خطة طموحة لاستدراك حزمة ملاحظات جوهرية.. وزارة العدل تبدأ رحلة معالجات لتسريع إجراءات التقاضي.. والأتمتة ذراع فاعلة وفعّالة

خطة طموحة لاستدراك حزمة ملاحظات جوهرية.. وزارة العدل تبدأ رحلة معالجات لتسريع إجراءات التقاضي.. والأتمتة ذراع فاعلة وفعّالة

أخبار سورية

الأحد، ١٤ مايو ٢٠١٧

كاد بيت يوسف أن يذهب لولا سرعة التقاضي التي أعادت له بيته المسلوب، والقصة بدأت عندما عاد ذات ليلة إلى منزله، فوجد قفل الباب قد تغيّر، وما كان منه إلّا اللجوء إلى مخفر الميدان لتحضر دورية على الفور، وتضبط مبدئياً أن البيت يعود ليوسف، كما تثبت الوثائق مدعومة بالكشف الحسي، كون المفتاح معه، ويعرف أثاث منزله وغرفة نومه، ولاتزال ثيابه الداخلية معلّقة في الحمّام، ولكن الطامة الكبرى استدعاء الدورية على عجل، وتنفيذ الانسحاب فوراً، ومنع أي أحد من الدخول أو الاقتراب من الشقة الموما إليها بأمر قضائي ينتزعها  لصالح  أحد جيران يوسف.

ولم يكن أمام  يوسف سوى اللجوء  إلى القضاء، وهو يحمل مفاتيح وسندات بيته بحثاً عن  حقه الضائع ،  وفي أول لقاء لوزير العدل المستشار هشام الشعار  مع المواطنين استمع إلى قصة يوسف، واطلع على حيثيات القضية والوثائق التي تؤكد ملكيته للبيت، وجّه  تعليماته إلى المحامي العام الأول في دمشق بتنفيذ الأمر، وإرجاع البيت إلى صاحبه قبل غروب الشمس.

الشعار

تتم أرشفة وكالات الكاتب بالعدل لدى دوائر الكتّاب بالعدل في مختلف العدليات وبلغ عدد الوكالات المؤرشفة ما يقارب /8/ ملايين وكالة

إجماع ورضى

قصة يوسف لم تكن الأخيرة، وإنما مثال، فقد جادت ألسنة بعض المراجعين لمحكمة الإرهاب  والمتقاضين في أروقة وزارة العدل ومحاكم مدينة دمشق وريفها  ممن التقيناهم  بالرضى والثناء وسرعة البت، فيما أبدى البعض شكوكاً وتخوفاً، حيث كانت  العبارة الأكثر إجماعاً  عليها ” لايصلح العطار ما أفسده الدهر “،  أما المحامون الذين التقيناهم، فقد أكدوا على أن الجولات الميدانية لوزير العدل على قصور العدل، والاستماع إلى هموم المراجعين، وسلسلة قرارات وتنقلات، أعطت نتائج إيجابية عديدة، وأثبتت منذ اليوم الأول صحتها، فيما نصح البعض الآخر بعدم التسرع بالحكم الإيجابي لأن “شرش” الفساد عميق، ولا يمكن بتره بجرة قلم أو بحفنة قرارات.

تدمير ممنهج

بعد عدة جولات على أقواس المحاكم، ومحاورة الأهالي، واستخلاص هواجس المراجعين والباحثين عن أمل رفع الضيم والحيف عنهم ، قال القاضي المستشار وزير العدل هشام الشعار: من المعلوم أنه في ظل الحرب على سورية من المنظمات والعصابات الإرهابية المسلحة والدول الداعمة والممولة لها، قد استهدفت بداية قصور العدل، وعمدت إلى إحراقها وتدمير، وإحراق معظم وثائقها والدعاوى الموجودة فيها، ورغم ذلك فلم تتوقف العملية القضائية في كافة أنحاء القطر، حيث عمدت الوزارة إلى تأمين أماكن بديلة، إما عن طريق بعض دوائر الدولة ومؤسساتها، أو عن طريق الإيجار، مع الإشارة إلى أنه حتى في بعض الأماكن الساخنة، مازالت بعض المحاكم تعمل، وتقدّم الخدمات للسادة المواطنين، وتعتبر رمزاً للدولة في تلك المناطق.

