وسائط النقل بين المحافظات.. مشاهد جديدة فرضتهـا الأزمة.. رحلات بيـن «البولمان» و«الفان» برسم خيار المـواطنين

وسائط النقل بين المحافظات.. مشاهد جديدة فرضتهـا الأزمة.. رحلات بيـن «البولمان» و«الفان» برسم خيار المـواطنين

أخبار سورية

الأربعاء، ١٤ مارس ٢٠١٨

عددٌ من البولمانات تتوقف خارج مركز الانطلاق المخصص لها، تنتظر توقيت الرحلة بالدقيقة لتنطلق، بعض المقاعد فارغة، تقطع الطريق بسرعة واحدة لتصل في الوقت المحدد إلى المكان المحدد، يتكرر المشهد في كل رحلة وفقاً للنظام الذي تتبعه الشركة… في المقابل مجموعة من الفانات، تمر في المنطقة التي تعمل بها بالقرب من منازل زبائنها، تكتظ بالمسافرين في تلك المقاعد الضيقة، تتسلل ليلاً بعيداً عن أعين شرطة المرور، تتسابق مع الريح لتصل إلى وجهتها في سرعة قياسية، يتكرر المشهد وفقاً للنظام الذي يفرضه مزاج السائق…
مع وضد
«تشرين» استطلعت آراء عدد من الناس بشأن أي وسيلة يفضلون للتنقل بين المحافظات، حيث كانت الأكثرية ممن يفضلون شركات النقل (البولمانات) لأسباب عدة.. علا بدور التي تسافر بين دمشق واللاذقية بين الحين والآخر تفضل البولمانات بالرغم من أنها تحتاج وقتاً أكثر من الفانات في قطع المسافة، وذلك لأنها مريحة أكثر، ورحلاتها خلال النهار حصراً من الساعة السادسة صباحاً أول رحلة إلى الرابعة مساءً الرحلة الأخيرة، بينما رحلات الفانات غالباً ما تكون ليلاً أو في ساعات الصباح الباكرة قبل طلوع الشمس. وكذلك علي صالح يفضل البولمانات لأنها تعمل وفقاً لنظام شركة معينة وليست على مزاج بعض سائقي الفانات الذين لا يتقيدون بسعر محدد أو عدد الركاب في الرحلة أو حتى سرعة القيادة. وأيضاً تجد كوثر العلي الراحة والاحترام أكثر في البولمانات بعيداً عن جشع أصحاب الفانات الذين استغلوا الأزمة وحاجة الناس للسفر إلى الأرياف خاصة وفرضوا شروطهم على المواطنين. ولـ تركية جبور الرأي ذاته لأن البولمانات أكثر راحة وأماناً وفيها انضباط أكثر وخاصة فيما يتعلق بموضوع التدخين وأصوات الأغاني خلال الرحلة، رغم أن البولمانات تحتاج وقتاً أكبر. بينما بينت ليلى علي نقطة مهمة وهي وجود تأمين إلزامي على جميع الركاب في البولمان في حال وقع حادث – لا قدر الله. وفي رأي كمال شاهين فإن الفانات مشروع فاشل بسبب الفوضى وقلة الأمان فيها.
