زيتون درعا إلى الوراء.. تراجـع في المساحات وفـي الإنتاج ..مـزارعـون: ارتفــاع تكالـيف الإنتاج وعدم التمكن من رعاية المحصـول

زيتون درعا إلى الوراء.. تراجـع في المساحات وفـي الإنتاج ..مـزارعـون: ارتفــاع تكالـيف الإنتاج وعدم التمكن من رعاية المحصـول

أخبار سورية

السبت، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

وليد الزعبي:
يعد الزيتون من المحاصيل الرئيسة الواسعة الانتشار في محافظة درعا، ويتميز بجودة وإنتاجية عالية قبل الأحداث، لكنه خلال سنوات الأزمة تضرر بشكل كبير لعدم تمكن الفلاحين من تقديم الرعاية اللازمة له، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج.. وقلة مياه الري، الأمر الذي دفع بالكثيرين لإزالة مساحات منه بغرض التحطيب والمتاجرة وكل ذلك انعكس سلباً على كميات الإنتاج من الثمار والزيت، ويطالب المزارعون بدعمهم لتحسين وزيادة الإنتاج وإعادة ترميم وتعويض المساحات المفقودة وتحقيق ريعية مقبولة لهم، وللإسهام في خفض أسعار المنتج من ثمار وزيت للمائدة التي طالما كانت في سنوات الأزمة مثار شكوى من المستهلكين بعد أن حلقت كثيراً.
ماتت واقفة
محزنة مشاهد أشجار الزيتون التي ماتت واقفة في محافظة درعا وعلى مساحات واسعة بسبب انعدام الري والفلاحة والرعاية، فأصابها اليباس الكامل وخرجت من الإنتاج، ولدى لقاء عدد من المزارعين أشاروا إلى أنهم خلال سنوات الأزمة لم يعد في مقدورهم القيام بالعمليات الزراعية اللازمة لمحصول الزيتون في كثير من المناطق، واشتكوا من ارتفاع مستلزمات الإنتاج بشكل كبير، ولاسيما بالنسبة لتأمين مياه الري اللازمة والقيام بالفلاحات المطلوبة وكذلك تقديم الأسمدة ومواد المكافحة على اختلافها، وبيّن آخرون أن قلة اليد العاملة اللازمة لجني المحصول أربكتهم وتسببت في ارتفاع أجورها، إذ يصل أجر جني الكيلو الواحد من الزيتون إلى 50 ليرة سورية أو 200 ليرة لكل ساعة عمل، أضف لذلك أجور النقل الكاوية للثمار من أرض المزارع إلى الأسواق أو إلى المعاصر التي هي الأخرى باتت تتقاضى أجراً كبيراً يصل إلى 20 ليرة في المناطق الآمنة و25 ليرة في المناطق الساخنة، وطالبوا بتيسير الحصول على الأسمدة وتخفيض أسعارها وكذلك المحروقات، وإعادة تفعيل عمل صندوق دعم الإنتاج الزراعي الذي كان يقدم 5 آلاف ليرة لكل هكتار من الأرض مزروع بالزيتون وزيادة قيمة هذا الدعم تمشياً مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، وذلك للحفاظ على استمرار عمل الفلاحين في هذا المحصول، ومنح قروض موسمية لتأمين المستلزمات بما يشجع من خرج من العمل على العودة إليه.
المونة انعدمت
الجميع يملس انخفاض الإنتاج وحتى جودته، إذ بالكاد يستطيع المستهلك تأمين مونته من الثمار بالجودة والأصناف المطلوبة خلال موسم الزيتون، وأبدى عدد من المواطنين شكواهم من ارتفاع الأسعار بشكل كبير التي دفعت بهم إلى شراء كميات محدودة جداً منه بعد أن كانوا يمونون كميات كبيرة لكونه يعد أحد مكونات موائد إفطار وعشاء الأسر الرئيسة، حيث وصل سعر الكيلو الواحد من الزيتون الأخضر (نابالي أو صوراني) في أسواق مدينة درعا إلى 450 ليرة سورية ومن الزيتون الأسود (جلط) إلى 550 ليرة، على حين كان قبل الأحداث وفي أحسن الأحوال لا يتعدى الـ 50 ليرة، والحال يقاس على زيت الزيتون الذي سعر الصفيحة منه زنة 16 كيلو غراماً للموسم الجاري إلى 30 ألف ليرة سورية، والتوقعات بارتفاع سعرها ولاسيما أن كميات المحصول للعام الحالي منخفضة ونسبة الزيت من الثمار قليلة قياساً بمواسم سابقة، وبعد أن كانت بعض الأسر تمون من 2 إلى 3 صفائح منها، أصبحت اليوم وبشق النفس لا تشتري سوى صفيحة واحدة، بينما بعض الأسر الأخرى لم تعد تمون أياً منها ويقتصر شراؤها على العبوات الصغيرة سعة نصف ليتر أو ليتر واحد لضعف قدرتها الشرائية في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي سادت بسبب الحرب الظالمة على سورية، ويطالب المستهلكون بدعم دوران عجلة إنتاج هذا المحصول المهم لخفض أسعار منتجاته.
ثلث الإنتاج
