لا للمخدرات نعـم للحياة ..ظاهرة استشرت في المجتمع وعلاجها سـري ومجاني في سورية

لا للمخدرات نعـم للحياة ..ظاهرة استشرت في المجتمع وعلاجها سـري ومجاني في سورية

أخبار سورية

الاثنين، ٢٦ يونيو ٢٠١٧

لم تكن من الدول التي تزرعها أو تنتجها أو تستهلكها، فسورية وبحسب التصنيفات الدولية تعتبر بلد عبور للمخدرات بسبب موقعها الجغرافي بين الدول المنتجة والمصدرة لها، إلا أنه ومع انطلاقة شرارة الأزمة باتت تلك الآفة تتمدد بشكل يثير القلق في كافة أوساط وفئات المجتمع وبخاصة الشباب والمراهقين منهم، مستغلة ما خلفته الحرب من تبعات على الأصعد كافة، ولاسيما على الصعيد الاجتماعي إذ بينت الدراسات أن 97 % من المدمنين ينتمون إلى أسر مفككة أو منهارة بسبب الطلاق أو الهجر.
وعلى الرغم من أن الدولة كانت ولا تزال تكافح تلك الظاهرة التي تسرق أبناءنا منا وتحولهم إلى حطام وتدفعهم إلى الجريمة شاؤوا أم أبوا، بكل الوسائل والسبل وتتابع المشبوهين في المتاجرة فيها والمدمنين عليها، إلا أن هذا لا يكفي، فمكافحة المخدرات تتطلب تعاوناً وتكاتفاً بين جميع الجهات المعنية الرسمية والأهلية من أجل درء شرورها عن وطننا الغالي، وذلك بحسب الدكتورة ماجدة الحمصي رئيسة شعبة المخدرات في وزارة الصحة التي كان لتشرين وقفة معها في هذا الملف الذي حاولنا من خلاله رصد مخاطر هذا الوباء، وآثاره على الأسرة والمجتمع، والتعرف إلى الاستراتيجية التي اتبعتها الوزارة للحد من انتشار المخدرات ومكافحتها، وإلى الآلية التي يتم التعامل بها مع المدمنين في مشفى ابن رشد الذين وصل عددهم إلى 774 مريضاً في عام 2016 ودخل المشفى كإقامة 264 مريضاً أما عدد الموجودين في أسرة المشفى فهو لا يقل عن 15 مريضاً يومياً، وبالنسبة للتكلفة اليومية للمريض فهي تصل إلى 50 ألف ليرة، بحسب الدكتور نضال نقّول أخصائي الطب النفسي في مشفى ابن رشد الذي كانت معه بداية جولتنا
يوضح الدكتور نقّول: قبل ثلاث سنوات تحول المرصد الوطني لرعاية الشباب إلى مشفى ابن رشد للأمراض النفسية ومعالجة الإدمان، عبر قسمين منفصلين عن بعضهما البعض، وبالنسبة للعلاج في المشفى فهو سري ومجاني، وهذا ما يشجع المرضى لمراجعتنا جراء الخدمات التي نقدمها والتي تضاهي أرقى طرق العلاج في دول العالم، مبيناً أن الكادر الطبي لم يغادر المشفى طيلة الحرب على سورية، وقد كان حريصاً باستمرار على القيام بواجبه على أكمل وجه، رغم أنه كان على تماس مع المناطق الساخنة في كثير من الأحيان.
