التأميـن الصحي مشروع لم يرضِ أحداً.. شخصنة واستنزاف لموارد الدولة.. مستشار تأمين: المشــروع يحتاج مراجعـات قانونية وصحية من الجذور

التأميـن الصحي مشروع لم يرضِ أحداً.. شخصنة واستنزاف لموارد الدولة.. مستشار تأمين: المشــروع يحتاج مراجعـات قانونية وصحية من الجذور

أخبار سورية

الأربعاء، ٢١ يونيو ٢٠١٧

يسرى ديب

ربما يمكن منحه جائزة «غينيس» لأسوأ خدمات وآلية عمل اشتهر بها قطاع التأمين الصحي في بلدنا قبل الحرب وبعدها!
مشروع لم يرضِ أحداً، المؤمن عليه متهم -حتى يثبت العكس- بأنه متمارض، ويسيء استخدام بطاقته، والطبيب متهم باستغلال البطاقة أحياناً، والتغاضي عن الغش في استخدامها، أما الشركات الوسيطة، أو شركات إدارة النفقات الطبية فهي المتهمة بأنها تريد كل شيء بأقل التكاليف. الحلقات كثيرة ولكل منها مبرراتها وأسبابها، وتبقى النتيجة:
إن ما يطبق في سورية مما يسمى التأمين الصحي يشبه أي شيء إلا التأمين الصحي، لأنه مشروع انطلق على عجل، وقبل إصدار القوانين وتهيئة المناخ العام، وزعت نسب الأرباح بين جهات عدة، وكان آخر القضايا المبحوثة هو المواطن وصحته.

انفردت الإدارات القائمة على التأمين بسلوكيات من عيار: رفض طلب الطبيب الفاحص بإجراء هذا التحليل، أو إجراء تلك الصورة لأن المعنيين في شركة التأمين هذه أو تلك يرون أنها غير ضرورية؟ هل يحصل مثل هذا الطلب في أي بلد، وهو أن يقوم الصيدلاني بصرف الدواء من دون العبوة، كي تتأكد الشركة المؤمنة أن العملية التي تمت من دون تزوير أو استبدال للدواء؟ هل حصل أن انتظر المريض أكثر من يوم كي يحصل على الدواء الموصوف ريثما يتأكد الصيدلاني أن الشركة ستوافق على تغطية هذا الصنف أو ذاك؟
المريض قد ينتظر ساعات ثم ساعات ريثما يصل الجواب بالموافقة على إجراء هذا التحليل أو تلك الصور الشعاعية؟ وفي كل يوم على مرضى التأمين أن يتأكدوا من القرارات الجديدة، فيما إذا كان هذا النوع من الأمراض ما زال تحت مظلة التأمين، وخاصة بعد ارتفاع الأسعار والتكاليف، ورغم صعوبة قرار مقاطعة مرضى التأمين لأن أعدادهم كبيرة، إلا أنهم يُعاملون كدرجة ثانية عند كل المراكز الطبية سواء في عيادات الأطباء أو الصيدليات أو المخابر والمراكز الشعاعية، والسبب أنه لا أحد راضياً عن أداء أحد، لتكون النتيجة بطاقة غير مرغوب بصاحبها.
عقود إذعان
يقول اختصاصي الجراحة العظمية، د. سلمان محمد، إن ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍلمبرمة مع الأطباء تشبه عقود الإذعان, لأنها فرضت من ﺩﻭﻥ التشاور معهم، ﻭﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﺿﻤﻦ ﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ لا ﺗﺸﺒﻪ أﻱ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺻﺤﻲ آﺧﺮ, فالأجور ﻣتدﻧﻴﺔ، ﻭﺗﺘﺄﺧﺮ ﻛﺜﻴﺮﺍً، وﺑﻌﻀﻬﺎ قد لا ﻳﺼﻞ.
ويضيف أنه لا ﺗﻮجد ﺟﻬﺔ ﺗﻘﺒﻞ ﺷكواهم ﻛﺠﻬﺎﺕ مقدﻣﺔ ﻟلخدﻣﺔ، بينما تقول ﻧﻘﺎﺑﺔ الأطباء: لا علاقة لها بالأمر.
