هل تحدّد معركة الرقة مصير باقي الأراضي السورية؟

هل تحدّد معركة الرقة مصير باقي الأراضي السورية؟

أخبار سورية

الأحد، ٢٦ مارس ٢٠١٧

إن “القوات العسكرية الأمريكية ستبقى في العراق لفترة أطول لتقديم الدعم والإسناد للجيش العراقي، كما أن المعركة ضد داعش ستكون طويلة..نخطط لمعركة الرقة والخطة قيد الإعداد”. وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس.

في الـــ 24 من مارس 2017 أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان، Jean-Yves Le Drian، لمحطة ” سي نيوز،CNews” التلفزيونية أن “فرنسا قالت دائما إن الرّقة هدف رئيسي”، موضحا أنه ” يمكن اليوم الحديث عن أن الرّقة محاصرة وأن المعركة هناك ستبدأ في الأيام المقبلة”.

لو دريان أضاف أن معركة الرّقة “ستكون صعبة جدا ولكنها ستكون ذات أهمية قصوى”. كما توقّع وزير الدفاع الفرنسي استعادة مدينة الموصل العراقية السيطرة بالكامل على المدينة “في الأسابيع المقبلة”.

وزارة الدفاع الأمريكية كانت قد ذكرت في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش”، قام للمرّة الأولى “بنقل القوات البرّية المحلّية خلف خطوط العدو بالقرب من بلدة الطبقة التي يسيطر عليها تنظيم “داعش” شمال سوريا ممّا فتح جبهة جديدة في حملة لاستعادة الرّقة.

تصريحات جان ايف لودريان تأتي غداة اجتماع للتحالف الدولي ل”هزيمة تنظيم داعش” في واشنطن. اجتماع حضره ممثلون عن 68 دولة منضوية في هذا التحالف تعهّدوا “بالقضاء على لتهديد العالمي”، من خلال محاربة تنظيم “داعش” في سوريا والعراق ودعم ليبيا وأفغانستان والعمل على قطع تمويلات التنظيم والتنسيق المحكم بين وكالات الاستخبارات فضلا عن تكثيف حملات القصف والغارات على قادة التنظيم بالطائرات دون طيار، Drones، في جميع الأماكن التي يشكلون فيها خطرا.

وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، Rex Tillerson، أكّد من جانبه في مستهلّ ذلك الاجتماع، أن مقتل البغدادي ليس إلاّ “مسألة وقت”. وأضاف تيلرسون أن” معاوني أبو بكر البغدادي، بمن فيهم العقل المدبّر لاعتداءات بروكسل وباريس، قد قتلوا كلّهم تقريبا. وأن البغدادي سيلقى المصير نفسه”.

كما سعى وزير الخارجية الأمريكي خلال الاجتماع إلى “طمأنة حلفاء بلاده القلقين من سياسة الإدارة الجديدة في الشرق الأوسط”، متعهّدا بـ”هزيمة تنظيم داعش”، الهدف الأول للولايات المتحدة في المنطقة”، حسب تعبيره.

يذكر أنّ فرنسا أعربت على لسان وزير خارجيتها جان-مارك ايرولت، Jean-Marc Ayrault، عن انتظارها “الولايات المتحدة حتى تحدّد موقفها من الوضع في سوريا وتحديدا من سيسيطر عسكريا على الرّقة، معقل التنظيم في سوريا، وكيف ستحكم هذه المدينة بعد دحر الجهاديين منها”! ايرولت قال تحديدا إنه يشعر “أن هناك صعوبة في التحكيم”. وأعرب عن أمله” ألاّ يستغرق الجواب وقتا طويلا لأن الوضع ملحّ”!

مسألة في غاية التعقيد ولا تتعلق فقط بالرّقة، بل بعموم الأراضي السورية التي سيتم تحريرها من قبضة الإرهابيين، وما إذا كانت ستعتبر “مناطق استقرار مؤقتة”، أم ستخضع لـ”حكم ذاتي” أم ستعود لسيطرة الحكومة السورية؟

تيلرسون الذي كان تحدّث بإبهام عمّا سمّاه “مناطق استقرار مؤقتة بفضل اتفاقات لوقف إطلاق النار من شأنها أن تتيح عودة اللاجئين إلى بلدهم”، أكّد، بشكل قطعي، أنّ “التحالف لا شأن له ببناء وطن أو بإعادة اعمار! ” متى كان هدف التحالف والعسكريون أمريكيون وغيرهم بناء أوطان أو اعمارها؟ إفشال الدول وتحويلها إلى بنانتيتونات لأمراء الحروب الذريعة المثلى، بعد أن سقطت بقية الحجج الملفّقة والزائفة، لتدخلّ عسكري جاء لدحر تنظيم داعش ثم وجد له عناوين أخرى للبقاء في العراق وفي سوريا بعد داعش!! السؤال الجوهري، الذي كررناه حتى شطّ المذاق، هو ما مصلحة هذا التحالف الدولي في دحر هذا الأخطبوط الذي أسدي ويسدي الخدمات ورسم ويرسم منذ تخليقه وإخراجه من قمقمه خرائط كان تحدث عنه مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، Bernard Bajolet، و مدير الأستخبارات الأمريكية، الـ «سي آي ايه، CIA» جون برينان، John Brennan، بتصريح، لا مواربة فيه، مفاده أنّ: « الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة»، وأنّ دولا مثل سوريا والعراق، ”لن تستعيد أبداً حدودها السابقة“! مشدّدين على إضافة لا تقلّ دلالة ولا خطورة عن نعيهما لدولتين محوريتين، وهي أنّ المنطقة”لن تستعيد شعوبها أيضاً“؟؟! أ لسنا ننفى من الجغرافيا بعد أن أُفردنا كالعير المعبّدة من التاريخ؟؟!!

يُمأسس هذا الخراب القومي ويُمنهج، وعلى مراحل في حين ينشغل الجميع بالتوازنات العسكرية حيث قرّر أباطرة العالم ألاّ يهزم أحد، وألاّ ينتصر أحد، رغم النزيف سوريا كان أم عراقيا أم ليبيا، وفي قاعات مفاوضات طحن الماء!

ثمة أيضا قناعة صهيونية بأنّه لا مجال لعودة، ما يسمّى، ”سوريّة القديمة“ وأنّ أيّ”محاولة روسية- إيرانية في هذا الاتجاه ستكون عقيمة“، وعليه يعتبر عسكريوها ورجالات استخباراتها وبحّاثتها، أنّ ”الفرصة الوحيدة لإعادة الهدوء هي إقامة كيانات إثنية-ديموغرافية ذات طابع كونفيدرالي“، وأيّ شيء آخر هو “استمرار للحرب إلى ما لا نهاية”! فهمتم الآن لماذا أريد لها أن تكون أزمة مستدامة؟ متأخر جدا للأسف!

يبقى مصير باقي الأراضي السورية كما الأزمة في اليمن وليبيا والعراق وسوريا يلفهم غموض تقاطع واختلاف وتعارض أجندات الأمم التي تتصارع على “رقعة شطرننجنا” دون اكتراث لما آلت إليه الأمور إنسانيا وحضاريا! أو أن نعي أخيرا ما يُحاك ويُدبّر لهذه الأمة الثكلى.. فنضجّ بشكل صحيح!!