أطفالنا شهود على الحرب تبنوا سلوكيات ونشر الوعي هو التحصين الحقيقي لمنع التأثر بالعنف

أطفالنا شهود على الحرب تبنوا سلوكيات ونشر الوعي هو التحصين الحقيقي لمنع التأثر بالعنف

أخبار سورية

السبت، ١ يوليو ٢٠١٧

رنا بدري سلوم
لا تأبه أم محمود بالكلمتين اللتين تكتبان على شارة المسلسلات المخصصة (فوق 18) فيسهر طفلها محمود ابن الثامنة، يشاهد معها مشاهد القتل والعنف، ولاسيما ما حدث في سورية من تعذيب وتجنيد للأطفال، يسأل محمود أمه عن معنى كل كلمة ليست بقاموس مفرداته مثل (السبايا)، ويستفسر عن كل ما يراه في المشاهد من تصرفات تنافي عادات مجتمعنا ودينه وتقاليده قامت بها المجموعات الإرهابية، وهنا تتساءل أم محمود هل هذه المشاهد هي التي أثرت في سلوكيات طفلها العدوانية تجاه أقرانه من الأطفال، ولاسيما أن معلماته في المدرسة عانين من تصرفاته وعدم مبالاته وتقليده الأعمى لكل ما يراه.
في جلسة صباحية لنساء الجيران، تقول أم عهد: إنها تمنع ابنها البالغ من العمر تسع سنوات من مشاهدة المسلسلات التي لا تناسب عمره وخاصة التي تلخص حالات النزاع والحروب، كي لا يعاني فيما بعد من حدية المزاج والخوف، وذلك تبعاً لدراسة قرأت عنها، عن تأثير مشاهد العنف في نفوس الأطفال.
في حين لا توافقها الرأي والدة يارا بحجة أننا لا نستطيع منع الأطفال من السهر ومشاهدة التلفاز، لأن الأطفال- عادة وكما قالت- يتحكمون بالريموت كونترول، أضف إلى أن الإنترنت في متناول الأطفال ولا يمكن منعهم من أي معلومة ولو كانت مشهد عنف من مسلسل.
أما والدة الطفلة سناء التي ترافقها الأحلام المزعجة، بسبب مشاهد التعذيب والحبس الإجباري للنساء والأطفال التي رأتها في أحد المسلسلات، فقالت: إنه جيل عاش في الحرب، إن لم يشاهد أخبار ما حدث مباشرة فإنه يشاهد مسلسلات توثق جرائم المجموعات الإرهابية فيما بعد، وهذا ما يجعله يتبنى أفكاراً وسلوكيات غير سوية.
تأثيرات سلوكية
وعن رأي علم الاجتماع عن تأثير مشاهد الإجرام والعنف التي يشاهدها الأطفال عبر وسائل الإعلام في سلوكياتهم، يبين الاختصاصي الاجتماعي أمجد مثقلون أنه بعامل تكرار مشاهد العنف أمام الطفل تصبح شيئاً أو حدثاً عادياً في تفكيره، ورغم كونه متلقياً للمشاهد العنيفة ولا تؤثر فيه بشكل مباشر، يرى مثقلون أن الدراما ليست وحدها بل ألعاب الفيديو التي تنتشر في الأسواق أيضاً فهي تحمل بين طياتها خطراً أكبر على سلوكيات الطفل وعدوانيته، فالطفل في ألعاب الفيديو يصبح بطلاً يشارك بالأفعال وليس مشاهداً لها فقط.
ويشير مثقلون إلى أن لوسائل الإعلام تأثيراً كبيراً في تكوين سلوكيات الأطفال في المجتمع والتأثر بالمشاهد العنيفة التي يراها في التلفاز، وهو ما يجعله يعتاد ذلك ويحاول ممارسته في ألعابه مع إخوته، أو مع أقرانه في المدرسة، لذلك نرى ألعاب الأطفال خلال المرحلة التي نعيشها تحمل في طياتها الكثير من العنف.
فما يشاهده في البيئة التي يعيش فيها، وما يراه في سلوكيات عنيفة خارج الأسرة في تفاعله مع المحيط وكذلك ما يراه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الموبايل وعبر الشبكة كلها تؤثر في سلوكياته.
بينما أكدت إحدى الدراسات أن هناك علاقة بين مشاهدة برامج العنف والسلوك العدواني عند الأطفال، وأنه لا توجد علاقة بين نوع الجنس والتأثيرات السلوكية أثناء المشاهدة إلا في حالات سلوكية مثل حب الانتقام والأحلام المزعجة والخوف وحدية المزاج.
وعي وإرشاد
وعن تحصين الأبناء من مشاهد العنف، يجد الاختصاصي الاجتماعي مثقلون أنه أمر صعب جداً بسبب وجود عدة وسائل يمكن من خلالها إيصال فكرة العنف إلى تفكير الطفل، ويرى أن أهم خطوة يقوم بها الأهل هي توجيه أنظار الأطفال نحو سلبيات وإيجابيات كل ما يشاهدونه من خلال جلسات الوعي والإرشاد.
ليختم مثقلون بالقول: إن نشر الوعي هو التحصين الحقيقي لمنع تأثر الطفل بالعنف وتقديم البدائل وجعل الطفل يقدم الخير والأفعال الحميدة والتسامح كرد فعل على العنف الذي يراه الطفل.