التعليم المفتوح.. انحراف عن المسار ومخرجات تعليمية بمستوى متدنٍ.. تراجع العدد من 78 ألف طالب إلى 40 ألف طالب

التعليم المفتوح.. انحراف عن المسار ومخرجات تعليمية بمستوى متدنٍ.. تراجع العدد من 78 ألف طالب إلى 40 ألف طالب

أخبار سورية

الأربعاء، ٣١ مايو ٢٠١٧

وصف التعليم المفتوح بأنه الباب الخلفي للدخول إلى الجامعات السورية، هذه التجربة التي بدأت في عام 2001 بهدف تثقيفي لمن فاته قطار التعليم، أو لتسوية وضع وظيفي في مؤسسة ما لينحرف عن مساره، ويصبح نداً للتعليم النظامي من حيث الحقوق في شغل الوظائف وحتى المناصب، بغض النظر عن مستواه التعليمي المتواضع. د. أسد حمزة الأستاذ في كلية الإعلام يؤكد تدني مستوى خريج المفتوح إلى حد أنه قال: لو أردنا محاسبة طلاب المفتوح على الأخطاء الإملائية لتتطلب الأمر دورات محو أمية، أم إن الخطأ في تطبيق المدخلات والتعامل مع المخرجات حسب الدكتور نبيل البطل وهو من مؤسسي هذه التجربة في الوقت الذي يرى فيه آخرون أن مستوى المخرجات التعليمية مقبول جداً لأن الكادر التدريسي ذاته والمناهج ذاتها حتى القاعات هي ذاتها وتالياً الشهادة ذاتها، أسئلة عديدة نطرحها في هذا الموضوع عن أسباب انحراف مسار التعليم المفتوح عن هدفه، والنتيجة تدني مستوى المخرجات التعليمية ومدى مؤاءمتها لسوق العمل أم إن الهدف هو ربحي بحت ولم يعد أكثر من مصدر لتأمين مورد مالي للجامعة..
ما تحتاجه التربية تجده في النظامي!
رصدت تشرين بداية آراء بعض الجهات في أداء ووجهة نظرها في مستوى المخرجات التعليمية للتعليم المفتوح
البداية كانت مع وزارة التربية لكونها من الجهات الجاذبة للخريجين، إذ يؤكد لنا د فرح المطلق معاون وزير التربية أن ما تحتاجه وزارة التربية من المخرجات البشرية للتعليم العالي، تجده في التعليم النظامي ولاسيما الأطر البشرية لتدريس المواد التعليمية في مناهج التعليم قبل الجامعي، وبعض الأطر بوظائف معاون رئيس شعبة أو مدرب. وحسب وجهة نظره فإنه لا تتم الموافقة على افتتاح برنامج عندما يكون هناك تطابق مع النظامي. وأضاف: إن أصل الفكرة في التعليم المفتوح أنه فرصة للتعليم، ولم يوجد لينافس التعليم النظامي، بل ليكمله أو يسد ثغرة في تخصص من التخصصات، مؤكداً أنه لم تتم الموافقة على احداث برنامج فيه أو افتتاحه عندما يكون هناك برنامج أو فرع أو تخصص مطابق له في الدراسة الجامعية النظامية، وقد يكون هناك تشابه في الكثير من المواد التخصصية في كلية واحدة مثال كلية الحقوق _ والدراسات القانونية، وكذلك دراسة اللغات الأجنبية وبرامج الترجمة، مبيناً أنه يجب أن ننظر إلى برنامجي الدراسات القانونية والترجمة، على أنهما للعمل في مجال يكمل ما تحتاجه الحقوق ولكن ليس عنها، والترجمة على سبيل المثال فرصة لمتابعة التحصيل الدراسي والعمل في الترجمة وليس في مجال التدريس.
لجنة لمعادلة الشهادات وظيفياً
لكن لماذا لا تتضمن مسابقات وزارة التربية برامج التعليم المفتوح (كالترجمة) يؤكد المطلق أن وزارة التربية والتعليم العالي متعاونتان في البت في مدى صلاحية هذه الشهادة أو تلك لمهنة تحتاجها وزارة التربية، ولا سيما في التدريس مشيراً إلى وجود لجنة لمعادلة الشهادات وظيفياً أي لإفراز مدى كفاية دراسة صاحب هذه الشهادة لمجموعة من المواد تأكدت على أنها مؤهلة لمهنة التدريس منوهاً بأنه من الصعب ليّ عنق أي شهادة لم تصمم ولم توضع موادها الدراسية بالأساس لمهنة التدريس، بل لمزاولة مهنة لا تقل أهمية عنها، ولكنها تحتاج إلى تخصيص عدد من المواد قد لا تكون موجودة بين جملة المواد التي يدرسها حامل الشهادة التعليمية المؤهلة للاشتراك في المسابقة.
