تضيق ساحة مناورة أنقرة يفتح المجال أمام نجاح «أستانا 6»

تضيق ساحة مناورة أنقرة يفتح المجال أمام نجاح «أستانا 6»

أخبار سورية

الأحد، ٢٠ أغسطس ٢٠١٧

مع اقتراب الجولة السادسة من محادثات أستانا برز تقارب روسي تركي إيراني من شأنه أن يقود إلى خروج المحادثات بنتائج ملموسة، خصوصاً حيال إدلب وموضوع قوات المراقبة وغيرها من البنود التي عرقلت التوصل إلى اتفاق في الجولة الأخيرة من المحادثات في شهر تموز الماضي.
ولعبت الدبلوماسية الروسية دوراً رئيساً في إرساء حوار استراتيجي ما بين العواصم المعنية بالأزمة السورية واضعةً نصب عينيها إنجاح المحادثات. وبناء على مقترح من رئيسها سيرغي لافروف، انطلق حوار ثنائي وثلاثي ما بين روسيا، إيران، وتركيا، تمهيداً لبلورة موقف مشترك ما بين شركاء أستانا لوضعه على طاولة الأميركيين. وعرض الوزير الروسي مقترحه على نظيريه التركي مولود جاويش أوغلو والأميركي ريكس تيلرسون، في العاصمة الفليبينية مانيلا على هامش اجتماع وزراء خارجية دول منتدى «آسيان».
وتريد أنقرة من شريكتيها في أستانا تبني مقترحها بإرسال قوات تركية إلى إدلب وأميركية إلى جنوب سورية، وروسية إلى العاصمة دمشق وإيرانية إلى حماة.
وكانت الجولة الخامسة من عملية أستانا قد فشلت تحت وطأة الابتزاز التركي، حسبما صرح بذلك الوفد الحكومي السوري. وأرادت أنقرة في حينه انتزاع موافقة شريكتها في العملية على ضم عفرين إلى مناطق تخفيف التصعيد، وهو ما جوبه برفض روسي وإيراني صريح.
ومرت الكثير من الأحداث بعد ذلك أضعفت الموقف التركي على الطاولة كنجاح «جبهة النصرة» في انتزاع كامل إدلب تحت سيطرتها وإخراج ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» من معادلة القوة في الشمال السوري، وتبلور اتجاه أميركي للتوجه إلى إدلب بعد الرقة، وأخيراً، نجاح روسيا في عقد اتفاقات منفصلة مع الولايات المتحدة والسعودية، حول ريف حمص الشمالي، الغوطة الشرقية لدمشق وجنوب غرب سورية، عبر الوساطتين المصرية والأردنية.
وأسفرت تطورات الأزمة القطرية عن توتر في العلاقات ما بين السعودية وتركيا، ساهمت في إضعاف نفوذ الأخيرة إقليمياً، فضلاً عن تراجع علاقاتها مع الولايات المتحدة على خلفية دعم واشنطن لـ «قوات سورية الديمقراطية – قسد» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، وتكثيف التحالف الدولي شحنات الأسلحة المسلمة لمسلحي الوحدات ضمن المعركة من أجل الرقة.
أمر آخر حشر الموقف التركي في سورية، هو تعزيز التقدم الذي حققه الجيش العربي السوري وحلفائه في المعارك من أجل دحر مسلحي داعش عن مواقعهم في البادية الشامية، واستعدادهم لتركيز كامل طاقتهم على السيطرة على مدينة دير الزور قلب المحافظة الأغنى بالموارد الطبيعية.
هكذا، من شأن ساحة المناورة أن تقل أمام أنقرة بالترافق مع قرب إطلاق الجيش العربي السوري لمعركة دير الزور، وفراغ واشنطن من دحر داعش عن الرقة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من احتمالات تفرغ الجانبين لمواجهة برميل البارود في إدلب.
وبدورها، تخشى طهران توسع نفوذ أميركا في الخريطة السورية عبر أداتها «قسد»، الأمر الذي سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن القومي الإيراني لناحيتين، الأولى ترسيخ وجود أميركي معاد في الهلال الخصيب، والثانية، سحب واشنطن الورقة الكردية من يد كافة الأطراف الدوليين والإقليميين ولعبها ضدهم بما يهدد وحدة أراضيهم. وبطبيعة الحال تقلق طهران من تأثير ذلك على العراق الذي يعتبره البعض في الغرب بمنزلة الساحة الخلفية لإيران.
أما روسيا فإنها ترصد محاولات واشنطن تعديل مهمة «التحالف الدولي» الذي تأسس لقتال تنظيم داعش الارهابي حصراً إلى قتال «النصرة» عبر عملية تطلقها «حماية الشعب» من مواقعها في عفرين بريف حلب الشمالي باتجاه إدلب، ما يشكل خروجاً عن تفاهمات غرب – شرق نهر الفرات خصوصاً أن الأخيرة تقع في غرب سورية وتشرف على الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط، كما سيؤدي ذلك إلى حرمان الروس من الاستثمار في الورقة الكردية بالشرق الأوسط، فضلاً عن أن النجاح في إدلب سيؤدي إلى تشكل كيان جديد في المنطقة تخشى موسكو أن تستخدمه واشنطن كمخلب قط لابتزاز الدول الإقليمية، العراق، سورية، إيران، تركيا، وضبطها، ولجمها ضمن الاستراتيجية الأميركية الشاملة.
وعقدت في «أستانا» في تموز الماضي الجولة الخامسة من المحادثات حول سورية لمناقشة الخيارات المتاحة لمناطق تخفيف التصعيد في المستقبل. وكانت النتيجة الرئيسية للجولات السابقة من المفاوضات، تشكيل قوة مشتركة لمراقبة وقف القتال في سورية وتوقيع الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مناطق تخفيف التصعيد في سورية. وحتى الآن، أنشئت ثلاث مناطق لتخفيف التصعيد في: شمال مدينة حمص، في منطقة الغوطة الشرقية وعلى الحدود مع الأردن.