الشباب.. قوة وطنية بحاجة إلى الدعم المجتمعي.. وطاقات تبحث عن التوظيف الأمثل

الشباب.. قوة وطنية بحاجة إلى الدعم المجتمعي.. وطاقات تبحث عن التوظيف الأمثل

أخبار سورية

الأحد، ١٠ سبتمبر ٢٠١٧

شباب بلدنا، الذين تصدوا للمؤامرة بروح وطنية عالية، وبمبادرات شبابية مختلفة، أكدوا أن بلدنا  صمد بوحدته، وبوعي  شبابه الذين كانوا في الخندق الدفاعي الأول، فمنهم الجندي والطبيب والمهندس والمعلم والطالب.. واليوم مع انطلاقة مؤتمر الشباب الأول للتنمية البشرية تحت شعار “شباب مبدع .. مؤسسات رائدة” بالتعاون ما بين وزارة التنمية الإدارية والاتحاد الوطني لطلبة سورية.. يتساءل الشباب عن حقيقة دورهم المستقبلي في بلدهم، ويبحثون بين محاور المؤتمر عن الهوية الشبابية للمجتمع، وعن الصيغ التنفيذية لاستثمار أفكار الشباب في الإصلاح الإداري والتنمية البشرية، وكيف ستوظف طاقتهم في العمل ضمن المؤسسات والمجتمع بما ينسجم مع متطلبات الكفاءة النوعية للنهوض بمرحلة إعادة الإعمار، والحفاظ عليهم، والحد من هجرتهم، وهل سيسمح لهم بالمساهمة في إدارة المؤسسات العامة، وترشيد نظامها الإداري، وهل سينجح المؤتمر في وضع استراتيجية قابلة للتنفيذ لرفع كفاءة أداء الموارد البشرية الشابة ومعرفة احتياجاتها التدريبية؟.

جيل الشباب
لقاءات عديدة أجريناها مع شباب حول واقع الشباب، والآمال المعقودة عليهم في المستقبل، حيث أشار  المهندس عمار مرعي  إلى أن جيل الشباب بحاجة إلى إعادة برمجة وعيه الثقافي بصورة وطنية وحضارية، مؤكداً  أن جيل الشباب السوري رائع وعظيم، ويتمتع بحس سياسي عميق وبوعي تاريخي، ويعي ذاته أكثر من أي جيل شاب آخر في العالم، ولابد من شرح ما يدور بمنتهى الوضوح والصراحة والشفافية، وهذا سيساهم في بلورة صورة واضحة لدور هذا الجيل خلال المرحلة القادمة.
أما نور عبد السلام (طالبة)، فهي ترى أن يكون للشباب  دور أكبر في المجتمع السوري،  مشيرة إلى أن الشباب قوة فاعلة مؤثرة، ومن الواجب أن ينهض دورهم في معظم مواقع القرار، والنهوض بمسؤوليتهم في بعدين أساسيين، تبدأ في الدور الخاص في عملية إعادة الإعمار، والبناء في البلد من خلال طرح رؤية واضحة في هذا الجانب.

قضايا الشباب
من جهتها هالة نجمة (موظفة)، رأت في  قضايا الشباب مدخلاً قد يستغل، وبالفعل استغل من الجهات الأخرى، ولاسيما الخارجية في طرح قضايا، ظاهرها براق جميل، نميل إليه جميعاً من حيث المحتوى والمضمون الحقيقي الواقعي، وهو موضوع الحرية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، وما إلى ذلك، بينما واقع الحال استغل هذه الشعارات من خلال استغلال المشكلات التي يعانيها جيل الشباب تحديداً، ومنها البطالة، وغياب الحوار، وتهميش الشباب في بعض المواقع طبعاً، وهناك أيضاً مشكلة الهوية– “الانتماء، التعصب، التطرف”، والآن ما تقوم به القنوات الفضائية تحديداً، منها المتطرفة، ومنها الموظفة توظيفاً عولمياً مدعومة من أمريكا، وبعض الجهات التي تريد الإساءة لبلدنا وتدميره.. هذه المشكلات هي أحد المناخات التي يعمل من خلالها على ترسيخ فكر متطرف، ومحاولة لتمرير هذه المشاريع، ولذلك لابد من برمجة دور الشباب بشكل ممنهج لاستثمار طاقاتهم.

