حرائق طرطوس تأكل الغطاء النباتي.. وحجم الأضرار والخسائر يستدعي التفعيل السريع لقوانين الحماية

حرائق طرطوس تأكل الغطاء النباتي.. وحجم الأضرار والخسائر يستدعي التفعيل السريع لقوانين الحماية

أخبار سورية

الأحد، ٢٠ أغسطس ٢٠١٧

توالي كتل الأبنية من جهة، والحرائق من جهة أخرى زحفها نحو الأراضي الزراعية والحقول والحراج لتنال منها، وتقضي عليها، ويمكن الاعتراف بأن الجاني والمتسبب الأول بموت الشجر أمام محكمة الطبيعة هو الإنسان، ومع بداية شهر أيار من كل عام وحتى موسم سقوط الأمطار، تبدأ الحرائق، حيث تلتهم النيران كل ما تجده في طريقها ملحقة أضراراً وخسائر جمة، بعد أن تسبب دماراً شاملاً للنظام البيئي داخل الغابة وخارجها.. ما أسباب الحرائق ..؟ وكيف تقوم الجهات المعنية بإخمادها ..؟ وهل ازدادت رقعة الحرائق هذا العام عن العام الماضي ..؟ وبالتالي ما أبرز المقترحات للحد قدر الإمكان من الحرائق ..؟.

تتسبب الحرائق بزوال الغطاء النباتي، وتكشف التربة ليحصل انجرافها بحكم الأمطار والرياح لاحقاً، فالأضرار كبيرة جداً كخسارة الناتج الخشبي والثمري للموقع، وخسارة للجهد المبذول على مدى عشرات السنين للوصول إلى المرحلة الحالية، حيث إن غاباتنا ما تزال ضمن طور النمو، ولم تصل إلى مرحلة الأوج بعد، وهذا يتطلب مزيداً من الوقت، ولكن لا يعادل العودة إلى نقطة الصفر/حسب زراعة طرطوس/.

أسباب نشوب الحرائق
رأى المعنيون والقائمون على العملية الزراعية أن من أهم أسباب نشوب الحرائق هي الإمكانيات المحدودة لإخمادها، وضعف أجهزة القانون والذي يتجلى  بتواطؤ المسؤولين مع بعض ضعاف النفوس”تجار الحطب والفحم” مقابل مبلغ مالي ولو “قليل”  بهدف الاستفادة والمنفعة الشخصية ، وأيضاً النافذين الباحثين عن مساحات لبناء استثمارات سياحية، كما أن الطرق النارية تحتاج إلى صيانة ومنذ أكثر من عشر سنوات، وهي على حالها…! كما أن فقدان الحقول والبساتين إلى الطرق الزراعية، وبعد مراكز الإطفاء يساهم في ازدياد رقعة الحريق.

مليونان وثلاثمئة ألف ليرة خسائر…!
تبلغ مساحة محافظة طرطوس 189620 هكتاراً، تشغل الحراج منها مساحة 31206 هكتارات، أي 17 % نجد أكبرها رقعة في منطقة القدموس تقريباً 40,8 % من مجمل حراج المحافظة… هذا ما أوضحه المهندس حسن ناصيف رئيس دائرة الحراج في زراعة طرطوس، وأضاف: سجل لدينا العام الماضي حوالي 76 حريقاً حراجياً بمساحة 176 دونماً حتى بداية شهر آب، وهذا يدل على انخفاض ملحوظ في أعدادها ومساحتها لهذا العام، ويعود إلى الجهود المبذولة من قبل المعنيين في المراقبة والإطفاء، حيث يتم إخماد الحرائق من خلال فرق الإطفاء المتواجدة في مراكز الإطفاء والمخافر الحراجية بعد الاتصال مع غرفة عمليات الحرائق على الرقم 188والإبلاغ عن موقع الحريق ليتم توجيه الفرق باتجاهه مباشرة.
وسجل لدينا حتى تاريخه حوالي 32 حريقاً حراجياً بمساحة بلغت 96 دونماً و186 حريقاً زراعياً، وتقدّر الأضرار الحاصلة بالحراج جراء هذه الحرائق بمبلغ مليونين وثلاثمئة ألف ليرة سورية، بالإضافة إلى تدهور هذه المواقع وعودتها للأنواع البدائية من البلان والأشواك، وهنا فإن أكبر حريق سجل لدينا في منطقة القدموس – الطواحين بمساحة 7 دونمات.