وحول طريقة العلاج والقبول في المشفى أشار إلى أنها تعتمد على الدراسات الحديثة والمثبتة بالبرهان، صحيح أنها تكون صعبة في البداية على المريض، ولكن مجيئه طواعية وبرغبته الشخصية، هو ما يشجع على استمراره في العلاج، وأضاف: يتم قبول المريض في عيادة الإدمان الخارجية في البداية، ثم يقوم الطبيب الاختصاصي بفحصه من الناحية النفسية والسريرية، بالإضافة للفحص الجسدي الكامل، وكل حالة تعتمد على خطة معينة في المعالجة، كما تجرى لكل مريض يدخل المشفى التحاليل الطبية الكاملة، وأيضاً نجري جميع التحاليل للمريض (تحليل الإيدز- تحليل الفيروسات المسؤولة عن التهاب الكبد b وc بشكل روتيني ولم نصادف أي حالة ايدز، أما التهاب الكبد (b وc ) فقد واجهتنا حالات تم تحويلها إلى الأماكن المسؤولة عن ذلك لعلاجها، وفي حال كانت الفحوص سليمة يتم قبول المريض، أما الحالات التي تتطلب الاستشارات الخارجية من أطباء الصدرية والقلبية والهضمية فإننا نطلب من الاختصاصيين القيام بها حصراً في مشافي الدولة، وبعد التعرف عليها نعلمهم بنوعية العلاج الذي سنقوم به، إن كان مناسباً للحالة المرضية أو لا يناسبها، ويكون العلاج عرضياً، فإذا كانت هناك آلام نعطي المسكنات، وبالنسبة للمشكلات العضوية نعطي الأدوية، أضف إلى ذلك هناك العلاج النفسي الذي يستمر لأشهر طويلة، حيث تتم متابعة المريض حتى بعد خروجه من المشفى بشكل أسبوعي، ولكن هذه المسألة لا نستطيع ضبطها لأنها مرتبطة بقناعة المرضى، علماً بأن إهمال المريض يمكن أن يعرضه للانتكاسة وحتى هذا الأمر نتقبله، إذ إن هناك بعض المرضى راجعونا للمرة السادسة والسابعة والثامنة، وعن نسب النجاح في العلاج أفاد بأن نسبة الشفاء من الإدمان ضعيفة عالمياً وهي تقدر بين 5-6% في حال تم تأمين العلاج المتكامل بعد سحب المواد من الجسم، وبالنسبة لنا فنحن راضون عن النتائج التي نتوصل إليها، فهناك حالات عديدة تم شفاؤها من خلال تعاونها الجيد وتغيرت حياتها كلياً، وعادت للانخراط في المجتمع من جديد.
فترة العلاج الأولى
في فترة العلاج الأولى كما يقول الدكتور نضال يتم سحب المواد من جسم المريض، ثم نركز على الحالة النفسية له، ونقدم العلاج المناسب، صحيح أن بعض المرضى يشعرون بالملل في البدايات لكونها أول تجربة علاجية لهم، فتراهم يطلبون الخروج بعد 4- 5 أيام، لكننا نحاول إقناعهم وبالتعاون مع ذويهم أو أقربائهم للمكوث من أجل تلقي العلاج المناسب، والحد الأدنى لبقاء المريض هو 15 يوماً وبعضهم قد يمكثون شهراً كاملاً.
ويتابع: يتداخل العلاج مع قسم العلاج الفيزيائي بغية تنشيط المريض وتحفيز القدرة الحركية عنده، وتالياً تخفيف حدة الألم الموجودة بسبب أعراض السحب، أما أكثر الصعوبات التي تواجهنا بحسب الدكتور نضال فهي حالة المريض الذي يزور المشفى لأول مرة لأنه يشعر بالملل ويعاني من الضجر ولا يتحمل أي شيء، وذلك إما بسبب الاشتياق أو التوق الذي يسيطر عليه في الأيام الأولى جراء الرغبة بالخروج، وقد نحتاج ليومين أو ثلاثة لإقناعه، ومن واجبنا ذلك لأن المريض يكون تحت سيطرة الدواء أو الاشتياق الشديد للخروج من أجل التعاطي مجدداً، وفي تعاملنا مع الحالات المريضة نأخذ بعين الاعتبار الشخص نفسه هل يعاني من اضطرابات نفسية معينة أدت به للإدمان أو لديه معاناة اجتماعية أو ضغوطات، ولذلك تختلف الخطة العلاجية بين شخص وآخر، والفريق الطبي الموجود يقرر الخطة العلاجية، ويضم أطباء نفسيين ومعالجين ومرشدين اجتماعيين.