قوة الأمل
رغم أن الشباب عماد الوطن وثروته، وقوة الأمل والمستقبل وأداة التغيير والتطوير، والوسيلة الأهم في صيانة استقلال الوطن، وزيادة قوته ومنعته وتطوره، فهم الشريحة الواسعة والهامة في المجتمع، وهم الفئة الأكثر فعالية وحيوية فيه، والثروة الأغلى للأمة، ومصدر قوتها، ومحط آمالها في تطوير الحاضر وصنع المستقبل، لما يتميزون به من خصائص، ويمتلكون من إمكانيات وطاقات، تجعلهم أكثر قدرة من الفئات السكانية الأخرى على العمل والإنتاج والإبداع، وعلى التفاعل والاندماج، وتمثل قيم التغيير والتحديث في التفكير والسلوك، والمشاركة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلّا أن طاقاتهم مازالت ضائعة، لم تهتد إلى دورها الحقيقي إلى الآن.
وفي هذا المجال يقول منير أحمد (خريج فلسفة ): العمل في ميدان الشباب هو استثمار في الإنسان، وغرس للقيم، وتعميق للمعارف، وهو مشروع وطني وقومي كبير في ضوء رؤية واضحة شاملة لما يريده الوطن من تنشئة الأجيال تنشئة سليمة متكاملة الأبعاد الوطنية والقومية والعلمية والسلوكية، إنه سبيل منعة وقوة للوطن والأمة، والعمل في ميدان الشباب أيضاً، رد على الاستهداف الخارجي لجيل الشباب، ومحاولات صرف اهتماماته عن قضايا وطنه وأمته، أو حرف الأنظار عما هو أساسي، وتغليب لما هو ثانوي، وخلط للمفاهيم، وحرب عبر المصطلحات بما تتوفر له من وسائل إعلام، تزداد تطوراً وانتشاراً واتساعاً وتنوعاَ في أشكال التقنيات، ولأنهم شريك مهم وأساسي في عملية الإصلاح التي أطلقت بمشروع وطني كبير في الميادين كافة، كان من الأهمية بمكان أن يتم الوقوف على حدود رؤيتهم لهذه العملية، التي يؤثرون بها، ويتأثرون بها.‏‏‏

الأكثر عطاءً
ويرى الدكتور تامر عبدالهادي أن الشباب الأكثر عطاء والأكثر خطراً في الوقت نفسه، وقد اعتبر العرب أن الشباب «شعبة من الجنون»، إن لم يستغل بالشيء المفيد، قد يكون مدخلاً من مداخل الفساد، وعليه يجب أن توظّف طاقات الشباب في خدمة قضايا الشباب، والحذر من كبت هذه الطاقات، كي لا تنحرف عن طريق الصواب إلى أوكار الرذيلة وهدر الوقت، حيث يمثّل شباب سورية عامل قوة أساسياً لإنجاح مشروع إعادة الإعمار.