خطة المكافحة
ورداً على سؤالنا حول دور الزراعة بمنع نشوب الحرائق ..؟ أفاد ناصيف: يتم منع نشوب الحرائق من خلال أبراج المراقبة المنتشرة في المحافظة والبالغة 14 برجاً مزوداً بأجهزة الاتصال وأجهزة مراقبة للكشف عن الحرائق في بدايتها، والتدخل بأقصى سرعة من خلال الاتصال مع غرفة العمليات، وتبليغ المراكز لتتحرك فرق الإطفاء باتجاه موقع الحريق.
وعن خطة مكافحة الحرائق لهذا العام، بيّن ناصيف أن التعاون مع فعاليات المحافظة في مجال مكافحة الحرائق قائم، ويتم السعي لتطويره بشكل دائم ليشمل كل مراحل مكافحة الحرائق، من نشر الوعي، وسرعة الإبلاغ، والوصول إلى موقع الحريق، والآليات اللازمة للتدخل، والتحقيقات التي يجب إجراؤها لكشف الفاعل، ودعم العمال وفرق الإطفاء.
الرقم 188 للتبليغ مجاناً
وأشار رئيس دائرة الحراج إلى أن الرقم 188 هو الرقم المخصص للتبليغ عن الحرائق، وهو مجاني، وأضاف: لدينا في محافظة طرطوس خمسة مراكز حماية موزعة كما يلي: (مركز عين عفان- صافيتا)، (مركز بهرمين- طرطوس)، (مركز بوردة- الشيخ بدر)، (مركز القدموس- ومركز دير الجرد-  القدموس)، وضمن كل مركز أربع فرق إطفاء، بالإضافة إلى إنشاء فرق راجلة في كل من سرستان، والنبي متى، والدريكيش، والنبي صالح، ولا يوجد لدينا تأخير بإخماد الحرائق، وإنما تأخير في الإبلاغ عنها، وهذا يعود لضعف الثقافة الحراجية لدى مواطنينا، وخاصة سرعة الإبلاغ عن أي حريق يخرج عن سيطرة الفلاح، وتفضيله التهرب من المسؤولية على أن يتصل بالرقم المجاني من قبله، أو من قبل أي شخص يشاهد الدخان يتصاعد من أي مكان، أو إبلاغ عناصر الضابطة الحراجية المعروفين لدى معظم المواطنين!.
وختم ناصيف بالقول: نسعى مع المعنيين للتغلب على الصعوبات التي تعترض عملنا من خلال استكمال جاهزية فرقنا، ومراكز الحماية لدينا، بالعدة والعتاد، وتأمين أفضل الوسائل اللازمة للإطفاء، كما أن تقديم الدعم لمراكز حماية الغابات بالآليات، والمعدات، وكذلك العمال من خلال رفع معنوياتهم من قبل كافة الجهات، يعد أمراً هاماً.

دور المحافظة
ومن جهته أكد لبيب قبرصلي، عضو المكتب التنفيذي المختص، على وجود  مواقع حراجية وغابات منتشرة في كافة بقاع المحافظة، ويتم العمل على حماية الثروة الحراجية من الحرائق، والتعديات الجائرة، وحين نتلقى إبلاغاً عن قيام أحد المواطنين بالتعدي على الثروة الحراجية، نقوم بإبلاغ مديرية الزراعة لإجراء الضبط اللازم، وإحالته إلى القضاء المختص، وكذلك بالنسبة للحرائق التي  قد تحصل صدفة، أو بفعل فاعل، وبدورنا عممنا عن طريق قيادة شرطة محافظة طرطوس، وجهاز المخافر لدى مديرية الزراعة، وجهازنا الحزبي، لمراقبة الثروة الحراجية، والإبلاغ عن أية حالة تعد عليها.
وعزا قبرصلي أسباب اندلاع الحرائق إلى ارتفاع درجة حرارة الطقس المفاجئة هذا العام، والشبكات الكهربائية التي تمر فوق المواقع الحراجية، ويمكن أن تكون بفعل فاعل، فعندما ينظف الفلاح أرضه، ويقوم بحرق بعض المخلفات، يؤدي ذلك إلى نشوب حرائق تؤدي بدورها إلى حرق الغابات والمواقع الحراجية، الأمر الذي يؤدي إلى ظاهرة التصحر.
وأردف قبرصلي: عند نشوب حريق يتم  إبلاغ مديرية الدفاع المدني بالتوجه فوراً إلى موقع الحريق، وهناك في الغابات طرق نارية تستخدمها أجهزة الدفاع المدني (الإطفاء) للوصول إلى المكان، وإخماد الحريق، كما يتم توجيه كافة الجهات المعنية: /زراعة، دفاع مدني/، وأحياناً نستخدم أجهزة الإطفاء لدى مصفاة بانياس فور وصول البلاغ للمحافظة، ونقوم هاتفياً بتحريك الجهة المسؤولة عن إخماد الحريق حسب واقع الحال، ومكان الحريق، وتستغرق من الزمن فقط وصول الآلية إلى المكان، حيث إن جميع أجهزة الإطفاء جاهزة للانطلاق فور الإبلاغ.
ورأى عضو المكتب المختص ضرورة تحقيق حالة الوعي لدى المواطنين بعدم اللجوء إلى أسلوب حرق المخلفات الزراعية في أراضيهم القريبة من الغابات والمواقع الحراجية!.

للحد من الحرائق
يمكن القول إنه عندما توجد التوعية المجتمعية لمخاطر الحرائق لكل فئات المجتمع، تخف المخاطر نوعاً ما، وعندما تكون نقاط الإطفاء قريبة يكون التدخل سريعاً، وعندما تتواجد مصادر مياه في المناطق الحراجية مخصصة لمؤازرة عناصر الإطفاء يكون التدخل مثمراً جداً، وعندما توزع الطرقات ضمن الغابات والأحراج بشكل جيد ومدروس نحد من كثرة الحرائق، ونقلّص من مساحة انتشارها، كما لابد من وضع شاخصات في الغابات تدل على خطورة الحرائق، وكيفية التعامل معها، ونشر الرقم المجاني أيضاً على كل شاخصة، وإيجاد وسائل اتصال حديثة عبر خطوط ساخنة، وصلاحيات للتدخل المباشر.

دعم وتعاون
وأخيراً يجب المحافظة على الغابات والمواقع الحراجية لأنها تشكّل الرئة التي يتنفس منها الإنسان، كونها  تزود الهواء بأكبر كمية من الأوكسجين، في الوقت الذي تخلّصه من كميات هائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون، لذا لابد من معاقبة المخالفين، والمتواطئين، ومن تسوّل له نفسه التعدي والمتاجرة بأهم قيمة بيئية واقتصادية كبرى، كما لابد من دعم عمال الإطفاء بكامل المستلزمات، وتعاون وتضافر جميع الجهود لمنع رقعة الحريق من الامتداد والتوسع.

دارين محمود حسن