المناهـج التربوية تعقيد أم تعجيز أم… ؟!..الموجهون الاختصاصيون: لا توجد صعوبة بالنسبة لمنهاج الرياضيات

المناهـج التربوية تعقيد أم تعجيز أم… ؟!..الموجهون الاختصاصيون: لا توجد صعوبة بالنسبة لمنهاج الرياضيات

أخبار سورية

السبت، ١٥ أبريل ٢٠١٧

 عائدة ديوب

صعوبات… تعقيد… وتعجيز… وحشو كلام في مناهجنا الدراسيّة والتربوية لجميع المراحل التعليمية، والتغيير السنوي في المناهج التعليمية حيث تحوّل الطلاب والمدرسون وحتى الموجهون الاختصاصيون إلى حقل للتجارب… أبناؤنا الطلاب حتى المتفوقون منهم يواجهون صعوبات كبيرة أمام تلك المناهج وكثافة المناهج العلمية الجديدة اليوم بالنسبة لجميع المراحل التعليمية الأساسي والثانوي نتيجة صعوبتها وتعقيدها… وما على الأهل «المساكين» إلا إعطاء الدروس الخصوصية لأبنائهم، وإلحاقهم بالمدارس والمعاهد الخاصة، ما شكّل عبئاً وضغطاً مادياً ونفسياً ومعنوياً إضافياً على الأهل والطلاب معاً بالرغم الظروف المعيشية الصعبة والضيقة على الجميع.. فما هو السر الكامن وراء ذلك، أهو تعقيد في المناهج أم تعجيز أم…؟!!
وما هو السبب الذي يجعل وزارة التربية تحول أبناءنا الطلاب إلى حقل للتجارب…؟!!
«تشرين» أجرت لقاءات صحفية مع الأهل والطلاب والمدرسين والموجهين الاختصاصيين ومديرية التربية، واستمزجت آراؤهم حول المناهج وصعوبتها… والجديد فيها.

الأجيال
الآنسة لميس حسن– معلمة صف قالت: أنشأت المناهج القديمة جيلاً من المثقفين والعباقرة والعلماء وهؤلاء بنوا سورية الحديثة، ووصلوا إلى أعلى الشهادات في التعليم العالي، وتساءلت المدرسة لميس عن أسباب الحداثة والتغير الدائمين في مناهجنا التربوية في كل عام، وأين ستصلون بأولادنا ومستقبلهم؟ وتتساءل: هل تحول أولادنا جيل المستقبل إلى حقول لتجارب وزارة التربية؟ تضيف.. أصبح أبناؤنا في الشوارع والحدائق وفي المقاهي وعلى وسائل الاتصال الحديثة يقضون يومهم.
المعلمة عائدة إبراهيم قالت: يوجد تعقيد وصعوبة كبيران في مناهجنا التعليمية، فأبناؤنا الطلاب، حتى المتفوقون منهم يواجهون صعوبة كبيرة أمام تلك المناهج وكثافتها وتعقيدها… وما على الأهل إلا إعطاء الدروس الخصوصية لأبنائهم… وهذا يشكل عبئاً مادياً ومعنوياً كبيراً على الأهل رغم الظروف المعيشية الصعبة والقاسية التي يعيشها المواطنون هذه الأيام.
الطالبة زينب حسن – بكلوريا علمي– قالت: إن منهاج الرياضيات صعب وضخم ويحمل صعوبة وتعقيداً للطالب، وتأتي صعوبته من كثرة التمارين المضافة إليه، فكل وحدة في منهاج الرياضات يوجد عليها أكثر من عشرين تمريناً، هذا غير التطبيقات المباشرة على كلّ قاعدة على حداة… فبعض القواعد عليها أكثر من صفحتين من التمارين…
الطالب علي محمّد – طالب ثاني ثانوي علمي- قال: نحتاج عامين دراسيين كاملين كي ينتهي منهاج الرياضيات.
