الواقع الصحي في حمص.. تحديات كثيرة.. وضيق المساحات يعرقل العمل

الواقع الصحي في حمص.. تحديات كثيرة.. وضيق المساحات يعرقل العمل

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٤ نوفمبر ٢٠١٧

أثار التعطل المتكرر لجهاز غسيل الكلية الإيجابي، وهو أحد ثلاثة أجهزة في المشفى، الشكوك بأن  أيادي خفية في المشفى تقف وراء تعطيله لدفع المواطنين إلى المشافي الخاصة، وهناك من يطرح أيضاً تفريغ الأقسام من ذوي الخبرات، ونقلهم إلى العيادات والمكاتب التي لا تحتاج لاختصاصيين، وغياب الأطباء، وعدم التزامهم بساعات الدوام، علماً أن وزير الصحة د.نزار يازجي أثناء زيارته للمشفى استمع لشكوى أحد الأطباء والذي أكد فيها غياب عدد كبير من الأطباء على حساب زملائهم.

زيارة ميدانية
د.ناصر إدريس، أخصائي جراحة عامة، ومدير مشفى الباسل بكرم اللوز، يقول: كان المشفى عبارة عن مركز صحي بعيادات  شاملة، وبسبب الحرب التي أخرجت المشافي الوطنية من الخدمة  تقرر استحداث مشافٍ إسعافية، ومنها مشفى كرم اللوز بغرفتي عمليات وغرفة إنعاش و30 سريراً، ونتيجة الضغط تمت إضافة غرفتي عمليات ليصبح العدد أربع غرف عمليات حالياً، فاصبح لدينا 48 سريراً و 16 حاضنة.
ونعمل بطاقة مشفى وطني كبير وبإمكانات بسيطة، وهذا ما تؤكده الإحصائيات، ولدينا تقريباً كل شهر بين 400 و 500 عملية، وهناك تعاون من قبل المرضى، حيث نضطر أحياناً إلى وضع الأسرة في الممرات، لأن تلبية الخدمة وتقديمها هي الأساس،  خاصة في ظل الارتفاع الفاحش بأسعار المشافي الخاصة، فكان لابد من إيجاد حل بديل تقدم فيه الخدمات الصحية مجاناً بشكل كامل بما فيها العمليات الجراحية، حيث تقدم الخدمات الصحية + العمليات الجراحية + العناية المشددة الضرورية، وغرف العمليات مجهزة بأفضل الأجهزة، هناك جهاز جراحة تنظرية وجهاز طبقي محوري وجهاز المامو غراف– جهازتنظير شعاعي متطور– جهاز تفتيت الحصيات الكلوية (وهو متوقف حالياً بسبب عطل طارئ)، المشفى مجهز بخمسة أسرة عناية مشددة، ويحتوي كافة الاختصاصات بمساحة ضيقة،  الكادر متوفر بشكل جيد، وعدد الأطباء المقيمين قليل نسبياً، لكنه ضمن المقبول 60 مقيماً.

التوسع
جاء قرار التوسع بسبب الضغط الهائل، فلدينا حوالي 500 مراجع  لقسم الإسعاف و200  مراجع لقسم العيادات يومياً، قررت الوزارة إجراء توسع عبارة عن ثلاثة طوابق مع ملحق بعدد 75 سريراً ليصبح العدد الكلي 120 سريراً، وهو عدد جيد، وسيكون لدينا 5 غرف عمليات + غرفتان لجراحة القلب والأوعية، وقسم حواضن يتسع لـ25 حاضنة تقدم خدماتها الطبية على مدار الساعة، وقد تم الانتهاء من الأعمال الإنشائية، ومديرية الصحة توفر كافة الأجهزة والمعدات الطبية، وتم دخول طابق من التوسع إلى الخدمة بـ20 سريراً، وعلى التوسع أن يكون متكاملاً، وينقص الغازات، ومشكلة المصعد، وهو العائق الوحيد.