يختم د. محمد بالقول: إن ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺟﻴدﺓ ﻭمطبقة ﺑﻜﻞ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ تطويراً ﻭتحديثاً باستمرار.
وإذا كان ما قاله د. محمد يعبر عن آراء معظم زملائه فإن صفحات الجريدة لن تتسع لكل ما يقوله المؤمن عليهم في سورية والذين يفوق عددهم 700 ألف مؤمن كما يؤكد رئيس الهيئة السورية للتأمين إياد زهرة.
خيط في «كومة قش»
نقيب أطباء سورية د. عبد القادر حسن يقول: إن كل الأطباء في الجمهورية العربية السورية يستطيعون الاشتراك بالتأمين. ولكن في الحقيقة ليس هذا ما يحصل على أرض الواقع، إذ نادراً ما تجد طبيباً مشهوراً يشترك بالتأمين الصحي، فقد أكد الكثير من الموظفين المشمولين بالتأمين أن عملية البحث عن طبيب يتعامل مع شركة تأمين تعد أمراً مرهقاً، إضافة إلى أن هؤلاء الأطراف غالباً ما يعمدون إلى تجنب استقبال المرضى على نفقة التأمين.
يتحدث أطباء عن المعاناة الكبيرة من التعامل مع التأمين الصحي سواء من حيث الالتزام بزمن دفع المبالغ المطلوبة التي قد تتأخر أكثر من عام في الكثير من المرات، أو بسبب التسعيرة المتدنية قياساً بالأسعار الحالية المعتمدة في القطاع الخاص، إذ إن سقف المعاينة لم يكن يتجاوز 800 ليرة قبل رفعها إلى 1500 ليرة مؤخراً، وكذلك أجور العمل الطبي التأميني قياساً بالأسعار في القطاع الخاص، التي تفوقها بنحو عشرة أضعاف وخاصة خلال سنوات الأزمة.
لا تتوقف «إهانات» التعامل مع بطاقة التأمين عند الانتهاء من زيارة الطبيب أو المستشفى، فلكل جهة من الجهات الطبية مشاكلها التي لا تقل عن مثيلاتها، «المخبر، الأشعة، الصيدلية…الخ».
إحدى الصيدليات التي كانت تتعامل مع التأمين قبل أن تتوقف، كانت «تكدس» وصفات التأمين، وتلقي على المريض مسؤولية البحث عن وصفته وهو ما يشبه البحث عن إبرة في «كومة قش»، وقد يتطلب الأمر أن ينتظر أياماً ثم يعود بخفي حنين.
انعدام ثقة
تطفو على السطح حالة من انعدام الثقة بين القائمين على التأمين والمؤمن عليهم، ففي حين يرى الكثير من المؤمنين أن الشركات تتعامل معهم بالشك والريبة، وبضرورة إثبات صحة ما يقولونه، يعد القائمون على شركات النفقات الطبية السبع أن هناك استخداماً غير حقيقي للبطاقة الصحية، كأن يستخدمها الأخ أو الابن، وأحياناً القريب، وإذا كان هذا الكلام لا يجانب الحقيقة فإن التأمين الشامل للأسرة كان سيحد كثيراً من وجود ظواهر كهذه، وخاصة مع ارتفاع تكاليف التداوي وانتشار الفقر بشكل كبير، طال حتى الطبقة الوسطى في الحرب.
مدير أحد المراكز الطبية محمد قصار يؤكد لتشرين أنه يخصص فريقاً من العاملين لمتابعة ومنع حالات التلاعب بالبطاقة التأمينية، ويرى أن أكبر مشكلتين تواجهان عمل المركز مع التأمين هما:
عدم الصدق في التعامل مع بطاقة التأمين سواء من قبل صاحبها أو الطبيب، وكذلك عدم التزام شركات نفقات الخدمات الطبية بمواعيد التسديد المطلوبة، إذ إنه من المفروض أن يتم التسديد بعد مرور نحو عشرة أيام على نهاية الشهر، لكن ما يحصل أن الشركات تتأخر مدة قد تفوق الأشهر.
يضاف لهذا رفض الشركات الموافقة على تغطية تحاليل يطلبها هذا الطبيب أو ذاك، في محاولة للتهرب من التزاماتهم بدفع المستحقات وتقليص النفقات، وغالباً ما يكون هناك تأخير في الإجابة عن الاستفسارات عما إذا كانت الشركة ستوافق على تغطية هذا التحليل أو تلك الصورة الشعاعية!