وعلى الرغم من ذلك، فإن تأمين الأماكن للمحاكم وقصور العدل يعتبر من أهم المشاكل التي تواجه عمل وزارة العدل، الأمر الذي جعل الوزارة تتخذ قراراً بنقل المحاكم المدنية في عدلية دمشق إلى مقر الوزارة في المزة، وذلك لتخفيف الازدحام في القصر العدلي بدمشق، ولإتاحة المجال لأعمال الصيانة هناك.

مراجعة شاملة لتعديل القوانين

أما فيما يتعلق بالعنصر القانوني، فإن وزارة العدل عمدت إلى مراجعة شاملة لتعديل كافة القوانين ذات العلاقة بالعملية القضائية لتسهيلها حيث صدر قانون الأصول المدنية رقم /1/ لعام 2016 وهناك لجان لدراسة كلٍّ من قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات وقانون الإثبات وقانون التحكيم … وقوانين أخرى كثيرة .

ولقد ساهمت وزارة العدل وخلال سنوات الأزمة التي يمر فيها القطر بإعداد أكثر من /150/ قانوناً و /350/ مرسوماً تشريعياً. منها ما يخص وزارة العدل والباقي يخص باقي الوزارات ونشاطات وزارات الدولة ومؤسساتها وبما يسهل أعمال الدولة والمواطنين على حدٍ سواء.

محاكم جديدة

هذا بالإضافة إلى أن الوزارة عمدت إلى إحداث العديد من المحاكم درجة أولى (صلح وبداية + استئناف ) في معظم المناطق في الجمهورية العربية السورية، إضافة إلى إحداث محاكم متخصصة مثل المحاكم المصرفية والتأمين، وذلك في سبيل تسهيل ومتابعة العملية القضائية.

الالتزام بالصعود فوق القوس

فيما يتعلق بدوام السادة القضاة والعاملين في العدليات، فإن الوزارة تحرص على ضبط عملية الدوام والالتزام بالمواعيد المحددة للدوام، وكذلك بالمواعيد المحددة لفتح السجلات، وقمنا، والكلام لوزير العدل، بأكثر من جولة مفاجئة على العدليات لبيان مدى الالتزام بذلك. وهذا الأمر القصد منه ضرورة احترام المواعيد والالتزام بها، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على العملية القضائية.

أتمتة المحاكم

أما فيما يتعلق بأتمتة العمل القضائي، يجيب  الشعار، انطلاقاً من إيمان وزارة العدل بضرورة التعاطي مع القفزات الهائلة في مجال المعلوماتية والتقانة، فلقد بدأت وزارة العدل مبكراً، وفي عام 2007 في مشروع طموح واستراتيجي لأتمتة عمل المحاكم في الجمهورية العربية السورية، وابتدأ ذلك في محافظة درعا، حيث انطلق المشروع في عام 2010 وتمّ تطبيقه في ثماني محاكم في العدلية، واستمر العمل بالبرنامج إلى حين بداية الأحداث، حيث تمّ إحراق المركز وكافة تجهيزاته التي بلغت تكاليفها ما يقارب /1/ مليون دولار في حينه،  وبقي المشروع متوقفاً حتى عام 2013 حيث عمدت الوزارة إلى إعادة إحياء هذا البرنامج بالتعاون مع المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، وعمدت إلى تطويره بما يلائم عمل المحاكم المدنية، والجزائية، والشرعية، والجمركية، وتم تطبيقه وإطلاقه مجدداً في عام 2014 في عدلية ريف دمشق- القسم المدني، ومازال يعمل بكفاءة عالية منذ ذلك التاريخ، إضافة إلى قيام المختصين بالوزارة، وبالتعاون مع المعهد العالي، بتصميم البرنامج اللازم لعمل محكمة قضايا الإرهاب، وتأمين التجهيزات اللازمة لعمل البرنامج في المحكمة، والذي سيساهم بشكل كبير في حل الكثير من المشاكل التي تواجه المحكمة لجهة الإحصاءات، وتطبيق أحكام قوانين العفو، وما شابه ذلك، كما أنه سوف يساهم في تسريع إجراءات التقاضي في هذه المحكمة، وجعلها أكثر شفافية، لاسيما أنها المحكمة الوحيدة في القطر المختصة بقضايا الإرهاب، ويتم العمل على تعديل قانون مكافحة الإرهاب، وهذا القانون في مراحل إقراره الأخيرة.

