هل تستعيد إدلب رونقها الأخضر في الأيام المقبلة؟!

هل تستعيد إدلب رونقها الأخضر في الأيام المقبلة؟!

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٩ ديسمبر ٢٠١٧

على مدى أكثر من 3 سنوات بقيت محافظة ادلب السورية خارج نطاق سيطرة الدولة السورية عليها، وعلى طول هذه المدة بقيت الصورة ضبابية حول ما يجري داخل أسوار المحافظة الخضراء فيما عدا بعض الأخبار التي كانت تتسرب عن صراع المسلحين فيما بينهم وتصفية بعض القادة هناك نظرا لفشلهم في تحقيق أي نصر لداعميهم.

أما اليوم تعود ادلب بوجهها الأخضر لتطل على المشهد السوري بشقيه العسكري والسياسي، ليبدأ الجيش السوري وحلفائه عمليات عسكرية مباشرة نحو ادلب كاشفين الغطاء عما يجري هناك، ويبدو أنهم عازمين على تحرير المدينة في وقت ليس بالبعيد، خاصة أن المناخ السياسي يساعد إلى حد ما في ذلك ويؤكد ذلك ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية يوم 21/11/ 2017 أن قادة هيئات الأركان الروسية، والإيرانية، والتركية اتفقوا بشأن آليات زيادة مستوى التنسيق في منطقة خفض التصعيد في إدلب، ووضعوا خطوات محددة لإكمال القضاء على فلول إرهابيي "داعش" و"جبهة النصرة" في سوريا.

 الأمر الأهم والذي يؤكد أن معركة ادلب شبه محسومة لصالح الجيش السوري، أن الأخير لم يدخل معركة وخرج خاسرا فيها  وكان آخرها معركة دير الزور والبوكمال التي غيرت الكثير في موازين القوى وجعلت كفة الجيش السوري وحلفائه ترجح على كفة جميع التحالفات الأخرى.

وبدء الجيش معركته انطلاقا من ريف حماه الشمالي والشمالي الشرقي، المُشرّفة بشكلٍ واضح على ريف ادلب  الجنوبي ومن الواضح أنه يريد القضاء على مركز ثقل المسلحين الذين كانوا يريدون جعل ادلب خاصرة رخوة للجيش السوري في محاولة لإخضاع الدولة السورية، لشروطٍ واملاءات، تحاولُ بعض القوى الإقليمية الحليفة والشريكة والداعمة للمشروع الصهيو-أميركي بالمنطقة، فرضها على الدولة السورية.

بدأ الجيش السوري هز كيان المسلحين في ريف حماة الشمالي والشمالي الشرقي مسببا لهم خسائر كبيرة، وقد شكلت المعارك التي جرت هناك ضربة قاسمة لكيانات المجاميع المُسلّحة الإرهابية شمالي شرقي حماه، هذا الأمر دفع قيادات كل من "هيئة تحرير الشام" و"حركة أحرار الشام" و"حركة نور الدين الزنكي"، وفصائل أخرى لإحداث غرفة عمليات عسكرية مشتركة بقصد التصدي لهجمات الجيش السوري، على حدود إدلب الجنوبية، ولتحقيق ذلك بدأت هذه الجماعات المسلحة في تنفيذ اتفاق يقضي بحل الخلافات الداخلية بين الفصائل كما يتضمن الاتفاق حل قضايا المعتقلين والحواجز المختلف عليها.

وبالعودة إلى مايفعله الجيش السوري على تخوم ادلب تقول الأخبار من هناك أن القوات السورية تقدمت فجر اليوم السبت داخل ريف إدلب الجنوبي الشرقي بعد هجوم عنيف نفذته على مواقع المجموعات المسلحة على محور مطار أبو الظهور، وقال مصدر عسكري لوكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ"إن قوات الاقتحام التابعة للجيش السوري داهمت اليوم مزارع الزهراء والحاوية وتمكنت من التوغل داخلهما تحت غطاء قصف صاروخي ومدفعي إضافة إلى غارات جوية للطيران الروسي، وأكد المصدر أن القوات السورية تمكنت بعد معارك عنيفة من السيطرة على المزرعتين، في حين انسحب المسلحون.

كما تقدمت قوات الجيش السوري، إلى قرية وتلة جديدتين في ناحية التمانعة (75 كم جنوب مدينة إدلب) شمالي سوريا، بعد مواجهات مع "هيئة تحرير الشام"، وتمكنت القوات من السيطرة على قرية الزهراء وتلة خنيزير، بعد مواجهات مع "تحرير الشام" وفصائل من الجيش السوري الحر، وصرحت مصادر محلية من داخل ادلب بأن الجيش السوري سيطر أيضا على خمس قرى وتقدم 10 كم في المحافظة، كما تقدم إلى تلة "سيرياتل" الاستراتيجية، ويتزامن ذلك مع محاولات تقدم من جنوب حلب باتجاه مطار أبو الظهور العسكري.

بعد هذا التقدم السريع لقوات الجيش السوري جن جنون الجماعات المسلحة ونتيجة لذلك سارعت "هيئة تحرير الشام" لإعلان النفير العام في محافظة إدلب لصد تقدم قوات الجيش السوري والتي اخترقت الحدود الإدارية لها منذ أيام، وتسعى للتوغل إلى مطار أبو الضهور العسكري، وفي بيان نشره ما يسمى "المجلس الشرعي العام"التابع لـ"الهيئة" يوم الجمعة 15 كانون الأول، قال إن "النفير للقتال اليوم متعين على كل قادر حامل للسلاح واستعماله داخل صفوف تحرير الشام".

أهمية ادلب الاستراتيجي

حاولت الدول الداعمة للجماعات المسلحة في ادلب وحماة وحلب ارضاخ الحكومة السورية في المفاوضات عبر تقديم الدعم العسكري والمادي لهذه الجماعات لإبقاءها فعالة أكبر مدة ممكنة ولكن شجاعة الجيش السوري وثباته وروحه المعنوية العالية ودعم الحلفاء له منع استمرار استخدام هذه الورقة ضد الدولة السورية في المفاوضات وها هي تتهاوى الآن.

أدرك الداعمون أهمية الموقع الجغرافي لادلب باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق، تمتدُ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطةُ وصل بين مناطق شمال سورية ووسطها، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية المرتبطة بالجانب التركي، إضافة إلى كونها تشكلُ نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية، المرتبطة بمدينة أدلب، شرقاً وشمالاً وجنوباً، وهذا ما يعكسُ حجم الأهمية الإستراتيجية الكبرى لمحافظة أدلب في خريطة المعارك المُقبلة والنهائية والحاسمة  في الشمال والوسط السوري بشكلٍ عام.