استباقاً لنذر العاصفة حول إدلب … «النصرة» تريد التلون بزي مدني دستوري!

استباقاً لنذر العاصفة حول إدلب … «النصرة» تريد التلون بزي مدني دستوري!

أخبار سورية

الأحد، ٢٠ أغسطس ٢٠١٧

في سعيها لاحتواء مخاطر نذر العاصفة المتشكلة ضدها، وخطط تركيا لضربها في عقر معقلها بإدلب، تعمل «جبهة النصرة» على تأسيس حكومتها في المحافظة واستيعاب القوى المخالفة لها، عبر إغرائها بمكاسب السلطة والنفوذ. وهذا المسعى الجديد للتنظيم الذي يتخذ من «هيئة تحرير الشام» واجهة له يثبت اتباعها سلوك «الحرباء»، ومسارعتها إلى استبدال جلدها بشكل دائم للتأقلم مع المتغيرات الدولية، وهذه المرة، تريد، إبدال جلدها المتشدد الجهادي الشرعي، بآخر مدني قانوني دستوري.
جاء ذلك وسط إعلان واشنطن عن تحول محافظة إدلب إلى أكبر معقل لتنظيم «القاعدة» في العالم، بعد أيام من سيطرة «النصرة» على كامل محافظة إدلب. وفي صيف العام الماضي 2016، كان أمير «النصرة» أبو محمد الجولاني قد أعلن فك ارتباط تنظيمه عن «القاعدة»، وحل الجبهة، وتشكيل كيان جديد عوضاً عنها هو «جبهة تحرير الشام». خطا الجولاني خطوته مخافة تبلور اتفاق روسي أميركي على «النصرة»، عمل عليه في حينه، وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأميركي جون كيري.
لم يلبث التشكيل الوليد أن أعلن عن التوحد مع مجموعات مسلحة جهادية أخرى، لتشكيل «هيئة تحرير الشام». دخلت «تحرير الشام» فور تشكلها، في صراع مع ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية»، حول الموقف من عملية أستانا والتعاون مع تركيا، حسمته هزيمة «الأحرار» أمام مسلحي الهيئة في إدلب.
أدى التهديد الأميركي لـ«تحرير الشام» إلى إثارة القلق في أنقرة وموسكو، بشأن إمكانية تمدد عمليات التحالف الدولي بالتعاون مع تحالف «قوات سورية الديمقراطية -قسد» الذي يقوده «وحدات حماية الشعب» الكردية العدو اللدود لأنقرة إلى إدلب. جاء الرد من زيادة التنسيق الدبلوماسي حتى العسكري ما بين روسيا، تركيا، إيران، الذي عبر عنه النجاح المفاجئ لاجتماع خبراء هذه الدول الضامنة لعملية أستانا، في طهران، مؤخراً، وزيارة رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني محمد باقري والزيارة المرتقبة لنظيره الروسي فاليري غيراسيموف ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى أنقرة.
وكشفت مصادر تركية عن اتفاق باقري الذي التقى نظيره التركي والرئيس رجب طيب أردوغان، بشكل مبدئي، عن ضرورة إقامة مناطق تخفيف تصعيد في سورية قبيل انتهاء شهر أيلول المقبل، وأيضاً مواصلة العمل والتعاون المشترك ضد جميع «التنظيمات الإرهابية»، التي تهدد أمن المنطقة، في إشارة إلى داعش، و«تحرير الشام»، وميليشيا «حماية الشعب».
ونقلت قناة «خبر تورك» التركية، عن مصادر عسكرية ودبلوماسية تركية، أن اجتماعات غيراسيموف وماتيس في أنقرة ستبحث إنشاء ٥ مناطق «عدم اشتباك» في سورية، على أن تتطرق إلى مخاطر الوضع في إدلب ووضع «حماية الشعب»، وتوقعت المصادر أن تطلب تركيا عدم تنفيذ أي عملية في إدلب دون موافقتها.
كما سيطالب المسؤولون الأتراك زوارهم من روسيا وأميركا، بالموافقة على مقترحهم نشر قوات تركية في إدلب، وروسية في دمشق، وإيرانية في حماة وريفها، وأميركية وأردنية في المحافظات الجنوبية من سورية. وسيصل أردوغان إلى العاصمة الأردنية عمان من أجل إقناع الأردن بدعم مقترح بلاده.
