غلاء مستلزمات الإنتاج يعصف بمربي الدواجن وفورات أرباح الأمس تضيع في اختناقات اليوم..

غلاء مستلزمات الإنتاج يعصف بمربي الدواجن وفورات أرباح الأمس تضيع في اختناقات اليوم..

أخبار سورية

الثلاثاء، ١ أغسطس ٢٠١٧

مازالت العقبات والصعوبات تطرق أبواب مربي الدواجن بين الفينة والأخرى لتنبئهم بكل جديد، لكنه غير سار، وما زال المربون يرزحون تحت نيران حيتان السوق، وابتعاد مؤسسات التدخل الإيجابي عنهم، وتركهم عرضة لابتزاز، وتحكم السوق في مسير عملهم اليومي، وبالمقابل مازال بيض المائدة ولحم الفروج مسجلين في نهاية قائمة الاحتياجات اليومية للمستهلك، وذلك لارتفاع أسعارهما…! وأمام ذلك ما أبرز الصعوبات التي تعترض عمل المربين..؟ وما الدعم الذي يقدّم لهم ..؟ وما الخسائر التي ألمت بالقطاع إثر موجات الحر المتتالية ..؟ وما مقترحات النهوض بقطاع الدواجن..؟.

أهمية القطاع

تنبع أهمية قطاع الدواجن بأنه يوفر ما يقارب 45% من البروتين الحيواني، وهو رخيص الثمن مقارنة مع أنواع البروتين الحيواني ، ويمثل مصدراً هاماً من مصادر الدخل القومي، ويعمل به عدد كبير من السكان ما يجعله من الأنشطة الاقتصادية المهمة على مستوى القطر.. هذا ما أوضحه المهندس تيسير بلال مدير زراعة طرطوس، وأشار إلى أن مخلفاته تزيد من خصوبة التربة من خلال استخدام فرشة الدواجن كسماد عضوي، كما تمتاز تربية الدواجن بقصر دورة رأس المال، وتوفر البنى التحتية واليد العاملة الخبيرة.

عقبات قائمة

للوقوف على الصعوبات والمعاناة التي تعترض أيام عمل أصحاب المداجن، تحدثنا مع المربي علي محمود، فقال: لدي مدجنة لحم فروج، ومنذ عام 2001 وأنا أربي أفواجاً من الصيصان، لدي خمسة آلاف صوص، عمر الصوص 22 يوماً، حيث أربي من 5- 6 أفواج في السنة حسب ظروف الطقس وغلاء العلف وغلاء الصيصان، وبالتالي يكون الإنتاج متقلباً وغير ثابت، وأحياناً تصيب الصيصان جائحة مرضية تسيء للإنتاج وتخفضه، ونوّه إلى أن السعر يعد مقياساً كبيراً لإنتاج الفروج، ولا سيما أنه ليست لدينا دراسة حقيقية لكلفة الفروج …!؟ وصل سعر الصوص إلى 450 ليرة منذ شهر، وهذا السعر مرتفع للمربي غير القادر على تحمّل تلك الأعباء المالية التي يضاف إليها غلاء العلف والذي يتذبذب سعره حسب التجار والدولار والسوق، ومن يستجر الفروج من المربي يلعب دوراً كبيراً في ارتفاع السعر، والتاجر يتحكم بالمربي، ولا سيما أنه ليس لدى المربي مكان تخزين أو مسلخ أو توريد للخارج، ما يضطرنا لأن نعطي التاجر، الذي يفرض السعر الذي يروق له، في الوقت الذي يفرض فيه السوق نفسه…!.

رغم الخسارة الأمل موجود

وأضاف محمود: قد نخسر من مليون ونصف المليون ليرة إلى مليونين في العام، ونستمر في العمل طيلة العام لنعوّض الخسارة التي أصابتنا، لكن بعض المربين وعند الخسارة يعزفون عن التربية، ومن الممكن أن يستلف المربي قرضاً، ويمارس عملاً آخر /حسب محمود/ ملفتاً إلى عدم وجود رأفة ولا رحمة للمربي ليربح بالمعقول ويستمر …! مضيفاً: يورد التاجر للمربي علف بيليد، وهو معلب، حيث يستورده التجار بالأطنان، ويبلغ سعر كيلو الفروج 850 ليرة / لحم حي/، وهو مناسب للسوق، لكن لا يتناسب أبداً مع جهد وأتعاب المربي الذي يعمل خمسين يوماً دون فائدة …! وهنا قاطعنا حديث “أبو مهدي” لنسأل عن دواعي استمرار التربية رغم الخسارة ..؟ فأجاب: الرغبة في الحياة والعيش أولاً، كما أن لدينا أملاً دائماً بالفوج التالي.

