من بوابة  الرواتب والأجور.. اتحاد العمال يطالب بتحسين الوضع المعيشي ومعالجة واقع العمالة المياومة والمؤقتة

من بوابة الرواتب والأجور.. اتحاد العمال يطالب بتحسين الوضع المعيشي ومعالجة واقع العمالة المياومة والمؤقتة

أخبار سورية

الأربعاء، ٣٠ أغسطس ٢٠١٧

تثبت المؤشرات الاقتصادية للأسرة السورية المنكوبة بشتى أنواع وأشكال المحن حالة دخول أحوال الناس المعيشية مرحلة حرجة ترفع الغطاء عن حقيقة تذبذب الأداء الحكومي، وبطء استجابته لمتطباته الواقع الحياتي المحاصر بشتى التحديات، حيث مازال شريان الوعود ينزف بالكثير من الانفراجات العابرة من بوابة السراب التي لم يصل نعيمها الافتراضي بعد إلى المواطن الذي ينظر إلى الإجراءات والخطوات الحكومية من باب الأمل والإيمان مع اقتراب ساعة النصر النهائي على الإرهاب.

ويبدو أن الاعتراف باتساع الفجوة بين متطلبات تأمين الاحتياجات الأساسية بشكل عام، وبين الدخل من الرواتب والأجور بما يتجاوز تقريباً سبعة أضعاف متوسط الدخل الحقيقي.. لم يشفع للعمل الحكومي لدى الاتحاد العام لنقابات العمال الحاضن، والممثل لمطالب وهموم أكبر شرائح  المجتمع السوري، حيث تشير الآراء والمواقف إلى قلق التنظيم النقابي العمالي من تراجع الحالة الاقتصادية نتيجة تصاعد  العبء المعيشي، وخاصة على الطبقات الفقيرة والعاملين بأجر، ولذلك يرى الاتحاد أن مقاربة المسألة الاجتماعية بتجلياتها المختلفة في سورية لا تقل أهمية عن توفير متطلبات الصمود لجيشنا الباسل، وأعباء الدفاع، ومحاربة الإرهاب، وهذا ما يستدعي العمل على معالجة المشكلة الاقتصادية المعيشية الاجتماعية، وملامستها بشكل فعال من قبل الحكومة باتجاه تحسين الوضع المعيشي لأبناء الطبقة العاملة التي شكّلت، ولاتزال الرديف الأول للجيش العربي السوري  الباسل، إضافة إلى مقاربة الملفات التشريعية والاقتصادية التي تدعم تحقيق هذا الهدف الذي بات تحقيقه أمراً ضرورياً لايقبل التأجيل.

لا نقبل بما يقال حول  تكلفة مشروع تعديل قانون العاملين وعدم تحمّلها في ظل واقع الخزينة الحالي

معالجات جذرية

وكالعادة رسم الاتحاد العام عبر جملة من المقترحات التي تضمنته مذكرته الموجهة إلى رئاسة مجلس الوزراء خارطة الطريق نحو تحقيق هدف تحسين الوضع المعيشي من خلال العديد من الخطوات والإجراءات التي تصب في خانة المواطن كإجراء تعديل جذري على قانون العاملين رقم 50 للعام 2004 بشكل يضمن إدخال نظام المراتب الوظيفية إلى القانون، وإدخال المزايا النسبية إلى متن القانون بحيث تراعي خصوصية العمل، ومتطلبات إشغاله من العمالة في كل قطاع من قطاعات الدولة ليشكل خطوة أولى وأساسية في تنفيذ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، ويحقق قدرة كبيرة في مجال تطوير الوظيفة العامة، ويضمن حقوق العاملين والمؤسسات العامة، ولفت الاتحاد إلى عدم قبوله لمقولة إن تكلفة هذا المشروع كبيرة، ولا يمكن تحمّلها في ظل واقع الخزينة الحالي، فالاستحقاقات المالية لتنفيذ هكذا قانون، لاتحقق دفعة واحدة، وإنما على امتداد سنوات طويلة.