ويلخص الدكتور نضال الأعراض التي تصيب المريض بالآتي: يبدأ العلاج بالفطام الفوري الكامل، ولكل مادة أعراض سحب خاصة، فحين تتوقف المادة يصاب المريض بأعراض نفسية وجسدية تؤدي إلى اضطرابات في النوم والشهية والنزق والاستثارة والهياج وآلام عضلية هيكلية ومفصلية شديدة، عدا التعرق وسيلان الأنف، وقد تؤدي إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي ينتج عنها الإسهالات، وهذه الأعراض نسيطر عليها حسب كل عارض من خلال الفطام وتعليق السيروم، ووضع المواد الدوائية فيه، أو عن طريق الفم أحياناً، وقد تكون مسكنات أو مضادات تشنج وإسهال واكتئاب بغية السيطرة على الحالة السلوكية للمريض، الذي يدخل في بعض الأحيان بحالة الهياج و«الضوجان»، وقليلاً ما نشاهد العنف عند هؤلاء، وبعد ذلك نبدأ بعملية سحب الأدوية التي قدمناها للمريض خلال الــ(15) يوماً مع استقراره نفسياً وجسدياً، وتراجع الآلام لديه وتحسن نومه وأكله والوعي والإدراك لديه وأيضاً التركيز شوالذاكرة وحينها نقول: إنه تماثل للشفاء أو قابل للتخرج.
لا يوجد نقص بالأدوية
ويؤكد الدكتور نقوّل أنه لم يحصل عندهم أي نقص دوائي خلال فترة الحرب على سورية، وأكثر فترة غابت فيها بعض الأنواع لم تتجاوز الشهر، مع العلم بأننا نقدم الخدمة لمرضانا وغير مرضانا حتى ممن لا يعالجون بالمشفى في أماكن أخرى، أو في عيادات خاصة، وكنا نقدم الأدوية الخاصة لمرضى الصرع القادمين للمشفى من جميع أنحاء سورية، ويأتي المريض ليأخذ وصفته الدوائية.
أسباب جديدة للإدمان
وحول تأثير الأزمة على حضور حالات جديدة من الإدمان قال نقّول: الأزمة أثرت على مجتمعنا من جمع النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وأفرزت وسمحت بحضور مواد في السوق نتيجة رخصها من جهة، وغياب الرقابة المطلوبة من جهة أخرى، وكذلك الاضطرابات النفسية التي حصلت عند جيل الشباب، ما أدى إلى التعاطي عندهم من خلال سوء استخدام الأدوية خاصة المسكنات والمهدئات التي ازدادت نسبتها، علماً أن البلد لا يزال بلد عبور، ولا يمكن اعتبار المخدرات متفشية فيه، ونحن بلد آمن، ولا توجد لدينا أية زراعة أو صناعة للمواد المخدرة، إنما لدينا سوء استخدام ومبيع للأدوية الخاصة.
أرقام من المشفى
يوجد في المشفى كما ذكر د. نقوّل 50 سريراً ومتوسط استخدامهم على صعيد الإدمان (20) سريراً، ويوجد بشكل دائم على الأقل ما بين 15-20 مريضاً، وقد يرتفع العدد أحياناً إلى 25 مريضاً، أما على الصعيد الفئات العمرية فإننا نقبل المريض حتى دون الـ(18) عاماً ولكن بشرط توفر مرافق أو قريب منه، وإذا كانت مريضة يجب أن تكون معها مرافقة حصراً، ومتوسط أعمار المدمنين ما بين (18-35) سنة، وأحياناً هناك كبار السن من (40-45) سنة بأعداد أقل وكذلك (50) سنة، والمادة منتشرة بين الذكور أكثر من الإناث، كون الفتيات لا يفصحن عن ذلك، ولا يأتون للعلاج. ولا يقل عدد المراجعين في العيادة الخارجية عن 30-40 مراجعاً لمتابعة علاجهم، وهم الذين سبق لهم الدخول إلى المشفى والتخرج منه، وهناك نسبة لابأس بها ممن يقومون بمتابعة علاجهم بالخضوع للجلسات النفسية، وبشكل عام هذه المسألة تعتمد على اهتمام المريض والأهل لتشجعيه على المتابعة العلاجية.