غياب الحلول الإسعافية

وعن التسعير وحسب / محمود/ الذي قال وبغصة: وصلنا إلى الشجن الكبير في مواسم التربية…! لأن التجار يسعرون حسب ما يروق لهم، أسوّق إنتاجي محلياً ضمن المحافظة، وأحياناً أضطر أن أكسر سعر الكيلو خمسين ليرة، وأبيع لتجار دمشق وحمص واللاذقية، لأن الفروج نضج، وليس لدينا القدرة على تحمّله أو تخزينه، فنضطر لبيعه، وعرض المربي الصعوبات التي تتمثل بغلاء الصوص، وغلاء العلف، وانخفاض سعر الكيلو قياساً بالتكلفة الحقيقية، وحتى يصل الفروج من المنتج إلى المستهلك يمر بحلقات وسيطة متعددة، والكل يريد الربح، وما على المربي إلّا أن يتحمّل الخسارة التي لا تنوب الحلقات الوسيطة أبداً …!! إضافة إلى صعوبة تأمين التدفئة، وهنا طالب بأن تؤمّن الدولة للمربين المازوت أو أي نوع من الوقود، كما لا يوجد قروض، والحلول الإسعافية غائبة…! مشيراً إلى أن الوحدات الإرشادية تعمل ضمن إمكانياتها، فليس لديها آلية دعم للمربي أو ردع للتاجر… والجدير ذكره أن حالة المربي محمود تنسحب على جميع المربين، كما سجل سعر طبق البيض في السوق 1100-1250 حسب حجم البيضة، وسجل سعر كيلو الفروج الحي 900 ليرة والمنظّف 1150 ليرة.

إحصائيات غائبة

وبالنسبة للعاملين في قطاع الدواجن بيّن مدير زراعة طرطوس عدم وجود إحصائية شاملة للعاملين فيه، كونهم يتبعون لأكثر من جهة ، حيث يشمل العاملين في مزارع الدواجن والمسالخ، ومصانع الأعلاف، والفنيين البيطريين المشرفين والعاملين في العيادات، ومكاتب الخدمات البيطرية، ومعامل الأدوية البيطرية، والقائمين على توزيعها.

ازدياد أعداد المداجن

بلغت أعداد مزارع تربية الفروج المرخصة العاملة قبل الأزمة عام 2010 /1353/ مدجنة، وعدد الطيور المرباة فيها /17182000/ طير فروج، كما بلغت مزارع تربية الفروج المرخصة العاملة لعام 2015 /1660/ مدجنة، وعدد الطيور المرباة فيها /20374000/ طير، في حين بلغت أعداد مزارع تربية الفروج المرخصة العاملة لعام 2016 /1671/ مدجنة، وعدد الطيور المرباة خلال فيها /23341000/ طير، وبلغ عدد المداجن المرخصة لعام 2017 وحتى تاريخه /1802/ مدجنة، وعدد المداجن غير المرخصة 250 مدجنة، وعدد المداجن التي تمت تسويتها هذا العام ست مداجن.

7% مداجن خارج التربية

وأوضح بلال أن نسبة خروج مربي الفروج عن التربية لعام 2016، وبعد مقارنة أعداد المداجن المرخصة مع أعداد المداجن المرخصة العاملة، فإن نسبة المداجن الخارجة عن التربية هي 7%، ويعود سبب الخروج إلى غلاء مستلزمات الإنتاج، وصعوبة تأمينها، خاصة المحروقات، ونقص اليد العاملة، وعدم تطبيق إجراءات الأمن الحيوي، ما يؤدي إلى خسارات متكررة، وخروج المربي عن التربية.