أسباب خاصة
مجموعة أخرى من المواطنين يفضلون السفر بالفانات ولهم أسبابهم أيضاً، حيث أوضحت بتول علي أنها تفضل الفانات لأنها أسرع ولا تتوقف على طريق السفر إلا نادراً، مع أن سعر الرحلة من طرطوس إلى دمشق أعلى تكلفة من البولمان بفارق 1000 ليرة سورية تقريباً. وتختار آلاء عليوي وسيلة التنقل في سفرها حسب الوجهة؛ فإذا كانت الوجهة من العاصمة إلى اللاذقية أو طرطوس يكون الخيار للفانات لأنها أسرع، أما في السفر الطويل من دمشق إلى دير الزور فتختار البولمان لأن 12 ساعة سفر بحاجة إلى مكان مريح أكثر. بينما تعاني رشا منصور من مشكلة الوصول إلى مركز انطلاق البولمانات الموجود في منطقة العدوي لذلك تختار الفانات التي تمر بالقرب من منزلها. وكذلك وفاء سلطان تفضل الفانات لأنها تصل إلى بعض القرى البعيدة في ريف حماة بينما البولمانات تصل إلى المناطق الرئيسة فقط. أما رؤى حمدان فأشارت إلى أهمية انطلاق الفانات من أماكن عدة في العاصمة، ووجود مواعيد مختلفة، إضافة إلى أن التعامل مع سائق الفان أسهل من حيث الحجز أو النزول في أي مكان على طريق السفر.
صعوبات مهنية!
عمار سعد موظف في إحدى شركات النقل التي مازالت مستمرة في عملها حتى اليوم، أشار إلى أنه رغم الصعوبات التي واجهت الشركة خلال سنوات الأزمة الأولى خاصة، إلا أنها لم تتوقف عن العمل بشكل نهائي، وذلك لتأمين الخدمات المطلوبة للمواطنين، إلا أنه ولظروف خارجة عن إرادة الشركة، تقلص عدد الرحلات اليومية من دمشق إلى بقية المحافظات 50 %، وأضاف: جاء دخول أصحاب الفانات للعمل في مجال نقل المسافرين بتأثير سلبي في عملنا، حيث أخذوا حصة لا بأس منها من الزبائن، إلا أننا اليوم وبعد تعافي العديد من المناطق والطرقات من خطر الإرهابيين، أخذ نشاط الشركة يعود تدريجياً، وخاصة أننا نقدم الخدمات للمسافرين ضمن الشروط النظامية وبأعلى المستويات.
عدنان محمد سائق أحد الفانات التابعة لمكتب انطلاق في اللاذقية، تحدث عن المعاناة التي يواجهها أصحاب الفانات من صعوبة الحصول على ترخيص، والتقيد بأماكن الانطلاق، ودفع رسوم يومية لكل رحلة، والالتزام بالنقل لجهة واحدة خلال السفر، ومشكلات حجز المركبة من قبل المرور وغيرها، إضافة إلى صعوبة التعامل مع الزبائن الذين يتعاملون مع السيارة كأنها سيارة خاصة، ويفرضون شروطهم على السائقين ولا يلتزمون بالمواعيد والحجوزات.
خدمة بديلة
عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق هيثم ميداني المسؤول عن قطاع النقل، أشار في تصريح لـ «تشرين» إلى أنه قبل الأزمة كان ينطلق من دمشق إلى بقية المحافظات السورية حوالي 900 رحلة يومياً ضمن الأيام العادية، ويصل العدد إلى 1200 رحلة في أيام العطل والأعياد ومواسم الرحلات، أما اليوم فلم تعد شركات نقل المسافرين والرحلات السياحية تؤمن أكثر من 70 رحلة يومياً، وذلك بسبب الانخفاض الكبير في عدد المركبات التي تشغلها الشركات المستمرة بالعمل حتى اليوم، إضافة إلى توقف عدد منها عن العمل نهائياً بعد الصعوبات التي عانتها خلال الأزمة نتيجة خطورة طرقات السفر بين المحافظات في المرحلة السابقة. موضحاً أن انخفاض تلك الأعداد أثر بشكل سلبي في الخدمة المقدمة للمواطنين في قطاع