المصدّرون «يبقّون البحصة»: حوافز التصدير جيدة.. والمستفيدون قلائل! الفلاحون سيستفيدون عبر أسواق تصريف الإنتاج ودعم الأسعار

المصدّرون «يبقّون البحصة»: حوافز التصدير جيدة.. والمستفيدون قلائل! الفلاحون سيستفيدون عبر أسواق تصريف الإنتاج ودعم الأسعار

أخبار سورية

الأحد، ١١ فبراير ٢٠١٨

أيهم ابراهيم  
لا صوت يعلو على صوت الزراعة في طرطوس التي استحقت بجدارة لقب سلة البلاد الغذائية من الخضر «الباكورية» المنتجة في البيوت المحمية في ظل ظروف الأزمة الحالية وسنواتها العجاف، الأمر الذي دفع الحكومة لإيلاء القطاع الزراعي في المحافظة اهتماماً خاصاً من خلال العمل على خلق البيئة الخصبة لتعزيز الاستثمارات الزراعية وزيادة الإنتاج وتنشيط الصادرات وانتهاج سياسة قائمة على تحديد الزراعات الاستراتيجية ودعمها، كزراعة الزيتون والتبغ والزراعات المحمية ولتترجم هذه السياسة على أرض الواقع من خلال إصدار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مؤخراً قراراً برفع الحوافز التصديرية للزيتون من 5 إلى 7%، وزيت الزيتون والمنتجات الزراعية للبيوت المحمية إلى 5 % كخطوة أولى ضمن سلة دعم متكاملة -حسب الوزارة- تستهدف دعم المنتج النهائي انطلاقاً من أن دعم قطاع التصدير سينعكس إيجاباً على المزارعين.
«تشرين» تقصت عن القرار وأصدائه لدى أصحاب الخبرة و«شيوخ الكار» لحسم الجدل بشأن المستفيد منه المصدرون أم المزارعون أم الاثنان معاً؟!
رفع العائد الاقتصادي 
المهندس تيسير بلال مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في طرطوس أوضح لـ«شرين» أهمية تقديم حوافز اقتصادية أو قروض أو منح في زيادة المساحات الزراعية المستثمرة، وتالياً كميات الإنتاج، جازماً بأن القرار الأخير القاضي بمنح حوافز تصديرية لزيت الزيتون ومنتجات البيوت البلاستيكية سينعكس إيجاباً لجهة تطوير هذه الزراعات ورفع العائد الاقتصادي للمزارعين، وحسب مديرية الزراعة في طرطوس، فقد بلغت تقديرات الإنتاج من ثمار الزيتون للموسم الماضي 163 ألف طن، في حين تجاوزت كميات الزيت المصدّرة من مركزي مرفأ طرطوس والعريضة أكثر من 76 ألف طن خلال عام، ونوهت المديرية بالإقبال الكبير من قبل المزارعين على زراعة أشجار الزيتون نظراً لارتفاع أسعار زيت الزيتون وثمار الزيتون للتخليل، وإمكانية تخزين الزيت لأكثر من عام من دون تكلفة مقارنة مع المحاصيل الأخرى، إضافة إلى عدم حاجة شجرة الزيتون للخدمة مقارنة مع متطلبات الأشجار الأخرى، إضافة إلى إمكانية زراعتها في مختلف أنواع التربة وملاءمتها للظروف البيئية خاصة بيئة حوض البحر الأبيض المتوسط.
من جانب آخر, بلغ عدد البيوت البلاستيكية الموضوعة في الخدمة والإنتاج في المحافظة 131 ألف بيت تنتج ما يقارب 560 ألف طن من أصناف الخضر «بندورة وخيار وباذنجان وفاصولياء وفليفلة».
نسبة مقبولة 
