في عزّ موسمها.. الفواكه «محرّمة» على فقراء سورية .. على واجهات المحال وعند الباعة وأسعارها نار

في عزّ موسمها.. الفواكه «محرّمة» على فقراء سورية .. على واجهات المحال وعند الباعة وأسعارها نار

أخبار سورية

الثلاثاء، ٢٥ يوليو ٢٠١٧

دانية الدوس 
«يجب عدم التفكير بشراء سلع الرفاهية في الحرب» خلاصة أجمعت عليها آراء المختصين الاقتصاديين عند السؤال عن ارتفاع أسعار الفواكه هذا العام، حقيقة تعكس مدى البؤس الذي آل إليه حال المواطن التي عافت سفرته شكل الفواكه، اللهم إلا حين الاحتفال بشراء كيلو أو اثنين «كشهوة» طوال العام يتذوقها خوفاً من نسيان مذاقها، لتبقى فاكهة البطيخ الوحيدة على مائدة أغلب ذوي الدخل المحدود.
يقول أحد تجار سوق الهال: ارتفع سعر الفواكه هذا العام بنسبة 30 إلى 35% عن العام الماضي، والسبب في رأي الاختصاصيين الاقتصاديين كالعادة التصدير والتهريب إلى خارج البلاد، في حين أكد أغلبية التجار أن نسبة التصدير هذا العام لم تختلف عن العام الماضي لكن كمية الإنتاج القليل الذي سببته تقلبات الطقس أدى إلى ارتفاع أسعار الفاكهة بمختلف أنواعها، بينما وقفت مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية مكتوفة الأيدي فلا يمكنها بحسب رئيس دائرتها جورج بشارة فعل أي شيء في حال عدم توافر المادة سوى تنظيم الضبوط.
القوة الشرائية ضعيفة
تقول المعطيات ربما كُتب الحرمان على المواطن السوري فلم يكد أن ينتهي من أزمة حرب البندورة والبطاطا التي تعد الغذاء الرئيس للفقراء حتى ارتفعت أسعار الفاكهة في العلالي، ليفقد الأمل في البحث في السوق عن فاكهة يقل سعرها عن 400 ليرة، ليبقى السؤال: هل بات شراء الفواكه شيئاً من الكماليات؟
«الوشوشات» بالتصدير كما كل المرات هي في اعتقاد الكثيرين السبب في ارتفاع أسعار الفواكه، إذ يقول أحد تجار لجنة تسيير سوق الهال محمد العقاد: كل الفواكه سواء الأجاص أو الكرز والمشمش والخوخ باستثناء الدراق تصدر بشكل نظامي إلى الأسواق الخارجية وخاصة إلى دول الخليج فهذا أمر مسموح به ما قبل الأزمة، ولكن سبب الارتفاع هذا العام يعود الى قلة العرض بسبب ضعف الحمل .ساهمت فيه التغيرات المناخية، مشيراً الى اقتصار أغلب الأشخاص على شراء البطيخ هذا العام لكونه فاكهة رخيصة الثمن وتناسب دخول المواطنين، فبسعر كيلو مشمش يمكن شراء بطيخة ذات حجم كبير يأكلها الفقير على مدار 3 أيام مع أسرته معبراً بقوله: «شبو البطيخ، من شو بيشكي».
رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو رأى أنه مهما كانت الأسعار منخفضة في سورية تبقى القوة الشرائية للمواطن ضعيفة، فالفجوة ما بين الدخل الذي لم يرتفع والتكاليف التي زادت أكثر من 10 أضعاف في الأزمة، هي السبب، مشيراً الى أن الفارق السعري الهائل ما بين مبيع المنتج وسعر شراء المستهلك قصة تاريخية أزلية منذ القدم، فمثلاً سعر البطيخ الأصفر في مناطق الإنتاج 25 ليرة لكن بسبب ارتفاع تكاليف النقل وجشع التجار فإنه يصل الى المستهلك بزيادة لا تقل عن 50% ليشتريه المواطن بمبلغ 75 ليرة، ليكون الحل في رأيه عدم الاعتماد على الفواكه لكونها غير ضرورية للصحة ويمكن الاستعاضة عنها بالخضر، فالمهم هو القطع الأجنبي الذي يحققه التصدير والذي يعود بالنفع المادي على البلد.
