وسط العام الدراسي .. تتزاحم المشكلات.. وتكثر التساؤلات ..فأين الحلول؟

وسط العام الدراسي .. تتزاحم المشكلات.. وتكثر التساؤلات ..فأين الحلول؟

أخبار سورية

الأربعاء، ١٥ نوفمبر ٢٠١٧

ميساء الجردي
بعد مرور أكثر من شهر ونصف على بدء العام الدراسي في غالبية مدارسنا على اختلاف مساحات الوطن قد يكون من غير المقبول أن تستمر بعض المشكلات وكأنها حالة عامة لا مهرب منها، فالوقائع المدرسية تتحدث عن نفسها من خلال أولا الطلبة الذين اشتكوا من التكدس والازدحام داخل الصفوف، وجلوس ثلاثة طلاب في مقعد واحد.
والتأخر في الحصول على الكتب المدرسية حيث تم توزيع بعض الكتب لعدد من الطلبة في كل صف وتأجيل الآخرين، ومن عدم وجود مدرسين لبعض المواد الأساسية وخاصة الرياضيات واللغات الانكليزية والفرنسية والعربية.‏
وهناك مدارس ريفية حتى الآن تعاني من نقص في الكادر التدريسي في مادة الاجتماعية ومادة اللغة الانكليزية. بالإضافة لعدم الالتزام من قبل المدرسين المتواجدين على رأس عملهم، المتزامن مع العبء الكبير الذي يحمله الطالب وفقاً للمناهج الجديدة والكتب المعدلة في ظل عدم توفر المعلومات الكافية ليتم متابعتها خلال الحصة الدرسية أو في البيت. والمطالبة بالبحث عنها في المكتبات غير المتوفرة أصلاً أو من خلال البحث على شبكة الانترنت التي قد تكون موجودة لدى 10% من طلاب الصف ولكنها غير متوفرة لدى 80 أو 90% لدى الطلبة الآخرين.‏
أكثر من 55 طالباً في كلّ صف‏
وتبدو مشكلة الازدحام داخل الصفوف مشكلة عامة لمعظم المدارس الريفية، فهي تصل في غالبية المدارس إلى ما بين 55 و60 طالبا، والسبب لا يحتاج للكثير من الجهد لمعرفته حيث إن المدارس الموجودة لم تعد كافية لاستيعاب الطلاب المتزايدين عاما بعد عام. وليس خافيا ماذا يعني هذا العدد الكبير داخل الصف الواحد الذي ينعكس سلباً على سير العملية التعليمية من ضجيج، وقلة استيعاب، ووجود ثلاثة طلاب أو أربعة في المقعد، يعني جلوس غير مريح وعدم القدرة على الكتابة وغياب مكان لوضع الحقيبة أو الكتاب المدرسي وغيرها من منغصات تنطوي على هذه الحالة غير الصحية.‏
ففي مدارس جرمانا الأرقام مخيفة، والازدحام داخل القاعة الصفية كبير جدا؟ وفي صحنايا يوجد مدرسة واحدة للتعليم الثانوي وعدد الطلاب لا يتناسب مع عدد المقاعد وحجم القاعة وبالتأكيد 55 أو 60 طالباً داخل الدرس، يعني عملية تعليمة غاية في الصعوبة، وكذلك الأمر في مدارس مساكن الحرس وفي مساكن ضاحية الأسد وغيرها من مدارس الأرياف السورية وبعض مدارس المدن.‏
وكلاء ليسوا مختصين‏
تحدث الأهالي حول مشكلات تدور ضمن السياق نفسه، مشيرين إلى اعتماد غالبية الكتب على فكرة البحث عن المعلومة ، الأمر الذي يجده الطالب حجة له أمام الأهل لعدم متابعة دروسه فليس لديهم شبكة انترنت في البيت، وعليهم الانتظار لليوم الثاني ليحصلوا على المعلومة من مدرسهم أو من زملائهم أو اللجوء إلى المعاهد الخاصة والدروس الخصوصية التي اصبحت ظاهرة طاغية لجميع المواد وبكل المقاييس ووسائل الاستغلال.‏
وأشاروا على أن الكتب الجديدة سلاح ذو حدين لأنها تشجع الدروس الخصوصية، وتساعد المدرسين في التخلي عن دورهم داخل الصفوف. بالإضافة إلى مشكلة نقص المدرسين للعديد من المواد، واستبدالهم بالمدرسين الوكلاء الذين مازالوا في المرحلة الجامعية الأولى وليسوا خريجين أو مختصين ولا يمتلكون مهارات التدريس التي تتحدث عنها الوزارة في ظل التعليم الحديث.‏