قرار منح حوافز التصدير بالخضر والفواكه عدّه الحاج محمد حمود رئيس لجنة سوق الهال إيجابياً والنسبة جيدة ومقبولة، لكن المشكلة أن المستفيدين منه قلائل باعتبار أن القرار حصر بالمصدرين مالكي المشاغل والشركات المتخصصة بتصدير الخضر ممن لديهم عمال واستهلاك للكهرباء، واستبعد المصدّرين «الذين يعملون لحسابهم الشخصي أي لا يملكون شركات»، وهم النسبة الطاغية على قطاع تصدير الخضر والفواكه، مضيفاً: إن هؤلاء يقومون بشراء المنتجات من المشاغل وأسواق الهال ويقومون بتصديرها.
ولفت حمود إلى هذا العام كان كارثياً على الفلاح الذي لم تكتمل فرحته بزيادة الإنتاج نتيجة الظروف الطبيعية الملائمة بسبب انخفاض الأسعار وارتفاع التكاليف وتوقف التصدير إلى لبنان حتى تاريخه الذي كان يستوعب ما يقارب 400 طن من المنتجات السورية يومياً، واستغرب حمود حصر استيراد الموز اللبناني بالمؤسسة السورية للتجارة فقط من دون تطبيق سياسة المقايضة التي لطالما نادت بها الوزارة، مطالباً بضرورة وسرعة تفعيلها فيما يخص الزراعات المحمية؟
ولم يخف حمود تفاؤله الكبير بالنتائج الإيجابية المحققة في حال تم فتح باب التصدير إلى العراق، مؤكداً انعكاس ذلك تحسناً في أسواق الخضر والفواكه بنسبة 50%، لافتاً إلى أن العراق ولبنان هما البعد الاقتصادي لسورية.
نحتاج دعماً حقيقياً
من جهة ثانية, أكد رئيس المجلس السوري للزيتون وزيت الزيتون سامي الخطيب عدم استفادة العاملين في قطاع تصدير زيت الزيتون من القرار الأخير إلا ما ندر، مشيراً إلى ذهاب الحوافز التصديرية البالغة 7% تجاه تسديد فواتير التأمينات الاجتماعية المتعلقة بالعمال وفواتير الكهرباء، علماً أن معامل صناعة وتكرير زيت الزيتون -حسب الخطيب- تمتاز رغم كبرها بقلة عدد العمال وانخفاض استهلاكها للكهرباء، على عكس بعض الصناعات الأخرى كمعامل النسيج مثلاً التي تحتاج عمالة كبيرة واستهلاكاً مرتفعاً للكهرباء، وطالب الخطيب المعنيين في قطاع التصدير بتقديم دعم حقيقي وليس شكلياً كما هو واقع الحال الآن، مشيراً إلى سعي كل دول العالم لدعم منتجاتها الزراعية من خلال إعفاء الصادرات من الرسوم والضرائب، فالاتحاد الأوروبي يدعم على سبيل المثال كل كيلو زيت زيتون بمبلغ 1.30 دولار، مقترحاً إعفاء عمليات التصدير من الرسوم المرفئية والجمركية التي تمت مضاعفتها مؤخراً كطريقة لإيصال الدعم الحقيقي والمباشر لكل مصدر من دون الدخول في الزواريب والأقبية، وحيث تستفيد كل القطاعات وليس قطاعاً على حساب قطاع، متمنياً في حال الاستجابة أن تبلغ نسبة الإعفاءات 90% من هذه الرسوم.
ولفت الخطيب إلى انعكاس التصدير إيجاباً على الفلاح والمساهمة في دعمه من خلال إيجاد أسواق لتصريف الإنتاج ودعم الأسعار، ولعل تجربة الحمضيات والفشل في التسويق والتصدير خير دليل على ما نقول، مسجلاً استغرابه عدم اتخاذ هيئة دعم الصادرات أي إجراءات أو قرارات جريئة لمصلحة دعم المصدرين وشركاتهم برغم علم القائمين عليها عدم استفادة هذه الشركات من قرارات دعم التصدير، مشدداً على ضرورة قيام هيئة دعم الانتاج المحلي والصادرات بتبسيط الإجراءات وإزالة العقبات أمام المصدرين والعمل على تأمين أسواق تصريف كل المنتجات السورية ودعمها لتتمكن من الثبات في الأسواق العالمية والمنافسة بالأسعار.
