سيمور هيرش يكشف كواليس ضربة الشعيرات: لم تملك الاستخبارات أي دليل على استخدام الكيميائي

سيمور هيرش يكشف كواليس ضربة الشعيرات: لم تملك الاستخبارات أي دليل على استخدام الكيميائي

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٧

كشف الصحافي الاستقصائي الأميركي سيمور هيرش، في مقال نشرته الصحيفة الألمانية «فيلت»، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمر بضرب قاعدة الشعيرات الجوية السورية بالصواريخ في ٦ نيسان الماضي، وذلك على الرغم من إبلاغه مسبقاً بعدم وجود أي دليل على استخدام الجيش السوري موادّ كيميائية في هجوم خان شيخون، وهو الأمر الذي كان قد تذرّع به ترامب لتوجيه الضربة بعد أن سوّق الإعلام الغربي بنحو كثيف حينها لفكرة استخدام الجيش السوري «غازاً ساماً قاتلاً».

اعتمد هيرش في مقاله على معلومات من «مصادر حكومية واستخبارية أميركية»، وأرفقه بنص قال إنه لأحاديث بين مستشار أمني وجندي أميركي على إحدى الجبهات بعد هجوم خان شيخون وقبيل تنفيذ الضربة على الشعيرات وبُعيده، وتتضمن إثباتات إضافية على معلوماته. وفقاً لما قدّمه هيرش، فإن ترامب والمسؤولين العسكريين والأمنيين المعنيين «كانوا على علم مسبق بأن الطائرات الحربية السورية تنوي توجيه ضربة إلى الإرهابيين في خان شيخون، وأن الجانب الروسي أبلغ الأميركيين بهذا الأمر بموجب (مذكرة التفاهم لتلافي الحوادث) في الأجواء السورية بين الطرفين».

ضربة الشعيرات
كانت أشبه باستعراض مفرقعات ضخم

وحسب المعلومات الاستخبارية والعسكرية الأميركية التي نقلها هيرش، فقد وجّه الطيران الحربي السوري ضربته في ٤ نيسان الماضي، مستهدفاً مقراً كان يجتمع فيه قادة من تنظيمي «أحرار الشام» و«جبهة النصرة»، مستخدماً «قنبلة جوية موجّهة تحمل رأساً حربياً تقليدياً»، زوّدت بها روسيا الجيش السوري. ويقول هيرش إن الطيران السوري «أصاب مبنى من طبقتين، طبقة كان يجتمع فيها الإرهابيون، والطبقة السفلية كانت تحتوي على أسلحة وصواريخ ومواد كيميائية كمادة الكلور التي تستخدم لتطهير جسد الميت قبل دفنه، ومواد أخرى كان الإرهابيون يخزّنوها لتوزيعها لاحقاً على السكّان». ويتابع المقال، بأنه عند سقوط القنبلة على المبنى «حدثت سلسلة من التفجيرات سبّبتها الذخائر التي كانت موجودة، وشكّلت سحابة من الغاز السام الناجم عن تفجير المواد الكيميائية المخزنة أصلاً في المبنى». تلك المعلومات توصّل إليها قادة عسكريون واستخباريون أميركيون يؤكد هيرش وينقل عن أحد مستشاري الإدارة الأميركية في القضايا الأمنية، قوله إن هجوم خان شيخون «لم يكن هجوماً كيميائياً، إن ذلك خرافة». ويشرح المقال قائلاً إن «لغاز السارين علامات يتركها في المكان المستهدف، ومن السهل ملاحظتها، وهو لا يحمل أي رائحة ولا يسبّب دخاناً»، ويذكّر بأن «التقارير الطبية التي صدرت بعيد الضربة تشير إلى وجود آثار لأنواع مختلفة من المواد السامّة، مثل الكلورين ومواد تستخدم في الأسمدة، وقد تسبب حالات تسمم شبيهة بتلك الناتجة من غاز السارين». وتشير «التقديرات الاستخبارية» الأميركية إلى أنّ الضربة السورية «أدّت إلى مقتل أربعة قادة من الإرهابيين على الأقلّ وعدد غير محدد من المساعدين، كذلك لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد الضحايا الذين سقطوا بسبب الغازات السامّة التي انبعثت جرّاء الانفجارات اللاحقة التي تلت الضربة».
مقال هيرش يكشف أيضاً أجواء الاجتماع الأمني العسكري الرفيع الذي بحث خيارات الردود الأميركية على هجوم خان شيخون، التي كان من بينها «عدم فعل أي شيء»، الاقتراح الذي رفضه ترامب فوراً. وتؤكد معلومات هيرش أن التقارير الاستخبارية التي قدّمت إلى الرئيس الأميركي أكّدت «عدم وجود أي دليل يشير إلى استخدام سلاح كيميائي في خان شيخون، وأن المقاتلة السورية التي نفّذت الهجوم لم تكن تحمل صواريخ برؤوس كيميائية، بل صواريخ تقليدية موجّهة». لكن ترامب، حسب ما نقل عنه المستشار الأمني، «لم يعر ذلك اهتماماً وكان منفعلاً بعد رؤية صور جثث الأطفال ومصمماً على ردّ عسكري كبير».
«الضربات الأولى على قاعدة الشعيرات أشعلت براميل تخزين الوقود، ما سبّب تصاعد دخان كثيف أثّر في نظام توجيه الصواريخ اللاحقة، بحيث لم يصب نحو ٢٤ صاروخاً الأهداف المحددة»، وتشير مصادر هيرش وتضيف أن «الطائرات الحربية التسع التابعة للجيش السوري التي قصفت في الشعيرات لم تكن صالحة للعمل»، وأن «الطائرات الجيدة والعاملين في القاعدة نقلوا إلى وحدات آمنة قريبة قبيل الهجوم الأميركي». «الأمر كان أشبه باستعراض مفرقعات ضخم» يقول الجندي الأميركي في حديثه مع أحد المستشارين الأمنيين، «ممتناً لعدم إلحاق أذى كبير بسوريا أو روسيا»، خصوصاً «أننا نعلم أنه لم يحدث أي هجوم كيميائي».
وفي التحليل السياسي، ينقل الصحافي الأميركي عن المستشار الأمني استبعاده لاحتمال أن يكون النظام السوري قد أمر بهجوم كيميائي في خان شيخون لأن «الروس سيكونون أشدّ المعارضين لذلك، ولأن الأمر كان بمثابة انتحار سياسي للرئيس بشار الأسد الموشك على كسب الحرب».