هذه المشكلة اشار إليها أيضاً مديرو المدارس من الحلقات الأولى ومن التعليم الثانوي، الذين تحدثوا عن نقص المدرسين في مادة اللغة الانكليزية والاجتماعية في مناطق مختلفة من مدارس ريف دمشق وخاصة جرمانا وضاحية 8 آذار، وفي ريف حماه الغربي وغيرها من مناطق أخرى . بالإضافة لمشكلة الاعتماد على الوكلاء، والذين بدورهم لديهم مشكلاتهم مع سعر الساعة الدرسية التي مازالت 150 ليرة سورية.‏
خارج الحسابات‏
وأشار بعض مديري المدارس إلى وجود وفرة في تخصصات معينة على حساب تخصصات آخرى وعدم وجود توازن بين اعداد المعلمين وأعداد الطلاب في المدارس، وعدد الحصص المقررة للمادة التخصصية. بالإضافة إلى مشكلة تفريغ بعض المعلمين أثناء اليوم الدراسي لحضور ورش عمل ودورات تدريبية الأمر الذي يتطلب تفريغ أكثر من معلم لحضورها وهو ما يسبب إرباكاً للمدرسة. وأشار البعض على ان كثرة أعداد الطلاب أدى إلى تحويل الغرف الخاصة بالأنشطة المدرسية إلى قاعات تدريسية. ونظرا لأهمية الأنشطة اللاصفية يتمنى هؤلاء استغلال المساحات الموجودة في الباحات لتشكيل غرف حتى لو كانت مسبقة الصنع لتكون عوناً للمدرسة وللطالب.‏
خدمات غير كافية‏
من جهة أخرى أكد مديرون من مدارس الحلقة الثانية: أن الخدمات الحالية في المدارس لا تكفي للعدد الكبير للطلبة وهناك نقص كبير بالأبنية والأماكن ونقص بالخدمات العامة والبنى التحتية. وتحدثوا عن ضعف توفير الكتب والقرطاسية، وتأخر توزيع العديد من المقررات وهناك كتب رديئة من ناحية الكبس والطباعة.‏
وباختصار هناك ثانويات بلا أساتذة ومشكلات بنقص التجهيزات والخدمات وقلة التخصصات في مجالات معينة وإسناد تدريس بعض المواد لمعلمين غير متخصصين. وهي جزء من مشكلات أكبر لامجال لحصرها تحتم على القائمين في التربية الوقوف عندها ووضع الحلول المناسبة لها.‏
لقاءات تربوية‏
رداً حول ما تقدم تحدث الاستاذ عبد الكريم الخضر مدير تقنيات التعليم حول أهمية وسائل الايضاح في مساعدة المدرس على تطبيق المنهاج وتطبيق الدروس بشكل فعلي بحيث يتحقق الترابط بين الجانب النظري والعملي. والخروج عن الطريقة التقليدية والتلقين في الإعطاء. إذ لم يعد مقبولاً اعطاء أي درس بشكل نظري دون توفر وسيلة تعليمية او تقنية حديثة. مبينا على أن الوزارة تقوم سنويا بتأمين وسائل تعليمية وتقنيات حديثة توزع إلى جميع محافظات القطر من خلال خطة محددة وممنهجة. معدة مسبقا يتم تنفيذها من خلال الخطة المادية والاعتماد المرصود.‏
وحول المشكلات الحالية التي تخص وسائل الإيضاح للمنهاج الحالي، وخصوصاً: مادتي اللغة العربية والجغرافيا، اللتين تتطلبان من الطالب الاعتماد الكامل على الإنترنت؟ قال: لكل درس من الدروس وسائله الايضاحية الخاصة به، ولم نستطع حتى هذه اللحظة تغطية جميع مدارس القطر. لكن نحن وزعنا آلات خاصة لكل محافظة لتصنع من خلالها وسائل تعليمية بحسب المنهاج الجديد، وعلى الاستاذ أن يتعب على نفسه لتطبيق المنهاج.‏