وأضاف: يكفينا فخراً ما جاء على لسان وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لجهة احتلال صادرات زيت الزيتون المرتبة الأولى بقيمة 35 مليون يورو للنصف الأول من العام الماضي والذي يعود في الدرجة الأولى لجهود العاملين في قطاع الزيتون وزيته، وللمكانة العالمية العريقة والسمعة الحسنة التي توارثوها عن آبائهم وحسن العلاقات الخارجية التي نسجوها قبل وجود اتحاد المصدرين وهيئة الصادرات من دون تحميل أي أعباء مادية أو دعوة رجال الأعمال على حساب خزينة الدولة أو إقامة معارض أو تلقي أي دعم اقتصادي من أي جهة كانت.
غير كافية 
خطوة إيجابية لكنها غير كافية من حيث القيمة، ولا من حيث طريقة الدفع، هذا ما قاله كفاح قدور أمين سر غرفة تجارة طرطوس تعقيباً على القرار، مضيفاً: نحن بحاجة إلى آليات حقيقية لدعم التصدير وتشجيعه ولاسيما للمواد والمنتجات الراكدة التي تُباع بأقل من سعر التكلفة كالحمضيات وزيت الزيتون في ظل المنافسة غير العادلة التي تتعرض لها المنتجات السورية في الأسواق الخارجية، واستعرض قدور رؤيته للخطوات والآليات المنشطة والداعمة لعملية التصدير، ولاسيما في ظل ظروف الأزمة والحصار الاقتصادي المفروض على البلاد، واضعاً إياها برسم أصحاب القرار والمعنيين القائمة على ضرورة منح المصدرين تخفيضات وحوافز مجزية ﻷجور الشحن البحري والبري بنسبة 50%، شرط أن تكون هذه الحوافز دائمة وليست مؤقتة، والعمل على تسهيل دخول البضائع السورية إلى دول الجوار كالعراق من خلال التواصل بين حكومتي البلدين لتأمين خط نقل آمن للمصدرين لإيصال بضائعهم في ظل المعاناة الحالية الناتجة عن نقل البضائع عند الحدود من سيارات النقل السورية إلى سيارات النقل العراقية، والأذى الذي تتسبب به للبضائع في حال كانت خضاراً وفواكه، داعياً إلى تطبيق سياسة المقايضة لحل مشكلة الاختناق في تصريف بعض المنتجات الزراعية والصناعية، كالسماح بتصدير الحمضيات مقابل استيراد التمر على سبيل المثال أو السماح باستيراد المواد الموقوف استيرادها والكماليات مثل الرخام والأقمشة والسيارات مقابل تصدير الحمضيات وغيرها من المنتجات الزراعية، مؤكداً أن الدفع بعملية التصدير سواء لزيت الزيتون أو الخضر والفواكه وتعزيزها سيساهم حتماً في دعم المنتج والفلاح.
 
على الهامش
• 35% أو أقل نسبة زيت الزيتون المصدر المنتج في الساحل والبقية من المحافظات الداخلية حلب وإدلب.
• 70 % من مصدري الخضر والفواكه أشخاص يعملون لحسابهم الشخصي في ظل غياب العمل المؤسساتي.
• ما جاء في كلام أمين سر غرفة تجارة طرطوس ضمن التحقيق تم طرحه أمام رئيس مجلس الوزراء خلال الاجتماع الأخير منذ أشهر في المحافظة
• عدم علم اتحاد فلاحي طرطوس بقرار رفع الحوافز التصديرية ورفض التعليق عليه قبل الاطلاع على مضمونه…