إصلاح نظام الرواتب

وطالب الاتحاد الحكومة بالبدء في عملية مدروسة لإصلاح أنظمة الرواتب والأجور والتعويضات، وزيادتها بما يكفل تضييق الفجوة الكبيرة بين الدخل والإنفاق، وتحسين الواقع المعيشي لأبناء الطبقة العاملة، وتعزيز عوامل الصمود الاجتماعي في مواجهة الأزمة، ودعا الاتحاد العام لنقابات العمال إلى معالجة موضوع التأمين الصحي باعتبار أن جعالة التأمين المخصصة للعامل الواحد والبالغة 8500 ل.س لم تعد تفي بالمتطلبات الطبية بعد الارتفاعات الحادة بأسعار مستلزمات الخدمات الطبية، إضافة إلى الارتفاعات الكبيرة في أتعاب الأطباء، ومقدمي الخدمات الطبية، والارتفاعات الحادة التي طرأت على أسعار الدواء، وهذا ما يستلزم  تحسين واقع الخدمة التأمينية من خلال زيادة لا تقل عن الضعف كحد أدنى على قيمة التأمين للعامل الواحد، ويمكن تأمين التمويل اللازم لذلك من الاقتطاعات التي تذهب إلى صندوق التأمينات الاجتماعية كتأمين صحي، ومن الوفورات الناجمة عن التأمين الإلزامي بعد التصحيحات الأخيرة التي تمت في آلية توزيع مبلغ التأمين الإلزامي، وأكد على أهمية العمل على تخفيف أعباء التداوي، وتكاليف النقل عن عاتق العمال غير المشمولين بالتأمين الصحي والنقل الجماعي، باعتبار أن تكلفة هاتين الخدمتين تستهلك دخول العمال نظراً للارتفاعات الكبيرة التي طرأت على أسعار الخدمات الطبية وأجور وسائط النقل، وذلك وفق الطرق والآليات التي تراها الحكومة مناسبة.

ملف العمالة

الاتحاد الذي على مايبدو قرر فتح الكثير من الملفات العالقة في الأدراج  لم يتوان في إنعاش  ملف العمالة المياومة بمختلف تسمياتها والمؤقتة، وذلك وفقاً لمقترحات اللجنة الوزارية التي شكلت لدراسة واقع هذه العمالة ووضع المقترحات، وخصوصاً بعد أن صادق مجلس الوزراء على محضر مقترحات اللجنة، وتم تنفيذ تلك المقترحات على العمال المياومين في معمل إسمنت طرطوس، ثم أوقف تنفيذ المحضر على العمالة في الشركات والمؤسسات الأخرى دون أن تعلن الأسباب.

ولم يغفل أيضاً ضرورة وضع خريطة إصلاح شركات ومؤسسات ومعامل القطاع العام بكل مسمياتها، وخصوصاً التي أصبحت في المناطق التي حررها الجيش العربي السوري من الإرهاب، والحفاظ على كافة مكوناته بعدما أثبت القطاع العام خلال الأزمة أنه متراس الصمود الاقتصادي خلال الحرب على سورية، وأنه ضرورة وطنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

قراءة نقدية

ومن ضمن مطالبات الاتحاد.. إعادة قراءة قانون التشاركية، وقوانين الاستثمار النافذة قراءة نقدية تتجنّب كافة أوجه القصور في هذه القوانين بالشكل الذي يضمن استثماراً مجدياً ومأموناً للملكية العامة، ويضمن بيئة مريحة مناسبة للمستثمرين بما يتضمن ذلك من توفير، خريطة زمنية واضحة للحصول على التراخيص وشفافية الإجراءات، وخصوصاً أن البلد مقبل على مرحلة إعادة الإعمار بعد اقتراب النصر على العصابات الإرهابية.

أجندة العمل

يمكن التأكيد على أن مطالب العمال تجسّد من خلال مطالبتهم بإدراج هذه الملفات ضمن الأجندة الحكومية خلال الفترة القريبة المقبلة تطلعات الشارع السوري دون استثناء الذي مازال  يبحث في تفاصيل حياته عن حقيقة بحث الحكومة عن رضى المواطن، باعتباره  المعيار الأول في تقييم عملها، كما صرح  أن سعادته في مقدمة الأولويات والأهداف كما قيل”، وهذا ما عزز حالة الخلل والإقلاع افتراضياً بآلة الزمن إلى المستقبل، أو بالأصح إلى ميادين الخيال بكل ما تمثله هذه الكلمة من ارتدادات صادمة على واقع الناس.

وبحسبة بسيطة لا تخرج عن حسابات (السهل الممتنع) لدخل المواطن السوري، ومدى مقاربته للنفقات المعيشية الضرورية، والتدقيق في نوعية وجودة العمل المؤسساتي والخدمات المقدمة منه.. نستطيع معرفة مستوى الرضى على الأداء الحكومي من قبل الشارع السوري، ونتمنى أن تكون هناك استبيانات حقيقية بهذا الشأن خلال الفترة القادمة،  ومن جهة ثانية وبالتحكيم العقلي نستطيع التأكيد على أن قوة الدولة وحضورها هو نتيجة حتمية لإيمان المواطن وثقته بمؤسساتها، فهل تعزز هذه الثقة بالمزيد من الرعاية والاهتمام بما يحقق الرضى كما يشتهي، ويتمنى أصحاب القرار، وهل ستكون هناك استجابة حقيقية لدعوات ومطالبات الاتحاد العام لنقابات العمل ضمن عمل مؤسساتي تشاركي يصب في خانة الوطن والمواطن؟.

بشير فرزان