من الإجحاف المقارنة!
بينما مدير التأمينات الاجتماعية يحيى أحمد يرى أنه من الظلم مقاربة مستوى النظامي مع المفتوح يبقى حسب قوله الطالب النظامي على دراية أكبر ومعرفة باختصاصه فهو خضع لدوام في جامعته وخاصة الجانب العملي منها وتواصل مع أساتذته على عكس طالب المفتوح الذي كلنا يعرف أنه يذهب أثناء الامتحان فقط.. وأضاف أن شهادة المفتوح تعد فرصة لمن يريد تحسين وضعه الوظيفي.لذلك تبقى الأولوية لأي فرصة عمل أو حتى الأداء الجيد للخريج النظامي وفق القواعد والأصول المعروفة.
لا بدّ من ضوابط
المشكلة أن شهادة خريج التعليم المفتوح وحتى خريج جامعة الشام الخاصة مساوية تماماً لشهادة جامعة دمشق لكون مجلس التعليم العالي عدها على قدم المساواة، ويؤكد نزار سكيف نقيب المحامين أنه تقبل جميع طلبات المنتسبين للنقابة من المفتوح لأن مجلس التعليم العالي سمح بذلك، ونحن ننفذ القرارت، لافتاً إلى أن مهنة المحاماة هي مهنة فكرية حرة لا يمكن إدراكها بخمس سنوات أو حتى بخمسين سنة ولكن لا بد من وجود ضوابط لهذه المهنة بمعنى أن تكون المناهج متوازية ومتساوية وهذه تبقى مسؤولية وزارة التعليم العالي، أما الكفاءة فلا يمكن الحكم عليها إلا من خلال الشخص ذاته ومدى مقدرته على العمل وتراكم الخبرات باعتبار أن العمل في القانون بحر واسع.
أصل الفكرة
إن تجربة المفتوح بدأت في عام 2001 من خلال زيارة لوزير التعليم العالي آنذاك د حسان الريشة إلى مصر وتوقيع اتفاقية على نقل تجربة مصر إلى بلدنا وحسب الدكتور نبيل البطل وهو من مؤسسي تجربة التعليم المفتوح (رئيس جامعة القلمون حالياً) أن التعليم المفتوح في مصر لا ينتسب إليه إلا من مضى على شهادة ثانويته خمس سنوات على الأقل بمعنى هو تعليم تكميلي أو تثقيفي لشرائح من المجتمع إما لاستكمال دراسة متوسطة أو لسيدة تريد أن تفتخر أمام أبنائها بإيمانها بالتعلم مدى الحياة. إذاً بدأت التجربة لدينا مع جامعة القاهرة حيث كان لكل مقرر كتاب إضافة إلى شريط فيديو والطالب وهو في بيته يستمع للمحاضرات المتعاقبة من أستاذ المقرر على شريط الفيديو وتنظم الجامعة لقاءات دورية أيام العطل الرسمية هدفها الاستفسار عن بعض النقاط الغامضة مضيفاً أن التجربة فعلاً كانت ناجحة في بدايتها ووفرت ضمن منظومة التعليم شكلاً مختلفاً من أشكال التعليم الجامعي التقليدي، وكانت العطلة الأسبوعية هي يوم الجمعة فقط حيث يتم التنسيق مع أساتذة المقررات في جامعة القاهرة ونظرائهم من الجامعات السورية لعقد لقاءات مع الطلاب المسجلين في البرامج المختلفة وكانت أعداد الطلاب قليلة واللقاءات ناجحة.
لماذا ابتعد عن مساره؟
والسؤال هل فعلاً التعليم المفتوح ابتعد عن أهداف الجودة في التعليم.. ما إن تسأل أحد المدرسين في التعليم المفتوح عن مستوى خريج التعليم المفتوح حتى يرد عليك، إنهم يعملون في أرقى الوظائف فمنهم القضاة والمحامون وحتى في وزارة الخارجية تجد خريج التعليم المفتوح، إذاً هذا مؤشر على أن المستوى جيد و(عال العال) قد يحتاج الأمر إلى تحديد الثغرات لتلافيها بينما جاءت وجهة نظر البعض الآخر ممن خبر التدريس في المفتوح لفترة قصيرة أكثر موضوعية بل تلمس الموضوعية والصراحة في كلماته .. وهذا طبيعي.. ربما لم نعتد بعد أن يختلف رأي من يعمل في جهة ما عن نظامها ولا حتى من باب النقد البناء..!!
