عمال النظافة.. مهام كبيرة في خدمة المجتمع..  وعدم تعاون المواطن يزيد أعباءهم!

عمال النظافة.. مهام كبيرة في خدمة المجتمع.. وعدم تعاون المواطن يزيد أعباءهم!

أخبار سورية

الجمعة، ٢٨ يوليو ٢٠١٧

لم تتعد حصة جمعيات طرطوس السكنية الـ 154 من المقاسم “المنوي” توزيعها سبعة مقاسم من أصل 68 مقسماً مستملكاً عند المدخل الشمالي لمدينة طرطوس بسبب تخصيص وزارة الأشغال العامة والإسكان بـ 41 مقسماً لصالح المؤسسة العامة للإسكان، وحصة المالكين بموجب القانون 20مقسماً، ما ضيّق فرصة 38 ألف عضو تعاوني يشكّلون الكتلة البشرية الحالمة بمسكن، وهي على قائمة الانتظار منذ ربع قرن لتأمين الأراضي لتصبح أحلام يقظتهم حقيقة؟!.

هذا النوع من التعاط ي الحكومي مع هذا الملف يفسر النظرة الرسمية لهذا القطاع المثقل بالمتناقضات، والمفارقات، والاختلافات، والخلافات.. إلخ، المهم الآن، هل من منجاة أو أفق ما لانتشال تعاونيات طرطوس السكنية من الغرق أكثر في مستنقع التجاهل، والتسويف، والانتظار لرفع حصتها من الأراضي؟!.

قدوة حسنة

ارتأينا مرافقة هؤلاء في إحدى عملياتهم التطهيرية في الأحياء، كان ذلك في الساعة السابعة والنصف صباحاً، كان الكل متأهباً لأداء وظيفته، بدأنا مع “زهير”، عامل نظافة حينا، وما ينطبق عليه يسود على زملائه، والذي بدا لنا أكثر حماساً وتفانياً في مهمته وهو يجمع مختلف النفايات،  ويكنس الطريق في رحلة إكمال المسافة الخاصة به التي تبلغ أكثر من 3 كم، تحدث إلينا بكثير من الفخر لمهنة يقول إنها تشكّل مصدر رزقه الوحيد، والتي يعمل بها لأكثر من 9 سنوات، وعن ساعات العمل يشير زهير إلى أنها تمتد في العادة من السادسة إلى الثالثة، إلا أن الكثيرين منا، وفق تعبير زهير، يبدؤون العمل باكراً تفادياً للحرارة الشديدة هذه الأيام، لكن ومع هذا يقول: بمجرد ما ننتهي من الأعمال، تجد الكثيرين يسرعون لرمي الكثير من النفايات، ولا يهمهم المجهود الذي قمنا به، بل إن الكثير منهم يرمون “زبالتهم” من الشرفات، أو حتى من السيارات، فأحياناً قد يصيبك بذلك الكيس، وإن حاولت الكلام يرد عليك ببعض العبارات بأنها مهمتك، وأنت “زبّالا”، ويجب عليك رفع “زبالتنا”، ويصل الأمر ببعضهم حتى إلى محاولة الاعتداء الجسدي، ليضيف زهير بأن  المشكلة تكمن في أن المواطن لا يتقيد بالمواعيد الخاصة برمي “الزبالة”، فالكثيرون يرمونها متى شاؤوا، ما يجعل أحياءنا لا تخلو من “الزبالة” في كل وقت، فلو نظم المواطن نفسه في وقت واحد لما كانت هناك أية  مشاكل، فنحن نقوم بمهمتنا والحمد لله، فالكل يحترم مواعيد العمل، ونحن متعاونون فيما بيننا، ينقصنا فقط التعاون من المواطن، ووعيه بضرورة الحفاظ على المحيط، وتجنب الرمي العشوائي، ويضيف: نأمل من المواطن الالتزام بمواعيد رمي “الزبالة”، وذلك حتى يسهل علينا المهمة التي تزداد صعوبتها مع موسم الخضار والبطيخ، الفترة التي يكثر فيها الاستهلاك، وبالتالي زيادة النفايات.

