المواقع الإلكترونية الحكومية… منصّات مهمّة بلا مهنية!! تفاعلها ضعيف مع المواطنين ولم تؤدِّ دورها الصحيح حتى الآن

المواقع الإلكترونية الحكومية… منصّات مهمّة بلا مهنية!! تفاعلها ضعيف مع المواطنين ولم تؤدِّ دورها الصحيح حتى الآن

أخبار سورية

الأحد، ٢٨ يناير ٢٠١٨

توقع أحد منظري الإعلام الغربي، استناداً إلى تسارع التطور التقني الذي راح يطول صلب العملية الإعلامية منذ عدة عقود، أن تصبح الوسيلة الإعلامية هي الرسالة ذاتها، بمعنى أن تصبح التقنيات الإعلامية المبهرة، السريعة الوصول إلى الجمهور هي الهدف من تلك الرسالة ذاتها وذلك على حساب المضمون.
مع الأسف يمكن القول: إن هذا التوقع السلبي أصاب الإعلام الإلكتروني في سورية كما فعل في دول كثيرة أخرى، حيث تحولت التقنيات والمواقع الإلكترونية ولاسيما الحكومية منها، هدفاً بحد ذاته على حساب المحتوى الرقمي وضرورة صناعة الرأي العام.
إن الإعلام الإلكتروني، هو منظومة متكاملة، مرنة تؤمن إعلاماً تفاعلياً اجتماعياً مؤثراً، وليس مجرد مجموعة متناثرة من المواقع والصفحات التي تسعى لمواكبة التطورات التقنية من دون أن تدل على مضمون إعلامي متطور.
باختصار، تكشف جردة عامة لمعظم المواقع الإلكترونية التابعة لوزارات الدولة أنها تعاني كثيراً من المشكلات في مضمونها، إضافة إلى مشكلات الضغوط الرسمية، والكوادر الضعيفة صحفياً، كذلك إشكالية حسم هويتها النهائية بين كونها نشاطاً تقنياً أم صحفياً، كما يؤكد العديد من المواطنين والمختصين الذين التقيناهم خلال إعداد هذا الملف أننا أمام مجموعة من الواجهات الرخامية الاستعراضية الفاقدة للحياة، ذلك في وقت كان يمكن، لهذه المواقع، بل يجب أن تشكل مداخل حيوية فعالة، لهذه المؤسسات أمام جمهورها، وصلة وصل إعلامية تفاعلية ترويجية مهمة لها، تأخذ جزءاً أساسياً من الدور المتصاعد والفعال الذي بدأ يأخذه الإعلام الإلكتروني في العقد الأخير، بعدما تلقى الكثير من العناية والاهتمام المنهجي وصولاً إلى تكامله مع الإعلام التقليدي، ومع ذلك ورغم وجود هذه الصورة علينا ألا نغفل أن هناك مواقع – على قلتها- تعد أنموذجاً للتطوير والتحديث والتفاعل الذي خفف من طوابير المراجعين لتلك الوزارات والهيئات.
إن خلق رؤية حكومية فيها ما يحتاجه الإعلام الإلكتروني من تشريع، وتنظيم وتحفيز وحرية، أمر كفيل بحل كل تلك المشكلات والإشكاليات، وأمر ضروري لكون المواقع الإلكترونية التابعة لوزارات الدولة، تنطق باسم الشأن العام والمجتمع، وتالياً هو أمر أساس لاستثمارها وتفعيلها لتحقيق التواصل بين الحكومة والمواطن، وخلق الثقة بين الحكومة والشارع،‏ وإيصال صوت الناس إلى الحكومة، كما يقول رئيس تحرير صحيفة «تشرين» الأستاذ محمد البيرق في محاضرة له حول «الإعلام الإلكتروني واقع ومواقع» التي ألقاها في ملتقى الإعلام الوطني الأول الذي عقد تحت عنوان «حق المواطن في الإعلام»: في كل دول العالم هناك منصات حكومية ولكن لابد من إدارتها بمهنية، الأمر الذي يخلق توازناً بين الحكومة والجمهور، فعندما توجد مهنية عالية تنجح الحكومة بتقديم رسائلها، لذلك لابد من الصدق والشفافية، ومشاركة المسؤولية مع الجمهور.