إقرار التعليم المسائي
لا يوجد أي اختلاف فالكتب واحدة والأساتذة هم ذاتهم الذين يدرسون في النظامي والمفتوح، وعندما يتم منح الشهادة تكون باسم شهادة الحقوق يقول عميد كلية الحقوق د مهند مللندي مضيفاً أن تجربة المفتوح مطبقة مذ 2003 وحان الوقت لإعادة النظر بفلسفته ومناهجه وتحديد الثغرات لتلافيها وايجاد صيغة معينة لتطويره، لافتاً إلى أنه سيتم قريباً إقرار نظام التعليم المسائي.وهذا ما وافقه عليه الدكتور صديق غريب نائب رئيس التعليم المفتوح في جامعة تشرين مؤكداً أن المخرجات التعليمية للمفتوح على المستوى ذاته وقدم المساواة مع التعليم النظامي لكون المقررات ذاتها والكادر التدريسي ذاته ولكن المستوى يعود لتطوير الطالب لذاته وتأهيله لقدراته.
يغيب الجانب العملي
يؤكد د. أسد حمزة الأستاذ في كلية الإعلام أن مسار التعليم المفتوح انحرف مساره من الناحية التعليمية اذا ما أخذنا الجانب العملي في الحسبان، متسائلاً هل تعقل مقارنة مستوى الطالب النظامي بالمفتوح الذي يغيب فيه الجانب العملي تماماً، كما أنه لا يوجد تواصل أصلاً بين الأستاذ والطالب وتالياً هذا ليس بأصول العملية التعليمية.
وأضاف أن مستوى الطالب النظامي يختلف اختلافاً كبيراً عن مستوى طالب المفتوح المتدني جداً مضيفاً لو أردنا أن نحاسب على الأخطاء الإملائية لتتطلب الأمر إعداد دورات محو أمية، وشدد على أهمية إعادة النظر في العملية التعليمية الأساسية ولا سيما في الأرياف مثل أرياف حلب وحمص معتبراً أن هذا مسؤولية العملية التربوية.
سؤال مشروع
على أي أساس يتم تخريج الآلاف من الطلاب سنوياً على سبيل المثال إذ يوجد في التعليم المفتوح (الإعلام) آلاف من الطلاب بينما في كلية الاعلام في جامعة بلاد الشام يوجد 150 طالباً، يتساءل د. حمزة مضيفاً أن هذا أيضا يتطلب تصحيح الأعداد ويجب على الجهة المعنية الأخذ في الحسبان عدد المؤسسات التي يفترض أن تستوعب الخريجين الجدد وتحديد سوق العمل لذلك.
ويرى أن الهدف ربحي بحت مشيراً إلى أننا أخذنا تجربة مصر ولكن لم يتم تطويرها أو وضع أسس اضافية لها.
نجحت في بدايتها
عودة للدكتور نبيل البطل الذي أكد أن التجربة انحرفت عن مسارها عندما تم السماح للطلاب الذين حصلوا على شهادة ثانوية حديثة التسجيل في برامج المفتوح، تضخمت الأعداد، ألغيت أشرطة الفيديو، وتم توقيف الكتب الواردة من جامعة القاهرة والسماح لأعضاء الهيئة التدريسية في الكلية التي تحوي أحد برامج المفتوح بتأليف الكتب الجامعية، أصبحت اللقاءات أشبه بمحاضرات مكتظة بالطلاب وعندما أضيف يوم السبت إلى عطلة الأسبوع أصبحت المحاضرات يومي الجمعة والسبت.
تشويه فكرة المفتوح
يرى د. البطل أنه تم تشويه فكرة التعليم المفتوح ليصبح أقرب إلى النظامي ولكن بصورة مشوهة حيث لا توجد جلسات عملي قد تكون ضرورية في بعض البرامج، على سبيل المثال افتتحت جامعة البعث برنامج استصلاح الأراضي الصحراوية وهو لا يوازي من قريب ولا من بعيد دراسة الهندسة الزراعية وأمام ضغوط الطلاب ومطالبتهم خصصت الجامعة لهم بعض الجلسات العملية ومعسكرات في فصل الصيف لدراسة بعض التطبيقات العملية وهذا لا يفي بالغرض.
النتيجة أن برامج التعليم المفتوح مختلفة تماماً عن التعليم النظامي في الشكل والمضمون. الخطأ ليس في النظام فهو يطبق في الكثير من دول العالم وإنما الخطأ في التطبيق كمدخلات وأيضا في التعامل مع المخرجات.