افتخار

ويفتخر زهير أنه لم يجد أي حرج في ذلك، المهم بالنسبة إليه أن يكسب لقمة عيشه من عرق جبينه لإعالة أسرته، إلاّ أنّ ما يعرقل عمله في بعض الأحيان على حد قوله هو عدم احترام المارين..

نبل الممارسة ونظرة الاحتقار

الطبيب فارس عبدالله، الصيدلانية ريم فارس، والمدرس حامد حسن، قالوا: هي معاناة حقيقية يواجهها عمال النظافة، خاصة مع موجة الحر التي تعرفها البلاد ما جعلهم يبذلون جهداً فوق طاقتهم من خلال تجوالهم عبر الأحياء حاملين المكانس وصناديق النفايات وهم يتصببون عرقاً ليبقى هدفهم النبيل تنظيف الشوارع والأحياء حفاظاً على صحة السكان الذين قد يسيئون إلى هذه الفئة من العمال.

سلوكيات سلبية

وأضافوا: يعتقد البعض أن مهنة عمال النظافة بسيطة ولكنها في الحقيقة تتطلب جهداً كبيراً بالنسبة لهؤلاء العاملين الذين تواجههم مصاعب كبيرة ومعاناة حقيقية خاصة أنهم يحرصون على نظافة جميع الأحياء ليكونوا أول من يصطدم بالسلوكيات السلبية للمواطنين في الحفاظ على نظافة محيطهم.

وأردفوا : كثيرون من قضوا سنوات طويلة بهذه المهنة الشريفة التي ينظر إليها البعض أنها لا تعود بأي قيمة لصاحبها ولكنهم تأقلموا معها رغم متاعبها من أجل كسب قوت يومهم، ولكن ما يميّز العديد منهم أنهم صاروا لا يستطيعون الاستغناء عن هذه المهنة التي تسري سريان الدم في عروقهم وصاروا يعتبرونها بمثابة واجب عليهم لفائدة وطنهم.

تناقض

فيما اختلف البعض الآخر ممن حاورناهم حول هذه الشريحة من العمال، حيث يرى بعضهم أنّ عمال النظافة يستحقون فعلاً كل التقدير والاحترام شاكراً مساعيهم النبيلة في المحافظة على نظافة وجمال الأحياء، إلا أن البعض يحتقرونهم بتلك النظرات الجارحة ولا يكنون أي احترام لأصحاب هذه المهنة الشريفة، الذين يتكبدون شقاء وتعب حمل النفايات من أمام منازل الأشخاص ويسعون مع كل موعد إلى تخليص تلك الشوارع والأحياء من النفايات المتراكمة، متحملين تلك الروائح الكريهة، معرضين صحتهم لخطر الجراثيم والأمراض التي تحدق بهم، مبررين ذلك أنهم لا يستحقون رواتبهم ويعملون بنصف طاقتهم وإذا لا ترشيهم لا ينظفون الأحياء المقررة لهم.

لكم ترفع القبعات

يتضح مما تقدم.. مما لا يدعو للشك أننا بدل أن نحترم هذا الإنسان ونحترم ظروفه التي قبل فيها أن يكون عامل نظافة .. ونحترم تفانيه وصبره.. ونساعده على أداء مهمته بكل يسر وسلاسة، لأنه ينظف حاراتنا وشوارعنا.. يتطاول البعض عليهم، رغم عدم التزام بعضنا بمواعيد رمي الأوساخ..

طوبى لهم ولأخلاقهم السامية.. ولجهودهم رغم الأزمة وقلة العدد وغياب وانعدام أدواتهم التي لا تساعدهم على أداء واجبهم، ومع هذا.. هم ينتصرون على ذاتهم وظروفهم حتى تبقى شوارعنا نظيفة وخالية من القمامة والأوساخ.

عارف العلي