تلقين
الأستاذ رمضان عيسى موجه فيزياء وكيمياء في طرطوس قال: بالنسبة لمنهاج الفيزياء لا توجد أيّ صعوبة، إنما المشكلة في عدم اهتمام الطلاب في الصف العاشر والحادي العاشر ما يؤدي إلى وجود صعوبة في الصف الثالث الثانوي.
أضاف عيسى: تقوم وزارة التربية –حالياً- بتطوير المناهج لمادتي الفيزياء والكيمياء للصفوف الأوّل والرابع والسابع والعاشر، وستطبق في العام القادم وتركز على التعلم الذاتي والابتعاد عن التلقين و الحفظ.
الأستاذ علي شحود، مشارك في وضع مناهج الفيزياء في الوزارة قال: المنهاج جيد بشكل عام من حيث المحتوى المعرفي والعلمي لكن تطبيقه يعتمد على التذكر والحفظ في معظم الأحيان حيث يعتمد المدّرس على التلقين بالرغم من الجهود الحثيثة للوزارة مدة سنوات من خلال إقامة دورات للمدرسين وندوات على الفضائية التربوية للانتقال بالمدرس من طرائق التدريس المباشر إلى تطبيق استراتيجيات التعلم النشيط وطرائقه، وتقوم الوزارة حالياً، عبر المركز الوطني لتطوير المناهج، بوضع مناهج معدلة وجديدة تعتمد على الأنشطة وتركز على مهارات التفكير العلمي للطالب وفق معايير وخطة واضحة.
معقدة
حسين إبراهيم أستاذ رياضيات لمرحلة التعليم الأساسي والثانوي قال: المناهج الجديدة معقدة… وكلّ عام يوجد فيها شيء جديد نتيجة التغييرات والتعديلات عليها…  وتساءل المدّرس إبراهيم: ما المبرر من تعديله أو تغييره كلّ عام…؟!! ما شكّل عبئاً ثقيلا على الأهالي والطلاب معاً… إضافة إلى كثرة التمارين التي يزيد عددها على /40/ تمريناً لكل درس في منهاج الحادي عشر…  أضاف إبراهيم: علماً أن الوزارة عندما تقوم بتعديل المنهاج وقبل تعميمه على مديريات التربية في المحافظات تضعه بين أيدي الطلاب والتلاميذ  كمرحلة تجريبية في ثلاث محافظات لاختبار وجود أيّ حالة خلل في المناهج من قبل المدرسين الذين يقومون بتدريسه، من أجل الأخذ بملاحظات الأساتذة عند اعتماده بشكل نهائي للسنة التالية.
كثرة
المدرس نضال تفاحة موجّه اختصاصي لمادة الرياضيات في طرطوس بين أن إيجابيات المنهاج الجديدة في كثرة تمارينه التي تمّ تصنيفها بحيث يكتفى بحل جميع المسائل التي تحمل رسائل جديدة ويترك بعضها للطالب ليتدرب عليها كبديل حقيقي للدروس الخصوصية وليس عبئا على الطالب.
وقد تمّ تعميم هذا التصنيف في دورات المناهج التي تمّت في الأسابيع الماضية.  أضاف تفاحة: فيما يتعلق بمنهاج الرياضيات للصّفّ الثالث العلمي وما ينسب إليه من تعقيد وصعوبة وضخامة أقول: لا توجد صعوبة بالنسبة لمنهاج الرياضيات للصّفّ الثالث الثانوي العلمي، وما ينسب إليه من تعقيد وصعوبة وضخامة يعود إلى غزارة المعلومات فيه، وأكد تفاحة أنه لا توجد صعوبة ولا تعقيد في مناهج الرياضيات وهي تهمة باطلة تعود إلى أن البعض لا يناسبهم تطوير ذاتهم…؟!!
أضاف: بالنسبة للضخامة أعتقد أن المقصود بها كثرة التمارين منها المحلولة، المتشابه، وبعضها يحمل رسائل تعليمية، ومن إيجابيات المنهاج الجديد أنها تساعد في اعتماد الطالب على الاعتماد على نفسه، مع عدم اضطراره لأخذ الدروس الخصوصية.
