سكان سورية.. 33.4% فاقدون لأمنهم الغذائي، و51.6% معرّضون لفقدانه ، وأن 15.6% فقط يتمتعون به

سكان سورية.. 33.4% فاقدون لأمنهم الغذائي، و51.6% معرّضون لفقدانه ، وأن 15.6% فقط يتمتعون به

أخبار سورية

السبت، ٥ أغسطس ٢٠١٧

ساق مركز دمشق للأبحاث والدراسات “مداد” وجبة دسمة من أرقام طالما تعطّش إليها الإعلامي قبل الباحث، بعد انكفاء المكتب المركزي للإحصاء عن الساحة الإحصائية خلال السنوات الأخيرة، فرغم ما تعكسه هذه الأرقام من سوداوية للمنظور الكلي للأمن الغذائي في سورية، إلا أنها في النهاية واقع لابد لنا من إدراكه حتى نستطيع اقتراح آليات للتعاطي عسى أن نضع حدّاً لتدهورها مبدئياً على الأقل، كخطوة نحو تخفيض حدتها لاحقاً..!.
فإذا ما علمنا أن 33.4% من سكان سورية فاقدون لأمنهم الغذائي، و51.6% منهم معرّضون لفقدان هذا الأمن، وأن 15.6% فقط يتمتعون بالأمن الغذائي، فذلك يعني أننا أمام تحدٍّ يستوجب إعادة النظر بكل السياسات الاقتصادية، وتحديد الأولويات القطاعية بدقة متناهية، وحشد الإمكانات القصوى باتجاه تفعيل الإنتاج الحقيقي، والبعد كلياً عن نظيره الريعي، وما خلصت إليه ورشة العمل التي أقامها مركز مداد حول سلسلة قضايا التنمية البشرية وأطلق أمس العدد الأول منها بعنوان “الأمن الغذائي في سورية –منظور كلي” من ضرورة التوجّه نحو سياسات بديلة لاستعادة الأمن الغذائي، يضع جميع المكونات الاقتصادية الخاصة قبل العامة، على محك الاضطلاع بمسؤولية العمل على خفض معدل الفقر الغذائي، وكذلك خفض معدلات سوء التغذية عامة، وخاصة للفئات الهشة من السكان كالأطفال.
وتعود أسباب تدهور الأمن الغذائي في سورية إلى تراجع إنتاج الحبوب بوسطي سنوي يقارب نحو 8.6% بين عامي 2011 و2015، وذلك وفقاً للتقرير الذي عرضه رئيس قسم الدراسات الاجتماعية والثقافية في المركز الدكتور كريم أبو حلاوة، الذي أشار إلى معاودة الإنتاج الارتفاع عام 2015 بنحو 2.9 مليون طن، إضافة إلى عجز القطاع الزراعي عن توفير الاحتياج من مادة القمح، إذ زاد الاعتماد على العالم الخارجي حتى وصل إلى 46% عام 2014، إلى جانب تضرّر الإنتاج من العدس بشكل كبير طوال فترة الأزمة وانخفاضه بمقدار 39% بين عامي 2011 و2015، بسبب خروج مساحات واسعة من الإنتاج لوقوعها في مناطق مضطربة، وخاصة في حلب وإدلب، وكذلك تضرر إنتاج محصول الحمص بنحو 51.4% بعد انخفاض المساحات المزروعة منه إلى 40%.
 يضاف إلى ما سبق انخفاض أعداد الثروة الحيوانية بنسبة 30% من المواشي، و40% من الدواجن، لاعتبارات تتعلق بالتهريب إلى الدول المجاورة أو قتلها وذبحها بشكل عشوائي، ولعل اللافت في هذا السياق ما أشار إليه التقرير من أن ارتفاع أسعار الأعلاف واللحوم ينبئ باحتمال تفاقم واستمرار تدهور واقع الثروة الحيوانية، ما يستوجب بالضرورة اتخاذ التدخلات المناسبة لتنميتها، ومواجهة العوامل المضادة التي أثرت فيها، كل ذلك أدّى بالنتيجة إلى توسيع دائرة الأسر الفاقدة للأمن الغذائي، بعد أن أصبح شراء الأسر لطعامها وخاصة الرز والطحين مكلفاً للغاية، وبرّر التقرير ارتفاع نسبة المستوردات الغذائية من إجمالي المستوردات إلى 42% عام 2013 في ضوء ارتفاع فجوة الاكتفاء الذاتي من السلع.
 وخلص التقرير إلى جملة توصيات كفيلة بتوسيع دائرة الأمن الغذائي في سورية، يتصدّرها ترتيب أولويات الإنتاج الزراعي بما يتناسب مع مراحل التنمية المستقبلية، وإعادة النظر في سياسات الإصلاح الزراعي والتحول من التوسع الأفقي إلى التكثيف العمودي، وتحسين الإنتاج الذاتي للأسرة، وزيادة إنتاجية وحدة المساحة، وإعطاء الإنتاج الصناعي الغذائي الأولوية بواسطة توجيه الاستثمارات نحوه، وإعادة توازن خريطة التوزع الصناعي بما يحقق اكتفاء ذاتياً على مستوى الإقليم.
وفي مجال التجارة الخارجية أوصى التقرير بتحديد سلة الاستهلاك الرئيسة للمواطنين وتقدير الفجوة المطلوب تغطيتها بوساطة استيراد مواد هذه السلة، وتحديد الفائض من المنتجات الغذائية وإيجاد أسواق لتصديرها. وفيما يتعلق بالأسعار ركز التقرير على إعادة هيكلة الدعم من منظور شامل واضح الأهداف والأدوات وتوجيهه نحو الفئات الأكثر حاجة.
حسن النابلسي