أقل من أجرة الحلاق
نقيب أطباء سورية د. عبد القادر حسن يؤكد أنه حتى الآن لا يوجد قانون تأمين صحي، وأن الأمر ألقي على عاتق وزارة المالية المتمثلة هنا بالمؤسسة السورية للتأمين كمحفظة مالية، وشركات إدارة النفقات الطبية كوسيط، ودوره حتى الآن فيه أخطاء تتجلى في التأخير بموضوع المطالبات للأطباء والصيادلة، لأكثر من شهر، وفي هذا خسارة قد لا يستطيع البعض تحملها، وكذلك التسعيرة المتدنية المخصصة للطبيب التي كانت محددة بنحو 500 ليرة قبل اتخاذ قرار رفعها، وهذا المبلغ يذهب منه ما نسبته 17% لكل من نقابة الأطباء وشركات النفقات، فتصبح حصة الطبيب أقل من أجرة حلاق قد لا يتجاوز عمره خمسة عشر عاماً!
يتحدث د. حسن عن تضافر عوامل عدة،وأخطاء تشارك فيها كل أطراف العملية التأمينية وتجعل الخدمة التأمينية تنحدر إلى هذا المستوى، ويرى أن لكل دوره، فالمؤمن عليه غير أمين على البطاقة، وقد يحصل سوء استخدام من الطبيب أيضاً وهذه قضايا يتم علاجها، ويرى أنه من الضروري إعادة تصحيح مشروع التأمين الصحي، لأن محاسنه كثيرة، وتلافي المساوئ التي تطفو، كقضية عدم الموافقة على صرف دواء للمعدة وصفه طبيب قلبية لأن المريض لا يستطيع استخدام الأدوية القلبية من دون استخدم أدوية تخفف من آلام المعدة، أو أي أعراض أخرى، وأكد أن هناك اجتماعاً قريباً مع كل الجهات لبحث هذه القضايا، فمن الضروري إصدار قانون واضح وصريح يضع النقاط على الحروف لكل طرف ويبين دور كل جهة بشكل دقيق.
وعن امتناع بعض الأطباء عن الاشتراك بالتأمين قال نقيب أطباء سورية: إن عدد أطباء سورية المسجلين في النقابة يبلغ نحو 24 ألف طبيب ، وأكثر من 50% منهم مشتركون بالتأمين، وإن الإجراءات المطلوبة للتعامل مع التأمين والتسعيرة المتدنية تلعب الدور الأكبر في إحجام البعض عن التعامل معه، ورأى د. حسن أن قانون التأمين في سورية مازال حديث العهد، إذ لم يمض عليه سوى ست سنوات، بينما نظام التأمين في العالم قديم ويحتاج تطويراً دائماً ومستمراً فقد تم تعديل قانون التأمين الفرنسي مثلاً أكثر من 13 مرة.
ليس اختصاصهم
وكما للمؤمنين والأطباء مشاكلهم مع التأمين كذلك حال الصيادلة، الذين يشكون تأخير دفع مستحقاتهم التي قد تتسبب بضياع رأسمال عملهم، يقول نقيب الصيادلة د. محمود الحسن إنهم طالبوا السورية للتأمين والنفقات الطبية ووعدوهم بعدم التأخير على ألا يتجاوز الموضوع 30 يوماً كحد أقصى. وأضاف إن إجراءات الصرف تعوق التعامل مع مرضى التأمين خاصة تلك المتعلقة بصرف الدواء حسب الاختصاص، والتشدد في هذا الموضوع، وقد وعدوهم أيضاً بحل مشكلة الأدوية التي لا تعد من الاختصاص لكنها لم تحل حتى الآن، خاصة الانتظار لإرسال الطلب إلى الشركة ومن ثم الموافقة عليه، وأحياناً تتضاعف هذه المدة بسبب انقطاع التيار الكهربائي والنت, الأمر الذي يزيد الأعباء على الصيدلاني قبل المواطن، ويشير إلى مشكلة أخرى تواجه عمل الصيادلة، وهي حسم إدارات النفقات من قيمة الوصفة لمصلحتها. وأكد د. الحسن أنه حتى نهاية 2016 بلغ عدد الصيادلة المسجلين أكثر من 25 ألف صيدلي في سورية، وأن أكثر الصيادلة مشتركون مع التأمين، وخاصة الصيادلة الذين لديهم رأس مال يستطيعون من خلاله تجاوز مشكلة التأخير في صرف الوصفات، وأضاف نقيب صيادلة سورية أن مشاكل الكهرباء والانترنيت ومراسلة شركات التأمين وانتظار موافقتها, كلها أسباب تجعل العمل مع التأمين عبئاً على الصيدلي، وأكد د. حسن أن عدد الشكاوى الذي يصل النقابة كبير جداً، وأكثرها ناتج عن التأخر في الصرف.
