تسلّـقنَ البرج وأثبتن أنّهنّ أهل لذلك.. صبايا دخلن مجـال صيانة الجوالات والحواسيب

تسلّـقنَ البرج وأثبتن أنّهنّ أهل لذلك.. صبايا دخلن مجـال صيانة الجوالات والحواسيب

أخبار سورية

الجمعة، ٢٦ مايو ٢٠١٧

من دون اتحاد أو نقابة أو معونة أحد وجدن أنفسهن في سوق العمل، عبر فرص أتيحت لهن أو خلقنها بأنفسهن، فتيات قبلن التحدي ودخلن سوق العمل في برج دمشق المعروف ببيع وتصليح الجوالات وكمالياتها، الأوائل منهن فتحن الطريق لغيرهن للالتحاق بهن في العمل فيه، رغم استهجان البعض (ذكوراً وإناثاً) بحجة عدم الإلمام والمعرفة بهذا النوع من العمل، فالعمل في البرج فيما مضى كان حكراً على الذكور إلى حدّ ما، أما الآن فإن الزائر له أو المتسوّق منه يجد فرقاً واضحاً في مجتمعه الداخلي من حيث العمال والزوار والمتعاملين وحتى زبائن البرج، وخاصة في الطوابق الخمسة الأولى منه والمحال التي تتوزع أسفله، فقد استطاعت الفتاة دخول مجال العمل فيه ولاسيما مجال الجوالات وما يتعلق ببيعها وشرائها وكمالياتها (إكسسواراتها) وحتى توزيعها خارج السوق، وأثبتت أنّها تستطيع ملء جزءٍ من الفراغ الذي تركه الشباب لأسباب مختلفة.
انخفاض حضور الشباب سبب وجودهن!
ليس نتيجة غياب أحد، فانخفاض الضغط الذي كان يولّده وجود الشباب في السوق أدى لارتفاع وجود الفتيات، معادلة طبيعية أشار إليها أبو هاشم الذي يعمل مصلّحاً في البرج وأضاف: وجود المرأة في العمل هنا جاء نتيجة تطور الحياة واختلاف العادات والتقاليد وتقدم الحياة، فقد كان دور المرأة في البداية يقتصر على الأعمال المنزلية مع الزراعة والحياكة، ثمّ بدأت تتعلم وتتقدم في العلم، فأصبحت تتوظف وتترأس المؤسسات الحكومية، والآن هي تمارس العمل الحرّ بكل جدارة، ويوجد في البرج أمثلة كثيرة عن تفوق المرأة في أمور الجوالات وهناك غيرهن في البرج من يعملن ببيع الطعام والشراب أيضاً. أما فيصل الخطيب فهو في البرج منذ عام 2014 وكان له محل في المخيم شارع 30 في مجال العمل نفسه فيقول: إنّ دخول المرأة هذا المجال كان أمراً مستهجناً حتى سنين قريبة، أما الآن فالأمر عادي ولكنها لن تستطيع القيام بدور الرجل في هذا المجال، كما أنّ البعض قبل بتشغيل الفتيات لأنّ رواتبهن أقل أو يقبلن بالأجر القليل، مشيراً إلى أنّه يبحث الآن عن عمال رجال ويتمنى ألا يضطر لتشغيل الفتيات لأنّه ما زال يجد غرابة في ذلك، لكنه لم يغفل الاحترام والمراعاة التي تتلقاها النساء في عملهن في البرج من قبل الجميع في مسألة الدوام الطويل والأعمال المجهدة والاقتصار على عملها داخل المحل بالترتيب والبيع ومساعدة الزبائن.
لا فرق
مورند الدبس طالبة علم اجتماع تعمل في البرج لتوفر مصروفها ومصروف جامعتها، هذا العمل كان أول تجربة لها في حياتها العملية، وهي لا تجد فرقاً بينها وبين أي شاب يعمل هناك إلا من حيث الأداء في العمل فهما متساويان حتى في الأجر، بل تقول إنّ الفتيات أحياناً يعملن أكثر وهي كمثال تقوم بصنع (إكسسوارات) للجوالات واستطاعت مع مجموعة فتيات من خارج البرج أيضاً القيام بالإنتاج والتوزيع لمحال في دمشق ومحافظات أخرى أيضاً، الأمر الذي ولّد عندها زيادة في الثقة بالنفس واتساعاً في التجربة والقدرة على التعامل مع مواقف كانت تخشى أن تشاهدها سابقاً لا أن تقع فيها.
مثالٌ لافت آخر هو منيفة هزيم التي تعمل في البرج منذ 2013 وعملها الأساس كان في (الإكسسوارات) أيضاً واستطاعت التفوق على أقرانها الشباب الموجودين أو الذين تركوا العمل وهي ترى أنّ سبب وجودها هو إتقانها العمل وليس لأيّ سبب آخر.
أهلٌ للعمل
نور طالبة حقوق عملت في البرج عن طريق أختها التي عملت هناك أيضاً بمساعدة صديقتها، جدارتها في العمل خلقت لدى أصحاب العمل إيماناً بمقدرة الفتاة على أداء ما يتطلبه العمل منها، ولم تصل إحداهن عن طريق مؤسسة أو جمعية أو نقابة أو.. الخ.
في المحصلة، ومن خلال جولتنا، لاحظنا أّنّ سوق البرج قبل عمل المرأة فيه بعد أن أثبتت قدرتها، وفتحت مجالاً لغيرها من الفتيات لدخوله، وبخلاف مورند ومنيفة ومريم وأختها وجدنا العديدات اللاتي لم تسعفنا الفرصة للحديث معهن ولكن الملاحظ أنّهن استطعن العمل وحجز مكانٍ لهن فيه وها هنّ بدأن يخطون في مجال عمل الصيانة للجوالات والحواسب ولكن ما زلن في أول الطريق والتجارب محدودة.