الصعوبات
وأكد د.إدريس أن ضيق المكان يشكل ضغطاً شديداً على كادر التمريض،   وبدوره الدكتور أحمد فايز عواد، الاختصاصي في طب الخدج وحديثي الولادة، رئيس مشفى الباسل في الزهراء، أوضح أن هناك توسعاً ببناء طابقين ملحقين بالمشفى لحل مشكلة ضيق المكان، ولنتمكن من استيعاب العدد الكبير من المرضى ومعالجتهم، والمشفى بحالته الراهنة يقدم جميع الخدمات مجانية وكاملة لحالات الجراحة العامة والحوادث، والطلق الناري والإسعاف الجراحي النسائي، والعمليات القيصرية، والعناية المشددة، وحالات الاحتشاءات القلبية،  وقسم غسيل الكلية يتكون من ثلاثة أجهزة للغسيل (اثنان سلبي وآخر إيجابي)، الإيجابي لمرضى التهاب الكبد مع طاقم طبي متخصص في متابعة حالات القصور الكلوي وعمليات الغسل، ونقوم بإجراء حوالي /250/جلسة غسيل كل شهر، وقسم الأشعة  في  المشفى يعاني من ضغط هائل على قسم العناية، وفي بعض الأحيان نعتذر عن قبول المرضى، وتتم إحالتهم إلى المشافي الأخرى مع الأخذ بعين الاعتبار أن المشفى بعد إتمام التوسع سيحتوي على عنايتين مشددتين تخدم الواقع الصحي للحالات الحرجة بشكل أفضل.

الكوادر الطبية
يضم المشفى حوالي 77 طبيباً أخصائياً من كافة الاختصاصات، منهم عشرون طبيب مقيم ، وهنا يكمن النقص في عدد الأطباء المقيمين عندما يتم توزيعهم على الأقسام الجراحية والداخلية والأطفال، آملاً من مديرية الصحة برفد المشفى بأطباء مقيمين.
المدير الإداري  في المشفى السيد بشير المرعي، أشار إلى أن التوجه بالدرجة الأولى هو تأمين أفضل خدمة طبية للمريض، وقد أكد على أن الضغط يتمثل بضيق المكان بالدرجة الأولى، ونقص بعض المعدات والأجهزة الطبية، لكن بالتوسع الحالي الذي يشهده سيكون الوضع أفضل، ولو توفرت بعض الأجهزة الطبية مثل جهاز التنظير الهضمي، وجهاز الجراحة بالمنظار، وجهاز تفتيت الحصى، فإنها ستؤدي إلى تحسين العمل لصالح المرضى، فالمشفى يجري عمليات جراحية، حوالي 200 عملية شهرياً ضمن 3 غرف عمليات عظمية، وجراحة عامة، وتوليد، ويراجع  قسم الإسعاف شهرياً بين 9 إلى 10 آلاف مريض، كما تم إنجاز شبكة «أوكسجين»، ويتم العمل على إنشاء محطة توليد أوكسجين ضمن المشفى، وتأمين محولة كهربائية، ما يوفر حاجة التوسع في المشفى من الكهرباء، إضافة إلى أن المصاعد قيد الإنجاز.
وتم لحظ زيادة أجهزة جديدة لشعبة الكلية ضمن التوسع بسبب زيادة  عدد المرضى، وضمن الإمكانيات المتاحة نقدم خدمة لمرضى الأورام وأمراض الدم من الجرعات والأدوية الموجودة في المستودعات المركزية، ويوجد نقص في الأدوية الخاصة بالسرطانات، والسكري، أما خدمة التوليد الطبيعي والقيصرية فهي على أكمل وجه.
بالنسبة للنظافة
لتحقيق بيئة صحية سليمة ونظيفة تتزامن مع التعقيم الجيد، تم إبرام عقد خاص بالاتفاق بين متعهد خاص ومديرية الصحة لتنظيف المشفى بشكل يومي من قبل عمال يتقاضون أجورهم من المتعهد، ويتم الإشراف على أعمال النظافة بالمشفى من قبل لجنة من كوادر التمريض والمراقبين الصحيين لتقييم العمل بشكل يومي، ويتم تسجيل علامات، ونسبة الإنجاز.

