ما كان متاحاً مطلع الثمانينيات لم يعُد ممكناً الآن مشروع القرى النموذجية أكل الزمان عليه وشرب بعد «لعنة» تفتّت الحيازات الزراعية

ما كان متاحاً مطلع الثمانينيات لم يعُد ممكناً الآن مشروع القرى النموذجية أكل الزمان عليه وشرب بعد «لعنة» تفتّت الحيازات الزراعية

أخبار سورية

الاثنين، ١٩ يونيو ٢٠١٧

أغلقت الوزارات المعنية كالإدارة المحلية والري والزراعة ومؤسسة الإسكان العامة منذ خمسة عشر عاماً، ملف القرى النموذجية العشرة في سهل الغاب ولم يعُد في متناول الحديث لاعتبارات كثيرة يأتي في مقدمتها النمو والواقع السكاني الهائل وتفتّت الحيازات الزراعية، فالأب الذي كان يريد إسكان أحد أبنائه قبل خمسة عشر عاماً أمسَوا اليوم عشرة أشخاص وقِس على ذلك، فضلاً عن أن كل البنى التحتية تخربت وتم اجتثاثها من باطن التربة وتم خلع الأرصفة والساحات.. بالمختصر المفيد أمست أثراً بعد حين.

فكرة القرى النموذجية هذه جاءت بمنتصف الثمانينيات للحدّ من التوسع الزراعي في الأراضي الخصبة حرصاً على الغلة الإنتاجية والحفاظ على مساحة سهل الغاب وخاصة أن هذه القرى كانت مقررة بعيداً عن الأراضي الزراعية والتوسع بالسكن العشوائي بها وبالتالي تقليصها وتراجع الإنتاج الزراعي مستقبلاً وهذا ما نشهده اليوم للأسف، لكن لم يكتب للفكرة النجاح رغم كل ما قدّم لها من إمكانات آنذاك، حيث برزت إشكالية لم تعطَ الأولوية في التخصص كادت تصل إلى الاشتباك بالأيدي، فكانت النتيجة أن كل سكان الغاب يريدون السكن بهذه القرى الحلم، الأمر الذي عطّل الفكرة وجعلها تراوح في مكانها، بل تطلّ برأسها للحديث عنها بين الحين والآخر على مبدأ هبات.. هبات.. رغم إقامة المئات من الاجتماعات والندوات والمؤتمرات الحكومية في سهل الغاب بل تدشين البنى التحتية الخاصة بها ودائماً كانت النتائج صفراً ولذلك ستبقى صفراً دائماً وأبداً..

عودة الحديث عن مشروع القرى النموذجية اليوم جاءت تعليقاً على دعوة محافظ حماة لرؤساء الوحدات الإدارية للقرى الواقعة في مجالها في كل من مرداش وشطحة ونهر البارد وعين الكروم وجب الأحمر وعين سليمو، حيث طلب المحافظ من رؤساء هذه الوحدات الإدارية تقديم رؤى ومقترحات من شأنها وضع حلول نهائية قابلة للتنفيذ لهذه القرى تراعي خصوصية المنطقة من النواحي الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية.

دعوة المحافظ لإحياء فكرة القرى النموذجية جاءت كما قال لرؤساء الوحدات الادارية بعد زيارة الوفد الحكومي لمنطقة الغاب قبل ثلاثة أسابيع من الآن وأنه -أي المحافظ- شعر بوجود نيّات صادقة تجاه هذا المشروع، ولذلك كلف عضو المكتب التنفيذي للاجتماع مع كل رئيس بلدية على حدة للاستماع إلى مقترحاته وتصوّرات الأهالي لديه، وبالتالي إرسال هذه المقترحات إلى المؤسسة العامة للإسكان الجهة المخوّلة البتّ بالقضية.

انتهى كلام المحافظ، وتعليقاً على ذلك نقول: إن مشروع القرى النموذجية كان حلماً يوماً من الأيام ولم يشكُ من النيّات الصادقة مَن كان يعمل فيه بل كانت فكرته أكثر إلحاحاً بدليل الشروع في تنفيذ البنى التحتية له وكذلك الدعم الحكومي غير المحدود، حيث سبق أن زارت الوفود الحكومية السابقة أماكن هذه القرى كما هو الحال بالنسبة للحكومة الحالية ولم يتغيّر في الوضع شيء، ما يعني أن القضية أغلق ملفها من التداول وفات أوانها، ومع ذلك إن أصبحت ممكنة فاليوم خير من غد لجهة الحفاظ على ما تبقى من الأراضي الزراعية، رغم أن المشكلة ستبقى في أحقية التخصيص، ولذلك كان المشروع البديل المطروح ما قبل الأزمة في سهل الغاب هو مشروع الأغروبليس للتنمية المستدامة بقيمة 75 مليون دولار، لكن شاءت الأحداث الدامية تعطيله.. ومهما قيل وسيقال عن المشروعين فإن ذلك لا يتعدّى مَن يتحدّث عن الصوان بأنه يورق.