أسعار الخضر والفواكه فوق قدرة الأسرة وتضعها أمام خيارات صعبة .. مواطنون : هل يريدون منـا أن نمتنع عن الطعام والشراب

أسعار الخضر والفواكه فوق قدرة الأسرة وتضعها أمام خيارات صعبة .. مواطنون : هل يريدون منـا أن نمتنع عن الطعام والشراب

أخبار سورية

الأحد، ٣٠ أبريل ٢٠١٧

مادلين جليس
لم تعد سياسة التقشف، التي أجبر المواطن على اتباعها خلال سنوات الحرب العجاف للمواءمة بين راتبه القليل والغلاء الجنوني نافعة لتدبير أحواله وخاصة بعد ارتفاع غير مسبوق في أسعار الخضر الأساسية التي يصعب الاستغناء عنها كالبندورة والبطاطا وسط صمت المعنيين، فكيف تتعامل الأسرة مع هذا الغلاء الذي شطح مؤخراً بقفزات خيالية ليزيد واقعها المعيشي سوءاً؟
ارتفاع جنوني
«تشرين» جالت في أسواق دمشق ورصدت أسعار الخضر والفواكه، لتلحظ الفروقات الواضحة في هذه الأسعار بين سوق وآخر، مع وجود انخفاض محدود مع أسعار صالات ما يسمى التدخل الايجابي، التي تعرض السلعة ذاتها بأسعار أقل نسبياً من السوق من دون تحقيق غايتها في كسر الأسعار.
فقد وصل سعر الكيلو غرام الواحد من البندورة 600 ليرة في أسواق دمشق، أما البطاطا بـ400 ليرة وبيعت الكوسا لــ 300 ليرة، أما الفول فقد بيع بـ 350 ليرة، كما وصل سعر الخيار إلى 400 ليرة، والباذنجان 500 ليرة للكيلو الواحد.
ولا يختلف حال أسعار الفواكه عن الخضر، حيث تراوحت أسعار التفاح بين 400 والـ600 ليرة حسب نوعه، أما البرتقال فقد وصل إلى 300 ليرة، والفريز سجل 700 ليرة للكيلو الواحد، وانخفض سعر اللوز الأخضر ليصبح سعر الكيلو 600 ليرة.
يبلع الموس على الحدّين
غلاء أسعار السلع مؤخراً وخاصة الخضر اشتكت منه الأسر على اختلاف طبقاتها، لتطالب الجهات المعنية باتخاذ إجراءات فورية توقف تسوماني ارتفاع الأسعار الذي لا يتوافق مع دخولها الشهرية، وهنا تقول هالة ربة منزل: أقل طبخة أصبحت اليوم تكلّف ما يزيد على الألفي ليرة، وفي كل مرة نلغي من قائمة احتياجاتنا سلعاً بسبب ارتفاع سعرها، وإن كنا قد ألغينا سابقاً اللحوم والفواكه، فهل علينا اليوم أن نلغي الخضر أيضاً؟؟ لتضيف: إننا للأسف نُحارب في لقمة عيشنا، وقد سمعنا الكلام الكثير عن مراقبة الأسعار ومحاسبة للمخالفين ولكننا لم نرَ إلى اليوم أي عقوبة رادعة وجهت لمخالف، أو أي إجراء اتّخذ بحقّه.
والحال ذاته يتحدث عنه نادر المدرس فيقول: الكلام لم يعد يعنينا، إن لم نجد آلية من الحكومة توقف رفع الأسعار واستغلال الباعة والتجار للأزمة ولظروفنا، نحن الآن لا نطالب بمحاسبة المخالفين، إننا نطالبها بعدم رفع الأسعار أولاً، فإلى أي حد سنصل بعد كل هذه الارتفاعات، هل يريدوننا أن نمتنع عن الطعام والشراب؟ وإن استطعنا ذلك، فهل نجوّع أطفالنا ونحرمهم طعامهم، إننا باختصار كما يقول المثل «نبلع الموس على الحدين» فلا نستطيع مجاراة هذه الارتفاعات المستمرّة لجميع المواد والسلع، ولا نستطيع التوقّف عن شرائها.
