واشنطن ترث «داعش» في الرقة

واشنطن ترث «داعش» في الرقة

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٢ مارس ٢٠١٧

خطت الولايات المتحدة، أمس، خطوتها «الأوقح» نحو تحويل الرقة من «عاصمة الخلافة» إلى مركز نفوذها الرئيسي في الشرق السوري، وذلك عبر عملية إنزال جوي حملت عناصر من «قوات سوريا الديموقراطية» إلى محيط مدينة الطبقة، جنوب الفرات، بمساندة من مدفعية وجنود مشاة البحرية الأميركية
أيهم مرعي

حملت الساعات التي سبقت الاجتماع الأوسع لـ«التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، في الولايات المتحدة، خطوة «غير مسبوقة» في ريف الرقة الغربي، تمثلت في قطع القوات الأميركية مع مقاتلين من «قوات سوريا الديموقراطية» لطريق حلب ــ الرقة، عبر إنزال جوي على الضفة الجنوبية لبحيرة الأسد، أمّن الطريق لعبور زوارق تحمل تعزيزات من الضفة الشمالية لنهر الفرات.

التحرك الأميركي «الأوسع» في الميدان السوري من حيث انخراط القوات ضمن عمليات قتالية مباشرة، شارك فيه إلى جانب الطائرات المروحية، سلاح المدفعية وجنود من مشاة البحرية الأميركية، قدموا تغطية نارية لعملية الإنزال. وبرغم أن الهدف المعلن من العملية هو التقدم نحو مدينة الطبقة وسد الفرات، غير أن هذا التحرك «أغلق الطريق» أمام تقدم قوات الجيش السوري وحلفائه نحو الرقة، بعد اقترابها من حدود المحافظة الإدارية انطلاقاً من ريف دير حافر الشرقي، وهو ما ذكره بيان لـ«حملة غضب الفرات» بشكل صريح، كواحدة من نتائج العملية.