وسيصل غيراسيموف إلى أنقرة قادماً من قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية، التي وصلها في زيارة عمل.
واللافت أن زيارة غيراسيموف لحميميم، جاءت بعد يوم من إعلان وزارة الخارجية الروسية عن وجود وفود من تركيا وإيران وروسيا في الداخل السوري، يعملون على رسم خريطة مناطق تخفيف التصعيد في إدلب.
ودفع المشهد الدولي والإقليمي «تحرير الشام» إلى عقد سلسلة اجتماعات مكثفة خلال الأيام القليلة الماضية، من أجل البحث في مستقبل وشكل الهيئة، إضافة إلى مصير المناطق التي تسيطر عليها وكيفية إدارتها.
وكشفت مواقع إعلامية معارضة، أن هذه الاجتماعات ناقشت إعادة هيكلة كاملة لـ«تحرير الشام»؛ عبر تشكيل هيئة عسكرية تحت مسمى «جيش الشمال»، وهيئة مدنية تكون مسؤولة عن تسيير أمور الشمال بكل نواحيه. وذكر نشطاء معارضون على موقع «فيسبوك» نقلاً عن مصادر وصفوها بـ«الخاصة»، أن الهيئة المدنية ستضم المحاكم والدوائر الحكومية وجهاز الشرطة الجنائية؛ بحيث تكون مفصولة بالكامل عن القسم العسكري، ورجّحت أن يكون جهاز الشرطة هو نفسه جهاز «الشرطة الحرة» الذي ينتشر في مناطق الشمال، وأثبت كفاءته في الفترات الماضية.
أما الهيئة العسكرية فستضم جميع المسلحين بمن فيهم غير السوريين، بشرط موافقتهم الواضحة على إعادة الهيكلة، وبالنسبة لرافضي إعادة الهيكلة فسيطلب منهم إما الانسحاب من «الهيئة» وعودة غير السوريين إلى دولهم، أو استمرارهم في الشمال كمدنيين فقط دون أي صفة قتالية أو سياسية.
واللافت أن المصادر، ذكرت أنه جرى خلال المباحثات، تقديم مقترح يتضمن «إنشاء هيئة سياسية تفتتح مكاتبها في بعض الدول، بمثابة التمثيل السياسي للحكومة المستقبلية، على وجه مشابه للسفارات»، وتوقعت المصادر أن «يفتتح بعضها في تركيا وقطر».
وأوضحت المصادر، أن التشكيلات المدنية ستكون قوانينها ومرجعياتها مدنية بالكامل، وقانونية، ولا مكان فيها للشرعيين والمحاكم الشرعية، مشيرةً إلى أنه سيجري منع دخول أي من مسلحي الجناح العسكري إلى المدن والقرى بسلاحه أو بصفته العسكرية؛ وإنما سيبقى وجودهم خارج المناطق المأهولة، في نقاط التماس مع الجيش العربي السوري، وتنظيم داعش، والميليشيات الكردية.
وتقاطعت معلومات النشطاء مع ما نقلته شبكات إخبارية المعارضة عن سعي «تحرير الشام» إلى «بناء كيان مدني متكامل لإدارة المناطق «المحررة»، يتضمن تشكيل حكومة داخلية وإدارة مدنية تتولى إدارة المناطق الشمالية المحررة بكل مفاصلها المدنية والعسكرية وتشمل إدلب، ريف حلب، ريف حماة».
وطلبت «تحرير الشام» مؤخراً «من كل منطقة خمسة أشخاص كالمدن الرئيسية والمناطق الأخرى في المحافظات التي ستتبع للإدارة، كمنتدبين عن المنطقة، للمشاركة في إعداد دستور كامل للإدارة المركزية، قبيل الإعلان عنها بشكل نهائي، والذي يتوقع أن ينتهي إعداده خلال فترة شهر، علما أن «الإدارة المدنية للخدمات» باشرت عملها وباتت هي من تدير المؤسسات الموجودة مسبقاً والمؤسسات المحدثة، فيما لم يحدد شكل المؤسسة العسكرية التي ستضمها حكومة الهيئة وكيفية تعاملها مع الملف العسكري، وعلاقة الإدارة المدنية بالحكومة والتي من المتوقع أن يحددها الدستور».