تتفاقم في الشوارع تشابك بالأيدي بين المواطن وسائق التكسي.. وارتفاع الأجور يصعّد المواجهة

تتفاقم في الشوارع تشابك بالأيدي بين المواطن وسائق التكسي.. وارتفاع الأجور يصعّد المواجهة

أخبار سورية

الجمعة، ٩ فبراير ٢٠١٨

وقف منتظراً مع بضعة أكياس مركونة أمامه على رصيف في شارع الثورة بدمشق، وبعد لحظات انتظار قليلة في طقس شتوي بارد قليلاً، وبداية مغيب الشمس، لم يتردد ذلك الرجل المقطوع بسؤال الأشخاص الواقفين في المكان نفسه، إن كانوا يرغبون مشاركته في سيارة أجرة، ليخفف قليلاً من التكلفة المرتفعة التي باتت تقتضيها رفاهية تلك السيارات في زمن الحرب، ويتجنب أيضاً عناء التدافع والمزاحمة أمام وسائل النقل العامة في وقت الذروة، ويبدو أن التشارك في سيارات الأجرة فكرة صغيرة استدعتها الحاجة، وفرضها واقع النقل ومشكلاته الكثيرة، واقع أحدث تغييرات كثيرة في مهنة سائقي “التكسي”، حيث يشتكي العديد منهم قلة الركاب، ومفاصلاتهم المستمرة، وإحجامهم عن الركوب في ظل غلاء أجور التوصيل، والارتفاعات المستمرة والمتتالية في سعر مادة البنزين، في حين يشتكي الركاب في المقابل من ارتفاع أجور التوصيل والتباين الكبير في الأسعار بين سيارة وأخرى في ظل عدم التزام بعضهم بتشغيل العدادات.
 
ما “عم” توفي
 
ومع الحديث عن التغييرات الكثيرة التي طالت مهنة سائقي سيارات الأجرة يتحدث أبو الوليد، وهو أحد السائقين الذين أمضوا زمناً طويلاً  في المهنة، فيقول: لا شيء اليوم كما كان، فأصبحت هذه المهنة مهنة المشكلات المستمرة، ويكمل بلهجة لا تخلو من التذمر “ما عم توفي معنا”، ويردد الحديث الذي بات يعرفه معظم الركاب: “اليوم كل شيء مرتفع، فأسعار صيانة السيارة (طقم الدوليب- الكوليات) تحاكي الخيال، هذا ناهيك عن الوقوف الطويل في دور كازيات البنزين، والانتظار الدائم، وصعوبة توفير المادة وانقطاعها، وفوق هذا وكله يأتي اليوم بعض الركاب، ويعتقدون أن بإمكانهم امتلاك السيارة، والتصرف كما يحلو لهم، فيفاصلون السائق ويجادلونه”، ويختم أبو الوليد، قائلاً: اليوم تغيّر حال هذه المهنة كثيراً، ولم تعد كما كانت، ويمكن أن تتحقق من هذا الأمر حين تجد أن معظم مالكي السيارات لا يجدون سائقين للعمل معهم على سيارتهم بالأجرة، لأنه سيخسر ببساطة “ما عم توفي”.
 
بين الرفاهية والضرورة
 
في المقابل يؤكد ركاب كثيرون أن سيارات الأجرة، وفي ظل الظروف الاقتصادية المتردية، باتت رفاهية للكثير من المواطنين، تقول علياء، طالبة جامعية: لو أردت مثلاً التوجه من جسر الرئيس لكلية الآداب ستكون الأجرة خمسة أضعاف التوصيلة بسيارات النقل العام، أما رضوان فيقول: بالنسبة إلي كشاب تخليت منذ بداية الأزمة عن ركوب أية سيارة تكسي، فأنا أستطيع التنقل بوسائل المواصلات الأخرى، ولكن رغم ارتفاع أسعار سيارات الأجرة لا يمكن الاستغناء عن دورها، فهناك أشخاص لا يستطيعون المشي، وهناك نساء وعجائز، وهناك أماكن لا تصلها سيارات النقل العام، ويقترح ركاب آخرون توسيع تجربة التكسي بالمشاركة وتعميمها لتصبح حلاً متوسطاً بين سيارات النقل العام والتكاسي.
 
مزاجية  ومشاجرات
 
في المقابل أيضاً يؤكد آخرون على أهمية تشغيل العدادات، والالتزام بالتعرفة، تقول هناء، طالبة جامعية: حين نفكر بطلب توصيلة من سيارة أجرة نحسب ألف حساب، فالكثير من السائقين لا يلتزمون بتشغيل العدادات، ويبدأ الخلاف بينهم وبين الركاب، ويتحدث علي كيف أنه قام بالشجار منذ فترة ليست طويلة مع سائق تكسي طلب منه 3500 لقاء توصيلة من الكراج إلى منطقة عش الورور، وأضاف: كنت متفاجئاً جداً من الرقم، ولم أتخيل أن تكون الأجرة هكذا، وبعد مشاجرة كادت تتطور لتشابك بالأيدي انتهى التفاوض على مبلغ ألفي ليرة كأجرة لهذه التوصيلة التي لم يوجد عداد يفصل في أحقية أجرتها، ورغم تأكيدات سابقة من قسم عمليات فرع المرور بأن دوريات الفرع تشدد على موضوع تشغيل العدادات، وهي متمركزة في مناطق تجمع وانطلاق وسائل النقل العامة مثل منطقة جسر الرئيس، ومنطقة جسر الثورة، فجميع المخالفات التي تمس الوضع المادي للمواطن نقوم بقمعها بشكل مستمر، حيث تم ضبط 1400 مخالفة لسائقي السرافيس الذين لا يلتزمون بالخط المحدد لهم، ولا يصلون إلى نهايته، وبالنسبة للتكسي فالحديث كان أنه تم التأكد من تعديل العدادات حتى لا تكون هناك حجة للسائق بتقاضي الأجر الذي يريده وفقاً لمزاجيته، حيث يتم يومياً ضبط أكثر من 15 مخالفة بعدم تشغيل العداد، أو إخفائه، وعدم إظهاره، وتكون عقوبة السائق مرتكب المخالفة حجز المركبة، وتوقيفه، وتحويله إلى القضاء.
 
محمد محمود