نشاط روسي ــ أميركي مكثف حول «جنيف»: «تجميد» مطلب «رحيل الرئيس الأسد»

نشاط روسي ــ أميركي مكثف حول «جنيف»: «تجميد» مطلب «رحيل الرئيس الأسد»

أخبار سورية

الجمعة، ٨ ديسمبر ٢٠١٧

فرض بيان «الرياض 2»، الذي صدر عن اجتماع المعارضة الموسّع، أجواءً سلبية على الجولة الثامنة من محادثات جنيف. ومع تمسّك الوفد الحكومي برفض الحوار مع «شروط مسبقة»، خاصة طرح فكرة «رحيل الأسد»، تنشّط موسكو وواشنطن الحوار، فيما تضغط الأخيرة مع حلفائها لتحييد المطلب المعارض من التداول «إلى حين»
تعود موسكو وواشنطن إلى تكثيف اللقاءات والاتصالات الديبلوماسية حول الجانب السياسي من الملف السوري، في مشهد يعيد الذاكرة إلى نشاط الوزيرين، الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، في صيف العام الماضي. الفرق بين المشهدين هو طبيعة الزوايا التي يجري تدويرها.

فبينما وصل حوار لافروف ــ كيري إلى طريق مسدود حول «تسوية مدينة حلب» حينها، أصبح المطروح اليوم هو مستقبل العملية السياسية وتعديل الدستور والانتخابات، في ما يبدو كجهد بعيدٍ عن رهانات الميدان. المسار الديبلوماسي الروسي المتعاون مع «الشركاء» الإقليميين والدوليين أوصل وفداً معارضاً موحّداً إلى جنيف، ولكن جولته الأولى من المحادثات فشلت برفض من الوفد الحكومي لطرح فكرة «رحيل (الرئيس السوري بشار) الأسد».
تتمسك دمشق برفضها الحوار المباشر بوجود بيان «الرياض 2»، عبر التفاعل السلبي مع أجندة المحادثات والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي يبدو أنه أبلغ عبر الوسيط الروسي بحضور الوفد الحكومي الأحد المقبل إلى جنيف. وفي الأيام التي فصلت بين المرحلة الأولى من الجولة الحالية، تحرّك ممثلو الدول الداعمة للمعارضة لسحب فتيل بيان «الرياض 2»، عبر طرح «تجميد» مطلب «رحيل الأسد» للوصول إلى محادثات مباشرة.
ولا يزال المطلب محلّ انقسام لدى الوفد المعارض، الذي بات يرى قسم واسع منه أنه إجراء مقبول، فيما يعارض ممثلو الفصائل المسلحة وبعض الشخصيات السياسية هذا الطرح بالكامل. ويعكس الحرص الغربي، وتحديداً الأميركي، على بدء محادثات مباشرة بأسرع وقت، في جنيف، تخوّفاً من إضعاف المحادثات الأممية على حساب الحراك الروسي ــ التركي ــ الإيراني، الذي أفرز أخيراً توافقاً حول مؤتمر «الحوار الوطني» في سوتشي الروسية. وكان الحديث عن تحضيرات المؤتمر جزءاً مهماً من نقاشات وزير الخارجية الروسي أمس مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، في فيينا. وأوضح لافروف خلال اللقاء أن «مؤتمر سوتشي» سيبحث في إجراء إصلاحات دستورية وانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة. كذلك تطرّق اللقاء إلى ضرورة الوصول إلى محادثات مستقرة ومنتجة في جنيف. العرض الروسي لأجندة سوتشي يراعي تفاهمات الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، التي أعلن عنها سابقاً في بيان مشترك من فييتنام. وسبق لواشنطن أن تبنّت فكرة روسية لمناطق «تخفيض التصعيد»، ولكن خارج سياق محادثات «أستانا». ومن الممكن أن تدعم الجهد الروسي في «سوتشي» بشرط نقل مخرجاته إلى مسار جنيف المغطّى أممياً. وضمن السياق، نقلت وكالة «فرانس برس» عن قيادي في فصيل معارض قوله إن موسكو «تقترح علينا المشاركة في المؤتمر بوصفه الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب». وأشارت في المقابل، نقلاً عن مصدر سوري «مطّلع» في دمشق، إلى أن المؤتمر في سوتشي «سيفتح الباب واسعاً أمام حوار موسّع بين كل السوريين، فيما يقيّد جنيف الحوار بين وفد حكومي ومجموعة من المعارضات لا تمثل أحداً». وأضاف المصدر نفسه أن «مؤتمر سوتشي سيرسم الحل السياسي، لطرحه لاحقاً في جنيف».
ويبرز هنا أن عدداً من المسؤولين الأميركيين التقى الوفد المعارض خلال أسبوعي المحادثات الأخيرين، وبينهم المستشارة الأميركية للملف السوري ستيفاني ويليامز، ونائب مساعد وزير الخارجية، ديفيد ساترفيلد، إلى جانب مبعوثين من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا. وفي السياق نفسه، قال عضو في وفد المعارضة ــ رفض الكشف عن اسمه ــ لوكالة «فرانس برس»، إن «معظم الدبلوماسيين الذين زارونا يكررون الدعوة ذاتها: عليكم التحلي بالواقعية إذا كنتم تريدون تسوية النزاع». وأضاف القول: «يريدون منا تجميد مطلب تنحّي الأسد، وليس التخلي عنه تماماً». ويقول الوسطاء الغربيون للمعارضة، بحسب عضو الوفد نفسه، إن فكرة «تجميد تنحّي الأسد» هي من باب «إحراج وفد النظام» ودفعه إلى القبول بمفاوضات مباشرة. من جانبه، شدد عضو «هيئة التفاوض العليا» والقيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش على أن «موقفنا ثابت برحيل الأسد منذ بدء المرحلة الانتقالية». وأضاف في حديث إلى وكالة «فرانس برس» أنه «إذا كان لدى أيّ جهة هذا التراجع، فهي تمثل نفسها فقط».
وبالتوازي، أكد المبعوث الأممي تبلّغه حضور الوفد الحكومي إلى جنيف الأحد المقبل، مضيفاً أنه «إذا وصلنا إلى الاقتناع بأن أحد الجانبين، هنا في جنيف، يقوم بتخريب عملية المباحثات... فسيكون لذلك تأثير سلبي للغاية على أي محاولات سياسية لإطلاق عملية سياسية». ورأى أن «محاربة الإرهاب تتطلب إلحاق الهزيمة بداعش، وقطع سبيل عودته، وهذا يتطلب عملية سياسية ذات مصداقية، وإجراءات برلمانية ودستورية وانتخابات، عندئذ يمكن القول إننا ألحقنا الهزيمة به».