‏‏‏رؤى ضبابية
هيفاء منصور (موظفة)، ترى أنه نتيجة لبعض الرؤى الضبابية التي كانت سائدة في السنوات السابقة بأن شبابنا غير مسؤولين، وليس لديهم الحد الأدنى من الثقة بالنفس، والبحث عن الذات، والالتصاق بمجتمعهم، تم تغييب دورهم في صناعة القرار بمجمل المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، خصوصاً بعد تغريبة معظمهم بمفاهيمه وسلوكه وثقافته، لكن ما لبثت هذه النظرة أن تغيّرت، وتلونت بلون مغاير بعد أن أثبت شبابنا وجودهم على خارطة المسؤولية والانتماء والتمسك بوطنهم،  ونسأل: ما مدى أهمية أن يكون شبابنا طرفاً في معادلة الإصلاح وصناعة القرار الذي يعبّرون من خلاله عن رؤاهم وتطلعاتهم وهويتهم؟ وهل هم قادرون على ذلك فعلاً؟ وهل نجد شبابنا مستقبلاً مسؤولين عن صياغة وصناعة القرارالذي يلبي احتياجاتهم، ويبني مستقبلهم، ويعبّر عن آرائهم ومواقفهم؟!.
‏‏
الاعتماد عليهم
ويرى سامر إبراهيم أنه نتيجة منطقية للموجودية التي أثبتها شبابنا، أصبح لابد من توجيه الأنظار عليهم أكثر، والاعتماد عليهم أكثر من أي وقت مضى، وهذا يتطلب التفكير بالآليات والأساليب التي نستطيع من خلالها تفعيل دور الشباب في حمل راية الدفاع عن الوطن وقضاياه، بمعنى التركيز أكثر على أساليب التنشئة السياسية لهم، وعدم تركهم في مهب الريح عبر تعاطيهم مع وسائل الاتصال والإعلام الحديثة، خاصة أننا اليوم أمام مشهد يمكن تسميته بمشهد الفوضى الإعلامية، خصوصاً إذا ما عرفنا أن الشباب هم الفئة المستهدفة بالدرجة الأولى من قبل المتربصين بوطننا!.
‏‏
صناعة القرار
هلا نصر (طالبة علم نفس ): لا شك في أن للشباب دوراً مهماً في صناعة القرار بمختلف وجوهه: الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والاقتصادية، وأعتقد أن الشباب أثبتوا موجوديتهم على أرض الواقع، سواء من حيث الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، أو من حيث التمسك بقيادة السيد رئيس الجمهورية باعتباره أمل الأمة السورية في البناء والإصلاح، لهذا يفترض ألا يبقى الشباب على هامش الحياة، وقد أولى السيد الرئيس بشار الأسد أهمية كبيرة للشباب، وركز على دورهم في صناعة المستقبل.
‏‏
لبنة أساسية‏‏
في العديد من المحاضرات واللقاءات أكد الدكتور محمد سعيد الحلبي، (مستشار وباحث في التخطيط للتنمية الاجتماعية والاقتصادية)، أنه لابد من توفير الاحتياجات الضرورية لبناء مستقبل الشباب، وتوجيه حياتهم من فرص عمل، وسكن، ومقومات تأسيس أسر، بحيث توفر لهم ما دعا إليه هرم ماسلو الذي يقوم على خمسة مستويات لحاجات الإنسان الضرورية التي تبدأ بقاعدة الهرم للحاجات الفيزيولوجية، وهي: الغذاء، والكساء، والدخل، والسكن، وغير ذلك، ثم تأتي حاجات الأمن والاستقرار لينعم الإنسان باستقراره بمختلف أشكاله وأبعاده، ثم تأتي حاجات الاندماج بالمجتمع ليشعر الإنسان بأنه مرغوب في المجتمع، وفاعل ومنفعل في مختلف أركان هذا المجتمع، ثم تأتي حاجات التقدير للذات بأن يشعر الإنسان بقدر ذاته، وما يقدمه لمجتمعه، ثم في أعلى الهرم أن يشعر الإنسان بأنه يستطيع أن يعطي كل تطلعاته وإمكاناته الذاتية دون معيقات وحواجز، ومن ذلك يمكن أن ننطلق في تحديد الأمور الملحة بتوفير المستقبل الكريم لجيل الشباب لإطفاء جذوة ما يظهر من احتجاجات، وتمردات، ومطالبات جادة.
ويؤكد الحلبي على ضرورة اتخاذ الخطط والبرامج الكفيلة التي من شأنها معالجة بطالة شرائح واسعة من الشباب، وخاصة المتعلمين منهم، فعندما ينفق المجتمع على الفرد نفقات للتعليم والتأهيل، ولا يستطيع هذا الفرد إيجاد مكانه المناسب لتقديم ما كسبه من علمه وتأهيله وتدريبه، تكون خسارة المجتمع مزدوجة، كما يجب إشراك الشباب في إعداد الخطط والبرامج التنموية، وإشراكهم في متابعتها، وتقييم نتائجها، والاستفادة الكاملة من الطاقات الشبابية بما يخدم الاقتصاد، وعلى من يمثّلهم في مختلف المنظمات والهيئات المدنية من أحزاب، ونقابات، وجمعيات، تقديم المساعدة على تلافي بعض  التشوهات والإهمالات لجيل الشباب.
وقال إنه خلال العقدين الماضيين كانت هناك بعض الشكوك والمخاوف من قدرات جيل الشباب نتيجة للملاحظات التي كانت توضع على  بعض مظاهر السلوك والتفكير عند الشباب، إلا أن الأحداث بددت حقيقة تلك المخاوف، حيث أظهر شبابنا حساً عالياً من المسؤولية، والوعي، والالتزام، والالتصاق بالهوية، وقضايا المجتمع.