ويضيف يتوفر لدينا أطباء اختصاصيون في الطب النفسي، ولدينا طبيب داخلية ومشرف في المشفى وطبيب عصبية، عدا الأطباء المقيمين والمرشد الاجتماعي والمعالج النفسي الذي يقوم بجلسات العلاج النفسي للمرض. ويوجد لدينا ستة أطباء نفسيين في المشفى، وسبعة أطباء مقيمين جدد، ومن المفضل أن يكون العدد أكثر من ذلك. ولدينا أطباء مقيمون يقومون يومياً بجولات صباحية ويتم من خلالها الوقوف على حالة المريض على مدار اليوم، وتتم المناقشة بين الكادر الطبي في جلسة طبية يومية حول الحالة لكل مريض، وكيف أصبحت هل كان يعاني من الهياج و«الضوجان» وقلة النوم، وما هي الأعراض التي ظهرت عليه، ووفقاً لذلك يتم تعديل الخطة العلاجية إذا لزم الأمر.
خطة نفسية للعلاج
بدوره المرشد الاجتماعي أحمد زعويط في مشفى ابن رشد بيّن أنه وبعد التقييم للحالة التي ندرسها نقوم على نوعين من العلاج المعرفي والسلوكي، عبر تعليم المرضى مقاومة حالة الغضب وتمارين ضبط النفس، وكذلك التمارين الخاصة التي تساعدهم على النوم. مشيراً إلى أن الخلافات العائلية والتنشئة الاجتماعية وشخصية المدمن التي تكون أكثر قابلية للإيحاء من غيرها، هي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإدمان عند الناس بشكل عام أما عند المراهقين فترتبط بالإهمال الأسري وغياب التنشئة الصحيحة، والتناقض بالتربية بسبب الطلاق والانفصال بين الوالدين والقدوة والتقليد الأعمى في مقدمة الأسباب، كما يلعب المجتمع دوراً سلبياً في انتشار هذه الظاهرة بسبب السهولة في الحصول على المادة من الصيادلة، وانتشارها دون ضوابط، ووجود شخصيات معادية للمجتمع، ولا ننسى بالطبع الحرب وظروفها التي زادت من هذه المشكلة، وأدت إلى وجود المراهق في بيئات مختلفة لا تتقارب في عاداتها وتقاليدها ومن الأعراض غياب المراهق عن البيت بشكل متكرر، وتبدل الحالة الانفعالية وسرعة التوتر والقيام بضرب نفسه بالمشارط والسكاكين، وحدوث اضطرابات في النوم وفشل دراسي يؤدي إلى افتعال المشاجرات داخل الصف، وتالياً الهروب من المدرسة.
