زراعة التبغ في طرطوس.. عمل جاد لزيادة المساحات.. وتسهيلات تشجيعية للمزارعين

زراعة التبغ في طرطوس.. عمل جاد لزيادة المساحات.. وتسهيلات تشجيعية للمزارعين

أخبار سورية

الثلاثاء، ٧ نوفمبر ٢٠١٧

زراعة التبغ في محافظة طرطوس متوارثة، كما تعد محصولاً رئيسياً هاماً للعديد من الأسر التي تعتاش عليها، حيث يبلغ عدد الأسر العاملة بحدود / 15000/ أسرة، وذلك حسب إحصائيات زراعة طرطوس، ويأبى المزارعون ترك العمل بهذه الزراعة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم ، فكانت حصيلتها إنتاجاً جيداً ونوعاً أجود بدليل تصديره إلى الأسواق العالمية.
يسجل لفرع مؤسسة  التبغ هذا الموسم التسهيلات التي قدّمها من حيث استلام المحصول من القرى، وبالتالي التزام المزارعين بتسليم كامل الإنتاج للمؤسسة بأسعار مقبولة ما عدا سعر الصنف الأول، ومع ذلك مازالت صعوبات الزراعة قائمة والتحديات هائمة، يقابلها المزارع بصبر وثبات ويقين بأن من لا أرض له لا عرض  له، فما هي أبرز تلك الصعوبات، وما هي المطالب والمقترحات..؟.
زيادة الإنتاج
أشار المهندس تيسير بلال مدير الزراعة في طرطوس إلى أن زراعة التبغ تتركز في منطقتي بانياس والشيخ بدر، وبلغت المساحة المزروعة بالتبغ عام 2016 /4814/ هكتاراً بإنتاج وصل إلى 4816 طناً، في حين بلغت المساحات لعام 2017 /4746/ هكتاراً بإنتاج /4944/ طناً، وبهذا نلاحظ زيادة في إنتاج التبغ بسبب زيادة الاهتمام بهذا المحصول من قبل المزارعين بسبب رفع أسعاره من قبل الحكومة.
وحول عدد المزارعين المتضررين الذين تقدموا بطلبات للتعويض عن أضرارهم إلى الوحدات الإرشادية ولجان مناطق صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية، بلغ  502 مزارع في قرى الغنصلة (عنازة بانياس)، إضافة إلى الحطانية– جارة الوادي– باب النور (القدموس)، وأضاف بلال: تحققت شروط التعويض عند 422 مزارعاً متضرراً منهم، حسب القوانين والتعليمات التنفيذية الناظمة لعمل الصندوق، وحسب أسماء المزارعين المرخصين للزراعة من مؤسسة التبغ التابعة لوزارة الاقتصاد، وتقدم التعويضات التي تمنح لهم في الفترة القادمة 10 ملايين ليرة من وزارة الزراعة بعد إقرار التعويض في لجنة محافظة طرطوس برئاسة المحافظ، وتحويلها إلى اللجنة الفنية بوزارة الزراعة، ومنها ستعرض إلى مجلس إدارة صندوق الجفاف برئاسة الوزير، وحسب التكاليف من قبل مديرية الاقتصاد والاستثمار بوزارة الزراعة، ويغطي التعويض بنسبة من تكاليف الإنتاج المعتمدة في الوزارة /1820175/ ليرة سورية، وهو مطابق للواقع /حسب مدير الزراعة/.

ارتياح بتسليم المحصول
تعد زراعة التبغ موسمية، حيث يزرع مرة في السنة، تبدأ زراعة البذار من بداية رأس السنة حتى شهر آذار، ثم تزرع الشتول من أول شهر آذار، وتبقى مدة ثلاثة أشهر، يتم جني المحصول في حزيران.. هذا ما أفاد به سمير الجابري رئيس الرابطة الفلاحية في الشيخ بدر، وأوضح أن عائلات كثيرة تعتمد عليه، حيث يعد التبغ الإيراد الوحيد في المنطقة، يؤمن دخل عائلات كثيرة تعتمد اعتماداً رئيسياً عليه، ويعد محصولاً رئيسياً بعد شجرة الزيتون، يزرع معظمه بعلاً وتحميلياً تحت أشجار الزيتون، وميزة العمل بهذه الزراعة أن أهل البيت ينجزون ما أمكن من أعمال، وبالتالي يخففون أجور اليد العاملة، وهناك ازدياد وإقبال من المزارعين على زراعته، تعتمد ألفا أسرة على زراعة التبغ في منطقة الشيخ بدر، وتضاعفت المساحات المزروعة هذا العام، وستتضاعف أكثر في السنوات المقبلة،  ولا سيما بعد زيادة سعر الكيلو غرام منه، وسهولة تسليم المزارعين محصولهم من قراهم، فسعر نوع الاكسترا كان بـ 800 ليرة للكغ، أصبح بـ 1800 ليرة.

