الصيادون في مواجهة ارتفاع تكاليف مستلزمات الصيد وقلة الأسماك!

الصيادون في مواجهة ارتفاع تكاليف مستلزمات الصيد وقلة الأسماك!

أخبار سورية

الاثنين، ٢٤ يوليو ٢٠١٧

السمك للأغنياء فقط، ليس استنتاجاً عبثياً، ولا قراءة مبالغاً بها لواقع الحال الذي جعل عامة الشعب يرون في السمك ضيفاً مغروراً عزّ عن موائدهم الفقيرة، ليحل ضيفاً أساسياً على موائد الأغنياء الذين لا ضير عندهم أن يشتروا كيلوغرام السمك الواحد بــ 18000 ليرة سورية، فيما يستعيض ذوو الدخل المحدود عن السمك بالفروج باعتباره أرخص للجيب، ولسان حالهم يقول: تباً لليود الموجود في السمك، وتباً لتوصيات منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة “فاو” بأنه ينبغي ألا يقل استهلاك الفرد من لحوم الأسماك عن 17 كغ  في السنة، لكي يكون غذاؤه صحياً ومتوازناً،  فيما استهلاك الفرد في سورية من لحوم الأسماك لايزال متدنياً جداً من الناتج المحلي، حيث لا يتجاوز هذا الاستهلاك 0,98 كغ للفرد في السنة!.

وبحسب عدد من الصيادين، يعود سبب ارتفاع أسعار السمك إلى زيادة الطلب، وقلة العرض، مؤكدين أن المزاد العلني الذي يتم من قبل تجار السمك هو الذي يحدد السعر لكل نوع، في ظل عدم وجود ضابط ينظم عملية بيع وشراء الأسماك، إضافة إلى قلة الإنتاج من الأسماك البحرية نظراً لتقلبات الطقس الكثيرة، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، منها المازوت، والشباك، والطعم، واليد العاملة، وتتمثل الصعوبات بالنسبة للصيادين في قلة الحصيلة اليومية من الأسماك، بحيث تكون نفقات رحلة الصيد أكثر بكثير مما ينتجه الصياد!.

السمك ليس للعامة

العديد ممن التقيناهم أكدوا على أن الكثيرين يعتقدون أن أبناء الساحل يأكلون السمك كل يوم بسبب قربهم من البحر، وانخفاض أسعار السمك، إلا أن الواقع ليس كما يعتقدون، لأننا وببساطة غير قادرين على شراء السمك، لأن أرخص أنواعه يتجاوز سعر الكيلوغرام منه 3000 ليرة سورية.

أم مهند ربة منزل لأربعة أولاد أشارت إلى أنها لا تستطيع أن تشتري السمك لعائلتها إلا مرة كل عام بسبب ارتفاع أسعاره التي لا تناسب أصحاب الدخل المحدود، مضيفة: السمك للأغنياء فقط، وليس لعامة الشعب، فمن منا قادر أن يدفع مبلغاً يتراوح بين 10000-15000 ثمناً لغداء يوم واحد.

بدوره قال أبو مناف: السمك الطيب أسعاره مرتفعة جداً، ولا تتناسب مع دخلنا، فيما أسعار السمك التي يمكن أن نقول عنها مقبولة- بعد عملية ادخار طويلة للراتب-  لأصناف ليست جيدة مثل السردين، سبب ارتفاعها هو غياب الرقابة التموينية، وجشع تجار سوق السمك الذين لا يجدون من يلجمهم!.

الصيادون: لا أحد يتعرف علينا!

باسم بربور أشهر صيادي سوق السمك في جبلة اشتكى من ارتفاع تكاليف مستلزمات الصيد، بدءاً بالمازوت، والشباك، والطعم، وصيانة القوارب، وانتهاء بالتدني الحاد في الإنتاج السمكي، محمّلاً مسؤولية قلة الأسماك في البحر إلى الهيئة العامة للثروة السمكية التي أعطت تراخيص لمراكب صيد الجرف القاعي، مشيراً إلى أن الصيد الجارف يلتهم صغار الأسماك وفراخها واصبعياتها من خلال استخدام شباك صيد قطر فتحاتها 14 ملم، وقال: هذا مخالف لتعليمات الصيد!.