كيف ينظرون إليها؟
ما فائدة وجود تلك المواقع الإلكترونية؟ تساؤل بدأ مهندس المعلوماتية غسان العسالي حديثه به، مضيفاً: من أهم وسائل التواصل في تقديم وتسهيل الخدمة هي المواقع الإلكترونية، ولكن نادراً جداً ما نجد موقعاً فيه الخدمات المتكاملة، التي تعنى بدورها بتقديم الخدمة للمستفيد، ولذلك فإن على الإدارات الحكومية، تزويد مواقعها الإلكترونية بالروابط المهمة واستحداث أيقونات خدمة للزائرين، مع فتح قنوات اتصال مرئية مع المواطنين وتعيين موظفين من أجل سرعة التجاوب معهم.
بدوره أحمد السعيد (طالب دراسات عليا في الاقتصاد) قال: نظرياً، وبحسب لغة الأرقام، فإن المجتمع السوري مجتمع تقني بامتياز، وهي ميزة يجب أن تؤخذ في الحسبان لتطوير تلك المواقع، فهي تشكل البوابة الرئيسة للحكومة الإلكترونية التي يكثر الحديث عنها هذه الأيام.
سعيد السمان (تاجر) رأى أن الموقع الإلكتروني أصبح ضرورة للجهة المعنية وللمواطن، ولكن من خلال تصفحي لبعض المواقع أجد أن هناك الكثير من المواد والمعلومات المطروحة قديمة، كأرقام الهواتف، والأخبار الخاصة بالجهة صاحبة الموقع، أضف إلى ذلك أن هذه المواقع تعد بوابة الوزارة في الخارج ومع ذلك فإن لغتها غالباً ما تكون باللغة العربية فقط.
من أرض الواقع
وللولوج في آلية عمل المواقع كان لـ«تشرين» جولة في بعضها، والبداية كانت مع مدير الموقع الإلكتروني في وزارة الإعلام فراس سعود الذي أكد حرص الموقع على تغطية مختلف نشاطات وفعاليات الوزارة، متمنياً إعلام الموقع بأي نشاط يخصّ الوزارة أو المؤسسات التابعة لها ليكون الرقم واحد كما قال في التغطية، علماً أن الوزراء السابقين لم يأخذوا هذه المسألة على محمل الجد.
وبيّن سعود أن الموقع يتابع مشكلات المواطنين من خلال البريد الوارد في الصفحة المخصصة للوزارة، وكذلك أيقونة الشكاوى، حيث تتم الإجابة عن مختلف التساؤلات، حتى المسائل التي تكون خارج عمل الوزارة نحاول إعطاء صاحب الشكوى الطريق الأسهل لعمله.
وتابع: في الفترة السابقة قمنا بإعداد العديد من التقارير عن المؤسسات الصحفية التابعة للوزارة، وننشر باستمرار القرارات الصادرة عن الوزارة، لكننا نعاني ضعفاً في الكادر، مشيراً إلى أن الموقع محمي ولا يمكن الدخول إليه من خارج الوزارة، ويتم تحديث النشر على الصفحة على مدار الـ24 ساعة وبشكل يومي.
ونتطلع في العام الجديد إلى إنجاز تقارير خاصة بالوزارة والمؤسسات بعيدة عن مسألة التعريف بها، ولدينا خطة شهرية للعمل بالتعاون مع مديرية الإعلام الإلكتروني في الوزارة.
بدوره مدير المعلوماتية في وزارة التربية الدكتور ياسر نوح بيّن أن الموقع الإلكتروني للوزارة وسيلة لنشر كل ما يخصها من قرارات وفعاليات وأمور متعلقة بالطلاب والأساتذة من برامج امتحانية ومناهج دراسية ونتائج امتحانات لكل من شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، لافتاً إلى أن التحديث يتم بشكل دوري وهو يطول القسم الإخباري بشكل يومي ، وهو ما لم يختلف به مع مدير المعلوماتية بوزارة الاتصالات والتقانة المهندس أسامة أحمد الذي أوضح أن موقعهم يقدم الخدمات الإدارية كتقديم الطلبات وقليلة هي المواقع التي تقدم هذه الخدمة، وعن إضافات مكونات أو خدمات بين أنه قلما يتم هذا التحديث فهو يحتاج إلى خبرات فنية.