المشاكل
دعم المشفى بسيارة إسعاف، وبعدد من السائقين لتلبية خدمة المشفى على مدار 24 ساعة، حيث لا يوجد سوى سائق وسيارة وحيدة لا تتعدى أن تكون سوى سيارة خدمة غير مجهزة، ويعاني المشفى من نقص الأطباء الاختصاصيين بالأشعة كخدمات تصوير الايكو: “دوبلر ملون- عادي- نسائية”، وفي بعض الاختصاصات لا يوجد سوى طبيب وحيد، مشيراً إلى أنه من غير المنطقي أن يكون الطبيب مناوباً على مدار 24 ساعة خلال شهر كامل، وأيضاً المشفى بحاجة لوحدة غسيل آلي للأغطية و«الشراشف»، وبعض المستلزمات الطبية، حيث يتم غسيل هذه المستلزمات يومياً في مشفى الحارث، ما يضعنا في حالة صعبة أيام العطل، إضافة لموضوع وسيلة النقل، كما أن المشفى بحاجة إلى غرفتين مسبقتي الصنع لعناصر الحرس، حيث يتعرّض الكادر للمضايقات من المراجعين أحياناً، وبالتالي هو بحاجة لمركز “شرطة” لتنظيم: ضبط- حادث سير- مشاجرة – تثبيت زواج- وفاة.
الدكتور حسان الجندي مدير صحة حمص قال: عانت حمص كغيرها من المدن السورية، وربما أكثرها، من ويلات الحرب الدائرة فيها، وكان القطاع الصحي الأكثر تأثراً، الغاية الأساسية المحافظة على خدمة الرعاية الصحية الأولية بعد الدمار الذي حصل، وقد تعرّض الواقع الصحي في المحافظة للكثير من الضغوط، فحمص لها طابعها الخاص، وقد انقسمت المدينة إلى قطاعات، وعانينا ما عانيناه، وقد دمر المشفى الوطني، ونهبت المستشفيات العامة والخاصة، وفقدنا 70% من الأسرة، وقد بدأنا عملية ترميم سريع لواقعنا الصحي، وساهمت في مساعدتنا لتقديم الخدمة الطبية الجمعيات الخيرية، والمشافي الخاصة، وانطلقنا بـ 13 سريراً في مجمع كرم اللوز الصحي، وحالياً تحول إلى مشفى، وبدأنا في مستوصف الباسل في حي الزهراء بـ 30 سريراً، وحالياً تحول إلى مشفى أيضاً، وحول الكادر الطبي في المحافظة يقول: نعاني من نقص كبير في الكادر الطبي بسبب الهجرة، كما نعاني من نقص في الكادر المسؤول عن صيانة الأجهزة الطبية، وهناك صعوبات كبيرة في استيراد قطع الغيار بسبب الحصار الاقتصادي، ونحن نقدم الخدمات ضمن الإمكانيات المتاحة.

شكاوى الأطباء من داخل المشفى
وعن شكوى وردت من داخل مشفى الباسل في حي الزهراء عن سوء تعقيم غرف العمليات، وسوء نوعية خيطان العمليات يقول: مشكلة التعقيم في غرف العمليات ثقافة عامة، وثقافة مهنية من قبل الجراح، أما بالنسبة لخيطان العمليات فتوجد لجنة مختصة، ونأتي بالنوعية كما يطلب الجراحون من مواصفات، أما بالنسبة للشائعة عن الباراسيتامول الملوث فهذا غير منطقي، لأن الفايروس بحاجة إلى بيئة حاضنة ليستطيع العيش!.

أهم متطلبات مديرية الصحة
نحن بحاجة إلى الكثير من الاحتياجات من بنية تحتية، وأجهزة، وكوادر بشرية، وقد تم وضع بعض الأجهزة في الخدمة أخذت من مشاف خارجة عن العمل، ومن المستودعات. ورغم التحديات تم توفير أدوية الأمراض المزمنة، والأنسولين، وحوالي 75% من أدوية علاج السرطان متوفرة، وهذا بحد ذاته إنجاز في ظل الواقع الراهن الذي نعيشه.
سمر محفوض