ومنذ اسبوع تحدثنا مع مركز مناهج تطوير اللغة العربية وطلبنا منه تحديد لقاء مع اللجنة لتحديد الوسائل المطلوبة والمناسبة من قبل مختصين؟ مؤكدا أن دورهم في مديرية التقنيات، هو عمل تنفيذي لما تقترحه اللجان المختصة من وسائل ايضاحية. لافتا أن هناك دورات سنوية مخططة تأتي ضمن برنامج التدريب الوزاري وتنفذ ضمن تاريخ محدد. حيث يوجد تدريب لمدرسين وموجهين اختصاصيين وموجهين تربويين وأمناء المكاتب والمخابر ودورات تدريبية مركزية لتأهيل كادر يقوم بالتدريب في المحافظات. ومنذ عام الـ 2004 حتى الآن والمدرسون يخضعون لهذه الدورات التدريبية، ولكن حتى الآن يوجد مدرسون متشبثون بالطرق القديمة، والبيئة المدرسية غير مناسبة بالكامل، والعملية تحتاج إلى تضافر جهود الجميع.‏
خارطة مدرسية على الطريق‏
وضمن اطار البحث عن حلول لمشكلة الاكتظاظ الطلابي في الصفوف والمدارس ونقص الخدمات؟ أفادنا الاستاذ محي الدين نجيب معاون مدير الأبنية المدرسية في الوزارة : أن هناك اقتراحاً يقضي بأن تعمل كل مديرية تربية في كل محافظة اجتماعاً استثنائياً للجنة المحلية للخريطة المدرسية، تبين حاجة المحافظة من المدارس، ومن خلال هذا الاجتماع الاستثنائي يجب موافاتنا خلال اسبوعين بالمواقع المقترحة لبناء مدارس جديدة أو التوسع في المدارس التي لديها مساحات اضافية بالباحات أو بمواقع مأخوذة من أملاك الدولة ومن أملاك البلدية. وقال: نحن حاليا بطور جمع المعلومات حول هذا الموضوع وخلال شهر سوف نصل لتحديد حاجة كل منطقة.‏
3 مليارات ليرة لصيانة الأبنية المدرسية‏
وبين نجيب أن الميزانية المخصصة لصيانة الأبنية المدرسية هي 3 مليارات ليرة سورية لهذا العام بشكل تقريبي وأنه يوجد الكثير من المدارس ولكن بسبب التخريب من قبل الإرهابيين تركز التعليم في المناطق الآمنة، وعليه يتم التنازل عن بعض المعايير المتعلقة بحصة الطالب بالباحة وفي الشعبة، وهناك محاولة لحل مشكلة الكثافة الطلابية من خلال اضافة صفوف على حساب تقليص حجم الباحات وإحداث شعب صفية اضافية في كل مدرسة للتخفيف من هذا الضغط وهناك توجيه لتوسع في البناء الذي لديه مساحة تسمح بذلك. وبالنسبة لنقص الخدمات يؤكد أن هذه المشكلة تعود لهيئة الخدمات الفنية ودوائر الصيانة بمديريات التربية، وهي تعاني من عدم وجود اعتماد مالي كاف. بالإضافة إلى الضغط الكبير على الخدمات المدرسية في ظل استيعاب مضاعف لأعداد الطلبة.‏
التواصل مستمر والأخطاء تصوب‏
وأكد الأستاذ مثنى خضور مدير التوجيه أن دور الوزارة حاليا هو تفعيل استخدام الوسائل التعليمية، وهناك متابعة دائمة لما يحدث في المدارس ولجميع الدروس التي تطبق في الميدان، حيث يوجد دليل معلم ومصادر تعلم يعتمد عليها الموجه التربوي وينقلها للأساتذة، وطباعة هذه الوسائل مستمر حتى تصل إلى كل مدرس.‏
وقال: المنهاج الجديد لا يوجد فيه محتوى علمي كبير، لكن تحليل المفاهيم هي نفسها والوسائل التعليمية موجودة ومتوفرة للجميع بحيث نأخذ المعلومة من مصدرها؟ فعلى سبيل المثال: يوجد انتقاد كبير لكتاب الرياضيات يتركز بوجود مسائل كثيرة، ولكن نحن تعمدنا ذلك حتى يتمكن الطالب من حل عدد كبير من المسائل ويتدرب على مفاتيح الحلول. وبسطنا الأمور في كتاب الجغرافيا لنحل مشكلة الحفظ والتلقين. وبالوقت نفسه نحن نطالب الموجهين بتقديم ملاحظات على كل صفحة وكل درس وكل كتاب ونجمع هذه الملاحظات لتكون قابلة للتطوير والتصويب.‏
وختم خضور: أنهم على تواصل مع الموجهين من كافة الاختصاصات الذين بدورهم يتابعون المدرسين داخل الصفوف، وفق خطة حضور متكاملة مع التأكيد على أن دور المدرس في الصف هو ميسر للحصة الدرسية وليس ملقن للمعلومات،فلا يتجاوز دوره الـ 20% بحيث يعطى الطلاب الدور الباقي من الحصة.‏

الثورة