من جهته غسان فطوم- مدير الموقع الإلكتروني لطلبة سورية رأى أن الموقع الإلكتروني للاتحاد مرآة تعكس نبض الشارع الطلابي داخل سورية وخارجها، وأهم ما يميزه لغة النقد البنّاء، من خلال الموضوعية والشفافية والمصداقية بطرح المشكلات الطلابية والشبابية، حيث يمارس الضغط على الإدارات الجامعية التي تتغاضى أو تستهتر أحيانا بحقوق الطلبة، وأود الإشارة هنا إلى أن الموقع كشف العديد من حالات الفوضى والفساد الإداري في الجامعات السورية والمعاهد التقانية، لجهة الغش في الامتحانات، والظلم الذي يتعرض له الطلبة في بعض الجامعات الخاصة التي تحاول «قضم» حقوقهم، ولاسيما طلبة المنح، رغم وجود أنظمة وقوانين تكفل لهم حقهم! فالموقع ليس مجرد ناقل لمشكلات الطلبة، وعرضها ضمن بواباته التي يتم تحديثها بشكل يومي، بل هناك تفاعل مع المعنيين، وخلال هذا العام لدينا خطة لتطويره شكلاً ومضموناً، حيث يكون أكثر جذباً للطلبة وأكثر سهولة ومرونة في التصفح.
إشكالية العلاقة بين المحتوى والتقانة والهدف
أمام دورية التحديث والتفاعلية لابد من التساؤل: ما هي الصعوبات ولماذا لم ينل العديد من المواقع رضى الجمهور؟ وهنا يجيب الإعلامي حسين الإبراهيم مؤسس أول موقع إلكتروني سوري بالنص العربي ومن خلال تجربته الشخصية: في 21 حزيران 1998 كان لي الشرف في أن أطلق أول موقع إلكتروني سوري بالنص العربي، هو موقع صحيفة تشرين، بالتعاون مع مجموعة من الزملاء المحررين في الصحيفة، وعبر الاعتماد على الذات في البرمجة والتصميم والصياغة اللغوية والنشر، من دون أن نحتاج إلى برامج أو تطبيقات، وقبل أن تطلق شركة «مايكروسوفت» حزمتها البرمجية التي تخدم النشر على شبكة الإنترنت، وكان لنا الموقع الريادي في ذلك على صعيد الصحافة العربية، فسبقنا صحف الأهرام والحياة والشرق الأوسط والنهار والسفير وغيرها.
ولكن كل ذلك لم يكن كافياً لإقناع أصحاب القرار بالاعتراف بالإعلام الإلكتروني رديفاً للإعلام الورقي، وخضنا الكثير من المعارك -إن صح التعبير- مع أصحاب القرار، ولم ننل هذا الاعتراف إلا بعد عشر سنوات، حيث صدرت عن وزارة الإعلام أول وثيقة تحدد معايير العمل في المواقع الإلكترونية الرسمية.
ويضيف: تنوعت الصعوبات التي واجهتنا والتي لايزال بعضها يؤرق العاملين في هذا المجال، أولها تمثل بتصنيف العمل في الموقع، حيث يرى بعض أصحاب القرار أن الكوادر التي تدير العمل في الموقع يجب أن تنتمي إلى المجال التقني، وهذا يعني عدم الاعتراف بالحالة الإعلامية للموقع، على الرغم من أن الهدف الأساس للموقع هو هدف إعلامي وأن التقنيين يعملون لخدمة هذا الهدف.
وثاني هذه الصعوبات، جهل بعض العاملين في الموقع الإلكتروني بخصوصية الإعلام الإلكتروني، سواء من حيث طريقة الصياغة أو القيمة المضافة، أو الاختزال، أو السرعة، أو الروابط التشعيبية… إلخ، وهذا أضعف الكثير من مصداقية وأهمية الموقع.