الحضور الأميركي كان الأقوى منذ بدء عمليات التحالف
في سوريا

مصدر قيادي في «قوات سوريا الديموقراطية» أوضح في حديثه إلى «الأخبار» أن «300 عنصر من القوات الأميركية و(قسد) نفذوا فجر أمس إنزالاً جوياً في ثلاث قرى جنوب نهر الفرات، بهدف السيطرة على مدينة الطبقة». وأضاف أن «الإنزال الجوي دُعم بعناصر إضافيين نُقلوا عبر زوارق من قلعة جعبر باتجاه الضفة الجنوبية».
وكشف المصدر أن «القوات تحرّكت على متن مروحيات من صرين في أقصى ريف حلب الشرقي، والمحمودلي في ريف الرقة. ونجحت في تنفيذ إنزال وتثبيت نقاط لها على طريق الرقة ــ حلب، في منطقة الكرين التي تضم محمية الغزلان الطبيعية». ولفت إلى أن «الحضور الأميركي (في خلال العملية) كان الأقوى منذ بدء عمليات (التحالف) في سوريا، على صعيد الجنود المشاركين والآليات والمدفعية التي دخلت المعارك للمرة الأولى».
وبينما ترافقت العملية مع استمرار محاولات «قسد» للسيطرة على بلدة الكرامة (18 كم شرق الرقة)، ضمن سعيها إلى تطويق كامل المدينة، أكد مصدر ميداني مقرب من «قسد» أن «التحرك الأميركي جاء لإعطاء رسالة بأن كامل جغرافية محافظة الرقة هو منطقة نفوذ أميركية، ولحصر مهمة السيطرة على الرقة بالقوات المدعومة من قبلهم».
وفي تصريحات رسمية للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، ادريان رانكين ــ غالواي، أكد أن قوات بلاده دعمت بالمدفعية والإسناد الجوي «قسد» لاستعادة سد الطبقة، مضيفاً أن «السيطرة على السد وإغلاق الجسر الذي فوقه، سيكون مهمّاً في تحرير الرقة». وستتيح سيطرة «التحالف» على مدينة الطبقة الاستفادة من الموقع والإمكانات المهمة التي توفرها المدينة، لكونها تحوي مطاراً عسكرياً يمكن الاستفادة منه بنحو أكبر من القواعد الأميركية المنشأة حديثاً في ريف الرقة الشمالي، بالإضافة إلى أنها تضم سد الفرات الاستراتيجي، الذي يحوي أكبر مخزون مائي في سوريا، ويتحكم بمياه الري والشرب والكهرباء لعدد كبير من المناطق السورية، وعلى رأسها مدينة حلب.
وقد لا يمكن النظر إلى التحرك الأميركي، الذي أتى بعد مدة قليلة من الاجتماع الثلاثي لرؤساء أركان الولايات المتحدة وروسيا وتركيا في مدينة أنطاليا التركية، بمعزل عن إتمام القوات الروسية أول من أمس، مرحلة جديدة من «تحرك» يهدف إلى فصل قوات «درع الفرات» المدعومة تركياً و«قسد»، من منبج حتى شرق عفرين. كذلك، فإن هذه العملية التي تضع الطبقة على قائمة أهداف «التحالف»، تهدف إلى إخراجها من حسابات دمشق وحلفائها في الميدان، ولا سيما في ضوء معلومات ذكرتها مصادر مطلعة في خلال الأسبوعين الماضيين، تتحدث عن مساعٍ للتوصل إلى «اتفاق» بين دمشق و«قسد» برعاية روسية، للتفاهم حول عملية «منسقة» ضد «داعش» في الرقة، يتولى فيها الجيش السوري محور الطبقة.
وفي الوقت الذي تعزز فيه معطيات الميدان فكرة اعتماد واشنطن على «قسد» كرأس حربة في عملية الرقة، دون إعطاء أي دور لحليفها التركي، يبدو لافتاً نشر صحيفة «يني شفق» المقربة من السلطات التركية، تقريراً يكشف عن «إعداد القوات التركية ومعها قوات (الجيش السوري الحرّ) لخطة، استعداداً لمعركة محتملة في محافظة الرقة». وأوضحت الصحيفة أنه «تم تجهيز 3 آلاف مقاتل من (الجيش الحرّ) مدعومين من قبل القوات التركية، لحماية شريط طويل يمتدّ من منطقة تل أبيض على الحدود التركية ــ السورية، حتى الرقة». ولفتت إلى أن «تفاصيل المعركة المقبلة» في الرقة، ستتضح في خلال زيارة وزير الخارجية الأميريكي ريكس تيلرسون، لتركيا في الثلاثين من آذار الجاري.
بدوره، شدد تيلرسون في أول خطاب له أمام ممثلي أعضاء «التحالف» على أن «هدف المرحلة المقبلة من محاربة (داعش)، يكمن في تدمير التنظيم في منطقة الشرق الأوسط عبر القوة العسكرية»، مضيفاً أن بلاده «ستركز على تنظيمي (داعش) و(القاعدة) في سوريا، وستعزز ضغطها عليهما من أجل إحلال الاستقرار وستشجع على وقف إطلاق النار». ولفت إلى ضرورة «تقليص تدفق المتطرفين والإرهابيين إلى سوريا والعراق»، مشيراً إلى أن «تصفية زعيم (داعش) أبو بكر البغدادي ليست إلا مسألة وقت».
وفي تكثيف للغارات الأميركية ضمن معارك الرقة، دمّرت غارات طائرات «التحالف» أمس، الفرن الرئيسي في مدينة الطبقة، ومدرسة ميسلون ومشفى ميدانياً، ما أدى إلى استشهاد قرابة 45 مدنياً وإصابة آخرين، بينهم عائلتان بكامل أفرادهما. كذلك، استهدفت الغارات مدرسة البادية الداخلية في ناحية المنصورة غرب الرقة، التي تقطنها ثلاثمئة عائلة نازحة من تدمر وريف حلب الشرقي، ما أدى إلى سقوط أكثر من خمسين مدنياً وإصابة آخرين.

الجيش يطبق الحصار على دير حافر

أطبقت قوات الجيش السوري حصارها على قوات تنظيم «داعش» داخل بلدة دير حافر بريف حلب الشرقي، بعد سيطرتها على عدد من القرى الملاصقة للبلدة من الجهة الشرقية. واستكملت قوات الجيش خلال الأيام الماضية تقدمها جنوب شرق البلدة، وأتمت حصار البلدة بعد قطع طريقها باتجاه ريف الرقة، عبر السيطرة على قرى لالة محمد وعاقولة وأم عدسة.
ومن المتوقع أن تتابع القوات تقدمها شرقاً باتجاه مطار الجراح العسكري، لتلتقي بالقوات المتمركزة شمال المطار منذ السيطرة على الخفسة ومحيطها على أطراف بحيرة الأسد.