الطريق إلى الرقة قد تكلف خسارة تركيا.. كيف سيتصرف ترامب؟

الطريق إلى الرقة قد تكلف خسارة تركيا.. كيف سيتصرف ترامب؟

أخبار سورية

الجمعة، ٢٤ مارس ٢٠١٧

تسير الولايات المتحدة وتركيا على مسار تصادمي في الرقة، حيث يحذر المسؤولون الأتراك من أن اعتماد واشنطن على القوات الكردية لتحرير عاصمة داعش سيضر بشدة بعلاقتها مع أنقرة.

ووفق مجلة “فورين بوليسي”، تعتمد الخطة الأمريكية الحالية لمهاجمة الرقة، بشكل كبير على وحدات حماية الشعب، وهي ميليشيا كردية سورية دعمتها واشنطن بضربات جوية، وقدمت لها معدات عسكرية، إلا أن المسؤولين الأتراك اتهموا الجماعة بأنها كيان من كيانات حزب العمال الكردستاني، وهي جماعة صنفتها واشنطن وأنقرة كمنظمة إرهابية وشنت حرب عصابات طويلة ضد تركيا.

ويضيف المسؤولون أن حزب العمال الكردستاني استخدم الأراضي التي تحتلها وحدات حماية الشعب في سوريا بدعم من الولايات المتحدة، لتدريب مقاتليها والتخطيط لهجمات ضد تركيا.

وقال رئيس الوزراء “بن علي يلدريم” لمجموعة من الصحفيين هذا الشهر: “إذا أصرت الولايات المتحدة على تنفيذ هذه العملية مع المنظمات الإرهابية، فإن علاقاتنا سوف تتضرر، وهذا واضح لأنه سيثبت أنهم يقدرون المنظمات الإرهابية أكثر منا”.

وحسب التقارير، رفض المسؤولون الأتراك مرارًا تحديد الخطوات التي يمكن اتخاذها إذا حافظت واشنطن على تحالفها مع وحدات حماية الشعب، لكن إذا أرادت أنقرة، فيمكنها تعطيل خطة الولايات المتحدة في المنطقة بشكل كبير، فعلى سبيل المثال، يمكنها قطع طرق الوصول إلى القواعد الجوية في جنوب تركيا، التي تطلق منها الولايات المتحدة غارات جوية في سوريا والعراق، أو تعميق تعاونها مع روسيا.

وحاليًا تنهمك إدارة الرئيس دونالد ترامب في نقاش مكثف حول ما إذا كانت ستواصل دعم تقدم القوات الكردية في الرقة أو تحويل الدعم الأمريكي لتركيا وحلفائها.

ويرى كبار القادة الأمريكيين أن الأكراد هم أفضل المقاتلين والخيار الوحيد المتاح للإطاحة بداعش، كما أنهم قلقون من اقتراح تركيا باستبعاد الأكراد تمامًا والسماح للقوات التركية وقوة عربية سورية تدعمها أنقرة باستعادة معاقل داعش بمساعدة الولايات المتحدة.

وبينما تقوم إدارة ترامب بدراسة خياراتها، يستعد الجيش الأمريكي للهجوم بوضع الخطط لنشر ما يصل إلى 1000 جندي أمريكي إضافي في سوريا لدعم وحدات حماية الشعب وقوات التحالف المعروفة باسم القوات السورية الديمقراطية.

وقدّر مسؤولو البنتاغون أن الأكراد الذين يبلغ عددهم 27 ألفًا، هم أكثر المقاتلين فاعلية وخبرة وسط القوات السورية الديمقراطية التي يبلغ عددها 50 ألف جندي.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع أريك باهون: “إن القوات السورية الديمقراطية، هي الشريك الأكثر قدرة على التصرف بسرعة لعزل الرقة”.

وقال باهون، إن غالبية قوات سوريا الديمقراطية التي تقوم حاليًا بعزل الرقة مكوّنة من المقاتلين العرب السوريين، بما في ذلك وحدة كبيرة من المنطقة المحيطة بالمدينة.

 ومع ذلك قال إنه لم يتضح بعد أي الجماعات ستحرر معقل داعش، مضيفًا: “بينما تتم هذه العزلة، سنواصل التخطيط للمراحل اللاحقة مع حلفائنا وشركائنا، بما في ذلك تركيا”.

وبالنسبة لتركيا، فإن هذه ليست مجرد مسألة تتعلق بالسياسة الخارجية، حيث يدعي المسؤولون الأتراك أنه بدعم وحدات حماية الشعب تقوم الولايات المتحدة بتهديد أمنها القومي مباشرة.

وقال إبراهيم كالين، مستشار السياسة الخارجية للرئيس أردوغان “لدينا أدلة تثبت وجود صلة واضحة بين حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا”، مشيرًا إلى أن بعض الانتحاريين في تركيا العام الماضي “تلقوا تدريبًا في منطقة تقع تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني”.

ويحارب المسؤولون الأمريكيون هذه الادعاءات بشدة، ويؤكد الجيش الأمريكي أن القوة الكردية السورية لا تشكل تهديدًا لتركيا، بينما قال باهون إن واشنطن “ستواصل دعم تركيا في حربها ضد حزب العمال الكردستاني”.