أعراض عامة
وفي حديث مع الطبيب مهيدي الرباحي أن أولى العلامات التي تظهر على المتعاطي تتمثل في حبه للانعزال والسرية التامة، والحرص على عدم افتضاح أمره أمام الأسرة من خلال ملاحظة التغيرات التي تطرأ عليه في الانعزال وبسلوكيات مختلفة كتناول الطعام في غرفته التي يلازمها طويلا, وعدم النظر إلى عين من يكلمه, وملازمة التلفاز والأنشطة الأخرى التي لا تتطلب احتكاكاً مع الآخرين . ومن العلامات أيضاً عند البدء بالتعاطي احتقان في العيون وانخفاض في القدرة العضلية، وعند زوال هذه الأعراض يشعر المتعاطي بارتخاء وبرغبة في النوم، ويكون وقتها قد تناول جرعة من المخدرات. ومن الأعراض كذلك انخفاض محدود في المعرفة واضطراب في الرؤية، وأحياناً في السمع وبعض الهلوسات، كما يظهر على المتعاطي ضعف الإحساس بالمكان والزمان, ويضيف د. رباحي أنه وفي حالات تعاطي الجرعات الكبيرة تسيطر على المتعاطي الأفكار الجنونية والتهيؤات والتخيلات والقلق والارتباك، وغالباً تحدث حالات هيجان بعد تعاطي جرعات كبيرة، وتظهر من حين لآخر أعراض إضافية نتيجة التأثير النفسي للمادة مثل الهذيان وعدم القدرة على معرفه الاتجاهات، و في بعض الحالات القليلة تحدث حالات من الفزع والاضطراب الداخلي والخوف من الأسرة والمدرسة والمجتمع ووزارة الصحة ..
لكل دوره
للأسرة دور كبير يبدأ كما يراه زعويط من خلال استيعاب الحالة التي وصل إليها المراهق والنزول إلى مستواه، وإقامة الحوار معه، والإصغاء بتمعن لحديثه، والبعد عن أسلوب النصح والوعظ، وأن تكون النصائح بطريقة غير مباشرة، أما المدرسة فهي شريك أساسي في العلاج من خلال كوادرها ومناهجها، وطريقة التعامل مع المراهق داخل الصف، وبالنسبة للمجتمع فإننا نأمل أن تكون هناك متابعة من الجهات المعنية والتشديد في المراقبة على الحدائق والأماكن العامة التي تنتشر فيها في هذه الأيام عادات غريبة عن مجتمعنا، أيضاً للمجتمع الأهلي ووسائل الإعلام بكافة أنواعها دور كبير ومهم في إقامة الندوات التوعوية ونشاطات للمراهقين.
مصيرك بإيدك
أما فيما يتعلق بوزارة الصحة قالت الدكتورة الحمصي: إن عملنا في دائرة المخدرات في وزارة الصحة يتمثل في منح تراخيص استيراد المواد المخدرة والنفسية لمعامل ومستودعات الأدوية ومراقبة صرفها وإعطاء رخص المواد المخدرة لمرضى السرطان وتنظيم الإحصاءات الدولية لرقابة المخدرات الربعية والسنوية والرد على مراسلات المكتب الدولي لرقابة المخدرات، كما نقوم بالإجابة على مراسلات وزارة العدل والداخلية بخصوص التحقيق في قضايا المخدرات ووضع القرارات التنظيمية والتعاميم، ونفخر بأنه تم إرسال شكر من الهيئة الدولية لرقابة المخدرات وذلك لتعاوننا معهم، وفي مجال التوعية التي تحتل مكانة كبيرة في الجهد الوطني لمواجهة هذا الوباء ودرء شروره عن وطننا الغالي، فإننا نعمل على إقامة نشاطات نوعية ومحاضرات وطبع وتوزيع البروشورات ذات الصلة والمشاركة في كافة اللجان الرسمية والأهلية ولدينا برنامج خاص بالتوعية يتخذ من (مصيرك بإيدك) عنواناً له. ورداً على سؤالها هل لديكم استراتيجية في مكافحة المخدرات؟ قالت: من خلال لجنتنا في وزارة الصحة التي تسمى بلجنة خفض الطلب على المخدرات وهي إحدى اللجان المنبثقة عن اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات تم وضع الاستراتيجية الوطنية لخفض الطلب على المخدرات وقد أقرتها اللجنة الوطنية التي يترأسها السيد وزير الداخلية، وتضم في عضويتها معاوني كافة الوزارت ورئيس دائرة المخدرات في وزارة الصحة وكافة رؤساء الهيئات والنقابات وجمعيات المجتمع الأهلي، ونحن نحاول بالتنسيق والتعاون مع جميع الجهات تسخير كافة الإمكانيات المتاحة للوصول إلى تحقيق الخفض بأنواعه الثلاثة: خفض العرض وخفض الطلب وخفض الضرر. لتنوه أن رحلة التعافي تبدأ بشكل فعلي عندما يشعر المريض المدمن أو ذويه بالرغبة في العلاج ومراكزنا للعلاج هي مشفى ابن رشد في دمشق وابن خلدون في حلب، وهي جاهزة لاستقبال المرضى وعلاجهم مجاناً دون أي مساءلة قانونية وبسرية مطلقة وهناك سبع خطوات للتخلص من الإدمان:
1- اتخاذ قرار العلاج من المدمن نفسه.
