هل يتكرر سيناريو الباصات الخضراء في الغوطة الشرقية؟

هل يتكرر سيناريو الباصات الخضراء في الغوطة الشرقية؟

أخبار سورية

الثلاثاء، ٦ مارس ٢٠١٨

 على مشارف مدينتي دوما وحرستا، معقل الجماعات الإرهابية في الغوطة الشرقية، تمركزت دبابات الجيش السوري الذي نجح خلال ساعات قليلة من تحرير قرابة 40 بالمئة من مساحات الغوطة، كاسراً بذلك شوكة المسلحين الذين انهارت دفاعاتهم بشكل سريع.
الجيش السوري حقق خلال الأيام والساعات الماضية تقدّماً مهماً ويعتبر الأوسع منذ خروج هذه المنطقة عن سيطرته عام 2012، ونجح في توجيه ضربة قاضية للجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية، وبات قاب قوسين أو أدنى من تقسيم الغوطة إلى قسمين منفصلين بعد سيطرته على بلدات ومساحات واسعة في الجبهات الشرقية، ووصل إلى مشارف القطاع الأوسط في الغوطة، في محيط بلدتي مسرابا وبيت سوا.
وخلال مدة لا تتجاوز الـ 4 و5 ساعات سيطر الجيش السوري على مناطق حزرما والنشابية واوتايا إلى أن وقعت منطقة حوش الصالحية بين القوات المتقدمة من اتجاه أوتايا وأخرى المتقدمة من اتجاه حزرما النشابية فسقطت ناريا وتم تمشيطها لاحقاً.
وتقدّمت وحدات الجيش على أكثر من محور وتغلغلت في عمق الغوطة الشرقية وطهّرت العديد من المزارع والبلدات على اتجاه حرستا ودوما وقضت على أعداد كبيرة من الإرهابيين ودمّرت مقرات وخنادق وأنفاقاً وتحصينات وعتاداً للمجموعات الإرهابية، وبات هدف الجيش المقبل هو تحرير بلدتي مسرابا ومديرا، لكون البلدتين مفصلاً أساسياً في العملية، بما يتيح اللقاء مع قوات الجيش المتمركزة في إدارة المركبات جنوب شرق مدينة حرستا، وبذلك يكتمل الحزام الذي سيفصل جنوب الغوطة عن شمالها.
التقدم الميداني بلغة الأرقام:
بحسب الخريطة التي نشرها الإعلام الحربي فإن الجيش السوري سيطر على حوالي 38 كيلو متراً مربعاً أي ما نسبته 36 %، من المساحة الإجمالية للمناطق التي كانت تسيطر عليها الجماعات المسلحة في الغوطة، والبالغة حوالي 105 كليومترات مربعة.
وباتت القوات السورية التي تقدّمت من الجهة الشرقية على بعد حوالي 3 كيلومترات عن الالتقاء بالقوات الموجودة غرباً في إدارة المركبات في حرستا، وبالتالي شطر الغوطة الشرقية إلى نصفين: شمالي وأبرز مدنه دوما وحرستا، وجنوبي وأبرز مدنه عربين ويوجد فيه حي جوبر.
وتظهر الخريطة المرفقة كيف تقلّصت مساحة سيطرة الإرهابيين في الغوطة الشرقية إلى حوالي 67 كيلومتراً مربعاً والسيطرة على المناطق التالية :  حوش_خرابو ،حوش_شلق، حوش_الضواهرة، كتيبة_البيتشورة ،الفوج_٢٧٤ ،أوتايا، حوش_الفضائية، مزارع_الريحان ،حزرما ،النشابية ،حوش_الزريقة، حوش_الصالحية، تل_فرزات، وجزء كبير من حي العجمي بحرستا التي باتت محاصرة من ثلاث جهات.
وبالتوازي مع عمليات استهداف الإرهابيين يواصل الجيش السوري تأمين الممر الإنساني لخروج المدنيين الذين تتخذهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية وذلك حفاظاً على حياتهم وتأمين سلامتهم، كما يواصل الجيش السوري جهوده لإيصال المعونات الغذائية للسكان المدنيين في مناطق الغوطة الشرقية.
ويعاني أهالي الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق من تردي الوضع المعيشي والصحي جرّاء منع الجماعات الإرهابية من إيصال المساعدات الإنسانية والطبية لهم إضافة إلى عرقلة جهود المصالحة فيها واستهداف سيارات الهلال الأحمر العربي السوري في الكثير من الأحيان، كما استخدمت الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية المدنيين دروعاً بشرية لوقف تقدّم الجيش السوري الذي يسعى لتحرير المنطقة وأهلها من الجماعات الإرهابية التكفيرية.
وتسيطر الجماعات الإرهابية على الغوطة الشرقية منذ 5 أعوام، وتتخذ المنطقة مركزاً لهجماتها على المناطق الآمنة وكذلك قصف العاصمة السورية دمشق بالقذائف على مدار السنوات الماضية ما تسبب باستشهاد مئات المدنيين، وفيما يلي أبرز الجماعات الإرهابية الموجودة في الغوطة الشرقية ومناطق نفوذ كل منها:
1-"جيش الإسلام" الذي أسسه الإرهابي زهران علوش بتمويل سعودي ويتخذ من مدينة دوما مركزاً له وقام عدة مرات باستعراض عسكري في المنطقة قبل أن يقتل زعميه.
2- فيلق الرحمن الذي يسيطر على مناطق واسعة من القطاع الأوسط في الغوطة وأبرزها حمورية وعربين وحي جوبر، ويتشارك مع جبهة النصرة في مناطق السيطرة.
3-  حركة أحرار الشام التي تتخذ من حرستا مركزاً لها وتتقاطع مناطق نفوذها مع مناطق نفوذ جيش الإسلام قرب مدينة دوما.
4-  كما تسيطر جبهة النصرة التي تعرف حالياً بـ "هيئة تحرير الشام" على مناطق عدة من الغوطة الشرقية.
 
