بعد سنوات الحرب وأزمة القيم التي نعيشها…من أين نبدأ لنقول: (سامحينا سورية)

بعد سنوات الحرب وأزمة القيم التي نعيشها…من أين نبدأ لنقول: (سامحينا سورية)

أخبار سورية

الخميس، ٢٥ يناير ٢٠١٨

سراب علي
لا يمكننا أن ننكر الحال التي وصلت إليها علاقاتنا الاجتماعية المختلفة في سني الحرب من تشابك وتعقد وحتى السطحية في التعامل حتى فقدنا التعامل بالأخلاق مع بعضنا على اختلاف مذاهبنا وطبقاتنا الاجتماعية ليبقى التسامح الصفة التي نحتاجها في مجتمعنا، لهذا كانت حملة
(سامحينا سورية) التي جمعت في المركز الثقافي في اللاذقية عدداً من ملتقى محبي الكتاب مع الشباب واليافعين والباحثين الاجتماعيين ومتطوعين من حملة (سامحينا) التي انطلقت منذ شهرين ، وبيّنت حاجة المجتمع للتسامح الاجتماعي انطلاقاً من إيمانهم بأن كل شخص يحمل ميزات إيجابية يمكن أن يوقظها من خلال التسامح.
(هل فكرنا بماذا أخطأنا؟ كيف أطلق حكماً على فعل أو قول بأنه خطأ؟ وإذا أخطأت كيف أدرك أني أخطأت؟ هل المسامحة ضعف أم قوة ؟ وهل لها شروط، هل أسامح و أمشي أم أسامح و أمد اليد؟) هذه التساؤلات وغيرها كانت محور النقاش.
الاعتراف بحقنا بالاختلاف
أزمة القيم التي نعيشها واضحة السمات كما أن الجهود التي تبذلها المؤسسات التربوية والإعلامية لتوجيه الناس إلى منظومة القيم الأخلاقية كبيرة، ويجب أن نقرنها بالتسامح الاجتماعي ليصبح سلوكاً تلقائياً غير متكلف، وحاجتنا إلى التسامح مهمة حتى يتلاشى الإرهاب والتخريب والعنف داخل مجتمعنا، هذا ما أشار إليه وأكده الناشط الاجتماعي الأستاذ أحمد الخير.
بدوره الباحث والكاتب طوني مغير لم يخف خشيته من أن يبقى عشق وحب سورية التي تغنينا بماضيها وحاضرها مجرد شعارات يردّدها أبناء المجتمع من دون أن يترجموها في الواقع الذي يعيشونه قائلاً: ما حلّ بسورية من قتل ودمار وتهجير ليس بالسهل والقليل، فلقد زلزل كياننا وسرق منا فرحنا وأضاع أمننا وأماننا وسالت في الأرض مناجل الموت عوضاً عن مناجل الحصاد والعطاء، إنه مشهد الرماد ووجع الروح، داعياً إلى التساؤل (مَنْ هي سورية التي نطلب السماح منها؟) هل هي الجغرافيا المعترف بحدودها فقط ؟ أم هي البلد الذي يحتضن أبناء الوطن بهويتهم السورية؟ أم هي مهد الحضارة والتنوع والأبجدية؟
وتابع: صحيح أن العنف والقتل هما صديق قديم للتاريخ منذ فجر الإنسانية ولكن الشيء غير المقبول ألا يتعظ الإنسان من الكوارث التي حلّت به، وما يهمنا اليوم، كيف نبعد عنا هذا الكأس المعدي ونخفف من وطأته وتأثيره فينا لكوننا تجرعنا منه ما يكفي، إن هذا لن يكون بمجرد ترديد الكلمات والشعارات (سامحينا سورية) بل علينا أن نعمل ونترجم كلامنا لعمل حقيقي نابع من داخلنا وهذا لن يتم إلا إذا اعترفنا بحقنا بالاختلاف وقبلنا بكل صدق وقناعة ومحبة بهذا الاختلاف، وليس هذا فقط بل أن نجعل من اختلافنا غنى وجمالاً وقوة وبعد أن نسامح بعضنا
لابد من أن نرفع شعاراً آخر هو (محبتي لك لأنك أخي أنت بالإنسانية ).
آلية التسامح مهمة
ليعود الخير ويشير إلى أن البداية تكون بمسامحة أنفسنا أولاً، ومن ثم من حولنا، فالتَّسامح كما يقول: هو نوع من القدرات التي تحتِّم على الإنسان العيش مع المتغيرات، والتصرف السوي مع كل الاختلافات والتداخلات مع تعميم ثقافة احترام تلك الاختلافات، فآلية التسامح مهمة ومن المهم أن نتعلم قبول الآخر والاعتذار منه و التخفيف من الأخطاء والاعتذار عنها و طلب المسامحة من الآخرين.
ويرى (الباحث مغير)أنه حتى نسامح يجب نلغي أن من علاقتنا بالآخرين موقف الحاكم والمحكوم، موقف القاضي والمتهم، ويجب أن نعترف بحق الاختلاف بأي شيء بالحياة ليس فقط الاعتراف باختلاف الآخر بل احترامه، فلا يكفي أن يسامح الشخص ليسجل موقفاً فقط ويرضي المجتمع فالمسامحة الحقيقية هي أن أسامح وأضع يدي بيد الآخر ونمشي معاً في طريقنا حتى نبني سورية.
المنسق الإعلامي لمبادرة (سامحينا) عبد القادر نيساني قال: البشرية اليوم أحوج ما تكون إلى قيم بحجم التسامح وتبادل الاحترام والعيش بمودة، وانطلاقاً من قناعتنا بأهمية التسامح و ضرورة احترام الاختلاف أطلقنا مبادرة (سامحينا) وجعلنا قضيتنا الأولى (التسامح الاجتماعي)، لهذا فنحن نعمل بأكثر من طريقة على المستوى الإعلامي لفتح مساحات الحوار ومناقشة اليافعين وتدريبهم وندعو الجميع ليكونوا معنا بشخصياتهم ومواردهم، فالتسامح طريقه طويل ونحن في أولى الخطوات ومستمرون حتى النهاية.