وعن الخدمات المقدمة من قبل مديرية الزراعة، بيّن المهندس بلال أن أبرز تلك الخدمات تتلخص بتأمين مزارع الدواجن، والرقابة على الأعلاف، بالإضافة إلى تشخيص أمراض الدواجن، والتقصي عن الأمراض، ومتابعة الحالات الوبائية، والمشاركة في عمليات الحجر البيطري عند حدوث حالات وبائية.

 

نفوق بنسبة 3,89%

وبالنسبة لعدد النفوق في قطاع الدواجن خلال موجة الحر الأخيرة، أفاد بلال: بلغ عدد المداجن التي تم إعلامنا عن حدوث نفوق فيها /120/ مدجنة، وبلغت أعداد الطيور المرباة فيها /699398/، نفق منها /27260/ طيراً خلال موجة الحر التي استمرت لمدة أسبوع بنسبة نفوق 3,89%، حيث تم التعميم قبل حدوث الموجة على الفنيين البيطريين الموجودين في الوحدات الإرشادية، والمراكز البيطرية لمراقبة الوضع الصحي للمداجن، وإعلامنا عن حالات النفوق التي قد تحدث نتيجة موجة الحر، وتقديم النصائح الإرشادية لمربي الدواجن، والتي تتضمن تخفيف الازدحام، وعدم تربية أكثر من ثمانية طيور في المتر المربع، وتجنب التربية في المداجن ذات الأسقف المعدنية، وتخفيف الإجهاد على الطيور بإعطاء الحد الأدنى من اللقاحات، وعدم استخدامها إلا بإشراف طبيب، كذلك إعطاء فيتامين c، وأملاح معدنية، وأحماض أمينية، والحرص على تبريد الماء بواسطة قوالب ثلج، بالإضافة إلى التعليف في ساعات الصباح الباكرة، أو المساء، وعدم تقديمه في فترة الظهيرة، واستخدام التبريد بالرزاز وبشكل منظم، ورش الحظائر بالماء من الخارج، وتشغيل مراوح سقفية في الحظائر، والإبلاغ الفوري عن أية حالة صحية غير طبيعية، أو نفوق مرتفع.

لا توجد حالات

أكد مدير الزراعة عدم وجود أية حالة مرضية في قطاع الدواجن إثر موجة الحر أو غيرها، والفنيون البيطريون على اتصال مباشر مع المربين من خلال الجولات الميدانية على المداجن، ومراقبة الوضع الصحي لها، وتقديم الإرشادات اللازمة، والتوعية حول الإجراءات الفنية للحد من آثار تلك الموجة، حيث تتم المراقبة الدورية من خلال الجولات الحقلية على كافة المداجن، والتواصل المستمر مع المربي.

وحول الإجراءات الوقائية المتبعة في حال ظهور موجة حر أخرى، ولاسيما أننا في أشد أيام الصيف حرارة، أكد بلال متابعة التأكيد على المربين للتقيد بالإجراءات والإرشادات الفنية البيطرية، والاتصال مع الفنيين البيطريين في حال الاشتباه بأية حالة مرضية، أو حدوث نفوق غير طبيعي.

مقترحات النهوض بالقطاع

أوضح مدير الزراعة أن قطاع الدواجن غير منظم، وقائم على العشوائية، ولابد من تنظيم القطاع من خلال إيجاد جهة منظمة له، والعمل على تخفيض تكلفة الإنتاج، وخاصة الأعلاف، بالإضافة إلى زيادة دور مؤسسات التدخل الإيجابي، بحيث يكون لها دور فعال في عملية التسويق، وتحسين شروط منح القروض من قبل المصارف، والممنوحة لقطاع الدواجن.

 

الدعم على الأرض

ولإنقاذ قطاع الدواجن لابد من استنهاض الكفاءات والطاقات لتحقيق نمو حقيقي في هذا القطاع الذي يعد المزارع اللبنة الأساسية في العملية التنموية، ويجب دعم المربين على أرض الواقع بعيداً عن الكلام النظري الذي لا يغني، وذلك بدعم مستلزمات عملية التربية التي تعد مصدر دخل للأسر العاملة بها، ورافداً مهماً للاقتصاد الوطني، ومادة غذائية هامة على موائد الأسر!.

دارين محمود حسن