خميس: نحو قرار جماعي .. ما أفكار وزراء النخبة حول إصلاح القطاع العام الاقتصادي؟

خميس: نحو قرار جماعي .. ما أفكار وزراء النخبة حول إصلاح القطاع العام الاقتصادي؟

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٤ نوفمبر ٢٠١٧

هيمن مشروع إصلاح القطاع العام الاقتصادي على حديث جميع الحكومات، التي تعاقبت على البلاد منذ إطلاق موجة الإصلاحات الاقتصادية الثانية في العام 1991، لكن في حالات قليلة تُرجم هذا الحديث إلى خطوات عملية، كمحاولة تطبيق بعض التجارب الإدارية وتشكيل لجان متخصصة لوضع ملامح لمشروع الإصلاح المنشود.

اليوم يدخل إصلاح القطاع العام الاقتصادي دائرة اهتمامات الحكومة الحالية، وتبدو ظروف الحرب مواتية تماماً لاتخاذ قرارات جريئة تهربت الحكومات السابقة من مواجهتها، كرفع سقف الإصلاحات التشريعية والإدارية، إعادة النظر بمجالات استثمارات القطاع العام، وقنوات توظيف قدراته المادية والبشرية، والأهم دور الدولة ووظيفتها الاقتصادية.

في الاجتماع الأخير للجنة السياسات في رئاسة مجلس الوزراء، كان ملف إصلاح القطاع العام الاقتصادي الوحيد المطروح للنقاش، لجهة الوقوف على ما أنجزته اللجنة المشكلة لهذا الخصوص في شهر آذار الماضي، واستعراض ما تضمنته ورقة العمل المقدمة من هيئة تخطيط الدولة حول إعادة هيكلة القطاع العام الاقتصادي، والوقوف على رأي أعضاء اللجنة والحاضرين.

ووفق المعلومات التي حصلت عليها “الأيام” حول مضمون النقاشات التي جرت خلال الاجتماع الأخير، فإن هناك أفكاراً واضحة ومحددة، وبعضها على غاية من الأهمية طرحت خلال الاجتماع يمكن أن تشكل محوراً للنقاش والحوار العام.

الفكرة الأهم في النقاشات التي جرت داخل اللجنة، قالها رئيس الحكومة المهندس عماد خميس، وفيها أكد أهمية القرار الجماعي في إقرار آلية إصلاح القطاع العام الاقتصادي، وهذا يعني أن مشروع الإصلاح لن تحتكره الحكومة وسيكون متاحاً أمام جميع الاقتصاديين والمهتمين بالشأن العام لإبداء وجهات نظرهم حياله، حسب ما قاله مصدر حكومي.

وأشار المهندس خميس إلى أن اللجنة المشكلة منذ أكثر من ستة أشهر برئاسة وزير الأشغال العامة والإسكان وعضوية عدد من الوزراء لتقديم مقترحات حول التوجهات العامة لإصلاحه وتطويره، لم تتوصل إلى رؤية موحدة رغم أن هذه المؤسسات تحتاج إلى خطوات سريعة لإيقاف استنزافها لموارد الدولة ومكافحة حالات الفساد الموجودة فيها، مؤكداً أن الحكومة مستمرة في خطة تطوير آلية عملها من خلال برنامج سورية ما بعد الأزمة، ومن خلال مشروع الإصلاح الإداري الذي أطلقه السيد رئيس الجمهورية وتقاطعه مع المؤسسات الاقتصادية.

رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي عماد صابوني، وفي استعراضه لورقة العمل المقدمة من الهيئة، بين أن موضوع إصلاح القطاع العام الاقتصادي قديم وليس جديداً، وأن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة مؤسسات اقتصادية قوية منوط بها إعادة البناء، ولن تستطيع هذه المؤسسات التقدم بوجود مجموعة من القوانين المعدة لفترات زمنية سابقة تقوم بتنفيذ عملها، خصوصاً أن سورية مرت بعملية التحرر الاقتصادي، أي أصبحت المؤسسات الخاصة تنافس بعملها مؤسسات الدولة على مختلف المجالات.

من جانبه وزير الأشغال العامة والإسكان رأى أن هيئة تخطيط الدولة طرحت في ورقتها المفهوم الأبعد والأعمق لإصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي، مؤكداً على وجوب عمل الشركات بشكل اقتصادي وعلى مسؤولية إداراتها والوزارة المعنية، فكل وزارة، برأيه، معنية بتطوير عمل مؤسساتها.