ومع ذلك، شارك مسؤولون حاليون وسابقون آخرون في نقاش طويل الأمد حول الدور التركي في سوريا وفائدة الاعتماد على وحدات حماية الشعب.

وقال ديريك تشوليت الذي شغل منصب مساعد وزير الدفاع في إدارة الرئيس باراك أوباما، إنه “يعمل باستمرار على حمل الولايات المتحدة وتركيا على التوصل لاتفاق بشأن هذا الأمر، ولكنه لم يتمكن أبدًا من تخفيف مخاوف أنقرة بشأن وحدات حماية الشعب”.

وأَضاف “إن الولايات المتحدة لا تتفق مع أردوغان في كون الأكراد السوريين وحزب العمال الكردستاني، يمثلان المنظمة نفسها”.

وتابع أن: “الولايات المتحدة ترى الأكراد السوريين شركاء جيدين، لكن المسؤولين الأتراك لديهم مشاكل مع تعاوننا مع الأكراد”.

ولكن فريد هوف الذي شغل منصب مبعوث أوباما الخاص لسوريا في عام 2012، بعد العمل على هذه القضية لسنوات، منح الادعاءات التركية بعض المصداقية، إذ قال إن وحدات حماية الشعب هي في الأساس منظمة سورية تابعة لحزب العمال الكردستاني.

وفي الوقت نفسه، حمل إدارة أوباما مسؤولية عدم إشراك أنقرة في استراتيجيتها السورية قائلاً: “لم تكن هناك محاولة قوية لبناء علاقة وثيقة مع تركيا”.

ولكن كلاهما يحذر من أن إدارة ترامب ربما لم تمتلك الوقت الكافي، حيث قام ترامب كمرشح بانتقاد نهج إدارة أوباما في الحرب ضد داعش، ووعد بقصف الجماعة.

وقال “تشوليت” الذي عمل كمستشار في حملة هيلاري كلينتون: “إذا تأخر ترامب في وقف هذا الحل البديل من أجل إرضاء الأتراك، سيكون ذلك معارضًا لخطاب حملته”.

وأشار هوف إلى أنه كلما تأخر المسؤولون الأمريكيون في شن الهجوم على الرقة، كلما سنحت الفرصة لقيادة داعش لشن المزيد من الهجمات ضد الغرب.

وأضاف “الرقة هي المكان الذي خططت فيه العمليات التي ضربت باريس وبروكسل وأجزاء مختلفة من تركيا”.

لكن حتى لو قررت الولايات المتحدة دعم هجوم القوات السورية الديمقراطية على الرقة، يمكن أن يقوم النزاع مع تركيا بعرقلة الهجوم فقد حاولت القوات التركية وحلفاؤها السوريون التقدم باتجاه بلدة منبج بغرب الرقة مؤخرًا، كخطوة تالية في حملتهم لدفع القوات الكردية بعيدًا عن حدودهم.

وحذّر مسؤولو التحالف الذي يقوده الأكراد من أنهم قد يحتاجون إلى نقل القوات بعيدًا عن الرقة إذا تصاعدت التوترات مع أنقرة.

وقالت “إلهام أحمد”، إحدى رؤساء الجناح السياسي للقوات الديمقراطية السورية: “إن الوضع أصبح معقدًا للغاية، ونحن على وشك حرب شرسة وما زلنا نتلقى دعمًا من أمريكا، لكن إذا استمرت الهجمات التركية فلن نتمكن من تركيز جهودنا على الرقة”.

كما أدت معركة القوات التي قادتها كردستان مع تركيا إلى مواصلة التقارب المبدئي مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي وقت سابق من هذا الشهر دعت هذه الجماعات الحكومة السورية للسيطرة على عدة قرى بالقرب من خط المواجهة مع تركيا وربما يكون هدف ذلك هو استخدام وجود الحكومة السورية كحاجز ضد التقدم التركي.

وعلى الجانب الآخر من خطوط المعركة السورية، يستعد “أبو وليد” قائد كتائب سلطان مراد المدعومة من تركيا للحرب المقبلة مع القوات الكردية، وهو يتكلم عن الموقف التاريخي الذي اتخذته تركيا لصالح الانتفاضة السورية، قائلاً إنها “الحليف الوحيد الذي يقف مع الجيش السوري الحر”.

ويراقب أبو وليد السياسة الدولية، وهو يعلم أنها قد تعني الفرق بين النصر والهزيمة، لكن مع ذلك فإنه يعتقد أن قواته ستحارب في الرقة بغض النظر عن موافقة واشنطن، معترفًا أن الحرب ستكون أسهل بمساعدة الولايات المتحدة.

وفي إشارة للأيام التي تلقى فيها دعم الولايات المتحدة، قال: “كان لدينا فريق جيدًا جدًا هنا، وقد بقينا معًا، ولقد رأوا معاناة شعبنا هنا، ثم قالوا إنهم يريدون المغادرة وقلنا ما من مشكلة، وغادروا وكان هناك فريق جديد لكنه لم ينضم إلينا للأسف بل انضموا إلى حزب العمال الكردستاني”.

ارم نيوز