النقل بين المحافظات، فكانت الجهات المعنية مسؤولة عن تأمين خدمة بديلة لتعويض النقص الحاصل الذي خلفته شركات نقل المسافرين، فقامت محافظة دمشق بالموافقة على ترخيص عمل مركبات (الفانات)، من خلال الاستجابة – قبل حوالي العام – لطلب أحد المستثمرين بالحصول على ترخيص إقامة مكتب للإشراف على حركة نقل عدد من (الفانات) في كراج السومرية، حيث تنطلق يومياً حوالي 50 رحلة من دمشق إلى محافظات (حمص – طرطوس – اللاذقية)، ويكون دور محافظة دمشق بمراقبة عمل المكتب المتضمنة التقييد بالتعرفة التي تحددها وزارة التجارة الداخلية، وتنفيذ الشروط التي ينص عليها عقد الترخيص؛ من حسن معاملة الركاب وتنظيم دور سير المركبات وغير ذلك، وتوجد في أغلب المحافظات مكاتب لتسيير أعمال وسائط النقل تلك وتقوم كل محافظة بالإشراف على عملها. مبيناً أنه في حال وجود (الفانات) تعمل بشكل غير مرخص ولا تنطلق من كراج السومرية فإن المحافظة لا تعلم بوجودها، وستقوم بالتعاون مع فرع المرور على مراقبتها والحدّ من تلك المخالفات. ويؤكد ميداني أن عمل وسائط النقل تلك هو حلّ مؤقت جاء نتيجة ضرورة معالجة أزمة النقل بين المحافظات، وتالياً عند تحسن عمل شركات النقل من حيث الكم وعودة مراكز الانطلاق إلى وضعها الطبيعي، فسيتم غالباً إيقاف هذه الوسائط عن العمل.
حلول مؤقتة
من جانبه مدير النقل داخل المدن في وزارة النقل المهندس إليان معراوي أوضح أنه يتم متابعة عمل شركات نقل المسافرين من خلال مديريات النقل في كل المحافظات، حيث لُوحظ تأثر عمل تلك الشركات سلباً أثناء الأزمة لعدة عوامل منها توقف عمل مراكز الانطلاق، والانقطاع المؤقت لبعض الطرقات، فكانت الحلول المؤقتة بتحويل بعض الطرقات من الطرق الرئيسة إلى طرق فرعية، وهذا أدى إلى زيادة مدة الرحلة وزيادة التكلفة أيضاً، ما ينعكس سلباً على المواطن. مشيراً إلى أن عدداً لا بأس به من تلك الشركات استمر في العمل رغم كل الظروف، وبعضها توقف عن العمل لفترات معينة وعاد تدريجياً مع إعادة تأمين الطرقات، بينما شركات أخرى توقف نهائياً إما لمخالفتها الشروط أو بناء على طلبها لعدم إمكانيتها في الاستمرار، وبشكل عام تراجع عمل جميع الشركات القائمة بعدما تعرض عدد من مركباتها للحرق أو السرقة أو الخطف، ومن الممكن أن يكون لها تعويض مستقبلي بعد التقدم بضبط يُرسل إلى وزارة الإدارة المحلية، وتحاول اللجنة المسؤولة عن إحصاء الأضرار تقدير الضرر الذي لحق بها والتعويض المناسب لكل منها. وقامت وزارة النقل بتقديم مساعدات لتلك الشركات قدر الإمكان للاستمرار في عملها؛ من خلال الطلب من المحافظة إعفاءها من أجرة الوقوف في أماكن خارج مراكز الانطلاق – في حال خروج المركز من الخدمة – أو تأمين مراكز انطلاق بديلة.
وعن عمل مركبات (الفانات) المنافس لتلك الشركات يقول معراوي: لم توافق وزارة النقل على ترخيص عمل (الفانات) لأنها لا تخضع لقانون الاستثمار، حيث رُفضت الطلبات المقدمة من أصحابها لتحويل لوحات تلك المركبات من الخصوصي إلى العمومي، لأنها تخالف شرط السماح لمركبات (الميكرو باص) بالعمل بين محافظتين متجاورتين فقط، ولكن لأسباب معينة متعلقة بتأمين خدمة حالية للمواطن حصلوا على موافقات من المحافظة.