الوعي الاجتماعي الشبابي
الباحثة الاجتماعية ردينة أبو فخر، (مرشدة اجتماعية)، قالت: من خلال عملي كمرشدة وجدت أن جيل الشباب جيل واع، وخلافاً لما يشاع عن هذا الجيل لاحظنا شباباً واعياً، مثقفاً، له تطلعات، مدركاً لما يحيط به من أمور، ويجب إفساح المجال أمامه، ولابد من أخذ رأيه في الأمور والقضايا  السياسية، والاقتصادية، والاستفادة منه في إعادة هيكلة الاقتصاد وتنميته، وله دور فعال في تربية مجتمعه إذا استثمر الاستثمار اللازم.
وتابعت لتقول: لا أجد أن الشباب العربي بشكل عام، والسوري بشكل خاص، كما كان يوصف بالتسيب، بل على العكس تماماً أثبت وجوده من خلال توصيل صوته ورأيه في الأوضاع القائمة في البلاد، ولابد من حماية الشباب من الظواهر غير السوية من خلال التوعية، وإقامة البرامج الإرشادية، والاجتماعية الثقافية التي تمس مشاكلهم بشكل مباشر، والاستماع إليهم في طرح مشاكلهم، وإعانتهم على معالجة هذه المشكلات بأنفسهم، ورعايتهم إلى أقصى حد.

كلمة شبابية
تشجيع الشباب وتمكينهم من ممارسة حرية الاختيار والتعبير، وتحمّل المسؤولية، ولكن ذلك يحتاج إلى تعزيز فرص المشاركة المجتمعية، وحرية الرأي من خلال فتح باب الحوار مع الشباب، فالحوار البناء والموضوعي هو الطريقة المثلى لإيجاد حلول للمشاكل، ولإيصال الصوت، والتعبير عن الرأي، وتقبّل الآخرين، وهو نقطة الانطلاق لبناء المستقبل الأفضل الذي يضمن تمثيل ومشاركة الجميع، كما أنه الأساس لتجاوز الأزمة التي يمر بها بلدنا، ومن الضروري جداً إفساح المجال للشباب بمختلف شرائحهم للتعبير عن أنفسهم، إضافة إلى أهمية تفعيل دور المجتمع الأهلي من خلال زيادة المنظمات والجمعيات الأهلية، ودعمها، لما لها من دور في تعزيز المشاركة المجتمعية لدى الشباب، وبمقدار ما يعترف المجتمع بخصوصية المرحلة الشبابية، وأهميتها، ويتفهم مشاكل الشباب، وأوضاعهم، وطموحاتهم وأحلامهم، تنتج قيم جديدة توازن بشكل إيجابي بين ما يريده المجتمع من الشباب، وما يريده الشباب لأنفسهم.

بشير فرزان