الصياد أبو محمد من صيادي مدينة اللاذقية قال: من المعروف أن لكل مهنة نقابة أو اتحاداً يرعى شؤونها وينظم عملها، إلا مهنة الصيد لا أحد يعترف بها، مضيفاً: تارة يقال إننا محسوبون على وزارة الزراعة، وتارة على نقابة العمال، لكن الواقع هو أنه لا أحد يتعرف علينا، اذ لا نقابة تتكفل بهمومنا بشكل فعلي، ولا يتم الاجتماع بنا بشكل دوري لسماع شكوانا؟!.

أبو إبراهيم اشتكى من ارتفاع مستلزمات الصيد، مشيراً إلى عجز الصياد أمام إصلاح مركبه في حال تعرّض لأي عطل كبير بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الصيانة، مؤكداً أن أغلب الأعطال الكبيرة التي تحدث للقوارب بسبب الصخور في البحر، و”الغوارق” التي طالبوا كثيراً بإزالتها، إلا أن مطالباتهم لم تجد من يسمعها بسبب عدم وجود نقابة تمثلهم وتنقل مطالبهم ومعاناتهم!.

أبو أمجد قال: الحمد لله، يكون الرزق جيداً في الصيف، إلا أنه في فصل الشتاء، تمر علينا أيام لا نستطيع أن نطعم أولادنا، موضحاً أن الطقس يلعب دوراً مهماً في عملية الإقبال على سوق السمك، ففي الطقس الجيد يكون هناك إقبال، أما في أيام المطر والبرد فلا يزور السوق ولو زبون واحد، مضيفاً: معظم الصيادين يستدينون المال ليعيشوا في الشتاء ريثما يأتي الربيع ويبدؤون بالصيد كونه مصدر رزقهم الوحيد.

أبو جابر أكد أنه من الصعب جداً مواكبة ارتفاع تكاليف الصيد، وقال: الصيد أصبح صعباً، ففي الكثير من الأحيان نذهب إلى البحر ولا نعود إلا بالقليل، وأحياناً أخرى نعود خائبين بلا صيد، مضيفاً: المصيبة أنه حتى لو اصطدنا كيلوغراماً واحداً، المفروض علينا أن نبيعه في المزاد عن طريق التجار الذين يتحكمون بنا!.

ماهر عزام، أشار إلى الارتفاع الحاد بأسعار الشباك، وقال: منذ عدة سنوات كان سعر الشباك 500 ليرة، أما اليوم يتراوح سعره بين 10000 إلى 15000 ليرة، والمصيبة الكبرى تكمن عندما يتعطل المركب، إذ تبلغ تكلفة صيانته 150000 ليرة، وأضاف عزام: عندما نخرج من البحر نضع صيدنا عند أصحاب المزادات لتبدأ عملية المتاجرة والاستغلال، فمقابل كل عشرة كيلو سمك يأخذ صاحب المزاد كيلو واحداً، فضلا عن العمولة التي تبلغ 8% مع العلم أن عمولة جميع أنواع الطعام بما فيها اللحوم تبلغ 5% .

الجرف القاعي

وبلسان واقع حال صيادي المحافظة قال خالد مثبوت، رئيس جمعية الصيادين: الدولة تقدم للصيادين المازوت المدعوم عن طريق جمعية الصيادين التي تقوم بدورها بتوزيع المازوت على الصيادين وفق جداول توزيع يومية، إلا أن الكمية التي يتم تزويدهم بها لا تكفي حاجة الصيادين الذين يشتكون من ارتفاع سعر المازوت الذي يشترونه من محطات الوقود أو من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.

وأكد مثبوت أنهم لا يستطيعون أن يساعدوا الصيادين إذا تعرضت مراكبهم للأعطال بسبب عدم وجود صندوق خاص بالجمعية، إلا أنه أوضح في الوقت ذاته أنهم ينقلون مطالب الصيادين إلى الهيئة العامة للثروة السمكية من خلال قنوات اتصال مباشرة بينهما.

