الاحتلال التركي لعفرين يحول عيدي الأم و«النوروز» إلى مأساة

الاحتلال التركي لعفرين يحول عيدي الأم و«النوروز» إلى مأساة

أخبار سورية

الخميس، ٢٢ مارس ٢٠١٨

حول الاحتلال التركي لمنطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي عيدي الأم و«النوروز» الذين يصادفان في 21 آذار من كل عام ويحتفل بهما الأكراد والعرب إلى مأساة لأهالي المنطقة بعد تدمير منازلهم ونهبها وتهجيرهم من المنطقة.
ونقلت وكالة «أ ف ب» للأنباء، عن النازحة من عفرين رشيدة ملا علي (40 عاماً) والتي تركت خلفها منزلاً جديداً لم تهنأ به ولن تتمكن من الاحتفال فيه بهذا العيد، قولها: «بنيت منزلاً في عفرين منذ ثمانية أشهر فقط، لم يكن ينقصنا شيء، لكن الحرب بدأت».
وبعدما كان عيد «النوروز» مناسبة للم شمل العائلات الكردية التي تتشارك معها نظيراتها العربية، وفرصة لإحياء تقاليدهم وتراثهم، حل أمس الحزن واليأس بعدما احتلت القوات التركية مدينة عفرين.
وتابعت رشيدة معلمة اللغة العربية قولها: «تركت بيتي الذي يشبه القصر ونعيش الآن في هذا المنزل مع 50 شخصاً»، مضيفة: «تركنا دكاناً فيه مواد غذائية بقيمة ثلاثة ملايين (نحو سبعة آلاف دولار) على الأقل».
وبحسب الوكالة، نزحت رشيدة مع عائلتها إلى قرية الزيارة في ريف عفرين من الجهة الشرقية الجنوبية، وهي قرية فيها ميليشيا «وحدات حماية الشعب الكردية» والقوات الشعبية الرديفة للجيش العربي السوري في محافظة حلب.
واحتلت القوات التركية وميليشيا «الجيش الحر» مدينة عفرين الأحد الماضي، بعد انسحاب ميليشيا «وحدات الحماية الشعب» الكردية التي كانت تسيطر عليها منها، ورفضها تسليمها للجيش العربي السوري، ليتم بعد ذلك نهب المدينة ومنازل الأهالي من القوات التركية والميليشيات المحتلة.
وصورت الوكالة مشهداً لرشيدة وهي تجلس في غرفة صغيرة من المنزل، مع نساء على الأرض حول وجبة فطور يبكين على ما فقدنه، وحولهنّ أطفالهنّ، على حين قبّل أحد الأطفال رشيدة التي وضعت على رأسها شالاً كردياً تقليدياً مزركشاً، واقتربت منها طفلة أخرى لتربّت على كتفها.
وقالت رشيدة: «الموت كان أسهل بالنسبة لنا من ترك منزلنا»، مضيفة: «ترك عمي الزيت والزيتون وليس لديه الآن ما يأكله».
ووفقاً لـ«أ ف ب»، فإن رشيدة لم تتوقع أن تترك يوماً مدينة عفرين، لكنها لم تجد خياراً آخر لإنقاذ أولادها الذين يسألونها «ماذا حصل في منزلنا؟ ماذا حصل لقطتنا الصغيرة؟».
وبعدما كان 21 آذار يوماً تحتفل به مع عائلتها بعيدي «النوروز» والأم، تحوّل اليوم إلى «مأساة وتهجير وشعب ضائع لا يعرف ماذا ينتظره»، على حد قولها.
وفرّ خلال الأيام الماضية أكثر من 250 ألف شخص من مدينة عفرين، قبل أن تحتلها القوات التركية، وتصبح مدينة شبه خالية من أهلها، بحسب الوكالة، على حين لجأ عشرات الآلاف إلى البلدات المجاورة لعفرين وبينها بلدتا نبل والزهراء اللتان كانتا لوقت طويل محاصرتين من جبهة النصرة الإرهابية والميليشيات المسلحة قبل أن يفك الجيش الحصار عنهما، حيث يفترش النازحون في هاتين البلدتين، الجوامع والمدارس أو يتشاركون المنازل ومنهم من ينام في السيارات أو يستأجر منازل.
من جانبها قالت روهان (38 عاماً): «لا طعم لأي شيء خارج عفرين، خصوصاً الاحتفال بعيد النوروز لأنه رمز أكثر من مجرد احتفال».
وأضافت: «لا معنى لنوروز بعيداً عن عفرين، عفرين جنتنا»، مبينة أنها لا تنسى لحظة نزوحها، حين ابتعدت مسافة قليلة والتفتت إلى الوراء لتلقي نظرة أخيرة عليها، لتشعر بقلة الحيلة وعذاب الضمير، حسب ما نقلت «أ ف ب» عنها.
على حين قال محمد ذكي، إنه «كان قد فرّ من قرية احتلتها القوات التركية إلى مدينة عفرين ليعيش في منزل مع خمس عائلات أخرى، إلا أن الأمر لم يطل كثيراً حتى وجد الرجل الذي غزا الشيب شعره نفسه مضطراً للنزوح مرة أخرى حين بدأ القصف العنيف يستهدف المدينة مع اقتراب قوات الاحتلال التركي.
وقال ذكي الذي يعيش اليوم في غرفة صغيرة مكتفياً وعائلته ببطانيات ينامون عليها على الأرض: «لو لم نكن في القبو لكنا متنا، هربنا مشياً على الأقدام ولم نأخذ سوى ثيابنا»، مشيراً إلى أنه بعدما كان يمتلك الأراضي في عفرين، وجد نفسه اليوم وعائلته مضطراً للنوم على الأرض.
وأضاف قائلاً بانفعال: «نحن فلاحون، ورثنا هذه الأراضي عن أجدادنا منذ آلاف السنين، خرجنا من بيوتنا و«تبهدلنا» وتركنا أراضينا ومنازلنا ومن أجل ماذا؟ لا نعرف، ليس لدينا المال لنأكل، تركنا كل شيء وأتينا إلى هنا من دون قرش».