وقال لدى سؤاله عن مقومات نجاح المواقع، أهمها أن تكون الإدارة إعلامية محترفة وأن يكون الهدف واضحاً، وأن تصب منهجية العمل في الإطار الذي يستثمر العناصر المميزة للإعلام الإلكتروني على الوجه الأمثل، وأن يكون التحديث مستمراً فلا يمر يوم بلا تحديث، وأن تعتمد الصياغة في النص الإلكتروني على القيمة المضافة والمصداقية، وتبتعد عن الإنشاء وعن المدائح أو الشتائم، وعن الأحكام القطعية، احتراماً للمتلقي.
سأعطي مثالاً عن موقع مدونة وطن esyria.sy التي ساهمتُ شخصياً في تأسيسها عام 2006 وكانت مهمتي وضع منهجية لها تنتمي إلى ما سميناه «الإعلام التدويني»، وكرست ذلك عندما توليت مسؤولية رئاسة التحرير، فتحولت المدونة إلى مصنع للمعلومات والمعرفة، حيث اعتمدت على محرريها ومراسليها في صناعة موادها التي تجاوز عددها مئة ألف مادة، وبذلك صارت مرجعاً أساسياً يلبي الحاجة المعرفية لكل مواطن سوري عن مجالات الحياة المختلفة في سورية، لكن كل ذلك لم يكن كافياً لحمايتها وتعزيز مكانتها المعرفية.
ليختم حديثه بالقول: إن الموقع الإلكتروني في أيامنا هذه بات من أساسيات الحياة، ولكن للأسف فإن معظم المواقع لم تؤدّ دورها الإعلامي الصحيح حتى الآن، بل تحولت إلى نسخ (فوتوكوبي) عن الأخبار الورقية، لأنها لم تعتمد في تأسيسها على دراسة منهجية، بل اتخذت قرار إطلاق الموقع كنوع من فض العتب أو تمشياً مع موضة العصر، وإذا كنا نطمح إلى استثمار أمثل لتلك المواقع علينا التعامل معها كصناعة بمقوماتها المختلفة.
الكوادر المؤهلة من مقومات النجاح
رأي الإعلامي الإبراهيم توافق مع رأي الدكتور محمد العمر- عميد كلية الإعلام في جامعة دمشق الذي ركّز خلال حديثه على أن الكوادر المدربة والمؤهلة هي التي تزيد من تألق أي موقع وتميزه..
وأوضح: يعد الموقع الإلكتروني مرآة للجهة التي يمثلها، وكلما كانت هناك شفافية في التعامل، كان انعكاس العمل في هذه المؤسسة أكثر وضوحاً وشفافية، ولذلك يجب أن تضم المواقع الإلكترونية متخصصين ومؤهلين، ولا يتم وضعها على الهامش من خلال موظف ليس له عمل في المؤسسة فتسند له مهمة إدارة الموقع الإلكتروني.
أضف إلى ذلك أن الموقع الإلكتروني يجب أن يضم مهنيين ومهتمين ومتابعين ومتداخلين مع كل مفاصل المؤسسة وعلى تواصل مباشر مع أعلى وأدنى الهرم في المؤسسة، فالموقع كما أسلفنا يشكل مرآة حقيقية لها، فكيف ستكون هذه المرآة حين أكون قابعاً في غرفة جانبية؟ ولا أدري، ماذا يحصل في تلك المؤسسة أو غيرها؟ ولا أملك أي فكرة عن العمل، ومن المفيد أن يكون العامل في الموقع الإلكتروني صحفياً ولديه الصلاحية في التواصل ضمن المؤسسة بكل مفاصلها، ليعكس ما تقوم به المؤسسة من أعمال وأنشطة أمام الرأي العام، وأعزو نجاح بعض المواقع في عدد من الوزارات والمنظمات الشعبية إلى جدية القائمين على تلك الوزارات والمنظمات الشعبية والمؤسسات واهتمامهم وحرصهم على نجاح تلك المواقع، لكن بعض الوزارات لديه مديريات خاصة للإعلام الإلكتروني، إنما غير فاعلة وحضورها بالاسم فقط، ولديها تسميات «للبروظة» ولا يهمني التسميات التي تطلق في عدد من الوزارات أو مؤسسات ما تحت عنوان «مديرية الموقع الإلكتروني» إذا لم تقدم الفائدة المطلوبة، ولا أعرف عن هذه الوزارة أي شيء رغم مضي عدة سنوات على إنشاء هذا الموقع، ولا أعرف التحديثات والروابط وكيف أتواصل معها، والحصول على المعلومات الجديدة والأبحاث في الوزارات المعنية بذلك، علماً أنها بحاجة لتحديثات يومية لتقدم الخدمة المفيدة، كما نعمل في الإعلام على مدار 24 ساعة، فإذا كانت لديها الأشياء الإيجابية لابد من أن يظهر هذا الشيء في عملها وموقعها الإلكتروني، ولابد من الحديث عن ذلك بشفافية لتطوير الموقع وإغنائه، ومن يهمل هذه المواقع دليل على عدم جديته وغياب الإيجابية عنده وعدم إمكانية تقديم أي شيء للمعنيين في قطاعه.