تقاذف مسؤوليات
أمّا آراء الباعة والتّجار ففيها من التبريرات والحجج ما يكفي، وكل شخص يرمي بالمسؤولية على الطرف الآخر، من دون أن يعترف أحد منهم بأي ذنب أو مسؤولية.
أحد الباعة رفض الإفصاح عن اسمه قال: نحن نشتري الخضر أو الفواكه بأسعار مرتفعة ونبيعها بنسبة ربح قليلة جداً، لم يعد ربحنا كما السابق، ومع ذلك فنحن نُلام من المواطنين وكأننا سبب ارتفاع الأسعار.
بائع آخر قال: لا ذنب لنا في ارتفاع الأسعار، فمن الطبيعي أن يكون لنا هامش ربح مما نشتريه وإلا لما استفدنا من تجارتنا، حتّى نحن أصحاب المحال نعاني من ارتفاع الأسعار، ولا نرضى أن نخسر زبائننا أو نخسر في تجارتنا.
بينما أرجع معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب أسباب ارتفاع أسعار الخضر إلى أن الإنتاج المحلي في هذه الفترة ضعيف، لذلك ارتفعت أسعار بعض الخضر لكن الآن يتم طرح الخضر والفواكه الصيفية في الأسواق بشكل سيؤدي إلى انخفاض أسعارها في الفترات القادمة.
وأضاف شعيب: نتابع الأسعار بشكل دائم، ونتواجد يومياً في سوق الهال والأسواق الأخرى، ودورياتنا تنظم الضبوط بحق الباعة المخالفين، اعتماداً على نشرة أسعار تصدرها مديريات التموين، وأي مخالفة نلاحظها نقوم بمحاسبة صاحبها على الفور.
أين مركز رصد الأسواق؟.
طرح في عهد الحكومة السابقة إحداث مركز لرصد الأسواق ومراقبة الأسعار، للمساهمة في ضبط أسعار السلع والحد من ارتفاعاتها، فلماذا بقى الحديث عن هذا المركز كلاماً فقط من دون تنفيذ، ألا ينبغي أن يكون له دور فعال في الأسواق اليوم وخاصة في ظل الاستغلال الحاصل والارتفاع الكبير في معظم السلع؟
معاون وزير التجارة الداخلية بيّن أن العمل على إحداث مركز رصد الأسواق ومراقبة الأسعار لم يتوقف قائلاً: نعمل على تأسيسه حالياً، وأصبحنا في التحضير للمرحلة النهائية له، علماً أن هيئة المنافسة ومنع الاحتكار هي المكلّفة بمتابعة أموره وهي تقوم بذلك على الوجه الأكمل، بينما نحن نتابع الهيكلية التنظيمية للمركز.
لكن الأمر المستغرب هو عدم معرفة هيئة المنافسة ومنع الاحتكار بما أشار إليه معاون التجارة الداخلية، لدرجة تفاجئ مدير عام الهيئة أنور علي بأمر مركز الأسواق ودراسات الأسعار، ليقول: نحن في الهيئة لدينا دائرة رصد الأسواق، تقوم بالمتابعة الميدانية اليومية الأسبوعية، لمعرفة واقع السوق ومتابعة الأسعار، وتدرس توافر المادة، حجبها أو احتكارها من قبل البعض، ولا علاقة لنا بالأسعار أبداً.
ويضيف: مهمتنا تبدأ عندما نجد احتكاراً أو نقصاً في مادة ما، عند ذلك نبدأ بالتحقيق لنصل إلى الأسباب ونحاسب المتجاوزين، الآن ما يحدث هو زيادة الطلب على بعض المواد، والعرض قليل، وهذا ما يخلق نوعاً من عدم التوازن.