تحدياً لأزمة المواصلات.. والانتظار المرير ..«بدي صيـر بسـكليتاتي.. وألغي الميكـرو من حيـاتي»

تحدياً لأزمة المواصلات.. والانتظار المرير ..«بدي صيـر بسـكليتاتي.. وألغي الميكـرو من حيـاتي»

أخبار سورية

الاثنين، ٢٧ مارس ٢٠١٧

إلهام العطار

بعد المناقشات التي استمرت أشهراً وأكثر، تعالت خلالها الأصوات وتضاربت الآراء، تمكنت ندى وهي الطالبة في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية من إقناع والديها لشراء دراجة هوائية لها، تذهب بها من منزلها في جرمانا إلى الكلية، تقول ندى: وسائل النقل وأزمة المواصلات استهلكت معظم وقتي، وجعلتني عصبية دائماً ومتأخرة عن محاضراتي، وفي فترات الامتحانات العملية والنظرية كنت أصاب بفوبيا ويسيطر علي القلق كلما راودتني فكرة الذهاب إلى الكلية، وبقيت هكذا حتى بدأت زميلاتي من مناطق مختلفة باستخدام هذه الوسيلة للتنقل، عندها أيقنت أن هذا هو الحل وبدأت العمل على تطبيق الخطوة الأولى منه وهي إقناع والدي بها.
ندى ليست الطالبة أو الفتاة الوحيدة التي تحدت تقاليد المجتمع وارتاحت من هم الركض وراء الميكرو باص والخروج قبل الوقت بساعتين أو أكثر، وباتت تتنقل على الدراجة الهوائية، فهناك الكثير من الطلبة ذكوراً وإناثاً اتفقوا معها في الرأي ووجدوا أن الدراجة وسيلة نقل خفيفة ونظيفة، ومنهم أحمد الطالب في المعهد التجاري الذي نادى بتعميم الفكرة لتنتقل من ظاهرة كما يحب البعض تسميتها إلى حقيقة على أرض الواقع، طالباً من الجهات المختصة والمعنية تخصيص مواقف ومسارب خاصة للدراجات الهوائية.
بدورهم تساءل الطلبة في المعهد التقاني للعلوم المالية والمصرفية سناء وأشرف ونهاد الذين التقيناهم وهم يترجلون عن دراجاتهم ليركنوها أمام باب المعهد: كيف أنهم لم يقتنوا وسيلة النقل هذه منذ سنة أو سنتين، صحيح أن أسعارها ارتفعت في الآونة الأخيرة وباتت تجارة رائجة ورابحة، ولكن تبقى أقل تكلفة من وسائل المواصلات الأخرى التي أصبحت تستهلك مصروف الموظف أو الطالب ولاسيما ممن هم خارج العاصمة.
في كل مرة وأمام كل أزمة يفاجئنا الشارع باختراعه مقولات تخفف عنه وطأة الحرب وظروفها القاسية، ومنها مقولة «بدي صير بسكليتاتي.. والغي الميكرو من حياتي» التي لم تنتشر في أوساط الطلبة فقط، بل أخذت حيزاً عند المحاضرين الذين قام عدد منهم بتوقيف سيارته، واستبدالها بالدراجة الهوائية، فكما نوه أحدهم بأن القضية لا تساهم في تخفيف الضغط النفسي من جراء الازدحام المروري في شوارع العاصمة لأسباب متعددة فحسب، بل فيها أيضاً توفير في استهلاك الوقود والوقوف أمام الكازية ساعات طوال أي أنها توفر الوقت والمال في آن معاً.
الأربعينية ابتسام والموظفة في التأمينات الاجتماعية قالت: عندما بدأت باستخدام الدراجة الهوائية للوصول إلى مكان عملي، كنت أسمع تعليقات مزعجة وترمقني نظرات غريبة، لكن رغم ذلك صممت خوض التجربة نظراً للضيق الشديد الذي كان ينتابني من جراء غيابي المتكرر كل صباح عن دوامي، وتضيف: حتى زملائي وزميلاتي كانوا يتغامزون ويتهامسون، لكن تدريجياً وخلال أزمة المواصلات التي نعانيها اليوم شجعوا أنفسهم وباتوا من مستخدمي الدراجات الهوائية.
الباحثة الاجتماعية نسرين حسن لم تنفِ أن مسألة استخدام الدراجة الهوائية للفتيات أو للموظفين، لا تخل من رفض وامتعاض، لكنه رفض يزول مع الوقت ومن خلال تصميم أفراد المجتمع بكل فئاتهم وشرائحهم على رفض التقاليد البالية، والأفكار المشوهة التي يمكن أن تقف أمام اختراعاتهم، وأفكارهم التي تساعدهم وتمكنهم من تجاوز مصاعب وظروف الأزمة التي نمر فيها، ومن ضمنها أزمة المواصلات، أضف إلى ذلك وهو أمر مهم جداً أن المجتمع يرفض ذلك ليس لسبب أخلاقي أو ديني، بل لأنه لم يعتد على رؤية فتاة تقود دراجة هوائية من قبل، أو مدرس أو محام أو طالب جامعي، ولذلك نقول: إن التعود والتكرار والثقة بالنفس والحملات أو المبادرات المجتمعية على مواقع التواصل الاجتماعي، عوامل ستجعل المجتمع ينظر إلى الموضوع بنظرة إيجابية ومن ثم يكرسها ويعمل على تشجيعها، لتختم بالقول: إذا ما ابتعدنا عما تحققه الدراجات الهوائية كما ذكر الناس من توفير للوقت والمال.