ورداً على سؤالنا فيما إذا كان هناك وقت كافٍ لحل هذه التمارين في المدرسة؟!! أضاف تفاحة: بالطبع يوجد وقت كافٍ حسب خطة توزيع الدروس والوحدات على مدار العام الدّراسي والآن أشرف أنا وزملائي في مدارسهم على الانتهاء من مخصصات الفصل الدّراسي الثّاني لكن توجد مشكلة تواجهنا ألا وهي هروب طلابنا من مدارسهم قبل الأوان. وجواباً عن سؤالنا عن أسباب انقطاع طلاب الشهادتين الثالث الثانوي والتاسع عن مدرستهم قبل الانتهاء من المنهاج، والاستعاضة عن المدرسة بالساعات الخصوصية…
ألا توجد مشكلة لدى المدرسين في مدارسنا وعند الأهالي أيضاً…؟!!
أكد موجه الرياضيات أن الأسباب كثيرة أحدها «العادة» هكذا فعل فلان وحصل على علامات عالية إضافة إلى حماس ودعم الأهل والتقليد وإلى وجود أسباب أخرى كثيرة تتعلق «كما اعتقد» بنظام الامتحانات وارتفاع معدلات القبول الجامعي. ولا علاقة للمدرسين في المرحلة الثانوية بهذه الظاهرة السلبية ولا ذنب لهم…؟!!
وقت
الأستاذ عبد الله ياسين مدّرس رياضيات أكد أنه لا يوجد تعقيد في المنهاج، وتكمن المشكلة في غزارة المعلومات العلمية، وضخامة المعلومات الموجودة في كلّ وحدة، وهذا يتطلب جهداً ووقتاً أكبر، أضاف، ومن جهة أخرى الدّراسة النظرية محدودة الفهم وينبغي على الطالب أن يفكر ملياً ليغطي جميع جوانب هذه الدّراسة «الفكرة» وعند حل التمارين هناك فكرة محدودة مطلوب إيجادها أو حلّ التمرين بها، لكن وراء هذه الفكرة تكمن عدة مهارات عقلية وحسابية تؤدي إليها الأمر يساعد الطالب على تكوين مخزون علمي لا بأس به.
أشار المدّرس ياسين إلى ضرورة أن يبتعد المدّرس عن التقليد والمعلومة السطحية، وهنا يساعد في تكوين أو تأسيس جيل علمي ناجح علمياً يساعد في قراءة الرياضيات بشكل علمي وممنهج، وهذا ما تطمح له الوزارة من جهة، وتساعد على ردم الهوة بين مناهج الثانوي والمناهج الجامعية من جهة أخرى.. وأكد المدّرس ياسين«أنا لا أدافع» عن المناهج لكن هذه الحقيقة أو بالأحرى وجهة نظري، ونلاحظ من خلال تدريسنا للطلاب تدني مستوى التفكير العلمي والعقلي في الرياضيات عند أبناء هذا الجيل، صحيح أن هذه الحلول جاءت متأخرة أيّ يجب أن تكون بدأت من المراحل الدراسيّة الأولى، لكنها نوعاً ما تساهم في تطوير هذا التفكير العلمي والعقلي… واقترح المدّرس ياسين على مدرسي الرياضيات التحضر الجيد للدّرس الذي يقوم بإعطائه لطلابه وضرورة أن يتبع أسلوب المنافسة والحوار في إعطاء هذا المنهاج كي نخفف من معاناة طلابنا… وقال لا أشك في وجدان المدرس لكن يجب أن نغير في طريقة التفكير أو رمي اللوم على المدرس أو الطالب في آن واحد… وأشار المدرس عبد الله إلى نقطة مهمة جداً أن المنهاج الجديد يحتاج وقتاً أكثر وليس على حساب بقية المواد وهنا تكمن المشكلة.