الفكرة قائمة على التعليم الذاتي
تؤيد د. صفاء أوتاني- نائب رئيس جامعة دمشق لشؤون التعليم المفتوح هذه التجربة لكونها تحقق جزءاً من الإستيعاب الجامعي وتوسيع مبدأ التعليم أفقياً، شرط تطويرها مؤكدة أنه برغم الحرب الجائرة على سورية ما زالت الدولة هي الراعية للتعليم والصحة. وترى أن مستوى المخرجات التعليمية للطالب المفتوح مقبول والدليل أن نسب النجاح ليست عالية جداً، وكثيرة هي البرامج التي توازي التعليم النظامي والمناهج ذاتها ومتشابهة جداً ومستوى الامتحانات ذاته مشيرة إلى أنه يوجد 14 جلسة لكل برنامج ولكن فكرة التعليم المفتوح قائمة على التعلم الذاتي، وعلى من فاتهم قطار التعليم إضافة إلى تخفيف الضغط عن التعليم العام.
ولم تعد أن مسار التعليم المفتوح انحرف عن أهدافه، ولكن محاولة للتأقلم مع معطيات نحن كدولة نتبناها وفق سياسة توسيع الاستيعاب الجامعي، اذ يوجد نحو 50 % في الدراسات العليا من طلاب المفتوح ولا فرق بينهم في المستوى ولكن المدخلات يكون مستواها أقل لكون مجموع علامات الثانوية العامة تكون على الحد مقارنة مع الطالب النظامي.
نحتاج مراكز توجيه مهنية
وعن سياسة المواءمة بين الخريجين وسوق العمل وما عدد الطلاب الذين التحقوا بسوق العمل وعلى أي أساس يتخرج لدينا الآلاف من الطلاب سنويا وهل لدينا سوق عمل لاستقطاب هؤلاء.. تقول إن هذا الموضوع يحتاج المتابعة من قبل مراكز توجيه مهنية مختصة بمتابعة الطالب بعد التخرج ولكن للأسف ليست لدينا فكرة عن مصير الطالب بعد تخرجه!.
برامج جديدة
لفتت إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول المتطورة في هذا المجال والبحث جدياً في افتتاح برامج جديدة لتساهم في إعادة الإعمار كبرامج الصحة النفسية والإرشاد النفسي وبرنامج الخدمات المجتمعية وهذا مقترح ستتم دراسته لاحقاً.
كل مقرر يقابل 50 ألفاً في الجامعة الخاصة!
السؤال الأهم في الموضوع إذا كان المستوى مختلفاً تماماً عن مستوى المخرجات النظامية إذاً يعني هذا أن الهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الإيرادات وهذا ما رفض توصيفه د. مللندي أن يكون الهدف ربحياً قائلاً على(شو ربحي) قد يغطي النفقات ولكن حكماً ليس الهدف ربحياً وقارن بين نفقات الجامعات الخاصة مثلا طالب الحقوق يتطلب نصف مليون ليرة بينما في المفتوح لا يتجاوز الـ60 ألف ليرة. وهذا أيضا ما أكدته، نائب رئيس جامعة دمشق لشؤون التعليم المفتوح مضيفة أنه وصل مجموع أعداد طلاب التعليم المفتوح إلى نحو 78 ألف طالب موزعين على سبعة برامج هذا قبل الحرب – وحالياً بسبب الظروف الراهنة انخفض العدد إلى 40 ألف طالب كما أن رسم المادة الواحدة خمسة آلاف ليرة مقابل خمسين ألف ليرة لكل مقرر في الجامعة الخاصة متسائلة فأي ريعية وأي ربح ؟ إذاً كان رسم المادة الواحدة لا يتجاوز الـ 10 % من رسم الجامعة الخاصة!
إذاً كيف تنفق هذه الإيرادات التي قدرت لإحدى السنوات بمليارات الليرات إذا ما أخذنا في الحسبان أن عدد المسجلين فقط 40 ألف ليرة ومعدل تسجيل كل طالب لعشرة مقررات سنوياً يقدر بخمسين ألف ليرة هذا يعني أن لدينا إيرادات تقدر بالمليارت إضافة إلى حملة المقررات والطلاب الذين سجلوا ولم يتابعوا تحصيلهم العلمي والسؤال لماذا لم يطرأ أي تحسين على واقع التعليم المفتوح … بينت د. أوتاني أن الإيرادات تغطي النفقات إضافة إلى وجود (نية) لبناء جامعة خاصة بالتعليم المفتوح على طريق المطارفي منطقة خرابو وبسبب الحرب أجّل المشروع حالياً.
أخيراً
لا بد من الإشارة إلى أننا تقدمنا بطلب خطي كالعادة إلى وزارة التعليم العالي لكونها الجهة المصدرة للقرارات، لمعرفة وجهة نظرها في هذا الموضوع، لكن الرد عبر المكتب الصحفي جاء أنه سيتم قريباً عقد رشة عمل ستجيب عن كل تساؤلاتنا.. وعلينا الانتظار!!