وأشار مثبوت إلى أنه لا يوجد سعر محدد لأي نوع من أنواع السمك وذلك بسبب أن المزاد العلني الذي يتم من قبل تجار السمك هو الذي يحدد السعر لكل نوع في ظل عدم وجود ضابط ينظم عملية بيع وشراء الأسماك إضافة إلى قلة الإنتاج من الأسماك البحرية نظراً لتقلبات الطقس الكثيرة، مؤكداً أن زيادة الطلب وقلة العرض وارتفاع تكاليف مستلزمات الصيد هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار السمك، ناهيك عن قلة الحصيلة اليومية التي يجنيها الصياد من الأسماك بحيث تكون نفقات رحلة الصيد أكثر بكثير مما ينتجه الصياد.‏

وأشار مثبوت إلى أهم المشاكل التي يعاني منها الصيادون في المحافظة وهي مطالبة الهيئة العامة للثروة السمكية الصيادين بتوسيع قطر الشباك، موضحاً أن الصيادين يستخدمون حالياً شباكاً قطرها 16ملم و18 ملم، إلا أنه عندما تنتهي المهلة التي منحتم إياها الهيئة العامة في آب القادم فإنهم سيجبرون على استخدام شباك قطرها ما بين 20و25 ملم الأمر الذي يثير قلقاً كبيراً في أوساط الصيادين الذين يقولون: “بفتحة شباك 16 و18 ملم ما عم توفي معنا فكيف إذا أجبرونا على تكبير فتحة الشباك، أكيد بدنا نموت من الجوع”.

كما أشار مثبوت إلى أن الشبكة التي تستخدم في مراكب الجرف القاعي بقطر 14 ملم تصطاد البذرة في عمق البحر متسائلاً: لماذا يسمح لصيادي الجرف القاعي باستخدام 14 ملم فيما يطبق الخناق على الصيادين العاديين بفتحة 18 ملم وهم مهددون بتوسيعها بعد انتهاء المهلة المحددة لهم.

أسعار السمك

وبيّن مثبوت أسعار الأسماك بحسب سوق السمك بدءاً بالأسماك الصغيرة التي يبدأ سعرها من 1000ليرة لتتجه صعوداً وتقطع حاجز 18000 ليرة، فسمك الكركن يباع الكيلو الواحد بـ 6000 ليرة، والسلطان إبراهيم بـ 18000 ليرة، والقريدس بـ 15000 ليرة، والسردين بـ 1100 ليرة, والبوري بـ 2000 ليرة، ويباع السمك نوع لقس بـين 4000 و5000 ليرة، وسلمورا بـ 1300 ليرة، وسكمبري بـ 2000 ليرة، وبلاميدا عادية  بـ 1700ليرة، وبلاميدا مبرومة بـ 1500 ليرة وجراوي بـ 6000 ليرة، وبلموص بـ 1000 ليرة، وفريدي عادي بـ 8000 ليرة والرملي يتراوح بين 8000 و12000 ليرة بحسب توفره، وكربال بـ 2200 ليرة، وزبيدي بـ 2000 ليرة، وسفرني بـ 1800ليرة، وغبص بـ 2000 ليرة.

خارج السرب

أحمد نجم مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية أكد عدم وجود نشرة أسعار خاصة بالسمك البحري أسوة ببقية أنواع اللحوم، عازياً السبب في ذلك إلى التدني الحاد في الإنتاج السمكي، ما يجعل وضع نشرة خاصة بأسعار السمك أمراً صعباً للغاية خلافاً للحم الخاروف والفروج المتوفر بكثافة في الأسواق.

وفي السياق، لفت نجم إلى أن مسؤولية المديرية تنحصر في الرقابة على أسواق بيع السمك من خلال الإعلان عن السعر والطريقة الصحية للعرض داخل المحلات التجارية وفق الأصول المحددة من قبل الوزارة.

وأوضح نجم أنه لا علاقة للمديرية بتحديد سعر مادة السمك في الأسواق المحلية التي تشهد ارتفاعاً خلال الأيام الحالية لأن السعر يحدد عن طريق المزاد العلني الذي يجريه أصحاب مزادات السمك فيما بينهم والذي يخضع للعرض والطلب، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هناك طلباً لكنه في المقابل لا يوجد عرض بسبب قلة كمية السمك البحري.

وحول الدور الذي تقوم به المديرية في ضبط أسواق بيع السمك، أكد نجم أن شعب حماية المستهلك تنظم دوريات تموينية تجول يومياًًً على المزادات في المحافظة مهمتها مراقبة سوق السمك والتزام الباعة بالإعلان عن الأسعار وعرضها ضمن الشروط الصحية، وذلك بوضع الثلج عليها، مشيراً إلى تسطير ضبوط تموينية بحق الباعة المخالفين للشروط بما فيها بيعهم أسماكاً تالفة.

باسل يوسف