أهمية التقدم الأخير للجيش السوري:
 
من خلال التقدم الأخير والسريع الذي حققه الجيش السوري فإن الأمر بات واضحاً، إن قرار دمشق في المرحلة الأولى هو تقسيم الغوطة الشرقية إلى منطقتين منفصلتين خاضعتين لجماعات مسلحة مختلفة بالتسمية والقيادة والولاء ما يحقق لها جملة من المكاسب أهمها:
 
- تسهيل عملية التفاوض مع المسلحين في المرحلة المقبلة مقابل إخراجهم من كامل المنطقة على غرار مفاوضات سابقة تكلّلت بنجاح الحكومة السورية في تحقيق أهدافها بهذه الطريقة.
 
- أو على الأقل فإن هذا التقسيم سيسهل على الجيش السوري عملية محاربتهم بشكل منفصل في حال رفضوا التسوية وصعود الباصات الخضر.
 
- كذلك سيسهم هذه الوضع في تقليل قدرات الجماعات المسلّحة ولاسيما بعد شلّ خطر سلاح الأنفاق الذي كان حتى الأمس القريب ورقة رابحة لهم في حرب الغوطة، كما سيتمكن الجيش السوري من تركيز عملياته الحربية بشكل أفضل على مناطق منفصلة.
 
- بالنظر إلى ما سبق فإن الحسم المبكر والسريع للجيش السوري في معركة الغوطة الشرقية سيمّكن دمشق من إسكات التحريض الإعلامي ضدّها، وسيقفل الباب أمام التحريض الأمريكي والغربي الذي لم يتوقف عن العزف على الوتر الإنساني لتبرير مواقفه الرافضة لتحرير المنطقة من جماعات إرهابية مسلّحة مصنفة على قائمة الإرهاب الدولي.
 
إذاً موازين القوى في الغوطة الشرقية باتت واضحة، والتفوق الميداني الذي حققه الجيش السوري سيعطيه دفعة إضافية لفتح جبهة عسكرية جديدة بعد إتمام معركة الغوطة، وذلك في إطار مساعيه الرامية لتحرير كامل التراب السوري، وفي المقابل سيعطي دفعة في الاتجاه المعاكس للجماعات المسلحة التي باتت على قناعة أنها غير قادرة على الوقوف في وجه الجيش السوري، وباتت مدركة أن مصير الجماعات المسلحة في حلب في الأمس القريب هو المصير المستقبلي  للجماعات المسلحة في غوطة دمشق اليوم، أياً كان مكان وجودها على امتداد الجغرافيا السورية.