تبين مؤشرات الإنتاج بشكل جلي تراجع كمياتها إلى الثلث تقريباً قياساً بسنوات ما قبل الأزمة، وبهذا الشأن أوضح وزير زراعة درعا المهندس عبد الفتاح الرحال أن المتوقع إنتاجه للموسم الجاري 26 ألف طن من ثمار الزيتون و3 آلاف طن من الزيت، وهو إنتاج منخفض قياساً بالمواسم التي سبقت الأحداث، حيث كانت تصل الكميات إلى 75 ألف طن من الثمار و15 ألف طن من الزيت، والسبب يعود إلى عدم تمكن الفلاحين من تقديم الرعاية المطلوبة للمحصول ويباس أعداد ليست بقليلة من أشجاره، إضافة إلى التحطيب بهدف المتاجرة وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج.
وبالنظر لمساحة الزيتون وعدد أشجاره في المحافظة حسب إحصاءات ما قبل الأزمة فتبلغ وفقاً لمدير الزراعة 28689 هكتاراً تحتوي على أكثر من 5.7 ملايين شجرة منها 1.325 مليون سقي والبقية بعل، أما اليوم فلا تعرف المساحات أو أعداد أشجار الزيتون المزروعة فيها لصعوبة الوصول إليها لأنها تقع في مناطق ساخنة.
تكاليف عالية
وعن دراسات التكلفة الحقيقية لإنتاج محصول الزيتون، ذكرت المهندسة حنان الخياط- رئيس مكتب الزيتون في مديرية زراعة درعا أن الأصناف الرائجة في المحافظة والتي تناسب بيئتها تتعدد يبين القيسي والصوراني والمصعبي والجلط، وهناك خريطة تراعي زراعة الصنف المناسب في المكان المناسب، علماً أن معظم زراعة المحصول تتركز في منطقة الحزام الأخضر, ولفتت إلى أن تكلفة الإنتاج للموسم الحالي قدرت بمبلغ 280 ليرة سورية لكل كيلو غرام واحد من الثمار و 1600 ليرة للكيلو الواحد من زيت الزيتون, وقد اشتكى العديد من الفلاحين قلة نسبة الزيت في الثمار للموسم الحالي, حيث إن كل 120 إلى 130 كيلو غراماً من ثمار الزيتون تنتج صفيحة زيت زنة 16 كغ, بعد أن كانت في مواسم سابقة تحتاج إلى 70 كغ أو أكثر بقليل من الثمار, إضافة إلى شكواهم من عدم التزام معاصر الزيتون بأجر العصر المحدد والبالغ 15 ليرة لعصر الكيلو الواحد في حال كانت الكمية أكثر من 500 كيلو غرام و 18 ليرة في حال كانت الكمية أقل, حيث تتقاضى المعاصر العاملة في المناطق الساخنة حالياً 25 ليرة عن الكيلو الواحد.
18 معصرة عاملة
ولجهة المعاصر، أوضح مدير صناعة درعا عبد الوحيد العوض أن عدد القائم منها قبل الأحداث 41 معصرة تحتوي على 65 خط إنتاج، معظمها حديث يعمل على مبدأ الطرد المركزي لكن العامل منها حالياً 18 فقط، منها 3 في المناطق الآمنة و15 في الساخنة, لافتاً إلى أن مديرية الصناعة بالتعاون والتنسيق مع لجنة المحروقات الفرعية في المحافظة تقوم بتزويد المعاصر في المناطق الآمنة بمادة المازوت بالسعر الصناعي لتلبية حاجة عملها في حال انقطاع التيار الكهربائي وركز العوض على حاجة المحافظة إلى معمل إعادة تكرير نواتج عصر الزيتون (التفل) للحصول على زيت البيرين الذي يستعمل في صناعة الصابون والبقية يمكن استخدامها كوقود للمدافئ أثناء الشتاء أو غيرها, وهذا المشروع مطروح للاستثمار وخاصة أن نواتج عصر الزيتون تصل كمياتها إلى حوالي 60 ألف طن سنوياً في الأحوال الطبيعية.
مدرسة حقلية
أوضح المهندس محمد الشحادات رئيس دائرة الإرشاد الزراعي أن أغلب ما يواجهه محصول الزيتون يتمثل بالإصابة الحشرية بحافرة الساق وخاصة لصنف النابالي والإجهاد المائي الناتج عن الجفاف وموضوع المعاومة وعدم تمكن المزارعين من ري المحصول بينما العمل لم ينقطع خلال الأحداث عن إرشاد المزارعين حول المحصول, إذ توجد مدرسة مزارعين حقلية تقوم بتنفيذ مجموعة من النشاطات واللقاءات طوال فترة الموسم بدءاً من تقليم الأشجار وانتهاء بالقطاف, لتعزيز مبدأ النهج التشاركي والتعليم بالممارسة وتطبيق برنامج الإدارة المتكاملة لأشجار الزيتون لجهة مكافحة الآفات وإدارة عملية الري واستخدام المصائد الفرمونية والغذائية في حقل التجربة بالمدرسة المذكورة, مبيناً أنه تمت إقامة مباريات إنتاجية للمحصول شارك فيها 67 مزارعاً, وذلك بهدف تعزيز التنافس بينهم والوصول إلى إنتاجية عالية من حيث الكمية والجودة, والفائز الأول حقق إنتاجية 2250 كغ في الدونم الواحد بواقع 125 كغ لشجرة الزيتون الواحدة, ومنحت جائزة عينية للفائز الأول بقيمة 15 ألف ليرة وللثاني بقيمة 10 آلاف.
إعادة الدعم
إزاء ما تقدم يتضح حجم الصعوبات والمعوقات التي خفضت من إنتاج محصول الزيتون في محافظة درعا, والمقترحات لإعادة النهوض به تتمثل بضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج بالأسعار والكميات والأوقات المناسبة, ومنح قروض موسمية تساعد في توفير تلك المستلزمات وإعادة العمل بصندوق دعم الإنتاج الزراعي المتوقف في درعا منذ عام 2012 نتيجة الظروف الراهنة لتشجيع الفلاحين على العمل والتوسع بمحصول الزيتون.