المعهد الصحي في دمشق يتألم.. والدواء مفقود في وزارة الصحة!!

المعهد الصحي في دمشق يتألم.. والدواء مفقود في وزارة الصحة!!

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢٣ مايو ٢٠١٧

بات لدى طلبة وخريجي المعاهد التقانية يقين بأن وعود المعنيين بالأمر لجهة الاهتمام بهم هي وعود خلبية، وأشبه بالكتابة على الرمل!!.
عشرات السنوات، مرت على إحداث مئات المعاهد، لكن مخرجاتها تتراكم دون فائدة، حتى باتت عبئاً من الصعب تحمله في ظل استمرار القبول فيها وإهمال خريجيها!.
مثال على الإهمال!
في المعهد التقاني الصحي في دمشق يعاني الطلبة من “كومة” مشاكل تراكمت بفعل اللامبالاة والتأجيل، علماً أن حلها لا يكلّف إدارة المعهد أو الوزارة المعنية سوى جرة قلم!.
طلاب المعهد شكوا من غياب الكتاب الجامعي، وأشاروا إلى وجود 110 مقررات لها 90 نوتة، مؤكدين ألّا وجود لأي كتاب في المعهد منذ إحداثه!؟
وبيّنوا أن المعهد يعاني من نقص في عدد المدرسين، فالبعض منهم يدرّسون خمسة مقررات، متسائلين: ماذا لو اضطر الأستاذ للغياب لشهر أو عدة أيام، من سيدرّس تلك المقررات؟!.
ولفتوا إلى أن “نوتة” المقرر، قد تتغير خلال العام ثلاث مرات بسبب تغيّر الأستاذ، ما يؤدي لضياعهم ورسوبهم بالمادة، طالما الأمر يتعلق بمزاجية الأستاذ!.
كما شكوا من العلاقة المتوترة مع الأساتذة، والتي تحوّلت إلى علاقة كيدية، عنوانها التحدي بوجهه السلبي، حيث يتوعدهم البعض بالقول: “احلموا إذا بتنجحوا”، فأي بيئة علمية هذه، أين وزارة الصحة، لماذا لا تحاسب الإدارة المتغاضية عن كل تلك المخالفات؟!.

مشاكل أخرى!
لا تقتصر مشكلات المعهد ومعاناة الطلبة عند هذا الحد، فهناك نقص خدمات واضح فيما يتعلق بانعدام النظافة، وعدم وجود خدمات لزوم راحة الطلبة الذين قد يضطرون للنزول من الطابق الرابع إلى الأرضي لشرب الماء!.
ويتساءل الطلبة عن سر السماح لورشات الصيانة بالعمل أثناء الدوام الرسمي دون أي اعتبار، واحترام لحرمة القاعات الدرسية؟!.