وعن رؤيته للنهوض بواقع المواقع الإلكترونية لتكون منبراً للتواصل شبه اليومي، بواقعية أستطيع القول: إن مواقع التواصل الاجتماعي هي الأكثر وصولاً إلى الجمهور، والتي تحاكيه، ويتنفس من خلالها، وتالياً علينا التعامل مع المواقع الإلكترونية بشكل عام بطريقة جدية ومهنية، وينبغي على القائمين عليها التعامل بجدية، واختيار أصحاب الكفاءة والمهنيين، وأن تخرج الكلمة في المكان والزمان المناسبين، وأيضاً الموجهة بشكل صحيح.
وللأسف أغلبية المواقع الإلكترونية تعتمد على أشخاص جدد ومتدربين، وقد يعود ذلك لأسباب مادية، ولعدم قدرتها على استقطاب صحفيين مهنيين، وفي حال استمرار ذلك سيؤدي هذا الأمر للإساءة إلى الموقع وإلى الإعلام الإلكتروني بشكل عام.
لقد أصبح لدينا كم كبير من المواقع المرخصة وغير المرخصة، وكنت أتحدث عن ذلك في إحدى محاضراتي الأسبوع الماضي لطلاب السنة الثانية في كلية الإعلام، ولذلك نحن بحاجة إلى غربلة، بغية دعم المواقع الفاعلة، والمسألة منوطة بوزارة الإعلام، واستمرارية ذلك، لأنه لا يكفي أن يكون لدي موقع إلكتروني وإخباري، وأخباره قديمة أو سطحية، وربما غير دقيقة، أو يمارس المعنيون فيه عملية نسخ ولصق، وهذا موضوع نعاني منه، لأن كل واحد يكتب كلمتين يدّعي أنه صحفي أو إعلامي.
في رأيي الأمر عائد لوزارة الإعلام واتحاد الصحفيين ليتعاملوا مع هذا الموضوع بشكل جدي، ويخطئ تماماً من يعتقد أن الإعلام الإلكتروني هو «فيسبوك» معايدات ومباركات وتنزيل صور، لأنه أضحى ثورة حقيقية في عالم الإعلام، وعلينا التعامل معه بمنتهى الجدية، ولاسيما أننا نرى المنعكسات الإيجابية في أماكن معينة، وكذلك السلبية في أماكن أخرى على الصعيد الاقتصادي والسياسي، كما يشير لذلك العديد من المواقع التي تحظى بالمتابعة.
شخصياً أتمنى دعم تلك المواقع بغض النظر عن أسمائها ومساعدتها مادياً ومعنوياً وتأمين الحصانة والحماية لها، والعمل هو مهمة متداخلة بين اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام والجهات المعنية كلها، وهذا هو ما يؤدي إلى الارتقاء بعمل المواقع الإلكترونية لما لها من متابعة وأهمية في المجتمع، فالنسبة الكبرى من مجتمعنا أصبحت متعلقة بهذا النوع الذي ينبغي الوقوف عنده بجدية لنكون حاضرين بشكل فاعل.