صعوبات
وعن الصعوبات التي اعترضت المزارعين هذا الموسم أفاد الجابري: قلة اليد العاملة وغلاؤها نتيجة طبيعة المنطقة الجبلية الوعرة، وعدم القدرة على استخدام الآلة، فالعمل بزراعة التبغ يقوم على اليد العاملة بشكل كامل، ويحتاج المحصول إلى ست ساعات عمل متواصلة عند زراعته، وتصل يومية العامل الذي يشتل إلى خمسة آلاف ليرة، ومن يساعده بزراعة الشتل /1500/ ليرة باليوم، يشتل نصف دونم /500 متر/ باليوم، ومن يسقي أجرته 3 آلاف ليرة باليوم، وبيّن الجابري وجود فرق بين سعر الاكسترا والأول 350 ليرة.
ولفت رئيس الرابطة إلى ارتفاع أسعار السماد، فالدونم الواحد يحتاج  إلى كيس سماد مركب وكيس يوريا بتكلفة 17 ألف ليرة “واصلين” للمزارع، وتحتاج الأرض حراثة من مرتين إلى ثلاث مرات وهي مكلفة، تحرث الأرض بالعزاقة، وتكلف الساعة 1700 ليرة، وتسجل الأدوية سعراً مرتفعاً، فسعر كيلو (ريدوميل ) 14 ألف ليرة، يرش الدونم أربع رشات.
تسليم كامل الإنتاج للمؤسسة
وأكد الجابري أن كامل إنتاج المزارعين سلّم لمؤسسة التبغ، وذلك لأول مرة منذ عشر سنوات، كما كان الاستلام من القرى، باع المزارع كل كيلو تبغ وبمعدل وسطي 1600 ليرة وما فوق لجميع الأنواع (اكسترا، أول وثانٍ وثالث)، وحتى تاريخ الخميس الماضي سلّم مزارعو الشيخ بدر 383,487 طناً من إنتاجهم لمؤسسة التبغ، وخلال هذا الأسبوع وحتى تاريخ 22/10 تجاوز التسليم 500 طن، وأكد الجابري أن تكلفة كيلو التبغ تتجاوز 1500 ليرة في ظل ارتفاع أسعار الأسمدة والأدوية.

لا يعادل التعويض القيمة الحقيقية
وحول السعر الذي حددته مؤسسة التبغ، وهل يعتبر منصفاً للمزارع، بيّن الجابري أن المؤسسة حددت سعر 1800 للاكسترا، و1450 للصنف الأول، والثاني 1300، والثالث 400 ليرة، وبهذا يكون الحد الأدنى لكيلوغرام التبغ 2000 ليرة وفق قيمة الليرة السورية اليوم، وللفلاح هامش ربح، وأشار رئيس الرابطة إلى عدم تعرّض المحصول لأضرار نتيجة الحالة الجوية لموسم 2017، في حين أبيد الموسم الماضي 2016 نتيجة الظروف الجوية التي سادت، والبرد الذي أتى آخر نيسان، وانخفض معدل الدونم من 100 كيلوغرام إلى 50 كيلوغراماً، حيث عوض المزارع، ولكن ليس بالقيمة الحقيقية، فتم تعويضه بـ 2000 ليرة للدونم الواحد، وهي قيمة سعر كيلوغرام الدخان، ومن المفترض أن يتم التعويض بـ 40 ألف للدونم.

مقترحات
قدم رئيس الرابطة الفلاحية مقترحات لاستمرار العمل بهذا المحصول الاستراتيجي الهام، حيث أكد على ضرورة زيادة سعر التبغ، وإن لم تحصل زيادة بشكل إجمالي يجب زيادة سعر كيلوغرام النوع الأول من 1450 إلى 1700 ليرة، ولابد من تمويل السماد في 1/10، وتخفيض أسعار الأسمدة، وهو مطلب ملح، تزامناً مع الرقابة الدوائية من قبل وزارة الزراعة، وتأمينها بشكل فعلي عن طريق مؤسسة التبغ، على أن تكون مسؤولة عن جودتها، لا كما حصل في أعوام سابقة!.