التصدير وقلّة العرض
وفسّر كشتو سبب ارتفاع أسعار الفواكه بشكل تفصيلي، فبالنسبة لفاكهة التفاح أرجع سبب ارتفاع سعرها إلى عدم بدء موسم إنتاجها، وأما عن المشمش والخوخ فتكاليف زراعتهما أصلاً مرتفعة في مناطق الإنتاج، في حين إن لفاكهة الكرز خصوصية برأيه على اعتبار أنها تصدر بكميات كبيرة، فضلاً عن أن الكميات المطروحة هذا العام قليلة ولا تكفي حاجة السوق المحلية بسبب انخفاض كمية إنتاجها المقتصرة على منطقة جبل الزاوية في إدلب وريف دمشق، وهنا يؤكد العقاد أن سعر الكرز في مناطق الإنتاج 300 ليرة، متسائلاً كيف لسعره أن ينخفض في السوق المحلية؟.
ولم ينتقد كشتو فكرة التصدير، فالفواكه السورية مرغوبة في الأسواق الخارجية المختلفة سواء العربية منها والأوروبية لأن الإنتاج المحلية من الفواكه على مستوى عال من الجودة فهو يأخذ حقه من الطبيعة في جميع الفصول سواء من الشمس أو البرد وأضاف: تصدير الفواكه بشكل مشروع أو غير مشروع عبر التهريب أمر مستمر لأن ارتفاع أسعارها يعوض تكاليف النقل والشحن على عكس تصدير الخضر التي لا توفي حقها، كما أن انخفاض السعر في السوق المحلية لا يجوز على حساب خسارة الفلاح الذي يبقى في حالة خسارة دائمة و«خربان بيت».
حماية المستهلك لا تُسعّر
لم يشأ رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية في دمشق جورج بشارة الحديث عن أسعار الفواكه كثيراً، فكلما سألناه عن سبب ارتفاع سعرها لم يفتأ يجد سبباً حتى يعود للحديث عن انخفاض أسعار الخضر وما فعلته وزارة التجارة الداخلية من إنجازات ساهمت في ذلك، معاتباً بقوله: «ما شفتوا أن أسعار الخضر صارت رخيصة وانتهينا من حرب البطاطا والبندورة»، فاليوم تجد البندورة بـ75 ليرة والبطاطا بـ180 والباذنجان بـ170 والخيار البلدي بـ160 والصنف الجيد من الكوسا بـ230 ليرة كلها أسعار مناسبة لجيوب ذوي الدخل المحدود حتى إنها تؤدي لخسارة الفلاح.
وعلى عجالة برر بشارة ارتفاع أسعار الفواكه بقلة العرض في السوق المحلية فأغلب الفواكه هذا العام لم تتوافر إلا بكميات خجولة بسبب تركز زراعتها في مناطق خارجة عن السيطرة كما المشمش الذي تعد الغوطة البيئة الأفضل لزراعته، مشيراً الى أن الوزارة ليست وحدها من تقوم بالتسعير فهناك لجنة مشكلة تضم ممثلين منها ومن لجنة تسيير سوق الهال التي تجتمع وتسعّر النخب العادي من الفواكه بعد أخذ عينة من أكثر من محل ولا تقوم بتسعير النخب الممتاز من السلع أو المواد المعروضة بكميات قليلة كالدراق هذا العام إلا إذا تجاوزت كميتها المطروحة في السوق 5 أطنان.
وأضاف بشارة: كلما قلّ عرض المادة غلا ثمنها وما على الوزارة في هذه الحال إلا أن تقوم بتنظيم الضبوط فهي لا تستطيع توفير المادة وهناك مئات الضبوط المنظمة كشاهد في هذا الخصوص.