هذه مبرراتهم
لشركات إدارة النفقات الطبية «دلوها» فيما يقال عن سوء الخدمة والأداء، مدير عام شركة «غلوب ميد سورية» د. نبيل الحنيدي يقول: إن التعرفات الطبية الموضوعة من قبل وزارة الصحة والنقابات الصحية لا تتناسب مع أسعار السوق، وتؤثر سلباً في مستوى الخدمة.
فتعرفة وزارة الصحة بعيدة كل البعد عن تعرفات مشافي القطاع الخاص وليس هنالك جهة تلزم أسعار هذه التعرفات في السوق الخاص، ويرى أن التغييرات الأخيرة التي حصلت من قبل المؤسسة السورية للتأمين من تعديل التغطيات ورفع نسبة مساهمة المؤمن من المطالبة الطبية إلى 25% أثرت سلباً في رضا المؤمنين على الخدمة.. وأضاف د. الحنيدي أن دور شركات الإدارة هو التحقق من تقديم الخدمة الطبية الأفضل والأسرع وفق شروط «البوليصة» الموضوعة من قبل شركات التأمين, وأن عملية ضبط الاستخدام وكشف محاولات الغش والاحتيال هو من أهم أدوار شركات الإدارة لإنجاح عملية التأمين الصحي، وأن القسط التأميني البالغ 8000 ليرة للقطاع الإداري كان يقدم الخدمات الصحية نفسها خلال سنوات الأزمة رغم أن أسعار الخدمات الطبية (كالدواء مثلاً) ازدادت عدة مرات, وهذا أثر في قطاع التأمين ككل وعرضه لاحتمالات الخسارة.
ارتكاب مخالفات
المدير التنفيذي لشركة الخدمات المميزة د. نجيب الطويل يرى أن قطاع التأمين كغيره من القطاعات التي تأثرت بالظروف، الأمر الذي انعكس سلباً على مستوى الخدمات، فمن أسباب سوء الخدمة مثلاً التقنين الكهربائي وعدم توافر خدمات الإنترنت، ما أعاق التواصل بين مقدمي الخدمات وشركات الإدارة عند استصدار الموافقات اللازمة لتغطية الخدمات الطبية المطلوبة،كذلك تباين أجور الخدمات الطبية المقدمة بين الأجور المعتمدة من قبل الجهات الناظمة لعمل مقدمي الخدمة( وزارة الصحة، النقابات المهنية،…الخ) وبين التي يتم تقاضيها على أرض الواقع, ما أدى إلى لجوء عدد من مقدمي الخدمة إلى ارتكاب مخالفات للعقود المبرمة معهم من تقاضي مبالغ إضافية إلى الامتناع عن تقديم الخدمة…الخ.
يضيف د. الطويل: إن التغييرات التي طرأت على سعر الصرف أيضاً انعكست على أسعار المواد الأولية والمستوردة (المواد المستهلكة، المواد الأولية، أفلام الأشعة, المواد المستخدمة في مخابر التحاليل …الخ)، وكذلك خروج العديد من المراكز والأجهزة الطبية من الخدمة لعدم توافر قطع الغيار اللازمة لإجراء الصيانة.
ويؤكد أن الجهات المعنية عملت عدة إجراءات بغية تحسين مستوى الخدمات كاعتماد مشروع البوابة الإلكترونية الموحدة في 2014،واعتماد صرف المستحقات المالية الخاصة بمقدمي الخدمات خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً.
