعف الدعاية والإعلان لمنتجات التأمين– عدم وجود برامج توعية وتثقيف تأمينية– ضعف أداء شركات التأمين لناحية طرح منتجات مناسبة للشرائح الأوسع في المجتمع– ارتفاع أسعار منتجات التأمين أحياناً من وجهة نظر المواطن– ثقافة المجتمع المعتمدة على تأجيل الحلول، والركون إلى القضاء والقدر.

وفيما يتعلق بموضوع الخلافات التي قد تنشأ، وكيفية حلولها، يقول د. مشعل: إن حل الخلافات يتم أما بالطرق الودية، أو القضائية، أو عن طريق المراجعة الإدارية المباشرة، أو باللجوء إلى الجهة الناظمة لقطاع التأمين، هيئة الإشراف على التأمين، التحكيم بين طرفي النزاع باختيار لجنة تحكيمية مستقلة القضاء، والذي يعتبر الضامن الأهم لحل أية مشكلة تواجه الفرد أو المؤسسة، وتنشأ الخلافات بين المؤسسة السورية للتأمين والجهة المؤمن لها، أو المتضرر، أو المستفيد من عقد التأمين، وأسباب هذا الخلاف تكون حول قيمة الضرر الواجب التعويض به، أو مدى شمول الضرر في عقد التأمين.

معوقات تعترض العمل

أقر الدكتور مشعل العديد من الصعوبات التي تعترض عملهم، ومنها ظروف الحرب، والعقوبات، والأزمات المالية والعالمية ساهمت في تراجع عمل شركات التأمين، وأيضاً ضعف الاستثمار والنشاط الاقتصادي بشكل عام له الدور الكبير في تراجع الأداء، ومن ثم اختلال أسعار صرف العملات، وتدني مستوى الدخل، والتحدي الأكبر يتمثّل بعدم مرونة التشريعات والقوانين الناظمة للعمل التأميني، وهناك صعوبات أدت إلى تدني نشاط المؤسسة، منها عدم كفاية الكادر الفني المدرب، والحاجة لاختصاصيين في دراسة الخطر، وقياس السعر على المستوى الوطني، وأيضاً الاحتيال على التأمين، وبعض حالات إساءة بطاقات التأمين الصحي، وعدم تعاون مقدمي الخدمة الطبية من مشاف، وأطباء، ومخابر، وصيادلة، ويؤكد الدكتور ياسر مشعل مدير عام المؤسسة العامة السورية للتأمين بأنه لابد من رفع القسط التأميني تماشياً مع التكاليف المدفوعة، لكن أي تعديل سيطال تعرفة التأمين الصحي يجب أن يتم في إطار متكامل، وبما يناسب جميع أطراف العملية التأمينية، مقدم الخدمة– المؤمن له، وبالتالي، أي رفع للبدل التأميني لابد أن يترافق مع رفع للتغطيات الخاصة ببوليصة التأمين الصحي، والتي لم تعد كافية نتيجة ارتفاع أسعار الخدمات الطبية، وفي نفس الوقت لابد أن يترافق مع إعادة النظر بالتعرفة الطبية المعمول بها، حيث إن هذه القضايا الثلاث البدل التأميني – التغطيات -التعرفة الطبية هي قضايا متلازمة يجب النظر إليها بصورة متكاملة.‏‏

ويوضح مشعل، أن المؤسسة استطاعت تجاوز أبرز المخاطر التي واجهتها خلال الأزمة في السنوات السابقة، لكن هناك مشكلات جديدة أفرزتها الظروف المحيطة مع ارتفاع أسعار الصرف وارتفاع تكاليف الخدمات الطبية ومعاناة مزودي الخدمة من موضوع التعرفة الطبية، ما انعكس ذلك على أطراف العملية التأمينية، ويمكن تصنيفها إلى ثلاث مشاكل أساسية، الأولى تتعلق بمزود الخدمة والتعرفة الطبية، والمشكلة الثانية تتعلق بالمؤمن له من حيث التغطيات الخاصة وبوليصة التأمين الصحي في القطاع الإداري، أما المشكلة الثالثة فتتصل بالمؤسسة العامة السورية للتأمين من حيث بدل التأمين الخاص ببوليصة القطاع الإداري، كما أن الزيادات في أسعار الخدمات الطبية أدت إلى عدم كفاية حدود التغطية التأمينية لحاجات المؤمن له، وبالتالي كل هذه الزيادات وعدم كفاية التغطيات انعكست على رضا المؤمن له عن خدمات التأمين الصحي وقزمت ما تقدمه المؤسسة من تغطيات تأمينية أمام مايدفعه المؤمن له من نتيجة تجاوز السقوف التأمينية.‏‏

مقترحات تطوير العمل..

لفت د. مشعل إلى أن الكثير من المقترحات لاقت التجاوب اللازم من قبل الحكومة وتقوم حالياً بخطوات عملية لتنفيذ المطلوب وتبقى دائماً لدينا مقترحات تدل على طموحنا بالوصول بالعمل التأميني إلى المستوى المأمول، والمقترحات المنفذة – إحداث محاكم تأمين- تطوير تجمعات التأمين الإلزامي وتطويرها، أما المقترحات العامة توسيع دائرة تأهيل الكوادر الفنية، بالإضافة إلى أتمتة كافة أعمال المؤسسة المالية والمحاسبية والإدارية والفنية وربط كافة المكاتب والفروع بالمركز إلى جانب إصدار قانون خاص بالتأمين والقضايا التأمينية مع تأسيس لمحفظة استثمارية تؤمن عائداً مادياً يساعد في دعم ملاءة المؤسسة مع فتح قنوات استثمارية من احتياطي أموال المؤسسة غير الإيداعات المصرفية والعقارات، مع إعادة النظر بالهيكل التنظيمي والنظام الداخلي بما يتناسب مع تطورات سوق التأمين والعمل التأميني.

كلمة للإعلام عن واقع شركات التأمين..

في نهاية الحوار قال د. مشعل، إن شركات التأمين تعمل على تحقيق الأهداف الرئيسية الثلاثة، وفي مقدمتها تحقيق الربح والفائدة للمستثمرين وتقديم خدمة تأمينية راقية تلبي حاجة المجتمع، ودعم الاقتصاد الوطني ودعم استقراره، وبالرغم من بعض الصعوبات والسلبيات، نرى أن كافة الشركات تؤدي دورها ضمن الظروف والشرط الموضوعية القائمة في المجتمع والبلاد عموماً، ومما لا شك فيه أن الإعلام شريك فعال وحقيقي في نشر الوعي التأميني وكذلك في إلقاء الضوء ليس فقط على الميزات والإنجازات، بل وعلى مواطن الضعف والخلل والمعوقات، لنساهم معاً في تفاديها ومعالجتها وتحسين الأداء وتقديم أفضل الخدمات..

عبد الرحمن جاويش