الأكراد السوريون المعادلة الروسية الجديدة للأمن الأقليمي

الأكراد السوريون المعادلة الروسية الجديدة للأمن الأقليمي

أخبار سورية

السبت، ٢٥ مارس ٢٠١٧

لا يخفى على أحد التعقيد البالغ في مجريات المشهد الأزموي السوري وكثرة الأطراف الفاعلة واختلاف أجنداتها ومشاريعها في المنطقة والتي كانت روسيا أحد أهم أطراف الحل والاحتواء فيها بحيث لعبت دور الجامع للفرقاء من خلال المؤتمرات والاجتماعات الدولية التي قامت على جهود دبلوماسية روسية جبارة محاولة دفع عجلة الحل السياسي وإنهاء الحرب في سورية والذي شكل مسار (أستانا) أحد أهم هذه المسارات التي جمعت كل من إيران وتركيا كطرفين متناقضين وفاعلين بشكل مباشر في الأزمة السورية وذلك في إطار محادثات ذات طابع عسكري-أمني يهدف إلى وقف إطلاق النار ومحاربة الإرهاب استناداً إلى القرار الدولي 2268.

ولكن هذا الحتواء لم يكن كافياً لإطلاق حل سياسي فعال بسبب جملة من العوائق:

أولها: اعتراض تركيا والفصائل التابعة لها على تواجد قوات حزب الله والقوات المشابهة له شمالاً، تحت ذريعة طائفية.

وثانيها: زيادة التواجد الأمريكي شرقاً في سورية بذريعة محاربة الإرهاب.

وثالثها: جبهة الجنوب المسؤولة عنها غرفة الموك في الأردن، والتي تم تداركها بدعوة الأردن للمشاركة بمؤتمر (الاستانا) بعد فشل جبهة الجنوب بتحقيق أهدافها.

بالتالي يبقى أمام روسيا عائقين أساسين يجب تداركهما، فهي بحاجة إلى مكون آخر غير المكونات الشيعية في الشمال لسببين: الحاجة لعدد من المقاتلين المدربين لاستمرار محاربة الإرهاب، وأيضاً لتحويل إيران من طرف في الأزمة السورية إلى طرف في الحل ولتكريس تواجدها الإيجابي في الملف السوري، عبر سد الذرائع أمام خصومها، خاصة مع الخوف من المحاولة الأمريكية لتحويل سورية لساحة مواجهة مع إيران بالوكالة، مما سيطيح بأي مبادرة للحل السياسي للأزمة السورية.

والعائق الثاني الحاجة إلى احتواء النفوذ والتواجد الأمريكي الآخذ بالازدياد في سورية واحتمالية تحول هذا الوجود من وجود مؤقت إلى وجود دائم يكرس مناطق النفوذ في المنطقة، جملة هذه المتغيرات وجهت أنظار القيادة الروسية باتجاه الكرد، آخذين بالاعتبار أن الكرد مواطنين سوريين وليس هناك ما يعيق قيام روسيا بتدريبهم، والخبراء الروس بموجب الاتفاق مع دمشق يدربون منذ زمن أفراد القوات المسلحة السورية، فسارعت روسيا إلى إرسال قواتها إلى عفرين أحد الكانتونات الكردية شمال غرب سورية بعد نشر القوات الروسية على أطرف منبج كعزل بين عملية (درع الفرات) والقوات الكردية، ووقعت إتفاقية مع الأكراد لتدريب القوات الكردية ورفع عدد المقاتلين من 60 ألف إلى 100 ألف مقاتل والتنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب، كعامل لتحقيق هذه الأهداف، والذي سيمكن القيادة الروسية من كسر احتكار النفوذ الأمريكي على الأكراد ومحاولة واشنطن تسخيرهم لتحقيق مصالها.

بالتزامن مع إطلاق التنسيق المشترك بين الروس والكرد في محاربة الإرهاب عوضاً عن القوات التي من الممكن أن ستنسحب من الشمال، إضافة إلى أن الكرد سيشكلون عامل ردع لأي محاولة تفلت من النظام التركي بالتزاماته الأقليمية والدولية، وضبط فعال للأطماع التركية على الأرض بعد انخفاض أعداد المقاتلين مع الجيش السوري في الشمال ليملؤوا الكرد الفراغ فيما بعد والذي بدوره وعن طريق الأثر التراكمي سيبني جسور الثقة بين الكرد والحكومة السورية والذي بدأت بوادره بتسليم شريط القرى في غرب منبج للجيش السوري للفصل بينهم وبين (درع الفرات) ويؤسس لمصالحة جيوسياسية بين دمشق والكرد ضد تركيا المعتدية على الأراضي السورية، ولا ننسى إمكانية أن يستغل الروس تنسيقهم مع الأكراد من أجل دعمهم في تحرير الرقة ماسيشكل الخطوة الأولى في إيجاد آلية تنسيق أمريكية-روسية مشتركة للحرب على الإرهاب والتي ستكون شرارتها تنسيق الطيران تلافياً لأي حوادث ممكنة وتنسيق بنك أهداف مشترك لزيادة فاعلية الضربات الجوية بين الطرفين.

وبالطبع يبقى التساؤول حول مستقبل المكون الكردي في سورية قائماً، بعد كل هذه الأهمية الممنوحة للدور الكردي في المنطقة والتوظيف الفعال لهم، حيث من المؤكد بعد تحول الكرد إلى طرف مهم في معادلة الأمن الأقليمي سيكافؤون بإدارة مركزية لمناطقهم وباستقلال نسبي في شؤونهم، وسيكون تصالحياً مع دمشق بسبب ماسيشكلونه من كيان حاجز ومانع في وجه أي محاولة تمدد تركي باتجاه سورية دون السماح لهم بوصل كانتوناتهم من شرق سورية إلى غربها خوفاً من محاولات انفصالية قد تخل في التوازن وتغير المعادلة في المنطقة