لا يوافق د. الطويل على فكرة تعامل الشركات مع المؤمنين كمتهمين يجب عليهم إثبات براءتهم؟ وأن غايتهم كشركات إدارة هو حصول المؤمن على الخدمة الطبية المطلوبة في الوقت والزمان المناسبين، ولكنهم من ضمن كادر طبي إداري متخصص ووفقاً لمعايير وبروتوكولات عالمية وعلمية معتمدة، يتطلب أحياناً تزويدهم بالعديد من الوثائق (نتائج تحاليل، تقارير أشعة،….) لتصدير الموافقات اللازمة للحصول على الخدمة الطبية المطلوبة، وهذا يفسر شعور المؤمن بأنه متهم من خلال الطلب إليه تزويدهم بتلك الوثائق، ويرى أن هذه الإجراءات تتضارب غالبا مع مصالح من يسعى إلى تحقيق الكسب غير المشروع وإساءة استخدام البطاقة التأمينية،ويدعو إلى إطلاق حملة توعية تأمينية شاملة بالشراكة مع المؤسسة السورية للتأمين والنقابات المهنية.
وعن أسباب عدم الرضى العام عن مشروع التأمين الصحي يرد الطويل أن التعرفات الطبية الموضوعة من قبل وزارة الصحة والنقابات الصحية لا تتناسب مع أسعار السوق.
وأن ما يميز أداء شركات الإدارة عن بعضها هو وجود نظام إلكتروني ذكي لإدارة المطالبات إضافة إلى الكادر الطبي والإداري المؤهل.
أما المطلوب لتحقيق خدمة أفضل فيرى د. الطويل أن هناك عوامل عدة من أبرزها رفع مستوى الوعي والثقافة التأمينية لدى المؤمن ومقدم الخدمة على حد سواء، فالعقد التأميني لرفع الخطر وليس للكسب غير المشروع من خلال إساءة استخدام البطاقة التأمينية، وقيام النقابات المهنية بالدور المطلوب بإلزام منتسبيها بتقديم الخدمة الطبية المطلوبة، تبعا للاتفاقيات المبرمة مع شركات الإدارة والتعامل الصارم مع المخالفات والتجاوزات المرتكبة وإلزام المتعاقدين بتقديم الخدمات وفقاً للتعرفات المعتمدة وحسن استقبال المؤمنين.
بطاقة صراف
مع أنه ليس جديداً على قطاع التأمين إلا أن مدير الهيئة السورية للتأمين إياد زهرة لم يمض أكثر من شهر على قرار تعيينه مديراً، وجميع الأطراف تنتظر من خبراته في هذا المجال أن يحدث نقلة نوعية، لم يكن الحديث معه مخصصاً للنشر لكنه أشار إلى الكثير من النقاط التي تقف عائقاً في وجه أداء أفضل للتأمين الصحي، كطريقة استخدام البطاقة التأمينية كما لو أنها بطاقة صراف، واعتبار بعض المؤمنين أنهم إذا لم يستخدموا البطاقة فهذا يعني أنها لم تقدم لهم شيئاً.. وعن حجم خسائر المؤسسة بعد الحرب أكد أنها وصلت لنحو 5 مليارات ليرة للعام الماضي مع الخدمات المقدمة حالياً.
هذا ما قاله!
مستشار التأمين الصحي د. هشام ديواني أشار إلى تصريحات رئيس مجلس الوزراء خلال ترؤسه اجتماعاً مع هيئة الإشراف على التأمين، ومما نشر من هذه التصريحات:
«إن قطاع التأمين أصيب بالشخصنة، والمحسوبيات والفساد، والعديد ممن كانوا قائمين على القطاع، أصابوه في الصميم، نتيجة شخصنة الأمور واستنزاف موارد الدولة، وخاصة في موضوع التأمين الإلزامي الذي لم يخدم الدولة».
«لا يعقل أن يكون القائمون على قطاع التأمين لا يمتلكون استراتيجية ورؤى واسعة حول آلية وطرق تحقيق الهدف، !!!، هل سيبقى قطاع التأمين خاسراً وضعيف الأداء والبنية والسلوك وهو من القطاعات التي ينظر إليها في دول العالم على أنها القطاع الرائد للاقتصاد؟».
وتطرق الحديث عن التأمين الصحي الذي أصبح يشكل رافعة تجر المؤسسة العامة السورية للأسفل بعد أن كان التصور السابق له بأنه سيرفع واقع المواطن والمؤسسة إلى الأعلى!