2- عمل قائمة بالأشياء التي يريد تحقيقها.
3- كتابة تاريخ الإدمان والأنواع التي تعاطاها.
4- تحديد موعد البدء بالعلاج.
5- وضع مسار لرحلة التغلب على الإدمان.
6- تهيئة البيئة المناسبة المحيطة بالمدمن للتعافي.
7- وضع برنامج لإدارة الذات.
لتختم بالقول: صحيح أن تعاطي المخدرات مشكلة صعبة ومعقدة إلا أن أكثر الطرق يسراً لحلها توظيف البعد الديني والأخلاقي و توظيف رأس مال أكبر في مجال الترفيه والتأهيل لمساعدة الشباب بشكل خاص على الاستقرار النفسي والاجتماعي وتطوير أدواتنا الوطنية بكل السبل لزيادة ثقتنا بهم و ثقتهم بأنفسهم، والعمل على تنشئة جيل واثق من نفسه يسعى نحو تحقيق انجازات ايجابية وليس مرهونا أو مسكونا بالخوف من ارتكاب الأخطاء أو التعرض للمخاطر، جيل لا يرى الحياة مجموعة من المصائد والمكائد والمخاطر بل يراها منظومة اجتماعية خالية من التحديات والعقبات فيصبح واثقاُ من خطواته ومندفعاً نحو آفاق الانجاز.
لماذا الشباب؟
في حديث مع طالب جامعي فضل عدم الكشف عن اسمه قال: إن مادة الحشيش منتشرة بكثرة بين الشباب والفتيات، وكثير من متعاطيها لا يخفون هذا الأمر، بل ويعتبرونه أمراً طبيعياً ويشبهونه بالتدخين العادي، وأضاف: في إحدى المرات، عرض علي زميلي لفافة تبغ، ومع بداية تدخينها أحسست بطعم غريب ورائحة غريبة، فعرفت أنها حشيش، فصرخت بوجهه ورميتها، والمفاجئ في الأمر كان دهشة زميلي من استيائي، واصفاً الأمر بالعادي الذي لا يستحق كل هذا الغضب، وأن تعاطي مادة الحشيش بالذات ما عاد أمراً مستهجناً أو غريباً حتى بين البنات، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الشباب؟ هنا تؤكد الدكتورة الحمصي بأن الشباب رجال المستقبل وأمل الأمة، لذلك فهم الفئة المستهدفة من قبل قوى الشر التي تعمل على استغلال خصائص هذه المرحلة العمرية الشديدة الحساسية والتي تبدأ من ضعف الخبرة الاجتماعية وحب الاستطلاع واقتحام المجهول واختباره مروراً بعدم الاستقرار وأوقات الفراغ وصولا إلى الرغبة في اختبار نوع جديد من التجارب في محاولة من الشاب لتأكيد ذاته، ولهذا لابد من تحصين وحماية الشباب ضد كل ما يهدد نموهم وبنائهم النفسي والجسدي والاجتماعي.