الأمور تزداد سوءاً..!
رئيس فرع معاهد دمشق للاتحاد الوطني لطلبة سورية فراس العزب، أبدى استغرابه الشديد من استمرار نغمة الوعود المعسولة لجهة التظاهر بالاهتمام بالمعاهد التقانية، مشيراً إلى أنه منذ إحداث المعاهد لم يتم رفدها بأي قيمة مضافة، بل على العكس – حسب رأيه – تزداد الأمور سوءاً، حيث باتت المعاهد طاردة للطلبة بدلاً من جذبهم للدراسة فيها، وبيّن أن إلغاء الالتزام بتوظيف الخريجين جعل شهادة المعاهد فارغة من مضمونها!.
وتساءل العزب: إلى متى تبقى المناهج ضحلة بمعلوماتها، وإلى متى تبقى “النوتة” سيدة الموقف، وهل يعقل وجود معاهد من دون وسائل تعليمية؟!.
ولفت العزب إلى “موت” عشرات مشاريع التخرج في مستودعات أو سراديب المعاهد التقانية، علماً أنها تحمل أفكاراً ومشاريع غاية في الإبداع!!.
وأوضح أن حجة الجهات المعنية بعدم وجود شركات راعية لتلك المشاريع هو عذر غير مقنع، لأن الجامعات والمعاهد والجهات المعنية الأخرى بإمكانها أن تستثمر تلك المشاريع إن أرادت، لكن على ما يبدو أن الجامعات ملتهية بالحفظ والتلقين بعيداً عن تعليم الطالب كيف يبدع فرصة عمل في زمن تناقصت فيه فرص العمل في القطاع الحكومي!.
وحول رؤيته في استثمار مخرجات المعاهد التقانية رأى أن ذلك ضرورة ملحة، من خلال إلزام المعاهد بتأمين فرص عمل للخريجين ولو بالالتزام الجزئي، وتفعيل المقترح الطلابي بتحويل المعاهد إلى مراكز إنتاجية، والإعلان الدوري عن مسابقات لخريجي المعاهد، وهنا أشار إلى أن المعهد الإحصائي بعد عشرات السنوات أعلن عن مسابقة لخمسة خريجين، متسائلاً ما مصير البقية التي تبلغ بالآلاف؟!.
وكذلك الحال بالنسبة لخريجي معهد الخدمة الاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، واعتبر العزب أن هذا المعهد بات عبئاً على الوزارة التي لا تعرف كيف تتعامل مع مخرجاته رغم حاجتنا لها في ظل الأزمة الحالية، حيث نحتاج لخريجين باختصاص الدعم والإرشاد النفسي!.
وأضاف بأن هذه اللامبالاة في التعامل مع المعاهد التقانية جعلت نسبة الفاقد والتسرب في ارتفاع مستمر نظراً لغياب البيئة المحفزة!.
ألا يعلم أصحاب القرار التعليمي أن أكثر من 80% من حضارة ونهضة الغرب قامت على أكتاف خريجي التعليم الفني والمهني؟.
للعلم وزارة التعليم العالي، وضمن سياستها لتطوير المنظومة التعليمية، كانت قد وضعت خططاً لتطوير التعليم الفني والمهني من خلال اتباع سياسة الهرم المقلوب التي تتلخص بزيادة نسبة القبول في هذا النوع من التعليم على حساب القبول في الجامعات بنسبة أكثر من 50%، لكن ذلك لم يحدث نظراً لعجزها عن تنفيذ تلك الخطة، رغم أهميتها في تصحيح مسار التعليم الفني والمهني، ووضعه “على السكة الصحيحة”، وهي العبارة التي نسمعها دائماً، ولكن دون مفاعيل حقيقية على الأرض، ما يجعل من هذه الدعوة خلبية كسابقاتها، على أمل أن تلحظ الخطة الاستراتيجية الجديدة هذه الثغرة التي جعلت الباب مشرعاً لحدوث الخلل والوهن في جسم المنظومة التعليمية!.

هامش
يوجد في سورية حوالي 300 معهد، منها 41 معهداً في دمشق موزعة على المدينة، وريفها، ومحافظة القنيطرة، وجميعها محكومة باللائحة الداخلية الناظمة للمعاهد التقانية التي تم تعديلها خلال السنوات الماضية، غير أنها لم تكن بمستوى طموح الطلبة، وتبقى المشكلة في المعاهد بتعدد تبعيتها لأكثر من جهة حكومية، ما جعل الجهود مشتتة، حيث كل جهة “تغني على ليلها”، والجهات هي وزارات: التربية، الصناعة، السياحة، الثقافة، الصحة، الشؤون الاجتماعية ، الإعلام ، المالية ، الإنشاء والتعمير، الأوقاف ، والدفاع، بالإضافة للمكتب المركزي للإحصاء التابع لرئاسة مجلس الوزراء، ويبقى السؤال: إلى متى هذا التشتت والضياع، إلى متى هذه النظرة القاصرة لطلبة المعاهد؟!.

غسان فطوم