وبالنسبة لدور كلية الإعلام في هذا الإطار بيّن العمر أنه على صعيد كلية الإعلام لدينا قسم اسمه الإعلام الإلكتروني، وهو الوحيد في كلية الإعلام في جامعة دمشق في المنطقة ورغم تواضعه أكاديمياً لكنه يتطور ويقدم الخريجين الذين يستطيعون العمل في المواقع الإلكترونية. وأكد الدكتور محمد العمر في ختام حديثه عن الموقع الإلكتروني لجامعة دمشق أن الموقع في حلته الجديدة سيطلق قريباً جداً، ولاسيما بعد عرض الشكل العام الجديد أمام مجلس الجامعة مؤخراً بحضور عمداء الكليات في دمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة، وسيؤمن نشر الأبحاث المتعددة ورسائل الماجستير والدكتوراه.
إجراءات وطموحات
ما تحدث عنه الدكتور العمر أكده رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور حيث قال: إن المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي أخذت دوراً كبيراً خلال هذه المرحلة، لكون ظروف التقنيات والتطور التكنولوجي أفسح لها هذا الحيز الكبير، وأصبح هناك مواقع لا حصر لها ولا يمكن أن نحصيها إلا من خلال مراجعة وزارة الإعلام لنرى ما هي المواقع التي رخصت أصولاً، ونحن، كاتحاد صحفيين، نتعامل مع هذا الجانب للمواقع الإلكترونية المرخصة، وبطبيعة الحال المواقع التابعة للقطاع العام مرخصة بحكم قانون الإعلام ونتعامل معها وفقاً لذلك، وقد توجهنا في اتحاد الصحفيين لتنظيم المسألة وتنظيم انتساب العاملين في تلك المواقع إلى اتحاد الصحفيين من خلال تعديل المادة العاشرة الخاصة بالعضوية، وكان هناك وضوح في إفساح المجال للانتساب في القطاع العام للعاملين غير المثبتين أي من يعملون على نظام الاستكتاب والبونات، وكذلك للقطاع الخاص ومواقع الصحافة الإلكترونية المرخصة تحديداً، ونحن بحاجة للتدقيق في ثبوتيات وآليات العمل في هذه المواقع بشكل أكبر، إضافة إلى الاعتماد من وزارة الإعلام، كما ينبغي أن يتم تحديد الموقع وكم يستوعب من العاملين، ولاسيما إذا كان هذا الموقع في حدود معينة وفي نشاطه لا يحتاج أعداداً كبيرة؟ وأضاف رئيس اتحاد الصحفيين: خلال لقاءاتنا مع السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس أكدنا على أهمية التعاون بين وزارة الإعلام واتحاد الصحفيين والحكومة لتنظيم هذا الأمر بشكل جيد، لتكون ضمن سياق قانون الإعلام الذي ينظم الكتابة والعملية الإعلامية في هذه المواقع، وكان رئيس مجلس الوزراء متجاوباً ونحن بصدد التحضير لورشة عمل أو ندوة أو منتدى تحت أي مسمى بمشاركة تلك المواقع لطرح العديد من الإشكاليات حول دور المواقع الإلكترونية وما هي مهامها وأهدافها وهل يجوز أن تبقى من دون متابعة ومن دون مسؤولية؟
ولابد من أن نؤكد أن هذه المواقع أخذت حيّزاً كبيراً من اهتمام الناس وأصبحت تؤثر في الرأي العام بشكل كبير، وتتابع الحدث لحظة بلحظة، ومؤثرة في الرأي العام وتحظى بمتابعات وتشكل رأياً عاماً ضاغطاً، وهي التي نجحت في بعض الأماكن بدفع الإعلام ليكون ديناميكياً بشكل أكبر ومتطوراً أكثر، ولاسيما على صعيد وسائل الإعلام التقليدية من أجل أن تواكب هذا التطور السريع. وشدد عبد النور على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق العاملين والمسؤولين في تلك المواقع لأنهم أمام مسؤولية وطنية، يجب أن يتعاطوا معها على هذا الأساس لا أن يكون الفهم الخاطئ للحرية بالكتابة أو ما شابه ذلك متناسين أن هناك مسؤولية أيضاً في الكتابة.
في المحصلة خلال هذا العام سننفتح أكثر على هذه المواقع، وسيكون هناك تواصل أكبر معها لنقول ما لدينا ونسمع ما لديهم للوصول إلى صيغة معينة في تحقيق المنفعة للوطن بشكل عام.