جيدة
الآنسة سمر سليمان منسق مادة اللغة الفرنسية في التربية أكدت أن مناهج اللغة الفرنسية جيدة وتهدف إلى إكساب الطالب مهارات تواصلية، وهي خاضعة للتطوير والدّراسة دائماً بإشراف مركز تطوير المناهج التربوية في الوزارة، تضيف: هناك تواصل مستمر بيننا وبين التوجيه الأوّل للمادة بخصوص بعض الثغرات التي لا تصل لمستوى مشكلة في المناهج.. وفيما يخص المشاركة في تأليف أو تعديل المناهج هذا شأن وزاري، والموجهون الأوائل للمادة هم المعنيون بذلك.
حواري تواصلي
الموجّه الاختصاصي لمادة اللغة الإنكليزية عبد الكريم محفوض قال: بلا شك أن منهاج اللغة الإنكليزية الحديث يعتمد على طرق حديثة في تقديمها ، فمناهجنا الآن يتم تدريسها وفقاً للأسلوب الحواري – التواصلي، ولفت محفوض إلى أن هذه الطريقة تمكن هذا الجيل من استخدام اللغة الانكليزية في مواقف الحياة اليومية، وما يؤكد الأمر هو الجولات التي نقوم بها إلى مدارسنا، في الوقت الذي كانت المناهج القديمة تعتمد مذهبا تعليمياً آخر يعتمد على التلقين والحفظ، وكان المنهاج يرتكز على تقديم القواعد مربوطاً بالترجمة، فيخرج الطالب إلى الحياة الواقعية غير قادر على التحدث، علماً أنه يملك رصيداً من القواعد والمفردات الكثيرة لكن لا يستطيع نقلها إلى الواقع والحديث بها… وعن منهاج الثالث الثانوي فهو منهاج جيد ويعتمد على الطرق الحديثة في تقديمه وتعليمه للطالب.
مركزي
مكتب صحيفة «تشرين» خاطب مديرية التربية – لمعرفة رأيها في صعوبة المناهج التربوية والتعقيدات فيها، ومعاناة طلابنا لتأتي الإجابة بأن موضوع المناهج التربوية وتطويرها موضوع مركزي على مستوى الوزارة، يضيف الرد: هناك مركز يُعنى بهذا الشأن هو «المركز الوطني لتطوير المناهج» ويوضح الرد أن المناهج التربوية توضع وفق أسس ومعايير يشارك في وضعها خبراء تربويون على المستوى الوطني ويستفاد من الخبرات العالمية في مجال تطوير المناهج التربوية. وبخصوص مادة الرياضيات للصّفين الثّاني والثالث الثانوي العلمي، فالشكوى من ضخامة المنهاج، وليس من المحتوى العلمي مع ملاحظة أن الضخامة جاءت من كثرة التدريبات التي لا يُلزم بحلها كلها وهي مصدر غنى وإثراء للمنهاج، ورداً على سؤالنا فيما إذا كان موجهو طرطوس يشاركون في وضع المناهج أكد جواب التربية أن بعض الموجهين يشاركون في وضع المناهج وتقويمها في أغلب المواد وقد شارك موجهو مادة الرياضيات في تقويم منهاج الثالث الثانوي العلمي. أضاف الرد: قمنا بتنفيذ دورات على كل المناهج في الفصل الأوّل واستمرت مدة ستة أيام، كما أقيمت ورشات عمل حول منهاج الرياضيات للثالث الثانوي ونوقشت كلّ المسائل المتعلقة بالمناهج بإشراف التوجيه الأوّل للرياضيات في الوزارة، ورداً على سؤالنا بخصوص الحقيبة المدرسيّة وثقلها الكبير على حاملها الطالب  أكد رد التربية أنه تمّ توجيه إدارات المدارس إلى ضرورة الاهتمام بهذا الأمر والطلب من المعلمين توعية التلاميذ عدم اصطحاب كلّ الكتب والدفاتر والتقيد بالبرنامج المدرسي، وهنا نحبّ أن نشير إلى ضرورة تعاون الأهل والاهتمام بأبنائهم ولاسيما في الحلقة الأولى بحيث تتناسب الحقيبة والعمر للتلاميذ.  ويؤكد رد التربية أن المناهج التربوية المتطورة تركز على المتعلم وتواكب التطورات المعاصرة في عالم التربية والتكنولوجيا.