أضاف د. ديواني أنه لا يرى أداء هذا القطاع سيئاً قياساً بما يتوافر من عناصر وبرامج وشركات إدارة، فالمشكلة تكمن في الأقساط وتذبذب الأسعار وارتفاع أسعار الأدوية والمعاينات والتغطيات غير المدروسة وعدم تشميل العائلة وعدم توافر الكوادر الفنية المدربة في المؤسسة السورية وبرنامج الحاسوب الخاص بالسورية وأمور أخرى كثيرة.
مشكلات التأمين الصحي عديدة، فالمؤمن غير راض، ومقدم الخدمة، وشركة التأمين وشركة إدارة النفقات الطبية، والإعلام ومجلس الوزراء كلهم غير راضين، وهذا يشير لوجود مشكلة!
غياب القانون
ويرى مستشار التأمين أن غياب القانون من أهم المشكلات، وقد يقول أحدهم هناك المرسوم /65/ لعام 2009, وأقول: إن هذا المرسوم عدل مادة من قانون العاملين وأجاز, ولم يلزم, الوزارات بالتعاقد مع المؤسسة لحين صدور قانون الضمان وهنا أضع خطين تحت عبارة لحين صدور قانون الضمان، كما أن هذا المرسوم لم يعرّف أو يحدد المهام للأطراف وطريقة التعامل والحقوق والواجبات.
ويرى أن هناك مشكلة أخرى تتمثل بالعقود الخاصة بالتغطيات والعقود مع مقدم الخدمة ودخول النقابات المهنية كمستفيد من دون أي جهد أو مشاركة حقيقية والأهم غياب الأرقام الحقيقية سواء لجهة تحديد الأقساط أو للصرف أو للأسعار أو للاقتطاعات أو نسب التحمل، وعموماً الرقم في التأمين الصحي لا وجود له إلا على حواسيب شركات الإدارة وهذا ملكهم ونادراً مايتم التصريح به.
كانت الشركات تأخذ نحو 8 دولارات سنوياً عن كل مؤمن أصبحت الآن تتقاضى أقل من دولار إضافة لزيادة أجور العاملين وثمن المواد والمستهلكات والأحبار والبطاقات وأمور كثيرة أخرى.
يضيف د. ديواني أنه طبيب ويفترض أن يدافع عن النقابات المهنية لكنه يجدها مقصرة في هذا المجال من عدة أماكن, كما أنها تقتطع من الأطباء نسباً عالية غير محددة بالقوانين وهذه النسب يجب أن تذهب لتطوير أعمال التأمين، وليست فقط ضريبة على الطبيب لأنه منتسب لها. ويذكر د. ديواني أيضاً غياب الدور الحقيقي للنقابات المهنية وتغييب دور وزارة الصحة وهيئاتها المستقلة.
ويرى أن المشكلة تكمن في أن كل صاحب قرار جديد يتم تعيينه، يبدأ باختراع الدولاب من جديد ضارباً عرض الحائط بما جرى سابقاً!.
عدد متواضع
ويرى ديواني أن عدد المؤمنين في سورية رقم متواضع جداً بالنسبة للمفترض أن يكون عليه وهم يتجاوزو السبعمئة ألف، ولولا القطاع الإداري لما كانت هنالك أرقام، حيث إن القطاع الخاص نسبته قليلة ويغيب فيه قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم /18/ لعام 2010 بتأمين العاملين في القطاع الخاص، كذلك يغيب عنه قرار مجلس الوزراء لعام 2008 بتغطية طلاب المدارس بالتأمين الصحي، ويغيب عنه أيضاً مرسوم السيد الرئيس رقم /46/ لعام 2011 بتغطية المتقاعدين المدنيين والعسكريين بالتأمين الصحي.
وفي المجمل يرى أننا بحاجة لقانون ضمان صحي ومتابعة تقييم النظام الصحي لدينا بكل لاعبيه وإحداث هيئة مصغرة في رئاسة مجلس الوزراء تعنى بالتأمين الصحي تضم الاستشاريين وتنبثق أعمالها وفقاً للمجلس الصحي الأعلى وقانون الضمان، وتتحول لاحقاً إلى هيئة مستقلة بعد استكمال الأداء.