أمثلة ناجحة

أما وزير المالية الدكتور مأمون حمدان فقد استشهد بتجربة الشركة السورية للاتصالات، والتي تم وضع قوانين خاصة بها الأمر الذي أدى إلى نجاح عملها، مقترحاً دراسة أوضاع كل شركة عامة بشكل مستقل وتقرير ما تحتاجه من قوانين تضمن لها النجاح، مشيراً إلى أنه يمكن اختيار عينة من الشركات الرابحة وإخضاعها للتجربة.
وأضاف: هناك مشكلة في إدارة الشركات وأنظمتها، مؤكداً ضرورة وضع مصفوفة للعمل ضمن فترة زمنية من خلال اللجنة الحكومية المشكلة لتقديم مقترحاتها لإصلاح القطاع العام الصناعي إن استطاعت إنجاز المطلوب بشكل سريع، بالإضافة إلى إيجاد حل إسعافي عبر اختيار عدد من المؤسسات لإنجاح عملها.

وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر خليل ركز على ضرورة معرفة الأنظمة والتشريعات المطلوبة، وذلك من خلال اعتماد مؤسسة من كل قطاع والتعامل معها كمشروع استرشادي، والعمل على إيجاد حل إسعافي على التوازي مع الحلول الاستراتيجية، وضرورة وضع المؤسسات بشكل دقيق من الوزارة المعنية بها، ومن ثم تعرض النتائج على لجنة فنية، مقترحاً أن تكون لجنة السياسات هي المعنية بتقييم تلك النتائج ومتابعتها.

في حين اعتبرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريما القادري الورقة المعدة من هيئة تخطيط الدولة مرجعية فكرية لتصنيف المؤسسات، مؤكدة على ضرورة الإسراع على المستوى القصير لتحديد مؤسسة ذات أولوية حسب التصنيفات لتكون بمنزلة تجارب رائدة تساعد في تحديد الضرورات والمسارات اللازمة لتحسين أدائها أو إصلاحها.

وذهبت القادري إلى أنه يمكن تطبيق قانون العمل الذي ينظم شؤون العمل في القطاع الخاص على المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي لحل مشكلة العمالة، واقترحت كذلك العمل على اختيار حالة من كل نوع من المؤسسات الاقتصادية القائمة للمباشرة بتجربة عملية، وبما يساهم لاحقاً في صياغة أفضل التشريعات التي تعمل الحكومة على تعديلها أو إعادة صياغها في مجالات: قانون العقود، القانون الأساسي للعاملين في الدولة، قانون العمل.

فصل الإدارة والملكية

من جهتها أيدت وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلام سفاف خيار فصل الإدارة عن الملكية فقط للمؤسسات التي لا تقع ضمن إطار عمل الدولة، مشيرة إلى أنه من الصعوبة ضمن الظروف الحالية تغيير الشكل التنظيمي والقانوني للمؤسسات، لذلك فإنه خلال مرحلة ما بعد الحرب ستتم دراسة واقع المؤسسات وتصنيفها على واقعها الحالي وتحديد الخيارات الاقتصادية ضمنها، ومن ثم وضع التشريعات القانونية لها ودراسة واقع العمالة فيها ومعالجتها، وهذا يتقاطع مع خطوات المشروع الوطني للإصلاح الإداري.

أما حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور دريد درغام فأوضح أن إعادة هيكلة القطاع الاقتصادي تحتاج إلى تعريف لهوية الاقتصاد ووضوح الأولويات، كما أن هناك ضرورة لمعالجة المشكلات المتعلقة بالتشريعات ومقاومة التغيير لدى الموظفين تجاهلها، وإنعاش المؤسسات الحالية وإعطاء الأولوية للاقتصادية منها، بحيث يتم البدء بمعالجة المؤسسات التي تتضمن فساداً ضمن عملها للانطلاق باتجاه بناء منظومة جديدة لا تبرر أخطاء الماضي.

وأشار إلى أن فكرة الإصلاح تتعلق بتقييم الموجودات والتي لا يمكن تقييمها في الوقت الحالي بل مقاربتها.

واقترح أمين عام رئاسة مجلس الوزراء الدكتور قيس خضر أربع خطوات للبدء بمشروع إصلاح القطاع العام الاقتصادي.

وهذه الخطوات تبدأ بورقة مبادئ تتضمن أهم العناوين التي تريد الحكومة الاستناد إليها في تطوير مؤسسات القطاع العام، تكليف لجنة معينة بوضع تصور حول الشكل المؤسساتي والتنظيمي المناسب لتحقيق المبادئ المذكورة سابقاً، تكليف وزارة التنمية الإدارية بوضع رؤية واضحة الإدارة السلوكية لجيل القادة الذين سيتولون مهمة إدارة هذه المؤسسات، ورابع الخطوات تتمثل في تناول المؤسسات بشكل قطاعي وبناء حالات ومشروعات رائدة يتم تعميمها بشكل مدروس.

الأيام