تأمين التجهيزات

وقامت الوزارة بإعداد وتأمين التجهيزات اللازمة لعمل كافة المحاكم في عدلية دمشق، وكذلك تأمين متطلبات العمل في عدلية السويداء، حيث سيتم افتتاح هذا المشروع قريباً، وتخطط الوزارة إلى تطبيقه في عدلية حلب، وحماة أيضاً، وفي حال إكمال العمل بهذا البرنامج في كافة المحافظات سوف يؤمن بيئة تفاعلية للعمل القضائي، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على المحاكم، هذا مع الإشارة إلى أن ذلك فيما يخص محكمة قضايا الإرهاب.

كشف الوكالات المزورة

أما فيما يخص الوكالات والوثائق المزورة، والكلام لايزال لوزير العدل، فلا شك في أنه من انعكاسات الأزمة التي يمر بها القطر، واستغلال بعض ضعاف النفوس لهذه الأزمة أدى لزيادة أعداد الوثائق والوكالات المزورة، ولكن لم تقف وزارة العدل مكتوفة الأيدي تجاه ذلك، وعمدت إلى إطلاق مشروع استراتيجي لأرشفة وكالات الكاتب بالعدل لدى دوائر الكتاب بالعدل في مختلف العدليات، وعمدت إلى التعاقد مع جامعة دمشق في عام 2014 من أجل إتمام هذه المهمة، حيث بلغ عدد الوكالات المؤرشفة لتاريخه ما يقارب /8/ ملايين وكالة محفوظة حالياً على المخدم الرئيسي للمشروع في وزارة العدل، وانتهت من أرشفة الوكالات في كل من عدليات دمشق، وريف دمشق، واللاذقية، وطرطوس، والقنيطرة، وسوف تباشر العمل في كل من السويداء، ودرعا، إضافة إلى حلب، وحماة في القريب العاجل.

خدمة المواطنين

أما لجهة توجه الوزارة الحالي فيوضح الشعار بأنه لا شك في أنه ينصب في خدمة المواطنين بالدرجة الأولى، حيث تعمل الوزارة على تسريع إجراءات التقاضي، ومراقبة دوام العاملين، والعمل على تطبيق برنامج أتمتة العمل القضائي في باقي العدليات، لما يقدمه من خدمات مميزة للمواطنين، ولما يحققه من شفافية في عملية التقاضي، إضافة إلى متابعة موضوع أرشفة الوكالات لاستكماله في باقي العدليات، وبما يحفظ حقوق الدولة والإخوة المواطنين، هذا بالإضافة إلى أن الوزارة مستمرة في لقاء اليوم المفتوح للإخوة المواطنين، حيث خصصت يوم الخميس من كل أسبوع لمقابلة السيد الوزير للإخوة المواطنين، والاستماع للشكاوى العالقة، أو التي لها وضع معين، والعمل على حلها، والوزارة كلها أمل بالسير بالعملية القضائية لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، لاسيما في ظل الظروف الحالية التي تفرض على الوزارة المزيد من العمل لتحقيق ذلك.

عارف العلي