براءة أضاعها الفقر.. أم الجشع… عمالة الأطفال.. ضاعفتهـا الحرب فأصبحت خطراً يهدد جيلاً كاملاً

براءة أضاعها الفقر.. أم الجشع… عمالة الأطفال.. ضاعفتهـا الحرب فأصبحت خطراً يهدد جيلاً كاملاً

أخبار سورية

الجمعة، ٢٦ مايو ٢٠١٧

بعيونهم تقرأ آلاف الحكايات، ومن كلماتهم التي لا يزال كثير منهم يتلعثم بحروفها تكتب قصصاً وروايات، هم أطفال سلبت ظروف الحياة براءتهم فكبلتهم بقيودها ومن دون أي موافقة منهم أدرجت أسماؤهم على قوائم ما يسمى عمالة الأطفال… تلك الظاهرة التي يكثر الحديث عنها وهي ليست حديثة الولادة في مجتمعنا، فسنوات الحرب التي نمر فيها لم تخلقها، لكنها غذتها فزادتها نمواً وجعلتها تكبر وتتمدد أكثر فأكثر لتطول بآثارها وأضرارها النفسية والمجتمعية والصحية والثقافية معظم أبناء جيل المستقبل القادم، فقد بينت بعض دراسات منظمة العمل الدولية لعام 2012 والإحصاءات غير الرسمية أن نسبة عمالة الأطفال في سورية تقدر بحوالي 18% ومن المحتمل أنها تضاعفت خلال الأزمة استناداً إلى نسبة غير المتقدمين إلى امتحانات شهادة التعليم الأساسي.
التفاصيل والحيثيات المؤلمة لواقع هؤلاء الأطفال الذين ازدحمت بهم الشوارع والورش على اختلاف مسمياتها رغم وجود قوانين وقرارات تمنع تشغيلهم إلا بشروط صارمة وحازمة، هو ما دفعنا إلى دق ناقوس الخطر وطرق أبواب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لنتلمس ملامح خريطة الطريق لخطتها الوطنية التي رسمتها للحد من انتشار هذه الظاهرة، وذلك حسبما أوضحت مستشارة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل رشا الحرفوش، فتابعونا في ملفنا الخاص بعمالة الأطفال ما لها وما عليها:
لأن عند وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الحل والخبر اليقين توجهنا إليها وكانت لـ«تشرين» وقفة مع رشا الحرفوش- مستشارة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بينت فيها أنه تم الاتفاق مع منظمة العمل الدولية على إطلاق برنامج تعاون مشترك في مجال مكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال استناداً إلى الخطة الوطنية التي قدمتها الوزارة بمحاورها الثلاثة، حيث سيتم البدء بمحوري التدريب والتأهيل وبناء القدرات والبناء على ما تم إنجازه بشأنها سابقاً، أما محور التدخلات فسيتم التركيز فيه على قضيتي التسول وتجنيد الأطفال نظراً لأهمية هذه المواضيع وأولويتها بالنظر لمفهوم الحماية.
أما بالنسبة للدراسات ومخرجاتها التي تعدها الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بشأن عمالة الأطفال فإنه سيتم العمل على المسارات الجاهزة منها إلى حين تبلور نتائج انطلاق برنامج التعاون المشترك مع المنظمة، ومن ثم يتم تعديل الأنشطة بالاستفادة من نتائج هذه الدراسات، ومن الجدير ذكره أن مسودة مشروع البرنامج يتم حالياً الاتفاق مع المنظمة على صيغتها النهائية، والتركيز على أن النشاطات ستكون مؤطرة زمنياً كسباً للوقت وضماناً لإنجاز المطلوب.
تنظيم عمل الأحداث
وفيما يتعلق بالقوانين التي تنظم عمل الأحداث قال مدير العمل في الوزارة محمود دمراني: نظم عمل الأحداث في سورية منذ 1930 إلى أن صدر قانون العمل رقم 91 لعام1959 حيث تضمنت المادة /124/ منه بأنه يمنع بتاتاً تشغيل الأحداث قبل إتمام سن الثانية عشرة ويمكن لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل أن يمنع تشغيل الأحداث إذا قلّت سنهم عن خمس عشرة سنة في بعض الصناعات، ثم صدر القرار الوزاري رقم 12 لعام 2010 الذي حدد 46 صناعة ومهنة يمنع تشغيل الحدث فيها تصنف ضمن المهن الخطرة، ليأتي بعد ذلك قانون العمل رقم 17 لعام 2010 الذي تضمنت المادة 113 منه منع تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن الخامسة عشرة، كما نصت المادة 114 منه على أنه يحظر تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات يومياً على أن تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة كاملة، ولا يشتغل أكثر من ثلاث ساعات متصلة، كما لا يجوز تكليفه بساعات عمل إضافية، ويحظر العمل الليلي، وطلبت المادة 115 من صاحب العمل الإعلان بشكل ظاهر في مكان العمل نسخة تحتوي على الأحكام التي يتضمنها هذا الفصل ويحرر كشفاً مبيناً فيه أسماء الأحداث وأعمارهم وتاريخ استخدامهم، واشترطت المادة 116 تقديم الولي أو الوصي عليه إخراج قيد مدني للحدث، وشهادة صحية صادرة عن طبيب مختص تثبت مقدرته الصحية على القيام بالعمل الموكل إليه، وموافقة الولي أو الوصي الخطية على العمل في المنشأة، ويستحق الحدث إجازة سنوية مأجورة مدتها ثلاثون يوماً كما نصت على ذلك المادة 117، أما المادة 264 فقد نصت على فرض عقوبة بحق صاحب العمل المخالف للأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث والمتضمنة: معاقبته بغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف ليرة سورية ولا تزيد على خمسين ألف ليرة سورية، ويتم صدور قرار وزاري بفرض غرامة بحق صاحب العمل المخالف بناء على اقتراح المفتش الذي قام بزيارة المنشأة ووجد أنه مخالف لإحدى أحكام المواد المذكورة أعلاه، ووفقاً لدمراني فقد تم تحرير الكثير من الضبوط بحق عدد من المنشآت المخالفة التي تسمح بتشغيل الأحداث من خلال زيارات مدير العمل وبعض العاملين في المديرية وكذلك المفتشون المتخصصون في هذا المجال.
ولإيجاد حل لهذه الظاهرة أوضح أن الوزارة تعمل على تطوير البيئة التشريعية لنظم الحماية الاجتماعية للقضاء على أسوا أشكال عمل الأطفال، وعلى إنجاز إدارة حالة لتسع حالات حماية الطفل من رصد وإبلاغ وإحالة، كما أنها تسعى إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وبرامج المساعدات الاستهدافية وربطها بسبل العيش، وإلى تطوير عمل الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية، وتعزيز شراكة القطاعين العام والأهلي، ودور رجال الدين في التوعية المجتمعية.
وبعد فإن أطفال اليوم هم أمل المستقبل وعليهم يتوقف بناء المجتمع وتطويره، وكل مجتمع يتطلع للنهوض بكيانه أو يحاول الخروج من دائرة التأخر والتخلف يجب عليه كشرط أساسي أن يضع قضية العناية بالطفل في المقام الأول من اهتماماته، فالمجتمعات التي تدفع بأطفالها لدخول العمل في وقت مبكر من العمر هي مجتمعات تشيخ باكراً لتوقف ضخ دماء الحياة لبقائها واستمراريتها والمتمثلة بالطفولة.