هل تقوم تركيا بمغامرة عسكرية في إدلب؟

هل تقوم تركيا بمغامرة عسكرية في إدلب؟

أخبار سورية

السبت، ١٣ مايو ٢٠١٧

عبد الله علي
عاشت محافظة إدلب، الأسبوع الماضي، على وقع الأنباء التي تحدثت عن قرب انطلاق عملية عسكرية تركية في إدلب بهدف تنفيذ اتفاق «أستانا» وطرد جبهة النصرة، لكن هذه الأنباء، علاوة على عدم توافر معطيات ميدانية تثبت صحتها حيث لم تشهد الحدود السورية التركية المحاذية لإدلب أي تحركات عسكرية تركية، تشير إلى تحضير واستعداد لها بالهجوم، فإن المستفيد الأول منها هو «هيئة تحرير الشام» التي تهيمن عليها جبهة النصرة والتي تسعى منذ توقيع اتفاق «المناطق الأربع» إلى إيجاد ذرائع مناسبة لتبرير قيامها بتوسيع نفوذها وتقوية انتشارها في إدلب على حساب الفصائل الأخرى.
يبدو الحديث عن العملية التركية في هذا التوقيت متناقضاً نوعاً ما مع الأجندة التي وضعها الاتفاق الموقع في أستانا بين روسيا وإيران وتركيا، ولا يمكن القول إن أي عملية تركية تنطلق الآن ستكون تطبيقاً للاتفاق قبل اكتمال التحضيرات الفنية والتقنية المنصوص عنها في بنوده، وعلى رأسها وضع خرائط المناطق الأربع وتحديد «الحزام الأمني» الذي من المفترض أن يحيط بكل منطقة، وكذلك اختيار القوات وتحديد جنسياتها وأعدادها، التي ستنتشر في نقاط التفتيش والمراقبة التي سيجري نشرها في الأحزمة الأمنية بموجب الاتفاق.
إضافة إلى ذلك، فإن إطلاق عملية عسكرية ضد جبهة النصرة، ليس بالأمر السهل، وتحول من دونه العديد من العقبات الشرعية والعسكرية، واستناداً إلى تجارب سابقة فإن مثل هذه العملية فيما لو صدقت الأنباء أنها ستستهدف «النصرة» فإنها بحاجة إلى تحضيرات تمتد لعدة أشهر من حيث حشد القوات اللازمة للقيام بالمهمة وتأمين تمويلها وتسليحها، والأهم من أجل إقناع الميليشيات أن قتال «النصرة» ليس فيه مخالفة شرعية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الموقف المعلن لكبرى الميليشيات المسلحة المتواجدة في إدلب، هو رفض قتال جبهة النصرة، بل ذهبت أبعد من ذلك في بيان صدر عن خمسة ميليشيات حول «اتفاق استانا» طالبت فيه بتشميل «النصرة» بوقف إطلاق النار، كما أن موقف ميليشيات إدلب من الاقتتال الذي حصل في الغوطة الشرقية ووقوفها ضد ميليشيا «جيش الإسلام»، يؤكد أنها ليست بوارد اتخاذ القرار بقتال «النصرة»، هذا علاوة على أن جميع الميليشيات المسلحة أعلنت رفضها لاتفاق أستانا وعدم الاعتراف بالمناطق الأربع.
سعت ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» إلى نفي أي ارتباط بين اقتحامها مقار ميليشيا «تجمع فاستقم كما أمرت»، الذي انضم إليها في آذار الماضي، في بابسقا بريف إدلب الشمالي، ومقررات اتفاق أستانا، لأن البعض اعتبر أن هذا الاقتحام يندرج في إطار التحضير لتطبيق الاتفاق وتوفير الأرضية للعملية العسكرية التركية المزعومة.
وفي بيان صادر عن المسؤول الإعلامي عمران محمد، شرحت «أحرار الشام» ملابسات أحداث بابسقا وأنها تعود إلى ما قبل اتفاق أستانا وتحديداً منذ شهر ونصف الشهر، عندما علمت الحركة بتواصل علاء برو شقيق قائد «تجمع فاستقم» مصطفى برو، مع «غرفة عمليات الموم» من دون إذن مسبق منها، بعد ذلك تفاجأت الحركة بأن علاء برو بعد اعتذاره عن خطئه طلب من القائد العسكري في «فيلق الشام» الرائد المنشق ياسر عبدالرحيم بتصوير مقار «التجمع» ومجموعاته بهدف إرسالها إلى غرفة الموم.
كما اشار البيان إلى أن من بين الأسباب هو قيام «التجمع» ببيع مستودع ذخيرة تابع له بمبلغ مليون دولار، دون أن يذكر الجهة التي اشترته، مع الإشارة إلى أن «التجمع» كان يتلقى تمويله وتسليحه حتى وقت قريب من الاستخبارات الأميركية، ويطرح مبلغ المليون دولار تساؤلات حول نوعية الذخيرة التي يجري الحديث عنها وما إذا كانت صواريخ مضادة للدروع من نوع «تاو».
وبدت إشارة البيان في سياق تبريره لاقتحام مقار التجمع، إلى حجم الخلاف بين «التجمع» و«هيئة تحرير الشام»، غريبة ومتناقضة، لأن المفترض أن «التجمع» أصبح جزءاً من الحركة، وبالتالي لا يستقيم الرضوخ لواقع الاختلاف مع الهيئة من أجل الضغط عليه للانتقال من أماكن انتشاره خشية تعرضه لهجوم من الأخيرة.
والمفارقة أن أحداث بابسقا، قادها قائد القطاع الغربي في حلب في «أحرار الشام» الفاروق أبو بكر، وهو نفسه الذي انتقد هجوم جبهة النصرة على مقار «التجمع» في أحياء حلب الشرقية، واحتضن قيادات «التجمع» لحمايتهم من غدر «النصرة» كما اسماه، لكنه اليوم يعتقل القائد العسكري نفسه في «التجمع» أبو الحسنين، علاء سقار، الذي اعتقل آنذاك من قبل «النصرة» وتم الافراج عنه بعد أسبوع.
من المرجح أن تكون تحركات «أحرار الشام» ضد «تجمع فاستقم» وقبل ذلك بعدة اسابيع، ضد «جيش الإسلام» في المنطقة نفسها، هو إجبار هذه الفصائل على الالتزام بانضمامها إليها وعدم اتخاذ هذا الانضمام مجرد وسيلة لحماية نفسها من جبهة النصرة، كما أن «أحرار الشام» على ما يبدو لا تثق بهذه الفصائل وطبيعة توجهاتها، وهي تريد ضمان أن تكون القوات المتواجدة في المناطق الحدودية مضبوطة وملتزمة بالأوامر خصوصاً في ظل الأجواء التصعيدية التي تحيط بمحافظة إدلب ووقوفها على مفترق طرق.