جزيرة أرواد.. بين أزمة تفترشها القمامة وزنخة البحر والإهمال

جزيرة أرواد.. بين أزمة تفترشها القمامة وزنخة البحر والإهمال

أخبار سورية

الأحد، ١٧ سبتمبر ٢٠١٧

إلهام العطار
في حضن البحر المتوسط تغفو جزيرة ارواد، تضم في أزقتها وحاراتها الضيقة أجمل الأوابد التاريخية، ولطالما كانت زيارتها حلماً انتظرناه طويلاً، وقد تحقق في هذا العام وتحول إلى حقيقة، فما إن وصلنا إلى طرطوس حتى شددنا الرحال حيث القوارب التي تقل الركاب من وإلى الجزيرة وبعد أن جاء دورنا بدأ المشوار في رحلة بحرية لم تنغصها سوى رائحة «الزنخة» التي كانت تزداد قوة كلما ازددنا قرباً من الجزيرة.
بداية حاولنا نسيان تلك الروائح الكريهة رغم ما أصابنا من اشمئزاز، وتوجهنا, والأمل يحدونا بأن القادم أجمل، نحو القلعة التي قرأنا عنها الكثير وانطبعت صورتها في مخيلتنا ولكن المفاجأة التي تلقيناها كالصفعة أن الأبواب مغلقة وما من أحد مسؤول ليجيب عن تساؤلات الزوار الذين بدؤوا بإيجاد المسوغات والأعذار أمام أولادهم وضيوفهم.
بعد الذهول والحزن الشديد تركنا المكان أي القلعة، قاصدين التعرف إلى السور الفينيقي والتجول في أنحاء الجزيرة التي ارتدى أهلها أجمل الثياب، ونصبوا الأراجيح الخشبية القديمة في الساحة، احتفالاً بعيد الأضحى المبارك، وتحدياً لواقع الجزيرة التي امتلأت حاراتها وشوارعها وساحتها بالروائح النتنة وبأكوام القمامة والأوساخ وأخشاب السفن القديمة التي تناثرت أشلاؤها هنا وهناك وبالعفن الذي زاد الصورة قتامة ولون حجارتها باللون الأخضر وغطى سطح بحيراتها الصغيرة التي حاولت التملص منه لكن من دون جدوى، فالإهمال الذي تراكم عبر سنوات لم يترك لها مجالاً للهروب، وفي الوقت ذاته حرمنا من التمتع بأجواء تلك الجزيرة التي لم ينسها الزمان، بل نسيتها عيون المسؤولين والجهات المعنية والمختصة التي لم تكلف نفسها عناء الذهاب إليها والاطلاع على واقعها للعمل على تحسينه وإعادة الألق إليها من أجل جذب الزوار والسياح الذين باتت تفتقدهم الجزيرة وسكانها الذين يعدون من أمهر صناع السفن الفينيقية في العالم، ومع ألمهم وقهرهم ومطالباتهم الحثيثة لنا وبخاصة عندما علموا أننا من السلطة الرابعة، بالاهتمام أكثر بالجزيرة وتفعيل دور المركز الثقافي والصحي فيها من أجل القيام بدورهم في مجال التوعية المجتمعية والصحية، وحماية البيئة من التلوث والحفاظ على آثارها التاريخية وأوابدها ومعالجة النمو العشوائي، والأهم من كل ذلك الاهتمام بنظافة الشاطئ وتقديم الخدمات اللازمة التي تساعدهم على تحمل مصاعب الحياة والظروف المعيشية وفي تسويق بضائعهم على اختلاف أنواعها، كان ختام جولتنا التي انتهت بتساؤلات ودموع ملأت عيون الصغار قبل الكبار وبعبارة ترددت على ألسنة الجميع مفادها: «حرام هذه الآثار وهذه الجزيرة التي يقال إنها عروس البحر تظلها هيك»!