مع المزارعين
وفي مركز استلام التبغ في قرية الصوراني التابعة للشيخ بدر، كانت “البعث” حاضرة للاستماع إلى المزارعين عن كثب، أحمد محمد، مزارع يملك خمسة دونمات، اعتبر أن زراعة التبغ مجدية حينما تخفض أسعار مستلزمات الإنتاج، وأكد أن التبغ هو المحصول الرئيسي الذي تعتمد عليه عائلته، فلا توجد حيازات واسعة، وحسب مناخ المنطقة لا يمكن زراعة أشجار ومحاصيل سوى الزيتون بالدرجة الأولى، ثم التبغ، فلعدم توفر البديل نحن ملزمون بهذه الزراعة.
مالك محفوض مزارع آخر يملك أربعة دونمات، ومنذ اثني عشر عاماً يعمل بهذه الزراعة التي ورثها عن آبائه، ينتج بين 200- 500 كيلوغرام دخان، بكلفة 300 -400 ألف ليرة حسب الأسعار التي تضعها المؤسسة، وتحت رحمة الخبير!.. يحتاج العمل بهذه الزراعة، حسب محفوض، إلى العمل الحثيث، والمتابعة اليومية / 11/ شهراً، بعمل متواصل من بداية العام حتى التسليم، مؤكداً أن الفلاح يعمل بجهده، حيث تصل تكلفة الدونم الواحد إلى أكثر من 125 ألف ليرة.

إرث اقتصادي اجتماعي هام
وبدوره علي إبراهيم ، يعمل بهذه الزراعة منذ الستينيات، وعماد محفوض لديه ثلاثة دونمات، ومنذ عشرين سنة لم يترك العمل بهذا الإرث الاقتصادي الاجتماعي الهام، حيث أكدا على أن تكلفة إنتاج كيلوغرام التبغ 1500 ليرة دون جهد الفلاح، ومع جهده 2000 ليرة، ولفتا إلى ارتفاع أسعار الأدوية، وعدم فعاليتها كأدوية: (ديسيس، وماسترين، وسيست واد، وسيتار)، وأشارا إلى أن غلاء المازوت ساهم بارتفاع أجور الفلاحة.

كميات جيدة ونوعية أكثر جودة
ولفت المزارعون إلى نقطة هامة، وهي أن الخبير عندما يخمن وزن التبغ، إن كان 25 كيلوغراماً يحسبه 24  بحجة وجود أعواد في التبغ، وهذا يخفض من المعدل الوسطي للمزارع!.
يقوم اتحاد فلاحي طرطوس بالإشراف على عملية تسويق محصول التبغ، وعمل لجان الاستلام، والتدخل مع الجهات المختصة في مؤسسة التبغ عند الحاجة، وذلك حسب محمود ميهوب نائب رئيس الاتحاد، واعتبر أن التبغ الذي يزرع لدينا من النوع الجيد بدليل أن الكميات المصدرة إلى الأسواق العالمية تشكّل رافداً اقتصادياً مهماً للاقتصاد السوري.
وأشار ميهوب إلى أن قسماً كبيراً من المزارعين حصل على شيكات ثمن محصوله، لكنه لم يقبض مستحقاته، مطالباً بضرورة استمرار مؤسسة التبغ باستلام المحصول من قرى المزارعين.

ملتزمة بالاستلام
ومن جهته أكد محمد سعد الدين مدير تبغ الورق في المديرية العامة للتبغ في اللاذقية على أن زيادة أسعار التبغ نجمت عن دراسة كلفة الإنتاج مع ارتفاع الأسعار الحالية، دعماً للمزارع، وهو ما أثر على زيادة كميات الإنتاج التي ازدادت بين الضعف والضعفين حسب الصنف، وأي تعديل جديد، أو ارتفاع في أسعار التبغ، يحتاج لموافقة من رئاسة مجلس الوزراء، وحالياً الأسعار ثابتة، ويستمر استلام المحصول من المزارعين حتى نهاية العام، والمؤسسة ملتزمة بالاستلام من الفلاح.

الدعم للاستمرار
زيادة إنتاج اقتصاد الدولة يعتمد بشكل أساسي على الزراعة التي يشكّل الفلاح عمودها الفقري، لذلك لابد من تشجيع الفلاحين على زيادة المساحات، والتوسع بالزراعة، وإنتاج أصناف بمواصفات جيدة، والحفاظ على هذا الإرث التاريخي، وذلك بتأمين مستلزمات الإنتاج بوقتها، والعمل على تخفيض أسعارها حتى يتمكن المزارعون من تقديم الخدمات للأرض في الوقت المناسب.
دارين محمود حسن